أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


مذهب أهل السنة والجماعة في رؤية الله:

مذهب أهل السنة والجماعة أن الله لا يرى في الدنيا ابتلاء ويرى في الأخرة جزاء.

فهو لا يرى في الدنيا تحقيقا لمعاني الإبتلاء لأن الدنيا دار ابتلاء وامتحان فهو من فوق عرشه يرانا و لا نراه وكلفنا بالإيمان بعالم الغيب ولا نتكلم الا في حدود معرفتنا في عالم الشهادة فقال (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)الاسراء 36.

فالمؤمن هو الذي يصدق بخبر الله ولو رأه لتعطلت الحكمة فلو رأه الناس في الدنيا لآمن جميع الناس ولم يعد للإيمان بالغيب معنى فقد رؤي الله عياناً وإذا آمن الناس جميعا فأين يوجد الإبتلاء إذا وكيف يكون التصديق بما أخبر عنه الله ورسوله.

ولكن ما هو الدليل على عدم رؤية الله في الدنيا؟

عن عبدالله بن عمرأن رسول الله صصص قال(............تعلَّموا أنه لن يرى أحدٌ منكم ربَّه عزَّ وجلَّ حتَّى يموتَ )صحيح مسلم.
هل رأى رسول الله ربه في ليلة الإسراء والمعراج وهو في الملأ الأعلى؟

لم يرى النبي ربه في ليلة الإسراء وإنما رأى حجابه وحجابه النور كما أخبر صلى الله عليه وسلم.

فعن مسروق قال(كنتُ متَّكئًا عندَ عائشةَ . فقالَت : يا أبا عائشةَ ! ثلاثٌ مَن تَكَلَّمَ بواحدةٍ منهنَّ فقد أعظمَ علَى اللهِ الفريةَ ، قلتُ : ما هنَّ ؟ قالت : مَن زعمَ أنَّ محمَّدًا صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ رأى ربَّهُ فقد أعظمَ علَى اللهِ الفريةَ ، قالَ: وَكُنتُ متَّكئًا فجلَستُ ، فقلتُ: يا أمَّ المؤمنينَ ! أنظِريني ولا تُعجِليني ، ألم يقلِ اللهُ عزَّ وجلَّ()وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ)(التكوير / الآية - 23،((وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ))النجم / الآية - 13 ؟ فقالت: أَنا أوَّلُ هذِهِ الأمَّةِ سألَ عن ذلِكَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ ، فقالَ : إنَّما هوَ جبريلُ ، لم أرَهُ علَى صورتِهِ الَّتي خُلِقَ عليها غيرَ هاتينِ المرَّتينِ ، رأيتُهُ منهبطًا منَ السَّماءِ سادًّا عِظَمُ خلقِهِ ما بينَ السَّماءِ إلى الأرضِ ، فقالت: أوَ لم تَسمعْ أنَّ اللهَ يقولُ: ((وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ)) الشورى / الآية 51 ؟ قالَت : ومن زعمَ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ كتمَ شيئًا من كتابِ اللهِ ، فقد أعظمَ علَى اللهِ الفريةَ ، واللهُ يقولُ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)) المائدة / الآية 67 ، قالت : ومن زعمَ أنَّهُ يخبرُ بما يَكونُ في غدٍ ، فقد أعظمَ علَى اللهِ الفريةَ ، واللهُ يقولُ((: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ)) النمل / الآية – 65)صحيح مسلم.

وسئل أبو ذر الغفاري لو رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لسألته . فقال : عن أي شيء كنت تسأله ؟ قال : كنت أسأله هل رأيت ربك ؟ قال أبو ذر : قد سألت فقال (رأيت نورا)صحيح مسلم.

وعن أبو ذر الغفاري :سألتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم هل رأيتَ ربَّك ؟ قال (نورٌ أنَّى أَراهُ)صحيح مسلم .

وعن أبي موسى الأشعري أن رسول اللهقال(.....حِجابُه النورُ)صحيح مسلم.

ووما سبق من الأدلة يتبين لنا جليا أن رسول الله رأى نورا وهذا النور هو حجاب الله سبحانه وتعالى.

هل يمكن أن يرى الإنسان ربه في المنام ؟

ذكر بن تيمية : أن الإنسان قد يرى ربه في المنام ويخاطبه فهذا حق في الرؤيا و لايجوز أن يعتقد أن الله في نفسه مثل ما رأى في المنام فإن سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكون مماثلا وهذه الرؤية شأنها شأن سائر الرؤى المنامية تعبر فإن النائم لا يرى الله حقيقة ، فرؤيا المنام لها حكم غير رؤيا الحقيقة في اليقظة ولها تعبير وتأويل لما فيها من الأمثال المضروبة للحقائق.

