التفوق الرياضي والوصول الى المستويات المتميزة عالميا يحتاج الى البحث عن كل ما هو مبتكر من وسائل علمية، وذلك بتجنيد العلماء في جميع الاختصاصات للمزاوجة بين العلوم واستخدامها لتحقيق السبق في المجال الرياضي. ان التفوق في المجال الرياضي لا يمكن ان يتم الا بالعمل المتكامل ما بين العقل والجسم،
لهذا ازداد الاهتمام بالاعداد العقلي للرياضيين نظرا لاهميته في الارتقاء بسرعة تعلم المهارات، فمهما كانت لياقة اللاعب كاملة وبنيته الجسدية ذات بناء جيد فلابد من وجود موجه وقائد لهذه الامكانات الجسمانية واللياقة البدنية، والذي يقوم بهذا الدور هو العقل الذي يستخدمها بالاتجاه السليم لتحقيق الانجاز المطلوب الذي يتوقف على مدى الافادة اللاعبين من قدراتهم العقلية على نحو لا يقل اهمية عن قدراتهم البدنية، لكونها تساعدهم على تعبئة قدراتهم وطاقاتهم لتحقيق افضل اداء رياضي.
وتعتبر القدرة على التصور العقلي في المجال الرياضي من المتغيرات المهمة التي تعكس تأثير التدريب العقلي على الاداء، حيث يستخدم التصور العقلي لغرض تجسيد الاداء عن طريق مراجعة المهارة عقليا ويتضمن ذلك التخلص من الاخطاء بتصور الاسلوب الصحيح للاداء الفني ولهذا نجد ان اغلب الذين لديهم فكرة واضحة عن الجوانب الرئيسة لتنفيذ المهارة يستطيعون بواسطة التصور العقلي مقارنة استجاباتهم بالاداء الامثل ومن ثم تصحيح الاستجابات غير الصحيحة.
ان للتصور العقلي اهمية في مساعدة الرياضي على اداء الاستجابات الصحيحة من خلال استحضار الصورة العقلية للمهارات المتوقع ممارستها ومنع تشتت فكره وبذلك سيركز بصورة افضل على ادائها، هذا بالاضافة الى زيادة الثقة بالنفس والدافعية في بناء انماط جديدة تحقق الاهداف المطلوبة.
ان استخدام التصور العقلي في ممارسة النشاطات الرياضية سوف يساعد اللاعب على الاداء الصحيح نتيجة تصور نقاط الضعف والقوة وبالتالي تطوير طريقة اللعب واكتساب المهارات الحركية وتركيز الانتباه عليها من خلال الاحساس بالاداء الامثل.
وبالرغم من ظهور تعريفات مختلفة وعديدة لعلماء ومختصين للتصور العقلي الا ان معظمهم يركزون على انه مرتبط فسلجيا بالحواس الموجودة في الدماغ، فنجد Nidffer عن العربي 1996 قد عرفه” باعادة تكوين واسترجاع الخبرة في الدماغ “.
اما (وجيه محجوب 2000) فيقول” هو الصورة التي يتخذها المتعلم عن طريق النظر والشرح والتوضيح للحركة وتنطبع بالدماغ لتكون اساساً لتأدية الحركة “ اما Richardson عن العربي ايضا فيؤكد على ان جميع انواع الخبرات شبه الحسية التي نشعر بها في العقل الواعي في حالة المثيرات الشرطية تستدعي ظهور نظائر حسية وادراكية حقيقية مرتبطة بطبيعة التصور العقلي بدون الحاجة الى مثيرات معلومة سابقا ويجب ان لا يتوقف التصور العقلي على الاداء فقط وانما على نتيجته، فلهذا وجب على اللاعب استحضار التفاصيل عن الاداء المهاري والتركيز على معرفة نواحي القصور ومحاولة تصحيحها وذلك بالاحساس والشعور باخطاء الاداء وتصور الاداء الصحيح واعادة تكراره لحين القيام بالاداء الفعلي للمهارة والتركيز على خبرات النجاح لكونه يقوي العلاقة بين المثير والاستجابة وبهذا يتم الارتقاء بمستوى الاداء وسرعته التي يجب ان تكون بنفس سرعة التصور الفعلية.
