تحولت جلسة لمجلس الشورى السعودي كانت مخصصة لمناقشة تقرير سنوي حول عمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى ما يشبه جلسة "محاكمة" للهيئة.
ففي جلسة عقدت أمس الإثنين 29-1-2007، قدمت اللجنة الإسلامية والقضائية وحقوق الإنسان تقريرا سنويا عن عمل الهيئة خلال العام المالي 1425/ 1426، أفاد بضبط 390 ألف مخالفة بزيادة مقدارها 15% عن العام الذي سبقه.
وأوضح التقرير أن أطراف هذه المخالفات بلغ 402 ألف شخص، منهم 101 ألف سعودي، بينما بلغ عدد الإناث في أطراف هذه المخالفات 12.216.
عدد هذه المخالفات كان سبب هجوم الدكتور خليل الخليل، عضو المجلس، على الهيئة؛ إذ طالب اللجنة الإسلامية، بتوضيح سبب العدد الكبير للمخالفات الواردة بالتقرير، خصوصا في الوقت الذي يتذمر فيه الكثيرون من الهيئة.
وانتقد د.الخليل خلو التقرير من الإشارة إلى الاعتداءات المتكررة على رجال الهيئة من قبل المواطنين، وفي المقابل الاعتداءات من قبل رجال الهيئة عليهم، بالإضافة إلى تجاوزات رجال الهيئة في بعض القضايا.
تأهيل رجال الهيئة
وضمن انتقاد بعض جوانب عمل الهيئة، قال عضو المجلس الدكتور عايض الردادي: إن 56% من موظفيها يحتلون المرتبة الخامسة (درجة وظيفية) فما دون، ومستواهم العلمي متدن، مطالبا بتثقيفهم حتى يصبحوا آمرين بالمعروف لا مقتنصين للأخطاء.
وأكد د.الردادي أن "الهيئة ترى بعين راضية كل ما يصدر من منسوبيها حقا لا خطأ فيه، وإن كان ذلك قد يصفح عنه ممن يملكون حماسا خارج مسئولي الهيئة، فإنه لا يجوز السكوت عنه من مسئوليها".
وأضاف: إن "الهيئة طالبت بدعمها بموظفين ذوي تأهيل علمي، ولم يتم تحقيق مطلبها، إلا أن ذلك لا يعفيها من تثقيف منسوبيها الحاليين، بما يجعل منهم آمرين بالمعروف لا ملاحقين للناس أو متصيدين للأخطاء".
وبين أن هناك "من يتشمت بكل خطأ للهيئة، ويسعد بما ينشر في الصحف من اعتداء على منسوبيها أوصل بعضهم إلى أَسِرَّة المستشفيات"، مشيراً إلى أنه يمكن معالجة ما تواجهه الهيئة دون "إقامة حملة عليها أو بمباركة لكل ما تفعله ولو كان خطأ".
وشدد د.الردادي على أن "الهيئة جهاز خدمة وشرطة أخلاق.. وقد تخف الحملة عليها في حالة تغير اسمها إلى شرطة أخلاق، كما هو معمول به في الدول الأخرى".
صمام الأمان
وبدوره وصف عضو المجلس، الدكتور عبد الله دحلان، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بـ"صمام الأمان الذي يحفظ الأخلاق"، مؤكدا على أن أي عمل لا يخلو من الأخطاء والتجاوزات.
ولكن د.دحلان طالب بوضع خطة لتواصل الهيئة مع المجتمع من خلال مؤسساته، نظرا لـ"احتقان العلاقة بين المجتمع والهيئة بسبب عدم وجود خطة تواصل بينهما". وشدد على أنه يجب أن يعلم العاملون في الهيئة أننا نتبع اتفاقيات عالمية عليهم أن يحترموا تطبيقها، مثل اتفاقيات حقوق الإنسان والعمل.
كما طالب بمراجعة تلك الاتفاقيات من قبل الهيئة واحترام العمالة الأجنبية التي وصل عددها إلى 7 ملايين، وأن تركز على تدريب المنتسبين إليها سلوكيا ولغويا خصوصا اللغة الإنجليزية، وبتعيين كفاءات جامعية متخصصة تجيد لغة الحوار والنصح والإرشاد.
الهيئة والسياحة
وللمرة الأولى طرح مجلس الشورى قضية الهيئة والسياحة في المملكة، حيث تساءل د.الخليل في مداخلة عن علاقة الهيئة بالمقيمين وصناعة السياحة.
ولفت إلى أن 82% من المخالفات الواردة في التقرير السنوي، أي 301 ألف مخالفة، ارتكبها مقيمون أجانب، كما أشار إلى أن هناك 274 واقعة كان الجرم فيها: "تفصيل الرجال ملابس النساء، وأخذ القياس، والاختلاط في المطاعم"، وهذا العدد قليل، لكن الجرم يحتاج إلى نظرة خاصة عن الاختلاط في المطاعم.
وأضاف د.الخليل: "نحن دولة فيها سبعة ملايين وافد، ويتوجه الاستثمار إلى السياحة، والسياحة مرتبطة بالمطاعم، وحصلت مداهمات للمطاعم غير مبررة لأن الضحايا في الغالب هم العوائل والأزواج والسيدات ورجال الأعمال وأساتذة الجامعات".
وطالب بالكف عن مداهمات المطاعم حفاظا على حقوق الإنسان، مبينا أن ضحية ذلك عائلات، مضيفا أنه يأمل من الهيئة إعادة النظر في منهجية عملها، والتركيز على المنكرات الظاهرة والمنظمة.
الدفاع عن الهيئة
على الجانب الآخر من "المحاكمة" رد رئيس مجلس الشورى، الدكتور صالح بن حميد، على مداخلة د.الخليل، بوصفه دور الهيئة "بالإيجابي"، ومؤكداً على أنها تعمل بنظام معين وليس باجتهاد، ويمكن محاسبة من يخالفه.
وأضاف د.بن حميد: "لا يطلب أحد من الهيئة الكف عن دخول أي مكان كالمطاعم، فهي تعمل وفق نظام".
كما انتقد ورود عبارة "احتقان" في مداخلة د.دحلان لوصف علاقة الهيئة مع المجتمع، مؤكدا أنه "تعبير غير صائب".
وبدوره طالب، عضو المجلس، الدكتور حاتم الشريف، بأن يستبدل بالأعضاء القدامى في الهيئة -الذين يعتبر مستواهم العلمي متدنيا- عن طريق التقاعد المبكر، أعضاء مستوياتهم العلمية عالية، وطالب برفع كادر التوظيف بحيث يستوعب درجات علمية عليا.
كما أوصى الشريف بإنشاء إدارة قانونية بها محامون للرد على من يحاول تشويه صورة الهيئة، وإيجاد برنامج تلفزيوني شهري.
وتأسست هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عهد الملك الراحل عبد العزيز آل سعود، بموجب مرسوم ملكي صدر عام 1930، وهي تابعة للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.