أسعد الله أوقاتكم بكل خير...
بسم الله نبدأ اخبار التعليم ..
لهذا اليوم ..
الاثنين 12 / 12 / 1427 هـ
الوطن:الاثنين 12 ذو الحجة 1427هـ الموافق 1 يناير 2007م العدد (2285) السنة السابعة
-----------------------------------------------------------------
حوار التعليم مرة أخرى
عامر عبدالله الشهراني*
في مقال سابق ناقشت ما دار في اليوم الأول من فعاليات اللقاء الوطني السادس للحوار الفكري الذي عقد في منطقة الجوف، وفي هذا المقال سيتم التركيز على ما دار من نقاش، وحوار في اليومين الثاني، والثالث اللذين خصصا للتعليم العالي، والتعليم الفني، والتدريب المهني على التوالي. ففي اليوم الثاني شارك معالي وزير التعليم العالي وبعض مديري الجامعات وبعض المسؤولين في الوزارة في جلسات هذا اليوم. وتمت مناقشة، وعرض الكثير من الجوانب المتعلقة بالتعليم العالي مثل: الحاجة إلى تطويره، وإعادة النظر في سياسته من كافة الجوانب بما يضمن تحديد رؤية شاملة، ورسالة واضحة لمؤسسات التعليم العالي. كما تمت مناقشة موضوع استقلالية الجامعات ماليا، وإداريا لتتمتع بصلاحيات أكثر بعيدا عن المركزية، ومن خلال ذلك يمكن أن تتحقق الحرية في صنع القرارات على مستويات إدارية مختلفة، كما شمل النقاش وضع أعضاء هيئة التدريس المالي، والحاجة إلى إعادة النظر في الكادر الخاص بهم، وتطويره بحيث يتوافق مع متطلبات الحياة المعيشية في وقتنا الحاضر. وناقش المشاركون وضع البحث العلمي في مؤسسات التعليم العالي، وأكدوا على ضرورة الاهتمام بالبحث العلمي الجاد، والأصيل الذي يخدم الوطن، ويبحث القضايا الملحة، ويتم نشر ثقافته سواء على مستوى طلاب الدراسات الجامعية، أو طلاب الدراسات العليا. وهنا أرى أن عضو هيئة التدريس مسؤول عن تطوير هذا الجانب من خلال البحث والتقصي، والحصول على دعم للأبحاث من الجهات التي تقدم الدعم سواء في القطاع الحكومي، أو القطاع الخاص. كما أعتقد أن البحث العلمي في هذه المؤسسات سيتطور إذا تم دعمه بالإمكانات البشرية، والمالية اللازمة، وتتم بعد ذلك المحاسبة في حالة التقصير. واحتل القبول بالمرحلة الجامعية جانباً آخر من النقاش في مجال التعليم العالي في التخصصات التي يحتاجها سوق العمل بالدرجة الأولى، بحيث لا يكون التركيز على التخصصات النظرية بالدرجة الأولى، وطالب البعض بالتوسع في قبول جميع خريجي المرحلة الثانوية، فالمجتمع - بكامل ثقله - يضغط على وزارة التعليم العالي، وعلى مؤسسات التعليم العالي لقبول أعداد من الطلاب أكبر من الطاقة الاستيعابية لهذه المؤسسات، وفي حالة تخرجهم وعدم حصولهم على عمل، يبدأ المجتمع في معاتبة هذه المؤسسات ولومها وكأنها هي المسؤولة عن التوظيف. وفي مجال التعليم العالي قد أتفق - إلى حد كبير - مع ما ورد في النقاش من أفكار، ورؤى؛ إلا أنني قد لا أتفق مع بعضها؛ فأنا أعتقد أنه ليس من الضروري أن يلتحق بالتعليم العالي جميع خريجي المرحلة الثانوية لكيلا تسهم مؤسسات التعليم العالي في تخريج أعداد كبيرة لا تجد لها فرص عمل؛ لأن عملية استيعاب أعداد كبيرة منهم تكون في التخصصات النظرية التي لا يحتاجها سوق العمل، ونتيجة لذلك يوجد لدينا ما يعرف ببطالة الكفاءات. كما أن الوطن يحتاج إلى نسبة كبيرة من العاملين في المجالات المهنية، والتقنية، والفنية التي لا تحتاج إلى تعليم جامعي، وبالإمكان تدريبهم لفترات قصيرة من خلال برامج المعاهد، والكليات التقنية والمهنية، وكليات المجتمع. وفيما يتعلق بأعضاء هيئة التدريس السعوديين فقد يكون من المناسب ألا يتم توظيفهم من خلال التعيين، بل يكون توظيفهم من خلال التعاقد وفق نظام يضمن استقطاب الكفاءات والاستفادة منها، ويتم ذلك من خلال آلية وفق تنظيم زمني محدد، بحيث يتم التعاقد مع جميع السعوديين في الجامعات، الذين هم على رأس العمل، أو الجدد منهم؛ وبذلك يستمر من ينتج، ويبدع، ويبحث، ويطور، وعدا ذلك لا تتاح له الفرصة في إشغال وظيفة أكاديمية قد يمكن استغلالها من قبل شخص آخر قد يسهم بنشاطاته المختلفة في تميز المؤسسة التي ينتمي لها، وأنا على يقين أن ذلك سيؤدي إلى زيادة نسبة الإنتاجية العلمية، والبحثية لدى منسوبي مؤسسات التعليم العالي، وهذا النظام قد يمكن تطبيقه على بعض الدول في الخليج، كما قد تكون له آثار إيجابية على نوع، وكم مخرجات التعليم العالي.
