[ALIGN=CENTER]
المقدمة
( الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون)
(الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير).
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه ربه هاديا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بأذنه وسراجا منيرا.
بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حتى أتاه اليقين.
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
( تفسير القرآن الكريم 0على حلقات مختصر من تفسير أبن كثير (( وجزء عم )) وكل يوم سوره إن شاء الله
المجلد الرابع
الإمَام الجليل الحافظ عماد الدّين أبي الفِدَاء إسماعِيل بن كثير الدمشقي المتوفى سنة 774 هـ.
مقدمة الاختصار لتفسير ابن كثير رحمة الله آمين 0
1- حذف الأسانيد المطولة والاقتصار على ذكر راوي الحديث من الصحابة ومن خرّج الحديث مثل البخاري ومسلم وغيرهما.
2- الآيات الكريمة التي استشهد بها المؤلف رحمه اللّه، على طريقته في تفسير القرآن بالقرآن، أثبتناها مع الاقتصار على مكان الشاهد منها، لأنه هو الغرض الأصلي من ذكرها، ولم نذكرها كاملة إذ يكفي الإشارة إليها لفهم المقصود.
3- الاقتصار على الأحاديث الصحيحة، وحذف الضعيف منها،
4- ذكر أشهر الصحابة عند التفسير بالمأثور، كذكر ابن عباس وابن مسعود وغيرهما من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، مع تثبيت أصح الروايات المنقولة عنهم.
5- الاعتماد على أقوال مشاهير التابعين0
6- حذف الروايات الإسرائيلية،
7- حذف ما لا ضرورة له من الأحكام والخلافات الفقهية،
8- لقد وضعتها على سلسلة حلقات ليستفيد القارئ الكريم من القراءه وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً،
0والله الموفق 0 أخوكم سعد التنومي
((( الحلقة الاولى )))
((( سورة النبــــــــأ )))
بسم الله الرحمن الرحيم
عَمَّ يَتَسَاءلُونَ 1 عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ 2 الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ 3 كَلَّا سَيَعْلَمُونَ 4 ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ 5 أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا 6 وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا 7 وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا 8 وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا 9 وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا 10 وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا 11 وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا 12 وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا 13 وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجًا 14 لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا 15 وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا 16 إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا 17 يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا 18 وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَابًا 19 وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا 20 إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا 21 لِلْطَّاغِينَ مَآبًا 22 لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا 23 لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا 24 إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا 25 جَزَاء وِفَاقًا 26 إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا 27 وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا 28 وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا 29 فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا 30 إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا 31 حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا 32 وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا 33 وَكَأْسًا دِهَاقًا 34 لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا 35 جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَابًا 36 رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا 37 يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا 38 ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا 39 إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا 40
تفسير الأيــــــات :
يقول تعالى منكراً على المشركين في تساؤلهم عن يوم القيامة إنكاراً لوقوعها: {عم يتساءلون * عن النبأ العظيم} أي: عن أي شيء يتساءلون عن أمر القيامة، وهو النبأ العظيم: يعني الخبر الهائل المفظع الباهر، قال قتادة: النبأ العظيم: البعث بعد الموت، وقال مجاهد: هو القرآن، والأظهر الأول، لقوله: {الذي هم فيه مختلفون} يعني الناس فيه مؤمن به وكافر، ثم قال تعالى متوعداً لمنكري القيامة: {كلا سيعلمون * ثم كلا سيعلمون} وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد، ثم شرع تبارك وتعالى يبين قدرته العظيمة على خلق الأشياء الغريبة والأمور العجيبة، الدالة على قدرته على ما يشاء من أمر المعاد وغيره، فقال: {ألم نجعل الأرض مهاداً} أي ممهدة للخلائق ذلولاً لهم، قارة ساكنة ثابتة {والجبال أوتاداً} أي جعلها لها أوتاداً، أرساها بها وثبتها وقررها، حتى سكنت ولم تضطرب بمن عليها، ثم قال تعالى: {وخلقناكم أزواجاً} يعني ذكراً وأنثى، يتمتع كل منهما بالآخر، ويحصل التناسل بذلك كقوله: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}، وقوله تعالى: {وجعلنا نومكم سباتاً} أي قطعاً للحركة لتحصل الراحة من كثرة الترداد، والسعي في المعايش في عرض النهار، {وجعلنا الليل لباساً} أي يغشى الناس بظلامه وسواده، كما قال: {والليل إذا يغشاها}، وقال قتادة: {وجعلنا الليل لباساً} أي سكناً، وقوله تعالى: {وجعلنا النهار معاشاً} أي جعلناه مشرقاً نيراً مضيئاً ليتمكن الناس من التصرف فيه والذهاب والمجيء للمعايش والتكسب والتجارات وغير ذلك.
وقوله تعالى: {وبنينا فوقكم سبعاً شداداً} يعني السماوات السبع في اتساعها وارتفاعها، وإحكامها وإتقانها وتزينها بالكواكب الثوابت والسيارات، ولهذا قال تعالى: {وجعلنا سراجاً وهاجاً} يعني الشمس المنيرة على جميع العالم التي يتوهج ضوءها لأهل الأرض كلهم، وقوله تعالى: {وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجاً} قال ابن عباس: المعصرات: الرياح، تستدر المطر من السحاب، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: من المعصرات أي من السحاب (وهو قول عكرمة والضحاك والحسن والربيع بن أنَس الثوري، واختاره ابن جرير وهو الأظهر كما قال ابن كثير)، وقال الفراء: هي السحاب التي تتحلب بالمطر ولم تمطر بعد، كما يقال امرأة معصر إذا دنا حيضها ولم تحض، وعن الحسن وقتادة: {من المعصرات} يعني السماوات وهذا قول غريب، والأظهر أن المراد بالمعصرات السحاب، كما قال تعالى: {اللّه الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفاً فترى الودق يخرج من خلاله} أي من بينه، وقوله جلَّ وعلا: {ماء ثجاجاً} قال مجاهد: {ثجاجاً}: منصباً، وقال الثوري: متتابعاً، وقال ابن زيد: كثيراً، قال ابن جرير: ولا يعرف في كلام العرب في صفة الكثرة الثج، وإنما الثج الصب المتتابع، ومنه قول النبي صلى اللّه عليه وسلم: "أفضل الحج العج والثج" يعني صب دماء البدن. قلت: وفي حديث المستحاضة: "إنما أثج ثجاً" وهذا فيه دلالة على استعمال الثج في الصب المتتابع الكثير، واللّه أعلم. وقوله تعالى: {لنخرج به حَبّاً ونباتاً وجنّات ألفافاً} أي لنخرج بهذا الماء الكثير الطيب النافع المبارك {حباً} يدخر للأناسي والأنعام، {ونباتاً} أي خضراً يؤكل رطبه، {وجنات} أي بساتين وحدائق من ثمرات متنوعة وألوان مختلفة وطعوم وروائح متفاوتة، وإن كان ذلك في بقعة واحدة من من الأرض مجتمعاً، ولهذا قال: {وجنات ألفافاً} قال ابن عباس وغيره: ألفافاً مجتمعة، وهذه كقوله تعالى: {وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون}. يتبع[/ALIGN]