وعن أبي عبيده عامر بن الجراح أن رسول الله صصصقال (رأيت ربي في أحسن صورة ، فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى ، فقلت : لا أدري ، فوضع يده بين كتفي ، حتى وجدت برد أنامله ، ثم قال : فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : في الكفارات والدرجات ، قال : وما الكفارات ؟ قلت : إسباغ الوضوء في السبرات ، ونقل الأقدام إلى الجماعات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، قال : فما الدرجات ؟ قلت : إطعام الطعام ، وإفشاء السلام ، وصلاة بالليل والناس نيام ، قال : قل ، قال : قلت : ما أقول ؟ قال : قل : اللهم ! إني أسألك عملا بالحسنات ، وتركا للمنكرات ، وإذا أردت في قوم فتنة وأنا فيهم ؛ فاقبضني إليك غير مفتون)صححه الألباني.

يختصم الملأ الأعلى: تتجادل الملائكة.

حتى وجدت برد أنامله: هذا يدل على أن الله له أنامل تليق بجلاله وكماله .

إسباغ الوضوء في السبرات:إتمام الوضوء وإكمال الوضوء في شدة البرودة ، فالسَّبْرَةُ : الغداةُ الباردة .

وفي الحديث : أن الكفارات التي بها تكفر الذنوب هي إسباغ الوضوء مع شدة البرد ، ونقل الأقدام إلى صلاة الجماعة والجمعة ، وانتضار الصلاة بعد الصلاة ، والأعمال التي ترفع الدرجات في الجنة هي إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل .

وفي الحديث :أن رسول الله قد رأى ربه في المنام لأنه في رواية آخرى قال أتاني الليلة ربي والله له صفة العلو وهي صفة ذات فقد رآي النبي ربه في الرؤية مناما.

هل يرى الناس جميعا ربهم أم يراه الموحدون المؤمنون فقط؟

المؤمنون فقط هم الذين يرون ربهم في عرصات القيامة وفي الجنة ، أما الكافرين فلا يرونربهم لقوله تعالى(كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)المطففين15.

أين يرى الله ؟

الله يرى بالأبصارفي موضعين:

1- في عرصات القيامة:

والدليل على رؤية الله في عرصات القيامة الحديث الأتي:

فعن أبي سعيد الخدري قال ( قلنا : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : ( هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا ) . قلنا : لا ، قال : ( فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما ................ فيقال لهم : ما يحبسكم وقد ذهب الناس ؟ فيقولون : فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم ، وإنا سمعنا مناديا ينادي : ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون ، وإنما ننتظر ربنا ، قال : فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : أنت ربنا ...... ) صحيح البخاري.

والحديث سبق ذكره بتمامه فليراجع.

2- في الجنة:

فالله سبحانه وتعالى يرى في الجنة في أيام الجُمَع ، فعن أنس بن مالك أن رسول الله صصصقال (آتاني جبريل عليه السلام وفي يده مرآة بيضاء ، فيها نكتة سوداء ؛ فقلت : ما هذه يا جبريل ؟ قال : هذه الجمعة يعرضها عليك ربك لتكون لك عيدا ولقومك من بعدك ، تكون أنت الأول ، وتكون اليهود والنصارى من بعدك قال : ما لنا فيها ؟ قال فيها خير لكم ، فيها ساعة من دعا ربه فيها بخير هو له قسم إلا أعطاه إياه ، أو ليس له بقسم إلا ادخر له ما هو أعظم منه ، أو تعوذ فيها من شر هو عليه مكتوب ؛ إلا أعاذه ، أو ليس عليه مكتوب ؛ إلا أعاذه من أعظم منه قلت : ما هذه النكتة السوداء فيها ؟ قال : هذه الساعة تقوم يوم الجمعة ، وهو سيد الأيام عندنا ونحن ندعوه في الآخرة يوم المزيد قال : قلت : لم تدعونه يوم المزيد ؟ قال : إن ربك عز وجل اتخذ في الجنة واديا أفيح من مسك أبيض فإذا كان يوم الجمعة نزل تبارك وتعالى من عليين على كرسيه ، ثم حف الكرسي بمنابر من نور ، وجاء النبيون حتى يجلسوا عليه ، ثم حف المنابر بكراسي من ذهب ، ثم جاء الصديقون والشهداء ، حتى يجلسوا عليها ، ثم يجيء أهل الجنة حتى يجلسوا على الكثيب ، فيتجلى لهم ربهم تبارك وتعالى حتى ينظر إلى وجهه ، وهو يقول : أنا الذي صدقتكم وعدي ، وأتممت عليكم نعمتي ، هذا محل كرامتي ، فسلوني ؛ فيسألونه الرضا ، فيقول عز وجل : رضائي أحلكم داري ، وأنالكم كرامتي ، فسلوني ؛ فيسألونه حتى تنتهي رغبتهم فيفتح لهم عند ذلك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر إلى مقدار منصرف الناس يوم الجمعة ، ثم يصعد الرب تبارك وتعالى على كرسيه ، فيصعد معه الشهداء والصديقون – أحسبه قال – ويرجع أهل الغرف إلى غرفهم دره بيضاء ، لا فصم فيها ولا وصم أو ياقوتة حمراء ، أو زبرجدة خضراء ، منها غرفها وأبوابها مطردة فيها أنهارها ، متدلية فيها ثمارها ، فيها أزواجها وخدمها ، فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى يوم الجمعة ليزدادوا فيه كرامة ، وليزدادوا فيه نظرا إلى وجهه تبارك وتعالى ، ولذلك دعي ( يوم المزيد)حسنه الألباني.