وأرى؛ أنه من الضروري - في حالة تطوير مؤسسات التعليم العالي - النظر في وضع ما يسبقها من مراحل تعليمية، ولا يتم التطوير بمعزل عن التعليم العام بمراحله المختلفة، لأن التكامل، والتنسيق بين هذه المؤسسات بمختلف مراحلها يؤديان في النهاية إلى رفع مستوى الجودة، وخفض مستوى الفاقد التعليمي. أما اليوم الثالث فقد خصص للتعليم الفني والتدريب الفني ومؤسساته، وتمت مناقشة مستوى مخرجات هذه المؤسسات، وإسهامها في سد حاجة سوق العمل، وتم الاتفاق بين المشاركين على أهمية إعادة النظر في سياسة التعليم التقني، والفني بما يواكب معطيات العصر الذي نعيش فيه. ودار الحوار حول حاجة المملكة إلى الأطر (الكوادر) الفنية، والمهنية بأعداد كبيرة في مختلف التخصصات لتحل محل العمالة الوافدة التي قد يزيد عددها عن ستة ملايين وافد، وهذه العمالة تعلمت، وتأهلت، وتدربت في شركاتنا، ومؤسساتنا بدون مقابل، كما تمت مناقشة بعض المشكلات التي تواجه مؤسسات التعليم الفني مثل: النظرة الدونية لهذا النوع من التعليم الذي قد يؤدي في النهاية إلى العزوف عن الالتحاق بهذه المؤسسات بشكل كبير، أو أن يكون الالتحاق بمؤسسات التعليم الفني لعينة من الطلاب الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي، أو لم يجدوا وظائف في سوق العمل ؛ هذا بالإضافة إلى أن خيار التعليم الفني بالنسبة لهم لم يكن الخيار الأول، أو الثاني. وهنا أرى أن المؤسسة مطالبة بتكثيف جهودها، والتعاون مع وزارة التربية والتعليم في مجال التوعية المهنية للطلاب، كما أن المؤسسة مسؤولة عن تطوير برامج إعلامية بالتعاون مع بعض الجهات المختصة لتوعية أفراد المجتمع بأهمية التعليم الفني، وأن مستقبله واعد في المجتمع السعودي بشكل خاص، وفي دول مجلس التعاون لدول الخليج بشكل عام. وهذا قد يؤدي إلى استقطاب بعض المتميزين للالتحاق بهذه المؤسسات، مما يشجع الآخرين للالتحاق بها، ويرفع مستوى الجودة لمخرجاتها، كما عرض معالي محافظ المؤسسة بعض المشروعات الطموحة في مجال التعليم الفني، والخطط المستقبلية لهذا النوع من التعليم. وفيما يتعلق بتوظيف القطاع الخاص لمخرجات مؤسسات التعليم الفني، والمهني فهو غير مشجع بدرجة كبيرة، ولابد من وجود آلية واضحة تضمن استقطاب خريجي هذه المؤسسة، وتأهيلهم، وتدريبهم. وقد يعود السبب في ذلك إلى أن القطاع الخاص لا يثق بمستوى هذه المخرجات في كثير من الأحيان مع أن بعضهم أثبت وجوده في بعض الشركات، والمؤسسات، وهذه النظرة لا بد أن تتغير، كما أن خريجي هذه المؤسسات في مختلف التخصصات مطالبون بإثبات وجودهم، وتميزهم في تخصصاتهم.
وفي نهاية اليوم الثالث للحوار تم إعلان التوصيات التي توصل إليها المشاركون في هذا اللقاء وتفاوتت الآراء حولها، وحول شموليتها لدى المشاركين في هذا اللقاء، وأعتقد أنها كانت شاملة للعديد من الجوانب التي تمت مناقشتها، ونفع الله بها وبما ورد فيها.
واستقبل خادم الحرمين الشريفين وفقه الله المشاركين والمشاركات بعد نهاية اللقاء، وبحضور سمو ولي العهد حفظه الله، واستمعا للمشاركين والمشاركات، وختم اللقاء بكلمة مركزة، وشاملة وجهها لأبنائه، وبناته، وإخوانه، وأخواته المشاركين والمشاركات في اللقاء الوطني السادس للحوار الفكري. فشكراً خادم الحرمين الشريفين على إتاحة مثل هذه اللقاءات، وشكراً لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني على هذه الإنجازات التي تتطور يوما بعد يوم، وإلى لقاءات فكرية حوارية أخرى تناقش بعض الجوانب الأساسية في حياتنا، وتستضيف مقدمي الخدمة ليستمعوا من المشاركين ويحاوروهم فيما يتم عرضه من رؤى وأفكار.
*أكاديمي وكاتب سعودي
http://www.alwatan.com.sa/daily/2007.../writers04.htm