[ALIGN=JUSTIFY]بسم الله الرحمن الرحيم
النظام الدولي الجديد
تخيلت نفسي القلم الذي يحمله الشيخ أسامة وفكرت فيما سيقوله القلم لو أراد الحديث بلسان الشيخ حول المستقبل ؟ وكيف هي الصورة الجديدة التي يرسمها الشيخ للعالم ؟ فكتبت هذا المقال :
----------------
النظام الدولي الجديد.. بقلم أسامة بن لادن.
عندما ولدت كان العالم كله يحكم من قبل معسكرين كفريين الأول هوالاتحاد السوفيتي والثاني أمريكا.. وكان عالمنا الإسلامي قد خرج قبل خمسين عاما تقريبا مهزوما وتفتت على اثر انهيار الدولة العثمانية... وصنع البريطانيون وطنا بديلا لليهود في فلسطين حيث المسجد الأقصى أولى القبلتين.. كما صنع المنتصرون في الحرب العالمية الثانية كيانات ورقية سموها الدول العربية والإسلامية.. لم أكن بحاجة إلى مزيد بحث لاكتشف أن هناك مآسي كثيرة حدثت في بلاد الإسلام بعد احتلال الغرب لكل مراكز القوة في العالم الإسلامي وبعدما بنوا قواعدهم العسكرية ونشروها في كل مكان.. ووضعوا حكومات منافقة تخضع لهم ولنظامهم بدون أدنى شك في تبعيتهم.. وكانت تلك الدول والكيانات المصطنعة من أسباب فساد أحوال المسلمين وضعفهم وهوانهم.. فهي حكومات وضعت في الأصل للقضاء على أي محاولة تحرير لبلاد الإسلام من التسلط الغربي والشرقي عليه.. وعلى رؤس تلك الدول أعراب جفاة غلاظ هم أشد كفرا ونفاقا كما وصفهم الله همهم الأول مصالحهم الشخصية الخاصة أو وضعوا على رؤس تلك الدول لقطاء تم تعليمهم وتربيتهم وتثقيفهم في بلاد الغرب فعادوا ظاهرهم الرحمة وباطنهم فيه العذاب.
كان هذا حال العالم الإسلامي عندما ولدت فلما كبرت وأصبحت شابا شاهدت بعيني مدى الدمار والذل الذي أحاط بأمتنا الإسلامية جراء خضوعها لتلك القوى.. ولمست بنفسي مدى التشويه والمسخ الذي فعل فعله في نفسيات المسلمين حتى أخرج لنا أجسادا تتسمى بأسماء المسلمين وتحمل في أعطافها قلوب هي أشد كفرا من الكفار الأصليين، ورأيت نفوسا أذلت وخضعت وأركست في حمأة الهزيمة رغم أنها تقرأ صباح مساء اقرأ باسم ربك الأعلى لكنها في واقع الأمر تعتقد أن الكفر أعلى وأن الأمة الغربية أعز، ونسيت في مجمل ما نسيت أن العزة لله جميعا..
تساءلت في تلك الفترة هل يمكنني كمسلم أن أحدث تغييرا ؟ هل يمكنني كرقم واحد من بين مليار مسلم أن أصنع شيئا يغير أوضاع أمتي ويعيد مجدها الغابر ؟
القرآن يخبرني بأنني يمكن أن أصنع فرقا وأن أغير ما حوالي إذا تغيرت أنا لأن الله قال ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) وفي الوقت نفسه القرآن والسنة يأمراني بأوامر شرعية وينهياني عن أمور ويقولان لي إنني إذا التزمت بهذه الأوامر وحققتها في نفسي وفي من حولي فإن الله تكفل لي بالنجاح في التغيير وأخبرني أنني إذا كنت في حزب الله فإن حزب الله هم الغالبون. وأخبرني أن الباطل مهما علا وتجبر وتكبر فإن تمسكي بحبل الله سوف ينجيني منه وينصرني عليه.. ووجدت فيما وجدت من أوامر القرآن أن الله يخاطبني أنا كشخص مؤمن بخطاب هو موجه في الأصل للنبي صلى الله عليه وسلم ولكنه موجه لي أيضا بحكم كوني من أتباع النبي صلى الله عليه وسلم فقال الله لي ( فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين، عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا ) فوضح لي من هذه الاية أن التزامي بالقتال في سبيل الله ولو لوحدي فأنا لست مكلفا بالآخرين يعني كف بأس الذين كفروا عنا.. وهل نعاني في أمتنا مصيبة أشد من بأس الكفار وتسلطهم على بلادنا وحياتنا بحيث أن تسلطهم وبأسهم أفسد علينا كل شئوننا بدءا من ديننا وانتهاء بمصالحنا الاقتصادية !
