أسعد الله أوقاتكم بكل خير...
بسم الله نبدأ اخبار التعليم ..
لهذا اليوم ..
الثلاثاء 13 / 12 / 1427 هـ
الرياض:الثلاثاء 13 ذي الحجة 1427هـ - 2 يناير 2007م - العدد 14071
-----------------------------------------------------------------------------
ماذا تعني الاختبارات؟ وماذا تعني الإجازات؟
د. محمد بن أحمد الرشيد
كل عام ومملكتنا العربية السعودية ووطننا العربي وأمتنا الإسلامية بخير، وعيد سعيد يعود والعالم أكثر استقراراً وأمناً.
عيد الأضحى - العيد الأكبر - فرصة للأنس، والفرح، والمرح، وأولى الناس بالمتعة والراحة والأنس هم الصغار، والشباب: طلاب الجامعات والمدارس
وطالباتها. غير أن الكثيرين منهم يشعرون هذا العام بأنه لا سبيل لهم للراحة مادام موعد اختبارات الفصل الأول من هذا العام الدراسي يقع بعد استئناف
الدراسة في منتصف شهر ذي الحجة، والحقيقة أن هذا خطأ في الفهم وممارسة غير سليمة للفكر التربوي بذلت الجهد في تصحيحه وتقويمه منذ وقفت على
أصول التربية ومبادئ القياس والتقويم السليم.
إذن: ماذا تعني الاختبارات؟
وللاجابة على هذا السؤال أذكر النقاط الآتية:
@ الاختبار فرصة للمتعلم يكتشف فيها: مدى تحصيله، واستيعابه لما درس، وقدرته على التذكر مع الفهم، والتعبير عما في فكره من المعلومات. وفرصة كذلك
للمعلم يعرف فيها: مقدرته على التوصيل، والشرح، والمستوى العلمي والفكري لطلابه، وهل الطرائق التي اتبعها مجدية، أم أنها بحاجة إلى تحوير وتطوير.
@ في بعض الأحيان تكون الاختبارات مؤشرات خادعة، وذلك عندما يخفق فيها طالب جيد ذكي لبعض الأسباب والظروف التي يمر بها أو تمر به، وينجح
طالب لا يستحق النجاح؛ لأنه - مثلاً - ذاكر بعض فصول الكتاب دون بعض فجاءت الأسئلة مما ركز عليه.
خذ لبيان ذلك طالباً نجح في اختبار النحو لأنه (حفظ) من غير فهم ما قُرر عليه، مع أنه لا يحسن أن يقرأ سطراً واحداً من غير لحن! وأخفق زميله
المبدع في التعبير، المتفوق عليه بكل المقاييس، لأنه كان يوم الاختبار مريضاً!
@ لذا، فإن التقويم لابد أن يكون من الدقة في قياس تحصيل الطالب إلى أقرب درجة ممكنة يبين مستوى فهمه واستيعابه، إذ العلم من غير استيعاب وتطبيق
كغذاء من غير هضم وتمثل!
@ ولابد أن يغرس في أذهان الطلاب أن الاختبار على أهميته، واكتساب الدرجة العالية فيه على أهميته أيضاً، يأتيان في مرتبة تالية للفهم الذي يتبعه انتفاع
بما تعلموه، وتطبيق له في السلوك وواقع الحياة.
@ فالعلم المجرد ليس غاية في ذاته، وقد استعاذ رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) من علم لا ينفع، إنما المراد التطبيق، بل المهارة والتفوق في
التطبيق. ولعل من أوضح الأمثلة على ذلك، سائق السيارة هل يكفيه العلم النظري من غير ممارسة، ومن غير تدريب يؤدي إلى المهارة؟ وقائد الطائرة: كم
ينفق من الزمن في التدريب، والتطبيق، والممارسة الواقعية لكل معلومة صغيرة أو كبيرة تعلّمها؟! ومستخدم الحاسب: هل تكفيه قراءة الكتب واستظهار ما فيها،
ما لم يكن الجهاز أمامه للتطبيق والتمرين؟ وكل عام يجب أن ينظر له بهذا المنظار، منظار التطبيق الواقعي والاستفادة العملية.
