بسم الله الرحمن الرحيم
الشاعرة العربية : الخنساء هي مضرب المثل طيلة هذه العصور لما تحلت به شخصيتها من تضحية ومعاناة .. وماقدمته في جاهليتها وإسلامها من عطاء .. شاعرة لن يجود الزمان بمثيلها من النساء الشاعرات .. ويسرني اقدم هذا التعريف الموجز عن حياتها ومقتطفاتها الشعرية
[ الخنساء . حياتها ونشأتها: هي تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد السلمية، ولدت سنة 575 للميلاد ، لقبت بالخنساء لقصر أنفها وارتفاع أرنبتيه. عرفت بحرية الرأي وقوة الشخصية ونستدل على ذلك من خلال نشأتها في بيت عـز وجاه مع والدها وأخويها معاوية وصخر، والقصائد التي كانت تتفاخر بها بكرمهما وجودهما، وأيضا أثبتت قوة شخصيتها برفضها الزواج من دريد بن الصمة أحد فرسان بني جشم ؛ لأنها آثرت الزواج من أحد بني قومها، فتزوجت من ابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي، إلا أنها لم تدم طويلا معه ؛ لأنه كان يقامر ولا يكترث بماله،لكنها أنجبت منه ولدا ، ثم تزوجت بعدها من ابن عمها مرداس بن أبي عامر السلمي ، وأنجبت منه أربعة أولاد، وهم يزيد ومعاوية وعمرو وعمرة. وتعد الخنساء من المخضرمين ؛ لأنها عاشت في عصرين : عصر الجاهلية وعصر الإسلام ، وبعد ظهور الإسلام أسلمت وحسن إسلامها. ويقال : إنها توفيت سنة 664 ميلادية. (1) مقتل أخويها معاوية وصخر واستشهاد أولادها الأربعة : قتل معاوية على يد هاشم ودريد ابنا حرملة يوم حوزة الأول سنة 612 م ،فحرضت الخنساء أخاها صخر بالأخذ بثأر أخيه ، ثم قام صخر بقتل دريد قاتل أخيه. ولكن صخر أصيب بطعنة دام إثرها حولا كاملا، وكان ذلك في يوم كلاب سنة 615 م. فبكت الخنساء على أخيها صخر قبل الإسلام وبعده حتى عميت . (2) وفي الإسلام حرضت الخنساء أبناءها الأربعة على الجهاد وقد رافقتهم مع الجيش زمن عمر بن الخطاب، وهي تقول لهم : (( يا بني إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين ، ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة ما خنت أباكم ، ولا فضحت خالكم ، ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم ، وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله عز وجل( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون).(3) فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين فأعدوا على قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، واضطرمت لظى على سياقها، وجللت نارا على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام حميسها تظفروا بالغنم والكرامة في الخلد والمقامة…)).(4) ، وأصغى أبناؤها إلى كلامها، فذهبوا إلى القتال واستشهدوا جميعا، في موقعة القادسية . وعندما بلغ الخنساء خبر وفاة أبنائها لم تجزع ولم تبك ، ولكنها صبرت، فقالت قولتها المشهورة: ((الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته)). ولم تحزن عليهم كحزنها على أخيها صخر ، وهذا من أثر الإسلام في النفوس المؤمنة ، فاستشهاد في الجهاد لا يعني انقطاعه وخسارته بل يعني انتقاله إلى عالم آخر هو خير له من عالم الدنيا ؛ لما فيه من النعيم والتكريم والفرح ما لا عين رأت ولا أ\ن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ، فرحين بما آتاهم ربهم ..
واحببت أن اختار لكم هذه القصيدة والتي قالتها في رثاء أخيها ( صخر ) وقد عدها النقاد من عيون الشعر العربي[/COLOR][/SIZE]
.
قذى بعينك أم بالعين عوار
.
