لهذا الموضوع سبب هام يتعلق بالعنوان الذي اخترته أول مرة لقصيدتي المنشورة الآن بعنوان ( غاية وفائي ) ، وقد كان قبل ( آية وفائي ) ، ولم أنتبه حين وضعت العنوان لما يمكن أن يترتب عليه من التساؤل بشأن استعمال كلمة ( آية ) . . أليست خاصة بآي القرآن الكريم ؟ . . ، بل حسبت أن إطلاقها على آي الكتاب لا يمنع من استعمالها للدلالة على معناها العام في لغة العرب وهو ( العلامة ، والدلالة . . ) .
وبعد إضافة القصيدة - وكانت أولى مشاركاتي - نبهني أحد الأفاضل هنا بأن للكلمة خصوصية تقتضي عدم جواز استعمالها إلا للدلالة على نصوص القرآن الكريم .
فاعتبرت ما قال غيرة على حرمة الكتاب العزيز ، وامتثلت لما أرشدني إليه جزاه الله خيرا .
لكني مضيت أبحث طلبا لمزيد الفائدة فإن الله تعالى قد قال : " وقل رب زدني علما " .
فوجدت أن استعمال كلمة ( آية ) في العربية - كما قدمت - أعم ، فإن معناها ( العَلاَمَة ) كما في لسان العرب لابن منظور ، وأورد من الشواهد على ذلك قول الشاعر :
لَمْ يُبْقِ هَذَا الدَّهْرُ مِنْ آيَائِهِ
غَيْرَ أَثَافِيهِ وَأَرْمِدَائِهِ
بل هي في نفس استعمال القرآن الكريم أعم من أن يراد بها مجرد آية القرآن الكريم ، كما في قوله تعالى ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ) ، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في بيان معناها ( تفسير القرآن العظيم 7 / 187 ) :
" أي سنظهر لهم دلالاتنا وحججنا على كون القرآن حقا منـزلا من عند الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم بدلائل خارجية ( فِي الآفَاقِ ) من الفتوحات ، وظهور الإسلام على الأقاليم وسائر الأديان " .
ثم قال : " ويحتمل أن يكون المراد من ذلك ما الإنسان مركب منه وفيه وعليه من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة ؛ كما هو مبسوط في علم التشريح الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى .
وكذلك ما هو مجبول عليه من الأخلاق المتباينة ؛ من حسن وقبيح وبين ذلك ، وما هو متصرف فيه تحت الأقدار التي لا يقدر بحوله وقوته وحيله وحذره أن يجوزها ولا يتعداها " انتهى من تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير 7 / 187 .
وهذا في القرآن الكريم لا يحصى ، ولولا ضيق المقام لأوردت منه الكثير ، ومنه قوله تعالى من سورة البقرة ( وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم ) ؛ يعني : علامة ملكه ، فأطلق كلمة ( آية ) وأراد غير آيات القرآن .
هذا ما ظهر لي ، والله أعلم .
وإني ألتمس ممن اطلع على هذا الموضوع من الأحبة المشرفين والمراقبين وغيرهم أن لا يبخل علي بإفادته ، شكر الله لكم .