ومع مزيد تأمل في القرآن وفي السنة لاحظت أن قضية الجهاد ومدافعة الكافرين أخذت حيزا كبيرا جدا في القرآن بحيث أنه تقريبا بلغ عدد الايات التي تتحدث في قضايا الجهاد وتوابعه وما يلحق به من أحكام ربما تصل إلى خمسمئة آية !! بل وجدت من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أن عددا كبيرا من الأحكام الشرعية حدثت أثناء الغزوات وأن حياة النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة كانت في معظمها قتال وجهاد مع الكفار !
ومع هذه الملاحظة وجدت عددا من الدعاة وأهل العلم يقلل من أهمية الجهاد ويقول إن الوقت ليس وقت جهاد والسبب أنهم رأوا قوة الباطل فحاولوا الغاء الجهاد من مناهجهم لأن اجتهادهم أدى بهم إلى تصور أن الأمور يمكن أن تتغير مع الباطل بصورة سلمية ! ؟
فتساءلت لماذا إذاً أصبحت قضية الجهاد والأوامر الشرعية به بهذا الحجم وبهذه الكثرة وعبر عنها بمختلف الصيغ اللغوية فمرة بالأمر الصريح المباشر بقتال الكفار كافة ومرة بمدح المقاتلين ومرة بالرضا عنهم ومرة بذم المتخلفين وبفضح المنافقين الذين يتهربون من الجهاد ومرة بنفي الموت عن الشهيد وبأساليب وصيغ ووعود إلهية بالجنة لمن قاتل في سبيل الله، حتى أن الصلاة التي هي الركن الثاني في الإسلام أصبح لها شكل وهيئة مخصوصة عندما يكون المؤمنون في المعركة، ثم وجدت أن أحد علماء أهل السنة الكبار وهو شيخ الإسلام ابن تيمية يحسم هذا الأمر عندما يوضح أن أهم أمور الدين أمران الصلاة والجهاد ولهذا كثرت فيهما النصوص الشرعية ووردت النصوص الشرعية التفصيلية لأحكامهما، بل إن تفاصيل الجهاد وأحكامه الشرعية وردت في القرآن بما لم يرد في الصلاة ! بل إن الله عز وجل أعطانا صفة صلاة القتال، بينما تكفلت السنة بتوضيح صفة الصلاة الشرعية المعتادة ! وفي صلاة القتال يأمرنا الله بأن نكون على حذر ويخبرنا أنه بسبب الصلاة ربما يظن الكفار أننا سنغفل عن أسلحتنا بسبب انشغالنا في الصلاة فيميلون علينا ميلة واحدة !!
خرجت من هذا بنتيجة نهائية وحاسمة أن الجهاد قضية كبرى في حياة المسلمين وأن الجهاد من الأهمية بحيث أن إهماله تحت أي اجتهاد يعني أن كل الجهود الدعوية والشرعية بدونه لن تكون ذات نتيجة كما يريد الله لنا وأن الجهاد هو مفتاح تغيير أحوال المسلمين بل وبالجهاد يمكننا دفع الفساد في الأرض كلها وليس في بلاد الإسلام فقط.
وهذه القضية من الوضوح عند علماء الإسلام إلى درجة أنهم أباحوا قتل المسلمين الذين يتترس بهم الكفار إذا لم يكن هناك سبيل للقضاء على الكفار غير قتلهم !
هذا كان اعتقادا فكريا لكنني لم أكن أتصور كيف ستكون الأمور وكيف سأبدأ الجهاد ؟ وكنت أعتقد أيضا أن هناك فرق كبير بين النظرية والتطبيق فإن كثيرا من الأمور يظهر لك ظاهرها متسق عقلا ومنطقا فإذا خضت فيها عمليا ظهرت لك حقيقة الأمر، وكما اعتقد بعض أهل العلم والدعوة أن جهاد الكفار مستحيل عقلا فقد قررت أن أخوض التجربة لأن أمر الله لي بقتال الكفر أمر ملزم والله الذي خلقني هو أعلم بي وبأحوالي من البشر الذي قد تصيب عقولهم وتخطئ بل إن الله أوضح لي بشكل حاسم أن القتال قد كتبه علي وهو يعلم أنه شيء مكروه للنفوس وقال لي بأنه عسى أن أكره القتال وهو خير لي وقال علماء التفسير إن عسى في القرآن للتحقيق وليست للتمني لأنها من الله الخالق، فإذا ما خضت جهادا فإنني على يقين أن هذا الطريق هو الذي ارتضاه لي الله عز وجل ونبيه ولذا فالنتيجة ستكون حتما تحقق وعد الله لي بالنصر على العدو أو الشهادة والجنة إذا ما سرت في الطريق بدون أن أقع في المحاذير التي حذرني الله ورسوله منها مثل التنازع والخلاف والفرقة وعدم الإخلاص وغيرها من معوقات الجهاد وشروط صحته كما وضحها الله عز وجل ونبيه صلى الله عليه وسلم.
