]أيها الحملان : هل تعرفون كيف تصيد الذئاب الغزلان؟
(حول توراتية حسن نصر الله البرمكي)
شبكة البصرة
صلاح المختار
مدخل
أشكالية رؤية أشباح البرامكة
كلما انصت لكلام اجوف مفتوق الجوانب ، ونجد من يصدقه ، بسذاجة نادرة او بغائية فائرة ، اجد نفسي اتساءل : هل حقا ان العرب لا يقرأون ، كما قال موشي دايان يوما، حينما كان وزيرا لحرب الكيان الصهيوني ، بعد ان راى انه طبق في حرب 1967 خطة عسكرية سبق نشرها علنا، ومع ذلك لم يقرأها العرب ؟ الجواب هو نعم ولا بنفس الوقت ، فهم لا يقراون اذا فهمنا كلمة (القراءة) بمعناها الجدلي الهيغلي ، وهم يقراون اذا اخذنا الكلمة بمعناها اللغوي السيمانتيكي المجرد .
ان البدائي Nomad وهو كل انسان بسيط ما زال يعيش الافكار المباشرة وغير المعقدة ويخضع للتاثيرات البدائية ويعيش متنقلا . وهذا التعريف ينطبق ، من حيث طريقة التفكير، على الامي والمتعلم وابن التقاليد الاولية، حيث ان سمتهم الابرز هي تنقل الافكار وتبدلها قبل ان تنضج او تستقر وتتبلور ، فتكون النتيجة افكار سطحية يسهل اقتلاعها كما يمكن التلاعب بها وبصاحبها بسهولة . ان هذا البدائي يفهم الاشياء والعلاقات والظواهر طبقا لما تبدو عليه في الظاهر ، ويتجنب ، ابتداءا ، التعمق في نظرية (الاحتمالات المتعددة) ، او ديالكتيك الكلمة المجردة ، حسب تعابير هيغل وتلميذه المتمرد ماركس . فالاخضر يبدو له اخضرا ولا يحتمل ذهنه ان تقول له : انه ليس اخضرا بل هو حصيلة تمازج لونين هما الاصفر والازرق ! هذا العقل البدائي ، لا يتقبل اللون الاخضر على انه محض فبركة من اللونين الاصفر والازرق ، فهو اخضر فقط . وقد تتخذ البدائية شكل وعي جدلي متعمق، لكنه مصاب بداء الجرب، الذي يجعله متمحورا حول كيفية اخفاءه باستخدام منطق شكله جدلي لكن جوهره شكلي ، وغالبا ما يقع ضحية الجرب الجدلي من تقاعد ، او ارتد عن هويته الجدلية ( العلمية )، وصار صياد هواء ومحترف اهواء، كما هي حال قادة الحزب الشيوعي العراقي !
اما في الحالة الثانية ، حالة العقل الجدلي فانه لا يقتنع بما يراه ظاهريا امامه ، بل يريد ان يرى ما وراءه ، او ماهيته ، فيكتشف ان الاخضر هو محض فبركة لا توجد خالصة في الطبيعة الا اذا امتزج لونين !
العقل البدائي ، البسيط وغير المركب ، او غير الجدلي ، لا يقرأ المعنى حتى وان فهم الكلمات ، لان القراءة الحقيقية هي ادراك دروب وزوايا وتقاطعات وتناقضات الكلمة الواحدة ، وما تخفيه او تستبطنه ، وليس فقط ما توحي به حروفها . ومن المؤسف ان العقل ، بصفة غالبة ، ما زال غرا حتى لدى اكثرية المثقفين والمفكرين والساسة ، ليس لانهم لم يكتسبوا المعارف ، فهي كثيرة في ذاكرتهم ، بل لانهم لم يكتسبوا المنهج الجدلي الهيجلي المثالي ، او الماركسي المادي ، في تحليل وفهم الاشياء ، في حين ان الغرب ، انطلق ، كالحصان الجامح، حينما استعمل المنطق الجدلي ، وطوره ليصبح اعظم اسلحته اطلاقا ، لانه اتاح له ان يضع للحالة الواحدة الف احتمال واحتمال ، وأن ينزع من الوجه الواحد الف قناع وقناع ، فدخل عوامل الاكتشافات اللانهائية والعبقرية ، وعرف ما لم يكن يخطر بباله، فيما بقينا نحن، اول من اكتشف المنطق الجدلي وطوره حينما كان هيغل وماركس مجرد نطف في ظهور اجدادهما القرود ، اسرى منطق البداوة : الصورة الواحدة الجامدة للكلمة او المعنى، وهي تتكرر وتتمحور، حول ذات مسحورة بصلف نرجسي بوجهها ، وتوجهها ! بهذا المعنى تحدث دايان عن اعراب الفكر والسياسة ، وليس عن العرب ، لانه عرف انهم سجنوا انفسهم في قلعة المنطق الشكلي ، فعجزوا عن فهم الذات الانسانية الشديدة التعقيد والغرابة ، والتي تحتاج لمنطق ومنهج جدليين لفهمها تدريجيا.