ان التدريب على التصور العقلي يجب ان يكون مصدرا للاستمتاع والنجاح لهذا يفضل اداء بعض تمارين الاسترخاء للتخلص من التوتر ومساعدة الجهاز العصبي للقيام بدوره بكفاءة افضل من خلال الممارسة والتكرار بصور منتظمة بحيث يستطيع اللاعب ممارسة التصور في اي مكان او زمان والاحتفاظ بالهدوء وعدم تشتيت انتباهه ومن اجل ان يحقق التصور العقلي الفائدة المطلوبة وجب على اللاعب استخدام اكبر عدد من الحواس والتعرف على الحاسة الاكثر ارتباطا بالاداء ومن المفيد تحليل الاداء الى مراحل واهداف نوعية واستحضار الصور الفعلية التي تجيب عن التساؤلات التي تدور في ذهنه (موقعه، حركته، القوة المطلوبة للاداء، منافسه وغيرها).
وتتم عملية التصور العقلي من خلال:
1. التصور العقلي الخارجي: وتعتمد على استحضار الصورة الذهنية لاداء لاعب متميز او بطل وبالتالي يتم استرجاع جميع الجوانب المرتبطة بالاداء لايجاد العلاقات وتوظيفها في طريقة الاداء المناسبة وتقوم حاسة البصر بالدور الاساس عند استخدام التصور العقلي الخارجي.
2. التصور العقلي الداخلي: هو استحضار صور ذهنية لاداء مهارات او احداث معينة سبق اكتسابها او مشاهدتها او تعلمها نابعة من داخل اللاعب وليس لمشاهدته لاشياء خارجية بل انتقاءه ما يريد عن تنفيذ المهارة لهذا نلاحظ بان الاحساس الحركي يسهم بفاعلية اكثر من الحواس الاخرى.
وهناك ارتباط بين نوع التصور العقلي ودرجة تعلم المهارة فتجد الخارجي يعمل بطريقة افضل من بداية تعلم المهارة وكلما تطور مستوى الاداء فان التصورا الخارجي يبدأ عندما يشاهد اللاعب نفسه يؤدي المهارة اما عند اتقان المهارة والشعور بها فقط فان الحس العضلي وليس البصري هو الذي يظهر لهذا نجد ان التفكير يتم من خلال العضلات.
ويستخدم التصور العقلي في اوقات متعددة ولكل منها فوائده فقبل التمرين يقوم اللاعب بتصور المهارات والمواقف التي يتوقع حدوثها اما بعد التمرين فيقوم بمراجعتها وذلك لمقارنة ادانه مع الاداء الامثل وبهذا يتجنب اخطاءه.
اما قبل المنافسة فيمكن استخدام التصور العقلي ايضا لغرض اعادة ترتيب ما يريد عمله في عقله مما يسهم في استدعاء الاحساس بالاداء الامثل وتركيز الانتباه على المهارة قبل انطلاق المنافسة كما يمكن للاعب اداء التصور بعد المنافسة وذلك لغرض مراجعة المهارات والاداء الناجح وهناك فعاليات رياضية تستوجب القيام بالتصور العقلي خلال فترات بينية اثناء الاداء كما في الغطس والجمباز ومسابقات القفز وغيرها.
ومما تقدم فان للتصور العقلي دوراً مهماً في تنمية قدرات ومستوى اللاعبين وهو عامل اساس في تطوير مهاراتهم الحركية وادائهم لكونهم يستخدمون الممرات العصبية نفسها التي تستخدم عند الاداء هذا فضلا عن ان التصور العقلي يساعد اللاعب في تحقيق المزيد من الفهم لطبيعة اداء المهارات واكتسابها وتطويرها عندما يبذل الجهد والمثابرة في التدريب والاصرار على الوصول الى الانجاز المطلوب