فلما انقدحت شرارة الجهاد في أفغانستان بادرت مع من بادر من إخواني وحملنا السلاح دفاعا عن إخواننا الافغان في مواجهة الدولة العظمى الأولى وهي روسيا..
وهناك اكتشفنا عمليا ما كنا نفكر فيه نظريا وتيقنا أن إخواننا الذين استبعدوا الجهاد من مناهجهم في التغيير كانوا واقعين في وهم وتخويف من الشيطان ( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ) عندما كانوا يظنون أنهم لن يقدر على تغيير الأوضاع أو لن يستطيعوا ازالة العدوان الواقع على بلاد المسلمين.. واكتشفنا فيما اكتشفنا أننا كمسلمين لا يجب أن نستصغر أنفسنا أو نظن أن ليس بيدنا شيء أو أننا متخلفون والغرب متفوق علينا، بل تأكدنا أن الإيمان بالله يصنع المعجزات ويجعل أقوى قوى الأرض تتهاوى أمام عزة المؤمن وتمسكه بدين الله واكتشفنا أن الفرد المسلم يمكنه أن يغير وجه العالم كله إذا ما صبر واستيقن بوعد الله بالتمكين والنصر..
وبعد عشر سنوات تقريبا خرج الاتحاد السوفيتي ذليلا صاغرا وتفتت إلى دول متعددة وانهار المعسكر الشيوعي واحتسب ذلك انتصارا للغرب على امبراطورية الشر كما كان الامريكييون يسمونها، غير أننا وبتواضع شديد اعتبرنا أن ذلك النصر في حقيقته انتصار لنا نحن المجاهدين، وكان ذلك كفيلا بإحداث تغيير عميق وجذري لجيل جديد نشأ بين المسلمين وهو جيل المجاهدين، حيث تخلصنا بهدوء تام من كل الأمراض التي أصيب بها المسلمون في هذا العصر، وأولها مرض ( حب الدنيا وكراهية الموت ) فنحن عندما خضنا المعارك في أفغانستان شاهدنا الموت بأعيننا واعتدنا عليه حتى صار شيئا لا نأبه له ولا نهتم كثيرا بالتفكير فيه طالما أن نهاية المجاهد اذا قتل ستكون الشهادة والتي تعني أمانا من المساءلة وطريقا مباشرا للجنة.. ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون..
كانت هزيمة الاتحاد السوفيتي تجربة حقيقية للمجاهدين تمثلت في أنها فتحت لنا آفاقا واسعة للنظر والتفكير في أن هذه الامبراطوريات ماهي إلا نظم هشة يمكن مع التوكل على الله والاعتماد عليه والعمل بمقتضى الأوامر الالهية التي تحث على الجهاد، يمكن بسهولة اقتلاعها رغم ما قد يبدو للوهلة الأولى من استحالة.. بل مع شيء من الصبر والأناة وإعداد القوة المستطاعة سننجح حتما لأن الله وعدنا بذلك إذ أمرنا بأن نبذل القوة المستطاعة ولم يأمرنا ببذل مافوق الاستطاعة..
زوال الاتحاد السوفيتي أعطانا فرصة جيدة للتفكير بروية في أوضاع بلاد الإسلام وكيف نخلصها من الظلم والعدوان الذي يملؤها، وكانت تجربة الاتحاد السوفيتي مفتاحا لنا في إحداث التغيير في العالم الإسلامي.. وبينما كنا نفكر ونخطط بهدوء حصلت الحادثة التي عجلت بكثير من الأمور التي كنا نعمل من أجلها، فقررنا المسارعة لعلاج الخطب الفادح الذي ألم ببلاد الحرمين بسبب حضور الجيوش الأمريكية فعليا وتمركزها في بلاد الحرمين.. بعد غزو صدام للكويت..
