إن مرحلة الطفولة المبكرة هي مرحلة التأسيس في تكوين شخصية الطفل من نواحيها المختلفة، الذهنية والاجتماعية والجسدية والوجدانية ففي هذه المرحلة ترسم أبعاد نمو الطفل الجسمية والحسية والذهنية والنفسية والوجدانية والخلقية، وفي هذه المرحلة تتكوَّن أنماط التفكير والسلوك وبناء أساسيات المفاهيم والمعارف والخبرات والميول والاتجاهات، وفيها تتنامى قدرات الطفل العقلية والإدراكية وملكاته اللغوية.
العملية التربوية في هذه المرحلة تشمل الطفل من نواحيه المختلفة الجسدية والحسية والذهنية.. فالطفل ينمو فيها نمواً متكاملاً، وهنا ظهرت نظرية عند بعض التربويين تدعو إلى تعليم الطفل ككل "التعليم الكلي"، ويعني تشجيع الكفاية أو الجدارة الذهنية والاجتماعية والإبداعية لدى الطفل. وعلى الرغم من التوافق الأساسي بين التربويين على مبدأ التكامل في تربية الطفل، إلا أن هناك اتجاهات مغايرة للاتجاه السابق، وأبرزها التعليم الأكاديمي، ويعني تعليم الأطفال مواد ومهارات أساسية في القراءة والكتابة والحساب والتراث الثقافي. والمنادون به يرون المدرسة هي المكان الجدّي للعمل وطاعة السلطة المتمثلة بالمعلمة. وهناك توجه آخر يمزج بين هذين التوجهين، أي "التعليم الكلي والأكاديمي".
وعلى الرغم من هذه الاختلاف الظاهر في التوجهات لتعليم الطفل، فإن العديد من رياض الأطفال يعتمد على طرق تربوية هي عملياً مزيج من هذه التوجهات.. فالرياض بحد ذاتها لها الأثر الأكبر في تكوين الطفل تربوياً، وبضمن ذلك اللعب ودوره في هذه العملية التربوية. فاللعب هو أحد أهم وسائل التنشئة الاجتماعية، ودور المعلمة في العملية التربوية، هو دور المخفر والموجه والمنظم باعتبار أن الطفل هو الذي يقوم بعملية التعلُّم.
تأثيرات المعلمة في تكوين شخصية الطفل
تمثل للطفل نموذجاً للراشد في المجتمع في قولها وسلوكها، فهي تمثل ثقافة المجتمع، وتشكل عاملاً هاماً في تكوين نظرة الطفل إلى نفسه وتحديده لهويته الشخصية، من خلال طريقة تعاملها معه إيجاباً أو سلباً، وتؤثر عليه بشكل غير مباشر من خلال البيئة التربوية التي تعدها له. وتؤثر أيضاً على نمو قدراته أو عدمه من خلال برنامجها التربوي وطريقة تعليمها والخبرات التربوية التي توفرها، لذا فإن لمفاهيم المعلمة وشخصيتها دوراً كبيراً في التربية في هذه المرحلة. وطبعاً تظهر كفاءة المعلمة من خلال قدرتها على أن تكون مع الأطفال وليس من خلال ما تفعله لهم.
فالرياض تؤثر في تكوين الطفل من خلال العملية التربوية والبيئة الموجود فيها والقائم بهذه العملية، كما تلعب دوراً أساسياً في حياة الأسرة وتقدم لهم فوائد حقيقية، وذلك عن طريق إعطائهم فترة استراحة من متطلبات العناية بالطفل أو التخفيف من قلقهم عند ذهابهم لأعمالهم.
والروضة الجيدة يمكن أن تحسن من نوعية حياة الآباء، مما يحسن العلاقة بين الأهل والطفل.. وتسعى إلى زيادة حصيلة الأسرة التربوية عن طريق التواصل واللقاءات بين الروضة والأسرة، وتطوير هذه اللقاءات حتى يكون دور الروضة فعالاً في رفع القدرة التربوية للأسرة. والروضة تصقل سلوكيات الطفل وتشعر الأسرة بضرورة هذه المرحلة حين تتعرف على السلوكيات التي ينقلها الطفل إلى الأسرة.. ويتعلم الطفل التعامل مع عدد من الأشخاص خارج نطاق الأسرة، ويتعرف أيضاً على ثقافة المجتمع وتراثه الحضاري من خلال القصص والحكايات التي تعرفه بها مع مناقشتها وتطوير مفاهيمها. ويتعلم الطفل كيفية اتخاذ القرار وحل المشكلات والتفكير الخلاق، وهذا ما يجعله إنساناً متوازناً في المجتمع.
وهكذا كل النتائج التي ظهرت من خلال الدراسات والأبحاث أكدت أن مرحلة الروضة هي المرحلة الأساسية من التعليم، فجعلت الأسر تقتنع بأهمية الروضة في المرحلة المبكرة من حياة الطفل. وكما يكون تأثير الروضة في الأسرة كذلك يمتد أثر الروضة إلى المجتمع إذ تسهم الروضة في بناء قدرات الطفل.
منقول اتمنى ينال أعجابكم