واديا أفيح:وادي واسع.

دره بيضاء ، لا فصم فيها ولا وصم:وهي اللؤلؤة العظيمة الكبيرة، التيلا شقوق فيها ولا عيوب.

ياقوتة حمراء:الياقوت حجر من الأحجار الكريمة وهو اكثر المعادن صلابة بعد الماس ولونه فى الغالب شفاف مشرب بحمرة أو زرقة أو صفرة.

زبرجدة خضراء:حجر كريم يشبه الزمرد أخضر اللون.

وفي الحديث فائدة هامة وعظيمة جداَ ألا وهي: أنا من دعى في يوم الجمعة في ساعة الإجابة أعطاه الله ما طلبه إذا كان مقسوما له أي مقدرا له مكتوبا في اللوح المحفوظ فقدر الله لا يتغير وإذا لم يكن مقسوما له أو مقدرا له ادخر له ما هو أعظم منه .

ودليل ذلك من الحديث (قال فيها خير لكم ، فيها ساعة من دعا ربه فيها بخير هو له قسم إلا أعطاه إياه ، أو ليس له بقسم إلا ادخر له ما هو أعظم منه ، أو تعوذ فيها من شر هو عليه مكتوب ؛ إلا أعاذه ، أو ليس عليه مكتوب ؛ إلا أعاذه من أعظم منه).

ما الفرق بين الرؤية والإدراك؟

الله يرى يوم القيامة ولكن لا يدرك قال تعالى لا تدركه الأبصار والمقصود بالإدراك الإحاطة بالخالق من جميع الأمور والنواحي وهذا يستحيل ولكن الله يرى ولا يدرك والإدراك زيادة على الرؤية.

أدلة أهل السنة على الرؤية منها مايلي:

1- قوله تعالى(وجوه يوميذ ناضرة إلى ربها ناظره)القيامة22- 23 .

2- وقوله تعالى(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)يونس 26.

والحسنى هي الجنة والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم.

3- عن جرير بن عبدالله قال :خرج علينا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ليلةَ البدرِ، فقال( إنكم سترون ربَّكم يومَ القيامةِ كما تروْن هذا ، لا تُضامون في رؤيتِه)صحيح البخاري.

لا تضامون في روئتة : لا تعجزون في روئيته.

4- عن أبي سيعد الخدري قال :يا رسولَ اللهِ ! هل نَرَي ربَّنا يومَ القيامةِ ؟ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم (نعم . قال: هل تُضارُّونَ في رُؤيَةِ الشمسِ بالظَّهِيرَةِ صَحْوًا ليس معها سَحَابٌ ؟ وهل تُضَارُّونَ في رُؤيَةِ القمرَ ليلةَ البَدرِ صَحْوًا ليس فيها سَحَابٌ ؟ قالوا : لا . يا رسولَ اللهِ ! قال: ما تُضَارُّونَ في رُؤيَةِ اللهِ تبارك وتعالى يومَ القيامةِ إلا كما تُضَارُّونَ في رُؤْيةِ أحدِهِما)صحيح البخاري.

صحوا :زال عنها السحاب، تضارون: هل يلحقكم الضرر.

5- عن صهيب بن سنان الرومي القرشي أن رسول الله قال(إذا دخل أهل الجنةِ الجنةَ ، قال يقولُ اللهُ تبارك وتعالى : تريدونَ شيئا أزيدكُم ؟ فيقولونَ : ألم تبيضْ وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنةَ وتنجنا من النار . قال فيكشِفُ الحجابَ . فما أُعطوا شيئا أحبَّ إليهِم من النظرِ إلى ربّهم عز وجلَّ . وفي روايةٍ : وزادَ : ثم تَلا هذهِ الآيةَ : { لِلّذِينَ أَحْسَنُواْ الحُسْنَى وَزِيَادَةٌ }) صحيح مسلم .

ومن علامات المحبة التطلع الى رؤية المحبوب فهل نحن نشتاق لرؤية الله كما يشتاق المحبوب الى رؤية محبوبه ؟
والإنسان لا يستطيع أن يتحمل رؤية الله في الدنيا لقصور فيه بعكس الآخرة فالله يعده للرؤية ، و لا نراه في الدنيا رحمة بنا فلو كشف حجابه لأحرقت سبحات وجه ما انتهى اليه بصره.


من كتاب السراج المنير في شرح العقيدة الإسلامية

حمل الكتاب مرفق بالأسفل


<div style="padding:6px"> الملفات المرفقة
: السراج المنير.pdf&rlm;
: 5.71 ميجابايت
: <font face="Tahoma"><b> pdf