وبينما كنا نفكر ونخطط بهدوء حدثت الجريمة التي اعتبرناها أكبر جريمة في تاريخ جزيرة العرب منذ أن بسط الرسول صلى الله عليه وسلم نفوذ الإسلام عليها كاملة، وتحقق على يد حكام زماننا أعظم خيانة في تاريخ الإسلام. لم تكن هذه الجريمة والخيانة مجرد هزيمة للمسلمين في أرضهم أو أمر يفرض عليهم، ولم تكن خطيئة يقترفها الحاكم الذي يشتري البقاءعلى العرش بأي ثمن، بل كانت تسليم جزيرة العرب على طبق من ذهب للقوات الأمريكية الغازية ثم مباركة ذلك بفتوى دينية إجماعية صارمة قاطعة أن هذه القوات جاءت للدفاع عن حياض الإسلام وأن الذي يضايقها يعتبر محاربا لله مفسدا في الارض يقتل أو يصلب أو تقطع يده ورجله من خلاف. ومنذ ذلك الحين وجهاز الدولة الديني والأمني والإعلامي والسياسي كله في خدمة أمن وسلامة هذه القوات. تأملت الأمر فرأيته فضيحة تأريخية لجيلنا الذي نعيشه أن تسلم بلاد الحرمين في كل تاريخها من الغزو وهيمنة الكفار ويكتب الله أن يكون جيلنا هو الذي يعايش هذه الخيانة المتفردة التي اشترك فيها الحكام والعلماء.
لم يكن غريبا والحال هذه أن نصاب بصدمة كبرى جراء هذا الحدث ولا غريبا أن نرفضه ونبحث عن أي طريقة لإنكاره. ولقد كنا على علم بطريقة تفكير هؤلاء الحكام والعلماء لكننا رأينا بداية أن نقيم عليهم الحجة كاملة فأرسلنا لهم نخاطبهم بأن تلك الفتوى باطلة وما يفعله الامريكييون ليس استعانة بقدر ماهو مخطط قديم لاحتلال بلاد الحرمين فلم يسمعوا كلامنا..
فتوكلنا على الله وخرجنا من بلاد الحرمين لنعمل على ازالة هذه المصيبة التي اقترفها الحكام في بلاد الحرمين ومكنوا عمليا للامريكيين بعدما كانوا متمكنين معنويا.. هذه المصيبة لم تحدث من قبل في تاريخ الإسلام كله فلم يحدث قط أن كان الصليبيون يحلمون بالتواجد في جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم، بل إنه في فترة من الفترات جعلت الدولة العثمانية البحر الأحمر كله حرما لمكة عندما حاول البرتغاليون الوصول لمكة في فترة من فترات التاريخ الماضي..
وبعد انتهاء حرب الخليج الثانية استقر الوضع للأمريكيين في المنطقة بما سمي فيما بعد بالنظام الدولي الجديد والذي أعلنه بوش الأب.. وكان ببساطة أن أمريكا هي سيدة العالم.
وهنا حصل بعض الانقسام الاجتهادي في مسألة الأولويات فقرر بعض إخواننا المجاهدين أن الوقت قد حان لنشر الفكر الجهادي والقيام بأعمال لازالة المنظومات التي وضعها الغرب قبل نصف قرن وحدثت مواجهات مع النظام المصري وأخرى مع النظام الجزائري.. وأثناء دراستنا لتلك الجهود لاحظنا أن مركز التخطيط العالمي لوأد أي مشروع جهادي وتحريري لبلاد الإسلام موجود في أمريكا، وأكد لنا ما كنا نعتقده سابقا من أن أمريكا هي مركز الشر الذي يحيق بالعالم الإسلامي وهي حبل النجاة لليهود في فلسطين، وهي شريان الحياة لكثير من الأنظمة العربية العميلة..
وقد أصبح العالم الإسلامي جزءا من النظام الدولي المستقر بنظامه القطري الذي تحكمه أمريكا، وهذا النظام يحمي بعضه بعضا، ويعتمد اعتمادا كبيرا على أمريكا، وأمريكا ضامنة لكل شيء في المنطقة وهي مثبته للتوازن الحالي بأجمعه..
فالنتيجة النهائية هي أنه لا يتوقع نجاح أي مشروع تحرير لبلاد الإسلام من الهيمنة الغربية طالما أن أمريكا موجودة وهي التي ترعى تلك المنظومة وهي شريان الحياة لها.
