أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله الذي يسر لي في المسجد الأقصى للوعظ والتعليم مجلسين..



والصلاة والسلام على حبيبنا محمد جد الحَسَنَيْنِ..



وعلى آله وصحبه الذين كانوا ولا زالوا وسيبقون ملء السمع والعينين..



وبعد:



فهذه الحلقة السادسة من حلقات



«الفوائد الماسية من الرحلة المقدسية»



وهذا يومي السادس في فلسطين الحبيبة الأَبِيَّةِ..



الأربعاء، الثاني من شهر جمادى الأولى لسنة 1434هـ،



الموافق 13 آذار (مارس) لسنة 2013م.



صلينا الفجر في المسجد الأقصى، وبعد الصلاة التقينا بالدكتور (علي) ـ وهو كما فهمت من الأخ إياد الشريف ـ موظف في الجامعة العبرية في القدس، وأصوله من قطاع غزة، وتزوج امرأة من القدس وتحمل هويتها، وبالتالي حمل هو أيضا هوية القدس وأقام فيها منذ سنوات.



خرجنا من المسجد نحو الفندق الهاشمي، وهو مَقَرِّيَ الذي استقررت فيه منذ حلولي في القدس، وجلست مع الدكتور أجيب على أسئلةٍ أعدَّها مسبقا عن السلفية، والسلفيين، وكثيرا من الأمور المتعلقة بالمنهج السلفي، وأعلام هذا المنهج الذين كان لي شرف اللقاء بهم والانتفاع منهم، وخاصة شيخنا الإمام محمد ناصر الدين الألباني، وكان من أهم أسئلته التي لفتت انتباهي، وجعلتني أفيض في الإجابة عليها، موقف السلفية الشرعي ـ وليس السياسي ـ من الجهاد في سبيل الله.



بعد الانتهاء من أسئلته وأجوبتها لأكثر من ساعتين ونصف، وبعد الإفطار معه على ما تيسر مما هيأه إخواني من آل سلهب الكرام، انطلقت من باب الفندق أريد باب العمود، حيث ينتظرني الأخ رمزي برهوم، والأخ أبو جواد، وهو رجل فاضل يقاربني في السن، من أهل قطاع غزة أيضا ممن أقام بعد نكسة 1967م في القدس، وبقي واستقر فيها.



خرجت من الفندق، وبعد خطوات استوقفني بعض الرجال ممن يحرسون طاقم تصوير، وتمثيل، وإخراج فيلم سينمائي عبر شوارع القدس القديمة، وكان بعض الرجال يهيؤون ممثلا يتقمص دور راهب أو قسيس بملابس رجال الدين النصارى، ويمنعون الناس من المرور، والساعة تقارب الثامنة، والناس يريدون الوصول إلى أعمالهم داخل أسوار القدس، وخارجها، ولذلك لم يستطيعوا السيطرة على أهل القدس ويمنعوهم من المرور من أمام الكاميرات العاملة، ويمنعوهم أن يقطعوا على المخرج تصويره، وانطلق الناس في ثورة غضب من كلا طرفي الشارع المغلق، والذي أنا في أوله من الجهة الجنوبية، وانطلقت مع المنطلقين شمالا، مما حدا بالمتوجهين من الشمال إلى الجنوب أن يحذو حذونا، وانفلت الأمر من أيدي المنظمين للتصوير، واختلط العابرون بالممثلين وبطاقم الإخراج والتصوير.



وصلت باب العمود قبيل الثامنة بدقيقة أو دقيقتين، وانطلقنا في تمام الثامنة عبر شوارع القدس الغربية، وعبر أحياء يغلب عليها المتطرفون اليهود، ويظهر من كثير من مبانيها انها قديمة بناها العرب قبل نكبة سنة 1948م ثم اغتصبها هؤلاء المتطرفون بعد النكبة.



انحدرنا نحو طريق رقم (1) من جهة (دير ياسين) إلى غرب (لفتا)، ولفت انتباهي فوهة نفق تطل على (لفتا) من الجهة الجنوبية وتخترق القدس الغربية، وعندما سألت عنه أخبرني الأخ رمزي أنه نفق يربط كل الدوائر الحكومية الصهيونية في القدس الغربية خصوصا الكنيست وما حولها، ويمكن من خلاله الخروج خارج القدس عبر هذا الطريق الذي نحن عليه.



تركنا القدس خلفنا جهة المشرق، وتوجهنا غربا نحو باب الواد، وقبل الوصول إلى باب الواد توقفنا عند مفرق (بيت محسير)، ووقفنا على جبل من جبال غرب القدس، قرب قرية (ساريس) واطلعنا من هناك عبر الأحراش على عدة قرى عربية منها (صوبا)، و(عين رافا)، وغيرهما، وكانت (بيت محسير) أمامنا غربا، وأخبرني الأخ رمزي أن هذه الجبال هي التي كان يخرج إليها نبي الله داود عليه السلام، والتي قال الله فيها:



{يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ}.



