إننا، ونحن نلقي نظرة على بيت في أحضان الغابة، وهو من نوع الأبنية المستدامة صديقة البيئة، تم تصميمه على يد المهندس الإيطالي “إنزو باكانو”Enzo Pagano بمدينة روما، ليسكنه هو وأسرته؛ نجد أنفسنا أمام منزل جميل يمزج التصميم الداخلي بالبيئة الخارجية بأسلوب ذكي وجمالي يسر الناظر. ولمعرفة المزيد عن شغفه بالمباني الخشبية الصديقة للبيئة، وعن منزله الجميل؛ قمنا بإجراء حوار معه عن طريق البريد الإلكتروني.
هل بإمكانك أن تقدم نفسك للقراء؟
أنا “إنزو باكانو” Enzo Pagano ، ولدت سنة 1968، متزوج من موريللي ماريانا، وعمرها 34 عاماً، وهي محامية.
تخرجت بدرجة امتياز في الهندسة المعمارية في جامعة لا سابينزا ” Sapienza ” بروما. وقد تم نشر رسالة تخرجي “من أجل تطوير أسلوب معماري جديد في التشييد الخشبي” ( On the Development of a New Architectural Language for Wood Construction)، ولقد انخرطت منذ بداية أعمالي المهنية في التطوير التكنولوجي والمعماري، وفي تصميم وبناء مبانٍ خشبية.
وأنا اليوم أترأس فريق تصميم المشاريع بمؤسسة “باكانو سيستم” (Pagano System)؛ وهي شركة عالمية في مجال التشييد الخشبي.
ما الذي كان مصدر إلهامك لدراسة الهندسة المعمارية؟
إنه حبي الكبير للطريقة التي تتشكل بها الأشياء، وكذلك لعبة تركيب كان قد أهداني إياها والدي عندما كنت طفلاً صغيراً؛ وكانت عبارة عن قطع خشبية صغيرة يمكن تركيبها كيفما شئت، لبناء أشياء مختلفة من الخشب. وكانت تلك هي نقطة الانطلاق.

لماذا تخصصت في المباني الخشبية؟
لقد كنت على علم، منذ الأيام الأولى لي كطالب جامعي، بالإمكانات الضخمة للخشب، وقدرته على التوسع، ليشمل نطاقاً واسعاً من استخدامات التكنولوجيا الفائقة، التي تكبر وتتطور على نحو متزايد. وكنت على اقتناع بأنه يمكن العثور على سبل لاستغلال الإمكانات الهائلة للخشب المغلف في بناء وحدات سكنية، من خلال مزجه بمواد مطورة تكنولوجياً.
هل بإمكانك أن تأخذنا في جولة داخل منزلك الجميل وأن تحدثنا عن تفاصيله والفكرة الكامنة وراء تصميمه؟
أنا أعتقد وبشدة بأن الإنسان يجب أن يكون جزءاً لا يتجزأ من الطبيعة المحيطة، فكان من الطبيعي بالنسبة إلي أن أقوم بتصميم منزلي العائلي، باعتباره جزءاً لا يتجزأ من محيطه، بحيث يكون منسجماً ومتناغماً مع الغابة المحيطة به، تتدفق حوله الطبيعة بطريقة تعطي انطباعاً بالتواجد في الهواء الطلق حتى بين قطع ومحيط في غاية الحداثة. حيث إن القطعة المنتقاة بشكل منطقي توحي وبوضوح إلى طبيعة نظام المساحات الفارغة والممتلئة في الوقت نفسه، والتي تنسجم مع المحيط الريفي بشكل متكامل، وتلك هي الميزة الواضحة في المنزل. أما بالنسبة إلى المحيط الخارجي، فجمال الخشب الرقائقي ينسجم بمهارة مع البيئة المحيطة بالمنزل، والمعزز بنوافذ كبيرة ومناظر خلابة مطلة على أفق الطبيعة لدى البيئة المحيطة.
قمت بأخذ أقصى درجات الحذر عند خلق مجسد حديث وعملي ومستدام لمفهوم ” بيت في الغابة”.
يقع المطبخ في مركز البناء. وقد تم تصميمه بالرعاية والاهتمام نفسهما اللذين حظي بهما تصميم غرفة المعيشة. وهو ليس بالصغير، ولم يتم تصميمه من خلال بقايا مساحات الغرف، التي تعد أكثر أهمية. إنه غرفة متعددة الجوانب وذات طابع حميم ومضياف، حيث يتم فيها إعداد الطعام، وأيضاً استقبال الأصدقاء، وربما أيضاً ملتقى يشاركون فيه إعداد الوجبات، ليصبح عملاً إبداعياً. كلما ازداد تعدي حياة الحداثة على أوقات استرخائنا، وجدنا أنفسنا نستمتع مع الأصدقاء، ونطهو الطعام في الوقت نفسه.
لقد قمت أيضاً باستخدام تأثير “انظر ولا تنظر”. يعد المطبخ جزءاً من البناء، من خلال ثلاثة أبواب جرارة، بحيث يمكن إبقاؤها مفتوحة أو مغلقة بحسب الحاجة.
إن الهدف من اختيار الألوان الداكنة للأثاث هو لإبراز عنصر الحياة، فالمفروشات داكنة لدرجة أنها تتلاشى بصرياً، بحيث يصبح كل ما يراه المرء هو دفء النار والحياة التي تنعش المكان.