@ويُجمع التربويون على ان الاختبار جزء من العملية التعليمية لا ينفصل عنها، ولا خصوصية لأسلوبه، أو زمانه، أو مكانه، غير أن "الاختبارات التقليدية
التي نمارسها" - بما لها وما عليها - ليست معياراً دقيقاً لمعرفة تحصيل الطالب، وكشف مستواه العلمي، لأسباب عدة لا مجال لذكرها، لذا ظهر اصطلاح
جديد لمفهوم رشيد هو: تقويم الطالب، الذي تكون الاختبارات المختلفة جزءاً أساسياً فيه، لكنها ليست كل ما فيه. على أنها تتم بطريقة مختلفة في أساليبها
عما هو متبع في مدارسنا وجامعاتنا من مثل: عرّف الآتي.. وما شاكل ذلك من الأسئلة التقليدية.
@ إن التساهل في أثناء العام الدراسي، والتشمير عن ساعد الجد عند اقتراب الاختبارات ظاهرة غير صحيحة، لأن المعرفة عملية تراكمية يدخل الزمن عنصراً
أساسياً في إنضاجها، فالمعرفة التي تكتسب بهدوء تترسخ في النفس، والتي تأتي مسرعة تذهب مسرعة!
@ ينبغي أن يكون الدافع إلى التعلم والتحصيل الشوق الشديد إلى المعرفة والحب الملتهب للعلم وليس الاختبار، وبهذا ينتفي الشعور بأن ما أدرسه مفروض عليّ،
والمفروض على النفس ثقيل، بل انني أدرسه لأنني أحبه، ولأنه ينفعني.
@ ان الحد المعقول من الاهتمام، والتوتر الناجم عن المواجهة، والتحدي، وإثبات الذات (كما يُرى في المسابقات الرياضية العالمية مثلاً). قد يكون أحد
العوامل ذات الأثر الايجابي في النجاح والتفوق، لكن الخوف، والقلق، والفزع، وعدم النوم ليلة الاختبار ظواهر سلبية مَرضية تضيع الهدف التربوي الأكبر من
التقويم التربوي الكاشف للقدرات والممكّن من معرفة مدى الفهم والاستيعاب، تلك التشنجات تقاليد قديمة أملتها ظروف معينة تغيّرت بزمانها وإنسانها.
إن الاهتمام والحرص، والحد المعقول من التوتر يجب أن يكون منصباً على التحصيل العلمي، واكتساب المعرفة، لا على الاختبار في نهاية المطاف من أيام
الدراسة.
وماذا عن الإجازة؟
@ الإجازة هي الراحة بعد التعب، واللعب بعد الجد، والانطلاق بعد الانغلاق، للناس عامة، وبالأخص للمتعلم والمعلم على حد سواء، وهي في إجازة العيد أوجب
للتواصل والأنس مع الأقارب والأرحام والأصدقاء ولمّ شمل الأسرة..
فالطالب يحتاج إلى الخروج من دائرة الكتاب المقرر إلى الكتاب غير المقرر، ومن ساعات العمل المفروضة عليه إلى ساعات عمل يختارها بنفسه، وإلى التوسع
المعقول في ممارسة هوايات نافعة لم تكن تسمح لها أوقات الدراسة.
والمعلم يحتاج إلى نسيان: دفاتر الواجبات، وأوراق الاجابات وإعداد الوسائل ليتفرغ أكثر إلى نفسه، وروحه، وعقله، وزوجته، وأولاده، وأقربائه، وأصدقائه
وليطوّر من قدراته، ويتابع الجديد في مجال تخصصه.
@ لابد من مراجعة النفس، وتقويم ما كان في الفصل الدراسي الذي مضى، لاستكمال ما نقص، وتعويض ما فات، والتخطيط لتلافي الأخطاء الماضية في
المستقبل.
@ بعد الدراسة تأتي الإجازة، والإجازة فراغ من الدوام الرسمي، وليست فراغاً مطلقاً، إذ لا يوجد في الدنيا فراغ مطلق، إنما يوجد فراغ يملأ بغير اختيارنا،
وفراغ نملؤه نحن باختيارنا، وثالث نتركه فوضى تملؤه الظروف والعادات والملابسات، ومن هنا جاءت أهمية التخطيط الحكيم لوقت الإجازات حتى لا تضيع
سدى. بل نملؤها: بالتسلية والراحة، والسرور، والمتعة، والفائدة، والمطالعة، والرياضة، وممارسة الهوايات.
تقبل المولى من الحجيج حجهم، وأجزل الله للمؤمنين الصادقين أجرهم، ونفع الله طلابنا وطالباتنا بما يتعلمونه من دروسهم، وأسعد المجازين بإجازاتهم.
ووفقنا الله جميعاً إلى الخير والصواب وأمدنا بتأييده وتسديده.
http://www.alriyadh.com/2007/01/02/article213497.html