[سبأ: 10]



وقد رأيت الصهاينة نصبوا هناك أنصابا كتبوا عليها عبارات تفيد أن هذه الأراضي والجبال ملك فلان وذريته من الصهاينة الغاصبين أبد الدهر.



انطلقنا من تلك النقطة مرة أخرى نحو الطريق رقم (1) ـ وقد وصفت الطريق في الحلقات السابقة ـ حتى وصلنا (باب الواد) اتجهنا جنوبا عبر طريق رقم (38) ومررنا بمفرق (الكسلا)، ثم مفرق (عرتوف) حيث تركناها يمننا، وعلى يسارنا (سوريك)، وفيها مغارة أثرية ـ وهي غير (بيت سوريك)، القريبة من (بِدُّو) كما بينت في حلقة سابقة ـ ثم مفرق (الغزال)، ثم مفرق (نحوشا)، ومررنا على قرى كثيرة مهجرة ومدمرة حتى وصلنا (بيت جِمَال) ـ ونلفظه بلهجة بلادنا (بيت إجمال) ـ وعلى جانبي الطريق أشجار الصنوبر، والسرو، والكينيا، والبلوط، والخروب، وبيئة طبيعية خلابة في هذا الصباح الشتوي المتأخر، والربيع (المتبدر) من شتاء وربيع بلادنا المباركة.



وصلنا (زكريا)، والتي رغم احتلالها سنة النكبة؛ سنة 1948م، فما دُمِّرَتْ إلا بعد سنة 1967م، وسرعان ما وصلنا (عجور)، وحينئذ تسارع قلبي بالخفقان، وأصبحتُ أشعر أنني قريب جدا من بلادنا التي طالما سمعنا الحديث عنها من كبارنا، رجالا، ونساء على حد سواء.



أخبرني الأخ رمزي ـ حفظه الله ـ أن اليهود الذين يسكنون هذه المناطق هم يهود من الدرجة الرابعة، يهود مغاربة وعراقيين، ولا زالوا يعانون من التهميش والتمييز كونهم يهود (عرب!!) أو شرقيين!!.



بقينا نسير في طريق (38) حتى وصلنا مفرق (بيت جبرين)، ومفرق (دير نخاس)، ثم أخذنا طريق (35) حيث تركنا (بيت جبرين) ومدرجها (الروماني) والذي تجري فيه عمليات ترميم صهيونية، واتجهنا غربا نحو أراضي قضاء غزة سابقا، مرورا بخربة (عطا الله)، ثم خربة (الراعي) واظنها من أراضي (عراق المنشية) على الطريق براميل قديمة مما كانت تستخدم أيام الانتداب البريطاني في الطرق، وقد امتلأت سهول (بيت جبرين) بمزارع العنب وحقول القمح وغيرهما، حتى التقينا بطريق رقم (6) عابر فلسطين الذي تكلمت عنه سابقا، حيث مررنا من تحت طريق رقم (6) المتجه جنوبا وشمالا، على حدود (عراق المنشية) الشرقية، وبقينا في مسيرنا الذي يقترب رويدا، رويداً من وجهتنا الأساسية (الفالوجة).



تجاوزنا مفرق (الفالوجة) المتجه جنوبا إلى (بئر السبع)، وشمالاً إلى (يافا)، وشرقاً ـ من حيث نحن قادمون ـ إلى (الخليل)، وغربا ـ حيث نحن متجهون ـ إلى (المجدل).



بعد أكثر من كيلو متر انعطفنا يمينا في طريق فرعية في اتجاه بوابة مطار عسكري في أرض (الشومرة) من أرض (الفالوجة)، وفي بعض أراضي (حتا)، ثم استدرنا راجعين ـ لمقتضى طبيعة الطريق ـ حيث دخلنا إلى (الفالوجة) من الجهة الشمالية الغربية، وانحرفنا بعد أكثر من أربعمئة متر إلى اليمين حيث موقع البئر الغربي القديم، جعل منه الصهاينة بئرا ارتوازيا كبيرا جدا، قَدَّرْتُ قُطْرَ الأنبوبين الخارجين من الأرض ـ إلى خزانين أرضيين كبيرين، باثني عشر (بوصة) لكل واحد منهما، شمالهما بركة طويلة وكبيرة يزيد طولها عن أربعمئة متر، وعرضها نحو نصف ذلك، وجنوبهما بركة أصغر،) 100x 50) متر تقريبا.



