حينما ترى حقيقة كالشمس في رابعة النهار مشرقة يغطي الكون إشراقها ، ومشعة ينهمر على الفضاء إشعاعها ، تتعلق بها شمعة صغيرة ضئيلة ، ثم فجأة يتسلل داء المجاملة إلى وجه تلك الحقيقة الجميل المشرق، فيجري عليه وينتشر في أجزائه ونواحيه ، حتى يجتث بهاءه ، ويقبّح جماله، ويلغي حسنه ، ويواري إشراقه ، ثم ينتزع هذا الداء روح الحقيقة من جسدها لتموت وتجمد ، وتهمد وتخمد ، وتصبح لا أثراً ولا عينا ، قد انتبذت مكانا قصيا ، وأصبحت نسيا منسيا ، ثم إذا بالشمعة تنتفض وتنهض ، وتشرق إشراقة هوجاء ، ترى سقمها جليّا ، وعورها بينا ، قد حلّت محل شمسنا المرحومة ، لتستقر مكانها ، وتستحل شأنها ، ثم تنظر فوق تلك الشمعة فترى هذا البيت العربي الذي يراه كل من مرّ بها ، وهي لاتراه :
ألقاب مملكة في غير موضعها *** كالهر يحكي انتفاخأً صولة الأسد
فلاحيّى الله المجاملة الظالمة ، ولا حيّى الله المصانعة الكاذبة
بدر العضياني