[align=right]قبل سنوات سألني الطلاب في مدرسة لتعليم الكبار عن المتنبي و قصته مع كافور ، و حين تحدثنا في ذلك طلبوا مني أن أذكر لهم بعض الأبيات التي هجا فيها المتنبي كافور ، فقلت لهم إنني للأسف لا أحفظ شيئا منها ... ( فقد لاحظت وجود طالب أسود في الفصل ) .
من ذلك اليوم و قبله و أنا أفكر في معاناة الإنسان الأسود المتواصلة و لذا فقد أحببت أن أبحث في هذا الموضوع ... و هذا بعض مما خرجت به .
أولا : جاء في كتب اليهود و النصارى أن نوحا عليه السلام كان نائما فلعبت الريح بثوبه و انكشفت عورته ، فضحك منه ابنه حام أمّـا سام فقام بتغطية والده . حين علم نوح بذلك دعا على حام أن يجعل الله لونه أسود و أن يكون أولاده خدما لأولاد سام .
ثانيا : مظاهر اضطهاد السود في المجتمعات العربية الحديثة كثيرة منها أننا لا نجد فلما أو مسلسلا عربيا يدور حول أسرة سوداء .. كما أنه من النادر أن نجد مذيعا عربيا أسود ... ( يقال إن إحدى الدول الخليجية لديها مذيع أسود ترسله في المهمات الرسمية إلى الدول الأفريقية كي تظهر أنها دولة تؤمن بالمساواة و تطبقها ) !!
و يذكر الرئيس السوداني السابق الصادق المهدي أنه ترشح لرئاسة اتحاد الطلبة العرب في بريطانيا فرفض العراقيون لأنه أسود غير عربي !
ثالثا : تنطوي تعبيراتنا على تحقير للون الأسود ... تأملوا هذه التعبيرات : ( القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود ، الأيادي البيضاء ، القائمة السوداء ، أيلول الأسود ، السوق السوداء ) .
رابعا :مع تواصل السخرية باللون الأسود أصبح الكثير من السود يخجلون من سوادهم ، فالسودانيون لا يسمون بعضهم السود بل بالسمر ، و السياسي السوداني الترابي دعا إلى زواج السودانيين بصينيات من أجل تحسين النسل ! بل إن الشاعر السوداني الرائع الفيتوري عندما تقدم ( كما لم يفعل أحد قبله ) و طرح هذه القضية في شعره كتب له أحد مواطنيه ( ما هذا الشعر الذي تكتبه يا أخي .. لقد فضحتنا .. إنني أكرهك ) ! و مالكوم إكس ( الشخصية الأمريكية السوداء الشهيرة ) كان أبوه يغمره بمزيد من الحب في صغره لأن بشرة مالكوم كانت أفتح من بشرة أبيه .
خامسا : يحتوي جسم الإنسان على مئة ألف جين ( الجينات هي المسؤولة عن تحديد الصفات الجسمية للإنسان كالطول و لون الشعر و شكل الأصابع .... ) و قد ثبت أنه من بين المئة ألف جين هناك أربعة جينات فقط هي المسؤولة عن تحديد لون جلد الإنسان ، و هذا يعني أن لون الجلد صفة غير مهمة بين بقية صفات الإنسان الجسمية .
سادسا : يرى القذافي في كتابه الأخضر أن الجنس الأصفر قد ساد العالم حين زحف من آسيا على بقية القارات ، ثم جاء دور الجنس الأبيض مع حركته الاستعمارية ، و الآن جاء دور الجنس الأسود ليسود كذلك .
والآن أترككم مع قصيدة كتبتها على لسان الإنسان الأسود ... آملا أن تنال إعجابكم ..[/align]
[align=center]جالتِ الدمعاتُ في عـينِ القمرْ .. و الأماني الـخُـضْـرُ ناداها الـسَّـفَـرْ
..
يَـرقُبُ الكونُ طَرِيداً لم يَـزَلْ .. منذُ فجرِ الدهرِ يَـخطُـو في الخطَـر
..
إنني الأسودُ غالتْ بسمتـي .. لعنةٌ كــالظِّلِّ تسعى بالأثَـرْ
..
لعنةُ اللونِ الذي مِـن قَـهْـرِهِ .. تَـرسمُ الآلامُ ألوانَ الصوَرْ
..
كم دعاني الناسُ عبدا سَـبْـقُـهُ .. في الدَّناءاتِ و في حلبِ البقرْ
..
كم سقَـوْني الظـلْـمَ هُـزْءاً ماجِـناً .. يَـكسِـرُ القلبَ كـأغصانِ الشجرْ
..
لا يقولوا : ( تلك أيـامٌ مـضـتْ ) .. ما مـضت مادمـتُ عاراً يُـحـتـقَـرْ
..
يا رفاقي حَـطِّـموا أغلالَـكُـمْ .. و ادفنوا الأحزانَ خلْفَ الـمُـنحدَرْ
..
و اكشفوا الصَّـدْرَ .. تعالَي و اطْـعَـمِي .. يا طيورَ البِـيدِ مِن مُـرِّ الثَّمرْ
..
سوف نبـنـي في الليالي مـجـدَنا .. نَنـزعُ الأحلامَ مِـن قلبِ الحجرْ
..
لن يطولَ الليلُ مادامتْ لنا .. أذرعٌ يُـمْـنَى و فجرٌ يُـنـتَـظَـرْ[/align]