رجعنا إلى الطريق التي دخلنا منها واتجهنا جنوبا بمحاذاة أنبوب الماء الضخم الذي يخترق البلدة على سطح الأرض أحيانا، ومحمولا على أعمدة في المناطق المنخفضة أحيانا أخرى، والذي يحمل مياه نهر اليرموك من شمال فلسطين إلى مزارع الصهاينة في صحراء النقب، و(بئر السبع).. سرنا نحو خمسمئة متر وأنا أردد معارضا قول قيس بن الملوح:



أمر على الديار ديار أهلي*** أقبل ذا الجدار وذا الجدارا



وحب ديار أهلي ملكن قلبي*** كذاك حب من سكن الديارا



حتى وصلنا الطريق القديمة التي في جنوب البلدة، والتي لا زالت آثارها المرصوفة بالحجارة ظاهرة وبادية حتى اليوم.



بعد أكثر من عشر دقائق مسيرا في السيارة حيث لا ترى أثرا لسكان أو مساكن، رأيت جنوب غرب البلدة بيتَ شَعْرٍ بدوي أسود، وبقربه سيارة نقل مشترك صغيرة (بكب)، وسيارة صالون (شفرولية) صغيرة، فاتجهنا إليه، وسلمنا من بعيد على رجلين فيه يعملان في إصلاح محرك، أو نحو هذا، فجاء أحدهما، وهو ملتح، وفي سيماه طيبة ظاهرة، وقال:



«من السنة التعارف».



فارتحت لكلامه، وعرفته على نفسي، وأخبرني أن اسمه (صالح) وهو من عرب الصانع من (بئر السبع) أصلا، فصافحته وعانقته بعد أن سلمت عليه بحرارة حتى يطمئن لي، ونادى صاحبه الذي بقي يعمل أمام بيت الشَعَرِ واسمه (حسن) وهو من نفس المنطقة التي نحن فيها، فجاء مستعجلاً حافي القدمين، وبعد أن صافحته، وعانقته، بعد أن سلمت عليه بحرارة هو الآخر، استفسرت منه عن موقعنا فأخبرني بما عرفته قبل أن يخبرني من خلال الخرائط والوصف السابق عندي، وحدد لي من موقعنا موقع كل من (كرتيا)، و(بيت عفا)، و(عراق سويدان)، ثم أرشدنا إلى بيتِ شَعَرٍ آخر في أقصى جنوب شرق البلدة فاتجهنا إليه بعد اعتذارنا منهما عن إجابة دعوتهما للضيافة.



اتجهنا شرقا على نفس الطريق القديم ـ والتي ربما ساهم والدي وبعض أقاربنا؛ ممن كانوا يمتهنون مهنة رصف الطرق أيام الانتداب البريطاني البغيض ـ في رصفه قديما، وبعد أكثر من ثلاث دقائق وصلنا قريبا من الطريق المتجهة جنوبا نحو النقب، و(بئر السبع)، حيث رأينا لوحات إرشادية بالعبرية تحدد المنطقة على أنها منطقة رعي محمية، وأخبرني الأخ أبو جواد أنه مر من هذه المنطقة في أوائل سبعينيات القرن الماضي، حيث كانوا لا يزالون يعملون في هذا الطريق، ثم رأينا بيت الشَعَرِ الآخر، وبجانبه سيارة نقل مشترك صغيرة (بكب)، ، وخرج إلينا رجل فاضل استأذنته بالتصوير فأذن لنا، وتعرفت عليه فعرفت أن اسمه (مجدي) من عرب (الزلاوي) أو نحو هذه الكلمة، وأرشدني إلى بعض طريق (الفالوجي)، ولا أريد بحال زيارة (الولي) كما سماه، بل مرادي زيارة البلدة، والتعرف عليها، وعلى آثارها، وقد أراحني الرجل جداً عندما سألني عن زكاة المواشي، وهو يملك منها أكثر من ثلاثمئة رأس من الماشية، وسيحول حَوْلُ زكاته بعد نحو شهر من اليوم الذي سألني فيه، في منتصف الشهر الرابع، وبعد أن أجبته على سؤاله نادته امرأة من الداخل، وحين ذهب يجيبها سألني الأخ أبو جواد ـ متأثرا من حال الأخ (مجدي) وسؤاله عن الزكاة، وعنايته بها ـ عن حديث:



«الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة»



فأجبته بأنه حديث ضعيف.



والصحيح أنه ليس ضعيفا فقط، بل لا أصل له.



بعد قليل رجع الأخ (مجدي) إلينا بقارورة كبيرة من لبن مخيض جديد من لبن بلدتنا الحبيبة (الفالوجة) فطلبت منه أن يردفه ببعض الخبز، وغيره، حتى آكل من خير بلدتنا لأول مرة في حياتي، وفعلاً جاءنا ـ جزاه الله خيرا ـ ببعض حبات من البندورة (الطماطم)، وثلاث أرغفة من خبز (الشراك) المخبوز على صاج حطب بلدتنا، حيث جعلت من ذلك وجبة غدائي، وبعدها وجبة عشائي حين وصلت القدس.



