الاجراءات التنظيمية التي يقصد من خلالها احترام مصالح الناس وتحقيق مصالحهم وتطلعاتهم من المسائل التي ينشدها الجميع في الكثير من مجتمعاتنا العربية التي لا تجد فكرة تحقيق المصالح الا لنخبة معينة ومحدودة بالمجتمع .. اما الآخرين من عامة الناس فيقترح عليهم التحلي بالصبر والتمسك بالدعاء الى ان تأتي معجزة من السماء لتنصف حقوقهم .. الا ان المعجزات قد انتهت الى غير رجعة !

في عقليتنا العربية العظيمة عادة لا يتم التعامل مع اي ممارسات تنظيمية الا بإجراءات ( إجتثاثية ) ! .. دون مراعاة او تقدير لظروف الاخرين وحاجاتهم والعوامل التي جعلتهم عرضة لنظريات الاجتثاث مثلما تابعنا مؤخرا القرار الذي صدر في مصر حيال منع ( 55 ) الف امام من اقامة الشعائر الدينية في الآلاف من المساجد حول الجمهورية المصرية بحجة انهم ليسوا ازهريين ( خريجي جامعة الأزهر ) ! .. وعندما تسائل البعض كيف لدولة مسلمة ان تقوم باغلاق هذا العدد الكبير من المساجد التي يذكر فيها اسم الله ! .. كان الدفاع بالقول : ان الرسول عليه الصلاة والسلام قام باغلاق مسجد ( ضرار ) بالمدينة وبالتالي فأن لدى السلطات المصرية الحالية المسوغ الشرعي لتبرير ما يقومون به ؟!

ومن وجهة نظر شخصية اعتقد ما يلي :

1 - ان هذه المساجد او المصليات تنتشر عادة في الاحياء الشعبية والقرى والتي تفتقد للكثير من الخدمات والاحتياجات الاساسية كالماء والكهرباء والصرف الصحي والنظافة والمدارس والعيادات الصحية وايضا دور العبادة ! .. هذه المناطق لمن زار مصر سوف يخرج يقينا بانها اماكن لا تليق للحياة الانسانية ! .. وبالرغم من ذلك كانت الظروف اقوى من البحث عن بديل اكثر ملائمة لحياة الانسان .. لذلك كان اجتهاد بعض الاهالي وبالتعاون مع الجمعيات الخيرية وتوصية بعض من سخر الله في قلوبهم بعض الرحمة حيال هؤلاء الناس من رجالات السلطة سببا في توفير بعض الاحتياجات الانسانية في حدودها الدنيا ومنها انشاء هذه المساجد او المصليات .. خاصة والحكومة المصرية السابقة لم يكن من ضمن ميزانياتها الانفاق على بناء دور للعبادة .. كما ان بعض رجال الاعمال المصريين ( المحافظين ) يتحرجون من بعض الاعمال ذات الطابع الديني ومنها بناء المساجد التي قد تجعلهم في إي وقت تحت طائلة المسائلة القانونية بتهم مختلفة ! .. وعندما كانت هذه المساجد او المصليات في حاجة الى ائمة لإقامة فروض الصلاة ورعاية دور العبادة وعدم قدرة الجمعيات الخيرية وحدها للتكفل برواتبهم بشكل شهري .. كان ان قام قبل سنوات طويلة احد العلماء المقربين من النظام السابق برفع توصية بصرف ( مكافئة شهرية ) لهؤلاء الائمة وهي مبالغ رمزية يقال انها تعادل ( 100 - 150 ) جنيه مصري بالشهر دون اي حقوق او امتيازات او معاش تقاعدي بعد انتهاء سنوات الخدمة ! .. ويقال ان الحكومة السابقة في مرحلة ما بعد ذلك كانت تفكر بالغاء هذه المكافئة ولكن ربما ظهرت بعض الظروف أنذاك التي جعلت الحكومة تؤجل النظر في هذه المسألة الى وقت آخر .. حتى اتت الحكومة الحالية وتقطع ارزاق ( 55 ) الف امام .. واذا ما افترضنا ان كل امام يعيل في المتوسط ( 5 ) اشخاص .. فأن الحكومة الحالية حرمت ما يعادل ( ربع ) مليون انسان من الفرصة المتوفرة لديه في حق الحياة !

2 - الاجراءات التنظيمية في العقلية العربية العظيمة يفترض ان تفكر بعقلية ( الأحتواء ) عوضا عن عقلية ( الإجتثاث ) التي لا ادري الى متى سنظل نعاني منها في موروثنا واخلاقياتنا العربية الجميلة ! .. وكنت اتمنى من الحكومة الحالية عوضا عن اغلاق دور العبادة والقاء الائمة وعوائلهم الى الشارع دون راع او معين يوفر لهم الحد الادنى من لقمة العيش ! .. ان تقوم بحصر هذه المساجد وهؤلاء الائمة ودراسة كل حالة على حدة .. فاذا كانت الحجة انهم ليسوا ( ازهريين ) فيتم الحاقهم بدورات تدريبية وتعليمية حتى يتمكنوا من تحقيق متطلبات النظام القائم وبالتالي حفظت للمساجد حرمتها من الاغلاق وحفظ لهؤلاء الائمة حقهم وعائلاتهم في الحياة وحفظ للمجتمع حقه في ممارسة عبادته في بيوت الله ،،،

3 - الحكومة الحالية بهكذا تصرفات ارتجالية .. تدعم الكثير من الشبهات حولها وموقفها حيال الدين .. كما انها تشجع السفهاء ممن في نفوسهم مرض على التطاول والتمادي الذي بلغ بالبعض ان يقوم بتشغيل الاغاني عبر سماعات المساجد التي تم اغلاقها دون ان نجد من يطالبهم باحترام مشاعر المسلمين ! .. كما انها ساهمت في اكتساب عداوات جديدة .. وهل مصر في حاجة الى مزيد من هكذا عداوات او استفزازات في داخلها تحديدا ؟!

4 - احترم المعايير التي تراها اي دولة وترغب في تطبيقها في تنظيم مصلحة او هيئة ما .. الا انني اتمنى ان نكون أكثر حرصا فيما يتعلق أو يعني الشأن الديني ! .. فلست أحبذ ان يتم تصنيف الدين وفق هيئات معينة ! .. فأما ان تكون من هذه الهيئة والا فأنت لست مؤهل من الناحية الشرعية ! .. لا احب ان اجد يوما صوت باليمن يتحدث ان الائمة المعتبرين نظاما ليسوا سوى خريجي جامعة الايمان .. وبالتالي فأن خريجي جامعة ام القرى في مكة المكرمة او الأزهر في مصر ليسوا مؤهلين او معترف بهم من الناحية الشرعية .. نحترم الحدود التي صنعناها فيما بيننا البين .. ولكن لا اتمنى ان نقسم ديننا الى اسلام يماني واخر مصري وثالث اندونيسي !

5 - الحجة التي استند اليها بعضهم في اغلاق المساجد المصرية وربطها بحادثة مسجد ضرار في عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام بالمدينة المنورة .. اتمنى ممن يتبناها ان يعود الى قراءة تلك الحادثة التاريخية لكي يعلم ان الرسول عليه الصلاة والسلام لم يهجر ذلك المسجد ويمنع الصلاة فيه الا بوحي من الله .. وليس منا الان من ينزل الوحي اليه حتى يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور ،،،


اتمنى ان يحفظ للدين والقائمين عليه حرمتهم .. فالتاريخ لن ينسى .. والاسلام لن يموت ،،،


ودمتـم في خيـر