[poem=font="Simplified Arabic,5,seagreen,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
قذىً بعينك أم بالعين عوار =أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدار ؟
كأن دمعي لذكراه إذا خطرت = فيضٌ يسيل على الخدين مدرار
تبكي خناس هي العبرى و قد ولهت = و دونه من جديد الترب أستار
تبكي خناس فما تنفك ما عمرت = لها عليه رنينٌ و هي مفتار
تبكي خناس على صخرٍ و حق لها = إذ رابها الدهر إن الدهر ضرار
لا بد من ميتةٍ في صرفها عبرٌ =و الدهر في صرفه حولٌ و أطوار
قد كان فيكم أبو عمروٍ يسودكم =نعم المعمم للداعين نصار
صلب النحيزة و هابٌ إذا منعوا = و في الحروب جريء الصدر مهصار
يا صخر وراد ماءٍ قد تناذره = أهل الموارد ما في ورده عار
مشى السبنتى إلى هيجاء معضلةٍ =له سلاحان أنيابٌ و أظفار
و ما عجولٌ على بوٍ تطيف به =لها حنينان إعلانٌ و إسرار
ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت = فإنما هي إقبالٌ و إدبار
لا تسمن الدهر في أرضٍ و إن رتعت = فإنما هي تحنانٌ و تسجار
يوماً بأوجد مني يوم فارقني =صخرٌ و للدهر إحلاءٌ و أمرار
و إن صخراً لوالينا و سيدنا = و إن صخراً إذا نشتو لنحار
و إن صخراً لمقدامٌ إذا ركبوا =و إن صخراً إذا جاعوا لعقار
و إن صخراً لتأتم الهداة به =كأنه علمٌ في رأسه نار
جلدٌ جميل المحيا كاملٌ ورعٌ = و للحرب غداة الروع مسعار
حمال ألويةٍ ، هباط أوديةٍ =شهاد أنديةٍ ، للجيش جرار
نحار راغيةٍ ملجاء طاغيةٍ =فكاك عانيةٍ للعظم جبار
فقلت لما رأيت الدهر ليس له =معاتبٌ وحده يسدي و نيار
لقد نعى ابن نهيكٍ لي أخا ثقةٍ = كانت ترجم عنه قبل أخبار
فبت ساهرةً للنجم أرقبه = حتى أتى دون غور النجم أستار
لم تره جارةٌ يمشي بساحتها = لريبةٍ حين يخلي بيته الجار
و لا تراه و ما في البيت يأكله = لكنه بارزٌ بالصحن مهمار
و مطعم القوم شحماً عند مسغبهم = و في الجدوب كريم الجد ميسار
قد كان خالصتي من كل ذي نسبٍ = فقد أصيب فما للعيش أوطار
مثل الرديني لم تنفد شبيبته = كأنه تحت طي البرد أسوار
جهم المحيا تضيء الليل صورته = آباؤه من طوال السمك أحرار
مورث المجد ميمونٌ نقيبته =ضخم الدسيعة في العزاء مغوار
فرعٌ لفرع كريمٍ غير مؤتشبٍ = جلد المريرة عند الجمع فخار
في جوف لحدٍ مقيمٌ قد تضمنه =في رمسه مقمطراتٌ و أحجار
طلق اليدين لفعل الخير ذو فجرٍ =ضخم الدسيعة بالخيرات أمار
ليبكه مقترٌ أفنى حريبته =دهرٌ و حالفه بؤسٌ و إقتار
و رفقةٌ حار حاديهم بمهلكةٍ =كأن ظلمتها في الطخية القار
لا يمنع القوم إن سالوه خلعته = و لا يجاوزه بالليل مرار[/poem][/QUOTE]
واخترت لكم هذه القصيدة
_ يا عين جودي _
[poem=font="Simplified Arabic,6,crimson,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يـا عَيـنِ جُـودي بالـدّمـوع=الـمُسْـتَـهِـ� �اّتِ السّـوَافِـحْ