توجهنا من حيث أشار لنا الأخ مجدي، وبعد أكثر من دقيقتين سيرا بالسيارة وصلنا بيتَ شَعَرٍ آخر في وسط شرق البلدة، بجانبه سيارة نقل مشترك صغيرة (بكب)، وجرار زراعي (تراكتور) يَقْطِرُ صهريج ماء صغير، ووجدنا فيه رجلاً ـ كأنه كان يُعِدُّ طعاما لغدائه، لأنه خرج لنا برأس بصل وفي يده سكين مطبخ ـ فسلمت عليه، وصافحته، وعانقته، واستأذنته في التصوير فأذن لنا ـ جزاه الله خيرا ـ وتعرفت على اسمه فعرفت أنه (دهام الطلالقة)، وكنيته (أبو سرحان)، وذكر لي أنه كل ليلة (يتقطع) في هذه المنطقة، ولما سألته عن سبب ذلك، امتنع عن الإجابة، ولكنني فهمت مقصده، وقلت له:



خلاص.. وَصَلَتْ.. فَهِمْتُ عَلَيْك.



وأظن أن قصده ـ من خلال لهجته، وتعابير وجهه ـ أنه يضيق ذرعا بالاحتلال البغيض، وهجرة أهل البلاد منها.



وبعد أن دَلَّنَا على الطريق التي سألناه عنها حيث ساقنا قليلا ـ عبر نباح كلابه، وثغاء أغنامه، وصياح ديكته، ونقيق دجاجه ـ في طريق تُقَرِّبُنا إلي مُرَادِنَا قليلا، وسألني عن سكني في عمان، وحين أخبرته عن ذلك، أخبرني أن كثيرا من أقاربه يسكنون قريبا مني في (الرصيفة)، وحييته بعد أن اعتذرت منه عن إجابة دعوته الكريمة والشديدة لضيافته، وواصلنا مسيرنا داخل البلدة حتى وصلنا أمام جسر (أولاد عيسى) على ما أظن حسب الخريطة التي معي من سنة 1948م، حيث ترجلنا من السيارة قرب الجسر، واتجهنا في الشمال الشرقي نبحث عن الجسر الثاني حتى نحدد مسيرنا في البلدة، وأثناء بحثنا عن بعض المعالم وقفنا على آثار بئر قديمة كانت في حارتنا.. حارة (الزيادات) أو (آل زيادة) كما هو معروف لأهل البلدة، وحيث كنا في الحارة الشرقية، والقريبة من طريق رقم (40) المتجهة نحو النقب، و(بئر السبع)، وهي طريق تخترق أراض لنا في منطقة (الطبال)، أو (التبال)، ولا زلت أحتفظ بسجلاتها الرسمية الأصلية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وبعد التأكد من هذه المعالم ـ والتي تَعَرَّفَ عليها والدي ووالدتي بعد أن عرضت عليهم (الفيديوهات) التي صورتها ـ اتجهنا شرقاً وبدأنا المسير عبر الوادي الذي يقسم البلدة من شرقها إلى غربها، والمعروف (بوادي الفالوجة) والذي طالما سمعنا عنه من الوالدين، وبعض رجال ونساء بلدتنا الذين يعرفونه جيدا، والذي كانوا يستعملونه لكثير من أغراضهم، وفي حرب النكبة سنة 1948م، وأثناء القصف والحصار سنة 1948ـ 1949م كانوا يستخدمونه ملجأ من غارات الصهاينة اليومية.



سرنا في الوادي من شرقه نحو غربه والذي كانت فيه بعض آثار مياه الشتاء القريب، نلتف معه حيث يلتف، ووقفنا على بواقي جسر (أولاد أحمد) شمال شرق جسر (أولاد عيسى) وواصلنا السير من جسر (أولاد عيسى) نحو الغرب، حتى قاربنا البئر الغربي السابق ذكره، حيث جلست والأخ أبو جواد في ظل شجرة، وقد انتصف النهار، وذهب الأخ رمزي ليأتي بالسيارة حيث تركناها وسط البلدة، توجهنا شمال شرق البلدة بالسيارة هذه المرة، ووجدنا أنبوب ماء زراعي يتدفق بالماء، حيث توضأت، وشربت حتى امتلأت من مياه بلدتنا لأول مرة في حياتي، وخرجنا من البلدة بعد الظهر نريد القدس، بعد أن قضينا فيها أكثر من ثلاث ساعات تجولنا في معظمها، ولأن الأخ رمزي ملتزم باستلام أولاده من المدرسة حين خروجهم الساعة الثانية، اضطررنا للمغادرة آسفين أننا لم نبل شوقنا من بلدة شَهِدَتْ مولد أبي وأمي، وولد [أو] ودفن فيها عشرة من سلسلة آبائي وأجدادي ـ على أقل إحصاء وتقدير ـ عبر قرون من عمر الزمن الماضي.



