أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


عظّم الله شأن الوقت إذ هو الحياة
فأقسم الله بالضُّحى وبالعصر وبالصُّبح وبالفجر وبالليل وبالنهار ، وهذه هي حياة الإنسان .
كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله حيث قال : الليل والنهار يعملان فيك ، فاعمل فيهما .
يعني أن الليل والنهار يأخذان من حياتك فخذ منهما وتزوّد فيهما لما أمامك
قال أبو الدرداء رضي الله عنه :
ابن آدم طـأِ الأرض بقدمك ، فإنها عن قليل تكون قبرك .
ابن آدم إنما أنت أيام ، فكلما ذهب يوم ذهب بعضك .
ابن آدم إنك لم تزل في هدم عمرك منذ يوم ولدتك أمك .

ومما يدلّ على أهمية الوقت أن الله جعله محِل العبادات ، وجعل قبول تلك العبادات منوطاً بأوقاتها .
قال سبحانه : ( إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا )
ولذا أوصى أبو بكر عمرَ فقال : إني موصيك بوصية - إن أنت حفظتها - إن لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل ، وإن لله حقاً بالليل لا يقبله بالنهار ، وإنه لا يقبل نافلة حتى تؤدّى الفريضة ، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم في الدنيا الحقّ وثقله عليهم ، وحُـقّ لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلا ، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل وخفّـتِه عليهم ، وحُـقّ لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفاً .

ولذا كان السلف يضنون بأوقاتهم ويبخلون بها
قال الحسن البصري – رحمه الله – :
أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشدّ منكم على دراهمكم ودنانيركم !
وكان يقول : ابن آدم إنك بين مطيّـتين يُوضِعانك : الليل إلى النهار ، والنهار إلى الليل ، حتى يُسلمانك إلى الآخرة ، فمن أعظم منك يا ابن آدم خطراً .

وهذا عامر بن عبد قيس – أحد التابعين – يقول له رجل :
كلّمني . فيقول له : أمسك الشمس !
وما ذلك إلا ليشعره بقيمة الوقت .

قال عبدُ الرحمن بن مهدي :
لو قيل لحماد بن سلمة : إنك تموتُ غداً ، ما قَدَر أن يزيد في العمل شيئا .
وقال عفان بن مسلم :
قد رأيت من هو أعبد من حماد بن سلمة ، ولكن ما رأيت أشدّ مواظبة على الخير وقراءة القرآن والعمل لله من حماد بن سلمة .
وقال موسى بن إسماعيل :
لو قلت لكم إني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكا قط صدقتكم ، كان مشغولا بنفسه ؛ إما أن يُحدِّث ، وإما أن يقرأ ، وإما أن يسبح ، وإما أن يصلي . كان قد قسم النهار على هذه الأعمال .
ولذا مات حماد بن سلمة في المسجد وهو يصلي .
هكذا كانت تُقضى الأوقات .

ولذا كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول :
إني لأكره أن أرى الرجل فارغا ، لا في عمل الدنيا ، ولا في عمل الآخرة .

وهذا أحد علماء السلف ، وهو محمد بن سلاَم البيكندي – شيخ البخاري - يحضر مجلس شيخه ، والشيخ يُملي وهو يكتب الحديث فانكسر قلمُه ، فأمر أن يُنادى : قلمٌ بدينار ! فتطايرت إليه الأقلام .
وما ذلك إلا لحرصه على وقته وخشية أن يضيع منه شيء .

فالوقت عندهم أثمن من كل شيء .
الوقت عندهم أثمن من الدينار والدّرهم .

بل من شُحِّهم بأوقاتهم وحرصهم عليها كان بعضهم يجعل بريَ الأقلام في أوقات مجالسة مَنْ يزوره .
كما كان ابن الجوزي – رحمه الله – يصنع .
قال رحمه الله : الزمان أشرف شيء ، والواجب انتهابه بفعل الخير ... فصرت أُدافع اللقاء جهدي – يعني لقاء البطالين - ... ثم أعددت أعمالاً لا تمنع المحادثة لأوقات لقائهم ، لئلا يمضي الزمان فارغاً ، فجعلت من الاستعداد للقائهم قطعَ الكاغد وبَريَ الأقلام وحزم الدفاتر ! فإن هذه الأشياء لا بُـدّ منها ، ولا تحتاج إلى فكر وحضور قلب ، فأرصدتها لأوقات زيارتهم ، لئلا يضيع شيء من وقتي !
وكان – رحمه الله – يحتفظ ببري الأقلام حتى قيل إنه أوصى عند موته أن يُسخّن فيها الماء الذي سوف يُغسّل به بعد موته .

وأوصى ابن الجوزي ابنه فقال : واعلم يا بني أن الأيام تبسط ساعات ، والساعات تبسط أنفاساً ، وكل نَفَسٍ خِزانة ، فاحذر أن يذهب نَفَسٌ بغير شيء ، فتَرى في القيامةِ خزانةً فارغة فتندم .
قال الإمام الذهبي عنه : ما علمت أحداً صنّف ما صنف ابن الجوزي .
وأما الإمام ابن عقيل – رحمه الله – ففي أخباره العجب !
حتى كان يقول : إني لا يحلّ لي أن أُضيع ساعة من عمري ، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناظرة وبَصَري عن مًطالَعة ، أعملت فكري في راحتي وأنا مُنطرِح ، فلا أنهض إلا وقد خَطَرَ لي ما أُسطِّره ، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة .
>>>لمـاذا هذا الحرص على الوقت ؟؟؟