فَيْضـاً كمـا فاضَـتْ غُـرُوبُ= الـمُتْـرَعـاتِ مِـنَ النّوَاضِـحْ
وابْـكـي لِصَخْـرٍ إذْ ثَــوَى=بَيـنَ الضّريـحَـةِ والصّفـائِـحْ
رَمْسـاً لـدَى جَـدَثٍ تُـذيـعُ= بِـتُـرْبِـهِ هُـوجُ الـنّـوافِـحْ
السّيّـدُ الـجِّحْجـاحُ وابــنُ=الـسّـادَةِ الشُّـمّ الجَحـاجِـحْ
الـحـامِـلُ الثّقَـلَ الـمُهـمّ= مِـنَ الـمُلِـمّـاتِ الـفَـوادحْ
الـجـابِـرُ الـعَظْـمَ الكَسيـرَ= مِـنَ الـمُهاصِـرِ والـمُمَانـحْ
الـواهِـبُ الـمِئَـةِ الـهِجَـانِ= مِـنَ الخَـنـاذيـذِ السّـوابِـحْ
الـغـافِـرُ الـذّنْـبِ العَظيـمِ= لِـذي القَـرابَـةِ والـمُمـالِـحْ
بِـتَـعَـمّـدٍ مِنْـهُ وَحِـلْــمٍ= حِيـنَ يَبغـي الحِـلْـمَ رَاجـحْ
ذاكَ الّـذي كُـنّـا بِـهِ نَشْفـي= الـمِـراضَ مـن الـجَـوَانـحْ
وَيَــرُدّ بــادِرَةَ الـعَــدوّ=ونَخْـوَةَ الشَّنِـفِ الـمُكاشـحْ
فـأصـابَنَـا رَيْـبُ الـزّمَـانِ= فَـنـالَـنـا مِـنْـهُ بِنَـاطِـحْ
فَـكَـأنّـمـا أَمَّ الـزّمــانُ= نُحُورَنـا بـمُـدَى الذّبـائِـحْ
فَنِسـاؤنـا يَنْـدُبْـنَ نَـوْحـاً=بَـعْـدَ هـادِيَـةِ الـنّـوَائِـحْ
يَحْنُـنّ بَعـدَ كَـرَى الـعُيـونِ=حَـنـيـنَ والـهَـةٍ قَـوَامِـحْ
شَعِـثَـتْ شـواحِـبَ لا يَنيـنَ= إذا وَنَـى لَـيْـلُ الـنّـوائِـحْ
يَنْـدُبْـنَ فَقْـدَ أخـي النّـدى=والخَيـرِ والشِّيَـمِ الـصّـوالِـحْ
والـجُـودِ والأيْـدي الطّـوالِ=الـمُسْتَفيضـات� � الـسّـوامِـحْ
فـالآنَ نـحـنُ ومَـنْ سِوَانـا= مِـثْـلُ أسْـنـانِ الـقَــوارِحْ[/poem]
[/COLOR][/FONT][/SIZE][/QUOTE]
واخترت لكم هذه الرائعه من روائع الخنساء...
[poem=font="Simplified Arabic,5,purple,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يا عَينِ ما لَكِ لا تَبكينَ تَسكابا؟ =اِذْ رابَ دهرٌ وكانَ الدّهرُ ريَّاباَ
فابْكي أخاكِ لأيْتامٍ وأرْمَلَة ٍ، =وابكي اخاكِ اذا جاورتِ اجناباَ
وابكي اخاكِ لخيلٍ كالقطاعُصباً =فقدْنَ لَّما ثوى سيباً وانهاباَ
يعدُو بهِ سابحٌ نهدٌ مراكلهُ =مجلببٌ بسوادِ الَّليلِ جلباباَ
حتى يُصَبّحَ أقواماً، يُحارِبُهُمْ،=أوْ يُسْلَبوا، دونَ صَفّ القوم، أسلابا
هو الفتى الكامِلُ الحامي حَقيقَتَهُ، =مأْوى الضّريكِ اذّا مَا جاءَ منتابَا
يَهدي الرّعيلَ إذا ضاقَ السّبيلُ بهم،=نَهدَ التّليلِ لصَعْبِ الأمرِ رَكّابا
المَجْدُ حُلّتُهُ، وَالجُودُ عِلّتُهُ، =والصّدقُ حوزتهُ انْ قرنهُ هاباَ
خطَّابُ محفلة ٍ فرَّاجُ مظلمة ٍ =انْ هابَ معضلة ً سنّى لهاَ باباَ
حَمّالُ ألويَة ٍ، قَطّاعُ أوديَة ٍ، =شَهّادُ أنجيَة ِ، للوِتْرِ طَلاّبا
سُمُّ العداة ِ وفكَّاكُ العناة ِ اذَا =لاقى الوَغَى لم يكُنْ للمَوْتِ هَيّابا [/poem]
وهذه إحدى روائع الخنساء