سرنا في نفس الطريق الذي جئنا منه، وحين تعدينا مفرق (الفالوجة) ذكرت لإخواني المرافقين مقتل واستشهاد ـ إن شاء الله ـ البطل المصري الشهير (أحمد عبد العزيز) ـ رحمه الله ـ على هذا المفرق خطأ من أحد أفراد الحراسة المصرية في إحدى ليالي سنة 1948م، حيث كان قادما إليها من القدس بعد أن كبد الصهاينة فيها خسائر عديدة، ولقنهم فيها دروسا شديدة، ولا زال مقتله واستشهاده لغزاً محيراً لكثير من المراقبين حينها وبعدها.



وعلى هذا قرر الأخ رمزي أن يرجع بنا إلى (القدس) من تلك الطريق القديمة التي لم يكن غيرها معبدا سنة 1948م، والتي تمتاز بكثرة تعرجاتها، وصعوبة تضاريسها.



سرنا في طريق (القدس) التي أتينا منها، حتى وصلنا مفرق (عجور)، اتجهنا يسارا صاعدين جبلا في طريق متعرجة نحو جبل في المنطقة، تعمد الصهاينة أن يبنوا عليه برجا وَمَطَلَّةً تشرف على السهل الساحلي الفلسطيني، وحين وصلنا هناك وجدنا بعض السياح قد سبقونا، وبعض العمال الأفارقة يبنون سلسلة من الحجارة، ويراقبهم ويشرف عليهم شخصان في ظل إحدى الأشجار القريبة، تعديناهم نحو منطقة مشرفة مطلة تطل على السهل الساحلي الفلسطيني حيث بلادنا التي تركناها قبل قليل، وحيث طائرة عامودية (هليوكبتر) عسكرية تُجري بعض التدريبات، وحين تجاوزنا الشخصين ولم نسلم عليهما، ولا على العمال الأفارقة، حدثنا أحد الشخصين بالعربية مُسَلِّمَاً علينا، وَمُقَدِّرَاً لنا عدم السلام عليهم، وَمُعْتَذِرَاً عَنَّا لنا!!، ومعرفا بنفسه أنه عربي مسلم من (شعفاط القدس)، من آل (قراقع) الكرام، حيث سألته عن قرابته من وزير الأسرى في السلطة الفلسطينية (عيسى قراقع) فأخبرني أنه قريبه، فازداد إعجابي بشعبنا الذي لم يستطع الاحتلال البغيض رغم طول عمره المقصوف!! ـ إن شاء الله ـ أنيغير من ثوابته الوطنية، وإنتمائه إلى أمته العربية الإسلامية.



نزلنا من (المطلة) راجعين إلى وجهتنا الأولى (القدس)، وبعد قليل اتجهنا يميناً، وأخذنا طريق رقم (375) نحو بيت المقدس، مرورا بأسماء قرى كثيرة جدا طالما سمعت عنها، وسمعت عن أهلها، وكان كثير من جيراننا في (مخيم الدهيشة) قبل نكسة سنة 1967م منها، وننسبهم، وينتسبون إليها مثل (علار)، و(جراش)، و(القبو)، و(بيت عطاب)، بعضها نراها، وبعضها مهدم ومغير المعالم، وبعضها بعيدة عن الطريق نرى أسماءها، ثم اتجهنا يسارا في منحدر وتعرجات الطريق رقم (386) وهي أقدم الطرق الواصلة من وإلى القدس، ومررنا (بدير الشيخ)، و(خربة اللوز)، و(صطاف)، و(الجورة)، حتى وصلنا (عين كارم)، وحيث ترك اليهود (عين كارم) على ما هي عليه لم يغيروا من معالم بيوتها شيئاً، حتى قال لي الأخ رمزي أنك ربما تجد على باب المنزل اسم صاحبه الذي كان يسكنه قبل سنة 1948م، والذي سكنه المحتلون الصهاينة بعده، وأبقوه على ما كان عليه قبل خمس وستين سنة.



جُلْنَا في بعض أنحاء (عين كارم) متجهين نحو القدس، والقلب ـ قبل العين ـ يبكي (عين جارم) كما يسميها (العكارمة)، أو (العجارمة)، ومررنا بمدرسة (ثيودور شنلر) الألمانية القديمة في القدس، وهي أصل مدرسة (ثيودور شنلر) التي في عمان، والملاصقة لـ (مخيم حطين) حيث عشت وترعرعت، وحيث، كانت هذه المدرسة ـ ولا زالت ـ بمثابة مستوطنة داخل أراضي عمان كما كانت سابقا داخل أراضي القدس.



