هذا الفضاء شحيح بطيفها والليل يبخل بنسمات الذكرى .. مطفئة تلك العين التي تَرْقُـبُ نجمة تشبهها فهي تُـشِـع من الداخل ..
يلتقيان في الحلم بعيداً عن كل شئ لا قيود تمنعُ الإرضاء ولا أقنعة تخجل من وجهٍ تستره .. إشتاقا للمراسلة فأظهَـَرا وجعاً يطرقُ أبواب النهار ويتسلل عبر نوافذ الليل ..
( ســيــــدة اللـــــيل )
أتمنى أن يَصِـُلكَ صوتي ..
فالأيام تقتل نشوة مخبئة كزاد يَـسُـد رغبتي إلى لقاء والساعات تجفف دمعة أَمِـلتُ أن ترطب وجنتي حين أتعطش ليأسي وطيف أُمنياتي المنتظرة وقد إنحنت لتلامس حلم وهبتني أوله وتركتني أتخير تفاصيلا تليق به ..
يا سيدي .. أنا وحدي في ليل يقتطع شهقاتي ويستمد ظلمته من جفن سكوتي
أنا نفسي لا أدري إن كنت أحبك وأنتظرك أم اعْـتَدتُ وحدة تلتف حولي وتقرض الصبر على دفعات هي كل يومي ..
بالامس هاجمتني تلك الامكنة في ذاكرتي .. خِـفْتُ أن يصرفني بكائي وأغص بهمي فتبسمت كيف رسمت لي العشق على كل شئ وأشرت علي أن أنظر المدى .. كم تصورتك ثاقبا وأشفقت على كوني دامعة وجِـلة أتحين الصمت لأنهي حديثنا .. لو عدت الآن لبقيت هناك في حضن وعودك وانت تفسر خوفي ..
كنت أغضب لترضيني وحين أصـر على وداعك لتأخري تمسك بيدي فأضيع تاركة حساب الوقت .. ها أنا أغضب الآن .. فأصوات الأرض كلها تشمت بي .. ها أنا غاضبة فامدد يدك واكتب لي قبل أن يشيخ حلمي من الخضوع لليل أراه يهملني في ركن منه أفترش سكونه وقد مللت الترحيب بصباح يأتي كل يوم ليذكرني باستمرار الحياة .
( رجــل لهــذا الــنهـار )
أتعلمين ..
كوني شاكرة فبالكاد أسمع صداك ..
أنت لا تذكريني إلا ليلاً وكأن السكون رداء يخبئ فورتي ودنو الفجر يفضح إستعجالي .. أين رسائلك من نهار أثقل بالانتظار ..
لم يُغرني حرمان الليل من نُعَاسنا فالسهر عادة ألِـفـْـتُها منذ كانت عينيكِ فلا ينسيكِ الصخب المتأخر وقوفي وأنتِ تعقدين الليل كخصلةفي شعرك وتهمسين لا تلعن الإنتظار هذا النهار هو كل ما تبقى لك ..
تلك الشمس تراقبني .. تُرسل أشعتها كبداية لأرق يفقدني الطريق تُمعن في خطواتي المتعبة وترسم أرصفة سرابية لا أثق براحة حوافها .. حارقة هي يمدها الوقت بالبخل فتبرد لتطفئ لهفتي قبل وصولي لأرتمي في حضن ليل أنتِ سيدته ..
ذلك الضوء يقتلني .. يريني انكساراتي ويوسوس لي بهزيمة قلبي .. أهرب منه فيلاحقني بظلٍ تعود على مقاسمتي الشقاء ..
أتعلمين .. وإن أختلفت الفصول سيظل النهار طويلا ..
يحاصرني بأعين تستيقظ متلهفة لاستراق سر تُحَرك به الألسنة لأنه يقتلني بضجيجه وحركته يغري الجميع بالدوران ويتشح الاستمرار يتركني أهاجمه بسيوف بارقة من عينيك بجيوش تصطف كأسنانك وتظل غمزاتك وضحكاتك تقوداني إلى النصر ..
يدعني ألملم طيفك حين تسنح إستراحة ..أشاغبك في ذاكرتي وأسترد مواقفا أخاف أن أسردها فأبكيك ..
يتركني لهمتي ويصفعني في آخره بتعليق رجل ساخر لأعود إليك أجر خيبة خفية لن تلحظيها ما دام النهار طويلا .
( مـن أجـلها فـقـط )
حين يكون الوجع خياراً نغـذيه ألماً ليتشرب الصدق ويرتسم في مخيلتنا كمعاناة أوجدناها لنحبها ونتباهى بتفاصيلها .. نتركها معلقة على أبواب القلب في انتظار من يوقظ النبض .. وحين يستحيل لقدر محتوم لن نعيش قبل إختياره ننعَـتهُ بالحل ونـقـذفه بآهة نعلم أنها لن تصِلَه ..
هي وحدها تستحق من يهديها الوجع في أي وقت وعلى أي حال ينتصب على طاولتها ويريها صفوة فنجانه لتقرأ ما بقيَ لها من ألم سيُرمَى تحت قدميها مع بداية كل سنة تتوج فيها كسيدة لهذا القلب .