مرَّت السنينْ ..
وأنا قابعٌ هناك خلف أسوار الحَنينْ ..
أجلس في غرفة بيضاءْ ..
يشاركني فيها عجوزٌ آخرْ ..
هو مثلي أكلت وجهه السنينْ ..
وأعياه التعب والمرض وغدا باقي عمره مثلي انا …. حزينْ ..
ويبقى حاله أفضل من حالي ..فتلك ابنته ..
تزوره كل شهر لدقائق ..
تروي بعضاً من عطش الشوق ..
وتداوي قليلاً من جراح الفراق ..
عندما تأتي .. تعود الدماء إلى وجهه ..
ويصبح مثل أعتى العُ شَّآق ..
يحضنها … يقبِّلها .. يبكي في حضنها كطفلٍ صغير ..
أراه وأحسده .. رغم آلامه رغم تعبه ..
إلا أنه يرى بعضاً من فلذات كبده ..
ولكن أنا ..
لا أرى إلا الصُّورْ ..
أحضنها .. وأبللها بدمعي وأستعيد تلك الذكرياتْ ..
عندما كنت بيني أبنائي أعيش اللَّحظاتْ ..
ولم أعرف أني سأُغادرْ ..
إلى ملجأ المسنِّين ..
بل إلى سجن المُرهقين ..
هذا جزاء الوفاءْ ..
هكذا يعاملني الأبناءْ ..
يلقون بي بين أيدي الممرضاتْ ..
تارةً يصرخون .. وتارةً يحدِّقونْ ..
ما بال هذا العجوز .. أتراه يبقى من المعمِّرينْ ..
أم نراه كغيره غداً تحت الثرى مدفونْ ..
أين أنتم يا عشرة السنينْ ..
أين أنتم يا من أضعت عمري لتحيو هانئينْ ..
أرهَقكم كِبَرُ سنِّي ..
أم عجزتم عن مداراة ضعفي ووهني !!
الله وحده يعلم بحالي ..
بعد فراقكم يا عمريَ المفقودْ ..
صرت جسداً هزيلاً مكبلاً بالأجهزة ..
أحن إلى عيونكم ..
أشتاق إلى أبنائكمْ ..
أبكي وتحفر الدموع خطَّاً جديد أضيفه إلى تجاعيدي ..
إلى من أشتكي بُعدكم ..وهَجركم ..
آه من هَجرِكم ..
آه من قسوة قلوبكمْ ..
غداً لمَّا تكبرونْ ..
كيف سَتُعاملونْ ..
أفي نفس السجن أبناؤكم بكم سوف يُلقون ..؟؟
ذوقوا مرارتي .. ذوقوا عذابي ..
غفر الله لكم .. أسامحكم من قلبي ..
وأرجو أن لا يكون دربكم .. مثل دربي ..
سامحكمْ الله …
اعجبتني كلماتها بالصميم !
شكراً لك حبيبتي