حدثنا الأخ أبو جواد ونحن في طريقنا إلى باب العمود، وسط كثير من المتطرفين اليهود بملابسهم وقبعاتهم السوداء، وجدائل رؤوسهم المضفرة على الجانبين، وحين كنا نمر بطلاب المدارس المنصرفين من مدارسهم عبر الطرقات ـ راجلين أو عبر حافلات وسيارات خاصة وعامة ـ أنه في أوائل السبعينات من القرن الماضي، كان يشتغل مع أحد اليهود، وأنه في مثل هذه الساعة من انصراف طلاب المدارس، اضطر (مُشَغِّلُهُ) الصهيوني لأسباب متعلقة بعمله حينذاك لاصطحابه معه في سيارته لاصطحاب ابنه الصهيوني الصغير المنصرف من المدرسة، ولما ركب الصهيوني الصغير في المقعد الخلفي من سيارة أبيه، وأفهمه أبوه أن هذا الذي يركب أمامه عربي، وعليه أن يلتزم الأدب في الحديث قال بعبريته التي فهمها الأخ أبو جواد:



هذا ليس عربي كما تقول!! لأنه ليس له ذَنَبْ كما أرى!! لأنهم أخبرونا في المدرسة أن العرب لهم أذناب!!.



مما اضطر الأخ أبا جواد لترك العمل مع هذا الصهيوني في نفس اليوم.



تركت الأخوين الفاضلين، والرفيقين الكريمين أبا جواد، ورمزي برهوم على باب العمود، حيث ذهب كل واحد منهما مشكورا مأجورا إلى حال سبيله، وعدتُ إلى الفندق الهاشمي، ومعي لبن مخيض، وخبز شراك من بلدتنا، حيث حرصت أن يكون هذه هو غدائي، كما كان غداء آبائي وأجدادي على مر قرون من زمان مضى، وسيكون في زمان آتٍ لا محالة ـ إن شاء الله ـ وقد بقي منه بقية تركته لعشائي بعد ذلك، ولم يَهُنْ عليَّ أن أفرط بقطرة لبن، ولا بلقمة خبز شراك.



صليت الظهر، والعصر، جمعا وقصراً، ونمت متعبا متخما من لبن بلدتنا، واللبن المخيض في مثل هذه الأيام من السنة نعم المُنَوِّمُ الطبيعي لمن يجد صعوبة في النوم.. نمت إلى ما بعد العصر.. حيث قمت واغتسلت، ولبست أحسن ثيابي متجها عبر طريق الآلام!! إلى المسجد الأقصى، ولأن ساعاتي في الأقصى أمست معدودة.. بادرت بالذهاب إليه لأتعرف على معالمه قبل صلاة المغرب حيث سيكون لي بعدها التشرف بمجلس وعظ وإرشاد وتعليم في محراب المسجد الأقصى.



وصلنا والأخ أمجد باب الناظر، وبعيد دخولنا بقليل لَحِقَنَا الأخ أبو هاشم، وهو رجل أصغر مني بسنة، ولكنه أعلم بالقدس وما فيها مني بألف سنة.. حيث صَحِبَنَا ـ حفظه الله ـ مُعَلِّماً، ومرشداً في جولة في ربوع وأنحاء المسجد المبارك، من قبة الصخرة، ومسجدها، وساحاتها، إلى سائر ساحات المسجد المبارك، وبقينا في جولة في ربوع المسجد حتى أذان المغرب.



بعد صلاة المغرب أعلن إمام المسجد ـ حفظه الله ـ عن محاضرة لي في محراب المسجد، ومحاضرة لدكتور من أهل القدس ـ ذهب عني اسمه ـ في وسط المسجد حيث يصلي الإمام عادة، وحين توجهنا إلى محراب المسجد ـ في أشرف ساعة وأكرمها أعيشها منذ ولدتني أمي ـ حيث سأجلس مجلساً سبقني إليه الأنبياء جميعاً ـ أو أكثرهم على أقل تقدير ـ ثم سبقني إليه كثيرٌ من العلماء والأولياء والصالحين على مَرِّ الأزمان والعصور، ومن مختلف الأمم ممن دانوا بالإسلام منذ عصر بانيه (يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم) عليهم السلام، بعد بناء الكعبة بأربعين سنة، وحتى يومنا هذا، شعرت بِعِظَمِ المسؤولية الملقاة على عاتقي خلال هذه الساعة، واستشعرت موقف القاضي الفاضل [529 - 596 هـ] بعد تحرير صلاح الدين ـ رحمه الله ـ بيت المقدس في يوم الخميس 27 رجب سنة 583هـ، الموافق للأول من تشرين أول (أكتوبر) سنة 1187م، بعد نحو إحدى وتسعين سنة من سقوطه بين أيدي المحتلين الصليبين سنة 492هـ، وحين جلست ذاك المجلس استحضرت الآيات التي افتتح بها القاضي الفاضل ـ والذي قال فيه صلاح الدين:



«لا تظنوا أني ملكت البلاد بسيوفكم؛ بل بقلم الفاضل!» ـ.



خطبة الجمعة يوم 28 رجب سنة 583هـ، مبتدئا فيها بكل آيات الحمد في القرآن الكريم، وبدأت مجلسي كما بدأ خطبته تأسيا به مع الفارق الكبير بيني وبينه، وبين حالي وحاله، موضحا لإخواني الحاضرين هذه الذكرى التي تحضرنا في مثل هذه الساعة.