لكن أمريكا نظام مختلف عن النظام الشيوعي الذي أسقطناه بالجهاد ولذا كان لابد من دراسة أمريكا أولا وفهمها قبل خوض أي حرب ضدها.
وتقرر لدينا بناء على ذلك أننا لو أردنا محاربة أمريكا بالطريقة التقليدية بصفتنا دولة فلن نستطيع لأن أمريكا سوف تسحق أي دولة ناشئة في العالم الإسلامي.. ولذا صرفنا النظر عن أي مشروع جهادي داخل العالم الإسلامي وتيقنا بأن أي محاولة لإنشاء أي دولة في العالم الإسلامي ستعني بشكل مباشر القضاء عليها من قبل نفس المنظومة التي تحكمها أمريكا أي من الدول المحيطة بها.. وتجربة السودان مثال جيد في هذا رغم ما اعتراها من خلل.. إلا أن أمريكا لم تكن لتسمح بأي شكل ولو رمزي لوجود اسلامي في أي بلد في الشرق الأوسط حيث منطقة نفوذها الحقيقي.
فتوصلنا إلى خلاصة هي أن معضلة العالم الإسلامي مكونة من شقين..
1- أنه لايمكن تغيير الأوضاع في العالم الإسلامي إلا باستبعاد دور أمريكا
2- أنه لايمكن هزيمة أمريكا بجيش أو بمواجهة عسكرية تقليدية.
هذه المعضلة حقيقية واقتضت منا دراسة وافية ومناقشات طويلة مع المجاهدين لنتوصل إلى حل عملي وفعال يساهم في حلها..
توصلنا إلى أننا لنغير الأنظمة الحالية في العالم الإسلامي فلابد من إزالة النفوذ الأمريكي، وإزالة النفوذ الأمريكي تعني أننا يجب أن نحارب أمريكا بطريقة جديدة وغير تقليدية، فتقرر أن نبدأ ضد أمريكا بحرب تعرف عند العسكريين بالحرب ( غير المتوازية )..
ولم نجد صعوبة في تحديد مفتاح الصراع مع أمريكا بحيث يكون مفتاحا يستطيع أي مسلم فهمه وتقبله وكان المفتاح هو حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ).
اعتبرنا أن العالم كله ميدان لهذه الحرب.. وتقرر أن نبدأ تجربة المواجهة الأولى في الصومال.. ونجحنا في قتل ما يزيد عن مئتي جندي أمريكي ودمرنا طائرتي هيلوكبتر أمريكية هناك.
كانت عملية ناجحة.. وأعطتنا تصورا لتصرف الجندي الأمريكي وملامح العقيدة العسكرية الأمريكية.. طورنا من أساليب عملنا ووجهنا بعض الضربات الخاطفة للأمريكان في عدد من الأماكن في العالم..
وبعد كل عملية كنا ندرس طبيعة رد الفعل الأمريكي وندرس بعناية كيف يفكر الأمريكان..
كنا واثقون من نصر الله لنا لأن الله وعد من ينصره بالنصر، ولذا لم نكن نخشى أمريكا بقدر ما كنا نهتم جدا في إيجاد الوسائل والسبل الأكثر نكاية وإيذاءا لهم.. ولذا خططنا لتطوير عملنا في كل مرة والاستفادة من الدروس السابقة ووصلنا إلى نتيجة وهي أننا بعد دراستنا المتأنية لطريقة التفكير الأمريكية والعقلية التي تعمل بها، قررنا أن نوظف قدراتهم الهائلة بحيث تعمل لصالحنا، وكنا نعتقد أن الجهاد ليس شجاعة فقط بل الحرب خدعة وأبرز صفات المجاهد أنه يجيد استخدام الوسائل التي بيديه بواقعية حتى يحقق الهدف الأول وهو إعلاء كلمة الله في الأرض وهذا ما تعلمناه من النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق، والحرب لا تعني كثرة استخدام الأسلحة أو عدد القتلى من الأعداء بقدر ما تعني تحقيق الأهداف الاستراتيجية الكبرى وأولها إخراج الأمريكيين من جزيرة العرب ورفع يدهم من التحكم في مصير العالم الإسلامي..
حرصنا من ضمن استراتيجيتنا المتمثلة في استخدام أمريكا نفسها لخدمة المشروع الجهادي على أن نقوم ببعض الأعمال التي تستفز الأمريكيين وتجعل إعلامهم يقوم بنفسه بنشر وترويج فكرنا الجهادي على المستوى العالمي ولذا قمنا ببعض العمليات ودفعنا كلينتون إلى إعلان أننا العدو الأول للأمة الأمريكية..