[poem=font="Tahoma,5,black,bold,normal" bkcolor="royalblue" bkimage="" border="double,6,black" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ابنتُ صخرٍ تلكما الباكيهْ لا باكيَ اللّيْلَة َ إلاّ هِيَهْ
اودى ابُو حسَّانَ واحسرتا وكانَ صَخْرٌ مَلِكَ العالِيَهْ
وَيْلايَ! ما أُرْحَمُ وَيْلاً لِيَهْ، اذْ رفعَ الصَّوتَ النَّدى الناعيهْ
كَذّبْتُ بالحَقّ وقد رابَني حتَّى علتْ ابياتنا الواعيهْ
بالسّيّدِ الحُلْوِ الأميِ الّذي يَعْصِمنا في السّنَة ِ الغادِيَهْ
لكِنّ بَعْضَ القَوْمِ هَيّابَة ٌ في القوْمِ لا تَغبِطهُ البادِيَهْ
لا يَنْطِقُ العُرْفَ ولا يَلْحَنُ م العزفُ ولا ينفدُ بالغازيهْ
انْ تنصبِ القدرُ لدى بيتهِ فغَيْرُها يَحْتَضِرُ الجادِيَهْ
لكنْ اخي اروعُ ذو مرَّة ٍ مِنْ مِثْلِهِ تَسْتَرْفِدُ الباغِيَهْ
لا يَنْطِقُ النُّكْرَ لدى حُرّة ٍ يبتارُ خالي الهمّ في الغاويهْ
انَّ اخي ليسَ بترعيَّة ٍ نكسِ هواءِ القلبِ ذي ماشيهْ
عَطّافُهُ أبيَضُ ذو رَوْنَقٍ كالرَّجعِ في المدجنة ِ السَّاريهْ
فَوْقَ حَثيثِ الشدّ ذو مَيْعَة ٍ يَقْدُمُ أُولى العُصَبِ الماضيَهْ
لا خَيرَ في عَيشٍ وإنْ سَرّنا، والدَّهرُ لا تبقى لهُ باقيهْ
كلُّ امرىء ٍ مرَّ بهِ اهلهُ سوْفَ يُرَى يَوْماً على ناحِيَهْ
يا مَنْ يَرَى مِنْ قَوْمِنا فارِساً في الخَيْلِ إذْ تَعْدو بِهِ الضّافِيَهْ
تحتَكَ كَبْداءٌ كُمَيْتٌ كَما أُدْرِجَ ثَوْبُ اليُمْنَة ِ الطّاوِيَهْ
اذْ لحقتْ منْ خلفها تدَّعي مثلَ سَوَامِ الرّجُلِ العادِيَهْ
يَكْفَأها بالطّعْنِ فيها كَما ثَلّمَ باقي جَبْوَة الحابِيَهْ
تهوي اذا ارسلنَ منْ منهلٍ مثلَ عُقابِ الدُّجْنَة ِ الدّاجِيَهْ
عارضُ سحماءَ ردينَّية ٍ كالنّارِ فيها آلَة ٌ ماضِيَهْ
اشربها القينُ لدى سنّها فصارَ فيها الحمة َ القاضيهْ
انَّى لنا اذْ فاتنا مثلهُ للخيلِ اذْ جالتْ وللعاديهْ
أُقْسِمُ لا يَقْعُدُ في بَلْدَة ٍ نائِيَة ٍ عَنْ أهْلِهِ قاصِيَهْ
فأقْصَدُ السّيرِ على وَجْهِهِ لمْ ينههُ النَّاهي ولا النَّاهيهْ [/poem][/QUOTE]
رائعه من روائعها قول الخنساء فى معاوية :
[poem=font="Simplified Arabic,5,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ابعد بن عمرو من آل الشر = يد حلت لمت به الارض اثقالها
سأحمل نفسي على آلة =فأمـــا عليهــا وأمالهــا
وخيل تكدس بالدارعيــن = فازلــت بالسيـف ابطالهــا
يهيـن النفـوس وهـون =النفوس يوم الكريهة أبقـى لهـا
فان تك مرة اودت بــه = فقد كــان يكثــر تقتالهــا
فزال الكواكب من فقــده = وجللــت الشمـس إجلالهــا
وداهية جــرها جــارم =ثقيـل الحواضــن احبالهــا
كفاها ابن عمرو ولم يستعن =ولو كان غيـرك أدنـى لهــا[/poem]
متمنيا لكم وقت ممتع مع روائع الشاعره الخنساء
ودمتم بكل خير
وشكراً للجميع على مرورهم الطيب