كنت قد حددت عنوان محاضرتي بقوله تعالى:



{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}



[الأنفال: 24]



حيث تحدثت عن هذه الآية وغيرها، وعن ذاك الفتح والنصر المبين.. تحدثت عن حماية المسجد الأقصى وما فيه إخواننا من جهاد ورباط فيه.. عن تصديهم للاحتلال وللمؤامرات الدولية على بيت المقدس، وقلت لهم:



إنكم أقوى ـ بصمودكم وجهادكم ـ من كل هذه المؤامرات الدولية لتهويد هذا البيت المقدس، التي تديرها أكبر هيئة في العالم.. هيئة الأمم المتحدة، وترعاها أقوى دولة في العالم المادي.. الولايات المتحدة.



تكلمت عن الأنبياء والمرسلين، ودعوتهم، ورسالتهم، وإسلامهم، وميثاق الله عليهم بوجوب متابعة نبينا وحبيبنا ورسولنا محمد عليه وعليهم الصلاة والسلام قبل وجوده بآلاف السنين.



تذكرت شيخنا أبا ملك؛ محمد إبراهيم شقرة ـ عافاه الله وسدده لهداه ـ ابن (عين كارم)، والقدس، وما قدمه ـ آجره الله ـ من جهود مشكورة في خدمة هذا البيت المقدس، حين كان يَشغل في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية منصب:



«مدير الحرم القدسي».



تذكرته وذكرته، وشكرت بلدياته فضيلة الشيخ صلاح العكرماوي؛ المدرس والواعظ في المسجد الأقصى، وخريج الجامعة الإسلامية في المدينة النبوية، والذي آثرني ـ حفظه الله، وجزاه كل خير ـ في هذه الليلة على نفسه فترك لي ـ بارك الله فيه وفي علمه ـ درسه المقرر لأدرس فيه مكانه مع الفارق الكبير، بيني وبينه ـ حفظه الله ـ علماً، ومكانة، ومنزلة، فهو ابن الجامعة الإسلامية، وابن القدس المرابط فيها، وابن المسجد الأقصى والمعلم فيه، وأنا الشريد الطريد في أرض الله، والذي يصدق فيَّ وفيه قول القائل:



لا تعرضن لذكرنا مع ذكرهم *** ليس الصحيح إذا مشى كالمقعدِ.



تذكرته وتذكرت شيخنا الإمام الألباني الذي لم نَعْدُ جميعا أن يكون كل واحد منا حسنة من حسنات ذاك الشيخ المحدث الإمام ـ رحمه الله ـ وَذَكَرْتُ ذلك وذَكَّرْتُ به، ورجوت الله وسألته أن يجعل ثواب مجلسنا هذا في صحيفة شيخنا الإمام ـ رحمه الله تعالى ـ.



استمرت محاضرتي نحو خمسين دقيقة حتى فاجَأَنَا المؤذنُ بأذان صلاة العشاء، وبعد صلاة العشاء عُدْتُّ لمجلسٍ آخر بناءً على رغبة إخواني وأحبيتي من طلاب العلم من أهل بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس، لنعقد أول مجلس حديثي منذ سنوات طويلة لا يعلم عددها إلا الله، حيث قرأ فضيلة الشيخ يوسف بن مروان الأوزبكي البخاري المقدسي عَلَيَّ جزءً حديثياً في الأحاديث المسلسلة من تحقيقه وعنايته، وهو الجزء الذي سبق وتقدم به الأستاذ أحمد أيوب محمد الفياض إلى كلية الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، في بغداد دار السلام وهو جزء من متطلبات درجة الماجستير في الدعوة والخطابة، وهو بعنوان:



«المسلسلات المختصرة»



المقدم أمام



«المجالس المبتكرة على أغرب أسلوب، في أعز مطلوب»



تخريج الحافظ:



صلاح الدين؛ أبي سعيد، خليل بن كيكلدي العلائي الشافعي.



المتوفى رحمه الله سنة 761هـ.



وهي إحدى مخطوطات مكتبة المسجد الأقصى، التي حققها الشيخ المذكور.



حيث استمر المجلس نحو أربعين دقيقة قرأ فيها فضيلة الشيخ يوسف بن مروان الأوزبكي الجزء المذكور، وعلقت على قراءته حينها على وجه السرعة والإيجاز لمقتضى الوقت، حيث كان حراس المسجد الأقصى المبارك ينتظروننا بفارغ الصبر أن ننهي مجلسنا قبل أن تنطفئ الكهرباء المبرمجة (إلكترونيا) من قبل المحتلين الصهاينة علينا.



قرأ فضيلة الشيخ المذكور اثني عشر حديثا مسلسلا بعضها صحيح، وبعضها ضعيف، وهي:



1ـ حديث الرحمة (الصحيح)المسلسل بالأولية، بأسانيد الحافظ الكيكلدي إلى سفيان بن عيينة، بسنده إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.



«الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض، يرحمكم من في السماء».



2ـ حديث عبد الله بن سلام (الصحيح) المسلسل بقراءة سورة الصف ـ وهو أصح مسلسل في المسلسلات جميعا ـ وقد قرأت السورة على الحاضرين حتى ختمتها لأجيزهم بها ونصه:



عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَام، قَالَ: قَعَدَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: لَوْ نَعْلَمُ أَيَّ الْأَعْمَالِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ لَعَمِلْنَاهُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:



{«سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّماَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ»}



[الصف: 2]



حَتَّى خَتَمَهَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى خَتَمَهَا.



3ـ حديث معاذ بن جبل (الصحيح) المسلسل بالمحبة. وقد قلت للحاضرين وأنا أحبكم ورويت لهم الحديث وأجزتهم به ونصه:



عَنْ مُعَاذ بن جبل، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:



«إِنِّي أُحِبُّكَ، فَقُلِ: اللهُمَّ أَعِنِّي عَلَى شُكْرِكَ وَذِكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ»



4ـ حديث عائشة المسلسل بـ (يرحم الله فلانا)، ونصه:



قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث (الصحيح):



«إن في الشعر حكمة»



وقالت: عائشة رضي الله عنها:



«يرحم الله لبيدا فهو الذي يقول»:



ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خَلْفٍ كجلد الأجرب


يتأكلون خيانة ومذمة ... ويعاب قائلهم وإن لم يشغب





5ـ حديث عائشة الموقوف، و(الصحيح) المسلسل بالحفاظ، ونصه:



عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:



«كُنَّ أَزْوَاجُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَأْخُذْنَ مِنْ رُؤوسِهِنَّ حَتَّى يَكُونَ كَالْوَفْرَةِ».



6ـ حديث ابن عباس (الصحيح) المسلسل بالفقهاء، ونصه:



عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه ـ الذي دعا له النَّبِيُّ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:



«اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ».



قال:



«قُتِلَ رجل مِنْ بَنِي عَدِيٍّ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا».



7ـ حديث أنس بن مالك (الضعيف) المسلسل بالصوفية، ونصه عن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:



«طلب الحق فريضةٌ».



8ـ حديث أَبِي هُرَيْرَةَ (الصحيح) المسلسل بوضع اليد على الرأس، ونصه عن رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:



«مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يُنَجِّيهِ عَمَلُهُ من النار، ولا يدخله الجنة»



قَالُوا:



وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟!



قَالَ:



«وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ وَفَضْلٍ. وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».



9ـ حديث أبي إمامة (الضعيف) المسلسل بـ (أشهد بالله)، ونصه قول أبي إمامة رضي الله عنه:



أشهد بالله لسمعت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:



«إن هذه الآية نزلت في القدرية: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ}»



10ـ حديث أبي أكينة؛ عبد الله التميمي (الصحيح) المسلسل بالآباءقال:


سمعت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:





«ما اجتمع قوم على ذكر الله، إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة»



11ـ حديث جابر بن عبد الله (الصحيحوالموقوف، والمسلسل بذاكالأنصاريقال:



«كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا هبطنا سبحنا».



12ـ حديث ابن عباس (الصحيحوالموقوف، والمسلسل (بأشهد على)، ونصه قال ابن عباس رضي الله عنهما: أشهد على أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال:



«كلوا السمك الطافية».



خرجنا من المسجد الأقصى بعد المجلس ونحن نحمد الله أنني أول من أحييت سننا كثيرة في هذه البلاد المباركة، وفي هذا المسجد المبارك، وخاصة المجلس الحديثي الأخير.




وأما الفوائد الماسية المقتنصة من أحداث هذا اليوم الحافل المبارك فأهمها:



1ـ سلم على المسلمين، وعانقهم بحرارة حتى يطمئنوا لك، وينفعوك.



2ـ سل الناس عما تجهله، فالسؤال نصف العلم.



3ـ عَرِّفْ بنفسك من يلقاك من المسلمين حتى يطمئن لك.



4ـ ثق في المسلمين، حتى وإن وُلِدوا وعاشوا تحت الاحتلال، فالخير فيهم غالب، والشر فيهم قليل.



5ـ لا تبدأ كافرا بسلام ولا بكلام، فهو حرام شرعاً، إلا ما دعت إليه الضرورة أو الحاجة.



6ـ اعرف الفضل لأهل الفضل واذكرهم به، فإنه لا يعرف فضل أهل الفضل إلا أهل الفضل.



7ـ احرص على تعلم الحديث من أهله، فأهل الحديث هم أهل النبي، وإن لم يصحبوا نفسه، أنفاسه صحبوا.



وإلى أن ألتقيكم في الحلقة القادمة من



«الفوائد الماسية من الرحلة المقدسية»



استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.