القصة بعنوان
عندما تتعرف على حقيقة الرجال
الكثير منّا تتقاذفه ضربات القدر ،،، فيلقى العناء ،،، وتنقش في نفسة ويلات الشقاء فيعيش في كنف البؤس ،،،
وضبابية النفس ،،، إمّا أن يستسلم لموجات النفس الساقطة فيعيش كخفاش في كهوف الظلام وإمّا أن يولّد في نفسه
عزيمة وإصرارا لينحر المستحيل فيخوض عباب الشقاء غير آبهٍ بلطلمات الالم والحزن وإن تركت أثرا لا يمحوه الزمن
( وقسما كثيرا اذا ما كتبت حرفا يصف نفسي او تذكرت موقفا فاضت عيني بالدمع ) .
بداية القصة
كنت في الواحد والعشرين من العمر وفي السنة الاولى
من الدراسة الجامعية . كنت اعمل وادرس نظرا للحاجة والفاقة وهما السبب في تأخري لمدة سنتين عن دخول الجامعة . كان احد المدرسين في الجامعة ويحمل لقب برفسور في الخامسة والستين من العمر كان من سياسة هذا البرفسور يكون اول امتحان في مادته سهلا جدا كما اخبرنا طلاب سابقين لنا ومن خلاله شرحه تتوقع الاسئلة .
أمّا الامتحانات التي تليها فهي في غاية الصعوبة .
كان له هيبة ، ذكي متوقد الذهن وحاضرة ،
قام بالتدريس في خمس جامعات اوروبية وامريكية عريقة ,
فيه طبع المزاجية احيانا لا تعرف كيف تتعامل معه مما حذا بكثير من الطلبة الى كرهه ،اذا ما دخل قاعة التدريس لا يمكن لاحد الدخول بعده ولو تأخر خطوة ، لم اره مبتسما ، واذا ما كلمته يسمعك وهو يعبث بشئ ما ، فتعتقد انه لا يكترث لما تقول ومؤكدأنك ستنزعج من هذا الامر .
بداية القصة ....،
في يوم من الايام كنت ملزما بتسليم عمل في احد البيوت التي تحت الانشاء وهو في مجال التمديدات الكهربائية والصحيّة وخطوط المياه، وكان في ذاك اليوم عندي اول امتحان بمادة يدرسها البرفسور هذا . ومن عادتي الى يومنا هذا ان اركض في الصباح لا يقل عن ثلاث كيلو مترا .كان البيت خارج المدينة في مزرعة . صليت الفجر وتوجهت الى العمل . ومن باب توفير اجرة العامل كنت لا اخذ عاملا معي كان الامتحان في الساعة الثانية عشرة . وكنت قد اتفقت مع صديق لي ان يأتيني الساعة العاشرة بسيارتة والتي استطيع ان اقول عنها اطلال سيارة وهي بكب اب موديل 78 وذلك من اجل ان اغتسل وأبدل ملابسي واتوجه لاداء الامتحان . اصبحت الساعة الحادية عشرة لم ياتِ زميلي وكنت لتوي انهي عملي وقلت ليس امامي الا الذهاب الى الجامعة بملابس العمل ادركت انه حدث معه شيئ . المكان ليس به سيارات اجرة خالي حتى من الناس .
بوابة الجامعة في الجهة الغربية مني وتبعد حوالي سبع او ثمانية كيلوات . اما الاسلاك الشائكة التي تحيط بالجامعة فتبعد عني مسافة اربع كيلو مترات . فليس امامي الا ان اركض متوجها الى اشياك الجامعة لان الامتحان هذا فرصة بالنسبة لي سهلا وحفظت المادة حفظا .