وكما حرصنا على استخدام أدوات أمريكا نفسها في الصراع فقد عملنا على تحييد وسائل قوة أمريكا ضدنا ولذا حرصنا على أن تكون المواجهة غير تقليدية كما ذكرنا سابقا..
بعد بعض النجاحات أنشأنا ( الجبهة الإسلامية العالمية لجهاد اليهود والصليبيين ).. وبدأنا نعمل على جعل مشروع جهاد أمريكا مشروعا عاما للأمة.. سخر منا المسلمون قبل الكفار بعد إنشاء هذه الجبهة وقالوا مستحيل أن تستطيعوا هزيمة الأمريكان !، والسبب هو أن الدعاة والمصلحين الذين لم يخوضوا جهادا في حياتهم مازالوا يعيشون تحت نمط التفكير المهزوم الذي يعيش تحت ضغطه أغلب المسلمين للأسف الشديد أما المجاهدون فقد تخلصوا تماما من هذه الهزيمة وأصبحت مسألة هزيمة أمريكا مسألة عادية جدا يمكن تحقيقها بالتوكل على الله مع بذل المستطاع من القوة..
فجاءت عمليات نيروبي ودار السلام لتشعل المواجهة بيننا وبين الأمريكيين وقامت أمريكا ببعض العمليات الاستعراضية، وقام الإعلام الأمريكي بالدور المطلوب الذي خططنا له بحمد الله وفضله حيث أعلن كلينتون أن المجاهدين هم العدو الأول لأمريكا وأن أسامة بن لادن قد نال من الأمة الأمريكية..
هذا في الواقع ماكانوا يريدونه هم حسب دراساتهم فالأمريكان كانوا يبحثون منذ زمن عن عدو يعطيهم مبررا للحياة، وكما قال أحد مفكريهم مافائدة أمريكا إذا لم يكن هناك اتحاد سوفيتي نعاديه، فقد قدمنا للأمريكان مايريدون وأصبحنا نحن العدو الذي يريدون لكن من المحزن بالنسبة لهم أننا لم نكن العدو التقليدي الذي كانوا يتوقعون ولذا نجحنا بفضل الله في تحويل حياتهم إلى مايشبه الجحيم واستطعنا فتح أبواب جهنم عليهم وقلنا لهم إنكم ستنسون مآسي فييتنام عندما يحاربكم شباب الإسلام من بلاد الحرمين وغيرها..
بعد أن نجحنا في تجاوز المرحلة الأولى وهي مرحلة الاعلان.. أي أن تقوم أمريكا نفسها ومن خلال إعلامها بتقديمنا للعالم على أننا العدو الأول لها..
دخلنا في المرحلة الثانية.. وهي مرحلة المواجهة.. وهنا خططنا لعدد كبير من العمليات داخل أمريكا نفسها وتقرر أن تكون عمليات نوعية وغير متوقعة أبدا، مع تطعيم الحرب ببعض العمليات هنا وهناك .
وكان هدفنا الأول من هذه المرحلة هي أن نقوم بإشعال خطوط التماس بين العالم الإسلامي وبين العالم الغربي بقيادة أمريكا، ونحن ندرك جيدا أن العالم الإسلامي مليء بالطاقات الإبداعية، وندرك أيضا أن العالم الإسلامي المحتل إذا كشفنا له حقيقة الصراع فإنه سيثور وسينتقم من المحتلين وسيكون انتقامه رهيبا، ولذا كانت خطتنا أن نضرب أمريكا في عقر دارها بعمليات متفوقة ومباغتة وكنا ندرك جيدا أن أمريكا لكي تستعيد كرامتها التي داسها المجاهدون سوف تشن حربا شاملة ستحاول في البداية أن تغلفها بأي غلاف لكننا متأكدون تماما أن الغرب عالم صليبي حاقد ستنكشف صليبيته فورا وسيتكشف للعالم الإسلامي حقيقة الغرب الأمريكي وحقيقة حضارته الزائفة القائمة على الظلم والعدوان والتسلط..
وقصدنا أيضا تحقيق هدف آخر لا يقل أهمية وهو أن نكشف للشعوب الإسلامية حقيقة حكوماتها وأنها والغة في العمالة والانحطاط وأنها أصلا مكرسة لخدمة الغرب وليس لخدمة شعوب الإسلام.. [/ALIGN]