إن السمات الوظيفية والجمالية لغرفة النوم الرئيسة قد تم تصميمها بحيث تتمحور حول المهام المعدة لها الغرفة، وبشكل محدد (خزانة ملابس الرجل، وخزانة ملابس السيدة، وغرفة الأحذية، ومنطقة الاستجمام، والحمامات، ومنطقة السرير). مساحات مغلقة ومفتوحة، ومساحات محددة وواضحة تعمل سوياً لخلق غرفة تكون فيها المساحات مفصولة، ولكن بإمكانك الوصول إليها في أي لحظة، لتسنح لك الفرصة بالاستمتاع والاستفادة بشكل مشترك ومستقل في آن واحد.
لقد كان التركيز الأشمل لهذا المشروع هو البحث المستمر لخلق حوار بين التصميم الداخلي والبيئة الخارجية، وإيجاد تكامل شامل مع البيئة المحيطة عن طريق استخدام جدران من الزجاج الثابت والمتحرك، ووضع عناصر خارجية في الداخل (شجرة زيتون)، ووضع عناصر داخلية بلمسة فنية، بحيث يكون بالإمكان تقديرها من الخارج (إطار داخلي للفناء)، وألوان طبيعية تشكل صداً لألوان البيئة المحيطة، والضوء كعامل التحكم لمشاهد كثيرة (جعل الضوء الطبيعي يتخلل بطريقة يكون فيها جزءاً من التصميم، واستخدم الإضاءة الاصطناعية كوسيلة يمكن من خلالها تخيل اختفاء الجدران الزجاجية وإفساح المجال لكي “تتحدث” الغرف مع بعضها).
أود أن أضيف، وبالنسبة إلي شخصيا، أن منزلي هو عبارة عن استوديو لتجربة حلول تقنية جديدة لمشاريعي المستقبلية.
هل قمت بتنفيذ التصميم الداخلي للمنزل أيضاً؟
لقد قمت شخصياً بتصميم الديكور الداخلي لمنزلي، فأنا أعتبر أن اختيار الألوان والمواد والأشكال وتنسيق المفروشات هو أمر تكاملي مع تحقيق أهداف المفهوم الخاص بي. فأنا في الواقع مسرور بالكم الذي أضيف من المفروشات والإكسسوارات في منزلي، والتي تم تصميمها شخصياً من قبلي من أجل “سويت 106″ suite106) )، وهي علامة تجارية صاعدة في مجال تصميم الديكور الداخلي.
في الحقيقة، كنت دائم الشغف بالديكور الداخلي، وهو شغف أتشارك فيه مع زوجتي في عملنا، وفي رحلاتنا نبحث دائماً عن قطع جيدة لمنزلنا.
لقد قمت باختيار أقمشة طبيعية، ودمجت الألوان بطرق عدة اعتماداً على منطق محدد لكل غرفة، وذلك بالتفضيل الدائم لتدرجات تتلاءم والبيئة المحيطة، مع استثناءات قليلة، كنت أهدف فيها إلى تعزيز تفصيل معين، وإبرازه إلى الصدارة.
هل تعتقد أن الظروف المناخية في الشرق الأوسط تسمح ببناء منزل مشابه لمنزلك؟
بناءا على دراسات وعلى مدى واسع من الخبرة المكتسبة في جميع أنحاء العالم في هذه المرحلة من الزمن، أعتقد شخصياً أن الظروف المناخية المتطرفة، والأخطار الناشئة عن الزلازل، في الواقع هي فرصة تحدٍ لأبنيتنا، التي قد أثبتت مراراً وتكراراً نجاحها في اجتياز اختبارات الظروف الصعبة.
هل تعمل الآن على أي مشاريع مستقبلية تود أن تخبرنا عنها؟
من ضمن المشاريع التي أعمل عليها في الفترة الحالية، أجد أن تصميم منتجع فاخر في الكاريبي هو بالتحديد مشروع محفز.
سيضم المنتجع أربعين جناحاً تقريباً، كل واحد منها فيلا صغيرة بحد ذاتها، كاملة مع بركة سباحة خاصة، وجميع مرافق الاستجمام. إضافة إلى كونها متكاملة جمالياً، سيكون البناء مصمماً بحيث يكون التأثير البيئي في الموقع في حده الأدنى. بالفعل، ستصبح مخفية تقريباً من خلال دمجها مع الغطاء النباتي الكثيف للبيئة االمحيطة.
وحتى الآن، وصلني تشجيع قوي من الزبون والإدارة المحلية. أتمنى أن نبدأ مرحلة التنفيذ مع نهاية العام 2011.
هل لديك أي مصممين معماريين مفضلين؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فلماذا أنت معجب به / بها؟
أعتقد أنه فرانك جري، لفلسفته في التصميم، وللطريقة التي يختارها، ويستخدم بها المواد في التصميم المعماري، ولقوله: “أنا أجلس وأشاهد وأحرك الأشياء. فأحرك جداراً، وأحرك قطعة من الورق، أحرك شيئاً ويتطور كلما نظرت إليه، أنظر إليه- فيتطور”.
ما هي النصيحة التي تعطيها لشخص يود الدخول إلى مجال الهندسة المعمارية؟
إن نصيحتي هي: القيام بدراسة تقنيات وأعمال البناء القائمة في مجال الهندسة المعمارية. فكلما كانت معرفتك وفهمك لتلك التقنيات أفضل، ازدادت لديك الإمكانات والقدرات في تصور وتطوير أفكار جديدة. وأبقِ عينيك دائماً مفتوحتين، وانظر من حولك؛ فقد تكون أي من التفاصيل مصدراً وإلهاماً لرؤى جديدة.

















م ن ق و ل