. وبدات بالركض المنطقة صحراوية والارض زراعية فبها المنحدرات والمرتفعات والطيّات وانا معتاد الركض على شارع سهل .وصلت الاسلاك الشائكة وانا منهك . كانت عالية
تصل الى الثلاث مترات تقريبا. الوقت يمضي ليت الساعة تتوقف . مرت تقريبا ربع ساعة وانا الف مكاني حائرا فتبدى لي تراكتور زراعي رفعت يدي مؤشرا له بأن يأتيني ، فجاء الرجل . شرحت له الموقف وانني اريد مساعدتة بأن يقرّب التراكتور الى الاسلاك الشائكة لاصعد عليها ومن ثم الدخول للجامعة وبالفعل تم ذلك بعد ان ابرزت له البطاقة الجامعية . واستمريت بالركض الى ان وصلت قاعة الامتحان وقد نفد الوقت كان الفرفسور يمشي امامي متو جها الى قاعة الامتحان ركضت مارا من جانبة الى ان دخلت قبله . كنت بملابس العمل وما ادراك ما ملابس العمل . ومن شدة التعب وقفت بهيئة الركوع لانها سبحان الله تريح الجسم افضل من الاستلقاء على الظهر .
كنت البس كاب على رأسي ( طاقية ) دخل اندهش الرجل وسأل من انت ؟؟ وماذا تريد ؟؟ لم استطع الاجابة من شدة التعب لمدة دقيقتين تقريبا ولكن الطلبه اجابوه واخبروه بانني المؤمن وطالب في كلية الهندسة . سألني
واذكر سؤاله بهذه الصيغة (( ايش هالحالة هذه ؟ وليش جيت الجامعة بهذه الحالة ؟)) فقلت له
فقلت له يا استاذي انني جئتك من العمل،،، يا ستاذي انني اعمل فني كهرباء وفني تمديدات صحية لانفق على والدتي واخي ونفسي ،،، , يا استاذي انني توجهت الى عملي بعد صلاة الفجر وانهيته الساعة الحادية عشرة .
يا استاذي انني جئتك من هناك ركضا واحمد ربي انني املك تلك اللياقة التي اسعفتني في الوصول لاداء الامتحان
يا استاذي انني حصلت على معدل عال ولم استطع ان ادخل الجامعة وانا في الثامنة عشرة نظرا لفقري ، فعندما استطعت دخول الجامعة دخلتها وانا في السنة الاولى وفي الواحد والعشرين من العمر , يا استاذي رحم الله والدي
توفي وانا في الرابعة والنصف من العمر , يا استاذي انني لم اعش طفولة , انت لا تعلم انني خرجت الى العمل وانا في الرابعة عشرة من العمر , كنت انهي دوامي في المدرسة واذهب من المدرسة الى العمل واستمر الى وقت الغروب واعود الى البيت لانجز واجباتي المدرسية ، هذه هي حالتي يا استاذ وبإختصار .
(( خاطبته بهذا لانني كنت اعتقد ان الرجل قاسي القلب )) ما كان منه الا ان خرج خارج القاعة تبعته كنت اعتقد انه قد غضب لانه به مزاجية كما اسلفت . لاجد الرجل يبكي وقد اخرج من جيبه منديلا يمسح به دموعة كانت مفاجأة لي .
. فعرفت الرجل على حقيقته وان به خير عظيم وضعت يدي على كتفه وقلت له لا عليك يا والدي فقد كسبت احترامي الى الابد .قال لي لعلي جرحتك باسلوبي في الاسئلة قلت له ابدا وحتى لو حصل ذلك وما جرحك مع جرح الحياة . فدخل الى القاعة ليجد الكثير من الطلبة والطالبات وقد إنهمرت دموعهم , وقال وانا اعلم انه يود ان يرفع معنوياتي ويمسح كل شائبة في نفسي عليه , فقال كلي فخر ان ادرس مثل هذا الطالب . ثم قال راجعني في مكتبي,
وبالفعل ذهبت له في اليوم التالي وكانت له كلمة عند ادارة الجامعة لا يمكن ان تكون اثنتان نعم ذهبت اليه وقد استخرج لي بعثتا (( يعني اعفيت من الرسوم الجامعية وكذلك مرتبا شهريا ))
فقلت سبحان الله لا تعرف الرجال الا في المواقف .
سلامي لكم