في المقابلة التي أجرتها مجلة (در شبيجل) الألمانية مع الصحفية البريطانية فوني رايدلي Ridley Yvonne البالغة من العمر 43 عاماً سئلت: لقد كنت لمدة عشرة أيام رهينة بعد أحداث 11 سبتمبر والآن تعلنين اعتناقك للإسلام لماذا? قالت رايدلي: عندما كنت في أفغانستان رهينة روعت بمنظر أفراد المجموعة وقسوتهم, لقد بصقت عليهم, وصرخت في وجوههم ليطلقوا سراحي, ولكن يبدو أنها مع أولئك القساة كانت صرخة في واد ونفخة في رماد, فالجماعة كانوا حريصين على إدخالها في الإسلام بقوة السلاح. ومع الإكراه لا يبقى الإيمان إيمانا, ولا الكفر كفرا, وأباح الإسلام الكفر تحت إرهاب السلاح, بتقديم الحياة على العقيدة, لأن العقيدة لا تتشكل إلا بالاقتناع. ولأنها لا تزول مع الإرهاب والإكراه, فقال القرآن {إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان}.
وما جاء في المقابلة المذكورة أن فريق المجلة الألمانية عاد سائلاً فقال: ''ولكن الغريب في قصتك الآن هذا الحب للإسلام?''. أجابت رايدلي بطمأنينة: ''ما زلت اذكر اليوم السادس من اعتقالي عندما جاء إلي أحدهم وسألني إن كنتُ أريد اعتناق الإسلام? عندها أصبتُ حقاً بالرعب لأن قولي لهم لا بالرفض يعني إهانتهم, وإن قلتُ نعم خنتُ ضميري وتظاهرت بالنفاق لآسري والتملق لهم. لذا قمت باختيار الحل الوسط (كما فعلت سبأ مع سليمان فقالت كأنه هو??) فقلت لهم إنني سوف أقرأ القرآن بعد إطلاق سراحي. وكان وعدا والغربيون شديدو التعلق بوعدهم وعدم الكذب. قالت مجلة (الشبيجل) معقبةً: الوعد وعد. أجابت رايدلي: هذا مؤكد. تابعت رايدلي: ''في البدء كان مشروع إطلاع أكاديمي, ولأنني بروتستانتية متدينة, فقد حركت مشاعري المناظر التي رأيتها في فلسطين من تطويق كنيسة مولد المسيح بواسطة القوات الإسرائيلية, ولم يتحرك رجل دين مسيحي ليقول شيئاً أو يدين الفعل. عندها شعرت بأن المسيحية فشلت. قالت لها مجلة (الشبيجل): هل تعتبرين الإسلام بديلا? قالت رايدلي: على سبيل المثال قرأت ما يتعلق بحقوق المرأة في الطلاق, فاكتشفت أنه لو أرادت هوليود إخراج فيلم بمحامٍ بارع لما نجحت في ما نجح فيه القرآن?! فتعجبت في نفسي وقلت لا يمكن أن يصدق المرء أن هذه النصوص قديمة. سألت الشبيجل بخبث: وما دور المرأة? أجابت رايدلي: إنه شيء مختلف عما كنت أفكر به بادئ ذي بدء, واليوم أعرف الكثير من النساء المسلمات اللواتي يدعمن بعضهن بعضا, بما يجعل حركات تحرير المرأة في بريطانيا ليست بذي بال. والقرآن بذاته ليس المشكلة فيه وفي نصوصه, ولكن ما يفعله به البعض من التأويل المحرف. ولقد تمنيت بعد إطلاعي على القرآن والأمور الكثيرة التي تعلمتها عن الإسلام أن أكون قد عرفتها من قبل حتى أنوِّر بها عقول أولئك الجهلة بنور القرآن.
هذه القصة تحكي ثلاث حقائق: أن من يقف أمام انتشار الإسلام هم بعض طوائف من مدعي الإسلام. وأن ترجمة القرآن ونشره في العالم أهم من كل غزوة وهجوم مسلح وتفجير وحرق سفارة ومرقص وحانة ودكان أشرطة فيديو. وثالثا أن الإسلام ينتشر بقوته الذاتية فمع كل ضعف المسلمين يدخل الناس في دين الله أفواجاً. (ومن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعّد في السماء).
وكذلك فعلت الصحفية (رايدلي) فقد رفضت إسلام مجموعة من مدعي الإسلام, فلما رجعت إلى النبع الإلهي ولّت إلى قومها منذرة فقالت يا قوم إني سمعت كتابا أنزل من بعد المسيح يهدي إلى صراط مستقيم يا قومي أجيبوا داعي الله.
الدكتور خالص جلبي .. عكاظ اليوم 29/3/2003
ولكم تحياتي . ناقل