الإيثار في الصحبة
صياغة جديدة لقصة تراثية:
هي قصة حقيقية جرت على ألسن الناس عبر مسافات الزمن،تحمل في طياتها معاني الايثار والمروءة ومساعدة الرفيق في السفر..بطل القصة محمد بن منصور بن ريس إذ انضم إلى قافلة حجاج من أهالى بلدة الرس وفي أثناء عودة القافلة بعد تأدية مناسك الحج تعرض أحد أفرادها إلى مرض الجدري "وهو مرض يصعب الشفاء منه" ومن شدة مرضه لم يستطع الركوب ثابتا على الراحلة فوقع القوم في حيرة من أمرهم
بعضهم قال :ينبغى أن نحمله على ظهر الراحلة مستخدمين الحبال كي لا يقع..قال أخر :سوف يؤلمه الربط لشدة إعيائه ’لا مفر من أن نتركه ونزوده ببعض الطعام ونستكمل المسير فهو مجدور ونحن معذورون فيه.
إلا أن محمد بن ريس رفض ذلك: قائلا: بإمكانكم أن تسيروا ، وأنا سوف أبقي مع المريض المسكين حتى يشفى بأمر الله أو يتوفى فأقوم بدفنه ، هنا يكون العذر ، لا ينبغى أن نترك (خويّنا) ..حاولوا أن يثنوه عن عزمه خاصة أن الرجل موشك على الموت في تصورهم..لكن (ابن ريس) أبى الا أن يلازم مكانه في تلك الصحراء الموحشة والمحفوفه بشتى المخاطر ..وقد أوصى القافلة بإيصال قصيدة إلى والدته والتي يدرك مدى اشتياقها إلى رؤيته من أجل تطمينها وتصبيرها.
وبقي محمد بن ريس بجانب (خويّه)يقدم له كل مايستطيع من خدمة ورعاية دون تأفف أو ضجر ،ربما أمضى أياما أو أكثر ربما مرت به القوافل وزودته بما يحتاج وبحسب امكاناتها .
وكانت المفاجأة.. تصوروا ضحى بن ريس بفرحة القدوم إلى أهله وباطمئنان قلوبهم ، لم يخش انتقال عدوى المرض إليه من (خويه المجدور)’ لم يجد الضجر إلى نفسه سبيلا ،،لم يحدث نفسه :كلهم تخلّوا عن هذا المريض فلم أنا؟!
وكانت المفاجأة بعد أن وضع ثقته في ربه فما كانت النتيجة
ذهب السقم عن جسد صاحبه وداخله الشفاء فعاد هو وصاحبه (المحظوظ) إلى بلادهم
موقف انساني يعكس المروءة بأعمق مشاهدها والشيمة بأنبل مقاصدها
وتأبى قصة الشهامه الا أن تستكمل فصولها الانسانية المدهشة وتخلّد شعرا عبر قصيدة (ابن ريس) التي تدفعنا إلى التساؤل : كم لدينا محمد بن ريس في هذا الزمن؟:
خوينا مانصلبه بالمصاليب
ولا يشتكي منّا دروب العزاري
لزمٍ تجيك امه بكبده لواهيب
تبكي ومن كثر البكا ماتداري
تنشدْك بالّلي يعلم السر والغيب
وين ابني الّلي لك خويٍّ مباري
قل له :قعد في عاليات المراقيب
في قنّةٍ ماحوله الّا الحباري
يتنا خويّه لين يبدي به الطيب
ولا يجيه من الصواديف جاري
ان كان ماقمنا بحق المواجيب
تحرم علينا لابسات الخزاري