البرامكة حينما يعتمرون عمامتنا
هذه المقدمة ضرورية جدا للاجابة على السؤال التالي : لماذا نطرب حينما نسمع كاتبا او سياسيا او معمما يشتم الصهيونية او الاستعمار ويعلن تأييده للمقاومة الفلسطينية او العراقية ، ولا نفكر باحتمال ان يكون لصا يرتدي بدلة سيد محترم ، ويلوك كلمات رجل معمم وتقي يخاف الله ، لكنه يخفي تحت كل ذلك ذئب خبيث وملعون يريد طمأنتنا لالتهامنا، ونحن نغط في نوم عميق ؟ ان اغلبنا لا يطرح هذا السؤال، وان طرحه فلاجل الرياضة الفكرية، لذلك نستيقظ في صباحات عديدة، ونكتشف ان الذئب ، والذي كان حملا نطمئن اليه ، التهم جزء من جسدنا ، وغالبا يكون ذلك الجزء هو القلب او العقل، فنقتنع انه كان ذئبا وليس حملا وديعا، كما اوحى لنا بكلام منحوت، او بفعل ساحر استل من عبقرية تقية البرامكة. ولكن لا قيمة لهذه القناعة لان( الفاس وقع على الراس) فهشم ، كما حصل للمرحوم تروتسكي! وكما حصل قبله حين تهشم رأس الدولة العباسية بفؤوس فارسية تقاسمت الادوار، فامسك البرامكة بمركز الخلافة فيها ، ونخروها من الداخل باسم الاسلام ، فيما تحصن بابك الخرمي براية فارس الرسمية، وتمرد على الدولة العباسية عشرين عاما يقاتل ويخرب حتى انهك العباسيين من الخارج ، وهكذا كانت نتيجة توزيع الادوار الفارسي العظيم الذكاء ، هي اسقاط دولة العرب .
هناك احزاب وشخصيات تمارس العاب الكلمات السحرية ، فتتحفنا باعظم الشتائم على اللصوص والعاهرات والدجالين والاحتلال وتختص بشتم شارون ، ولا تتورع عن المس ب( قدس الاقداس ) اي امريكا ، ولاجل اقناع انصاف الشوافين يطلق هؤلاء النار على اسرائيلي او امريكي فيقتل ، فيوضع من يشوف نصف شوفة امام مشهد مربك يقود الى اقتناعه بان من قتل اسرائيلي او امريكي لابد ان يكون وطنيا او مسلما ، متناسيا ان من اهم تكتيكات الصهيونية والمخابرات التضحية بافراد لتاكيد هوية مزيفة وطرحها على انها اصيلة ! هل تذكرون ان الصهيونية قد هاجمت مقرات العبادة اليهودية في العراق بالقنابل وقتلت يهودا من اجل اجبارهم على الهجرة الى فلسطين ؟ وهل نسيتم ان الصهيونية اعطت ملايين الدولارات لهتلر كي يضطهد يهود المانيا ليهاجروا الى فلسطين ؟ ان هذه التضحيات المحسوبة بدقة هدفها البعيد تحقيق خطط الصهيونية ، وذلك يتطلب تمثيل مشهد يجب ان يبدو حقيقيا، من اجل ان نقع في فخ الاعتقاد بان من قتلوا اليهود ليسوا سوى عرب يريدون انقاذ فلسطين ، او المان يريدون (تطهير) المانيا من (العرق اليهودي) ، ومن ثم فهم مجموعة من الشرفاء ، والمستقيمي السيرة والنوايا !
ماذا تكون النتيجة ؟ اننا نفتح لهم قلوبنا وابواب بيوتنا ، بل ندعهم يدخلون مطابخ الروح والجسد ! عندها يصلون لما خططوا له ، فتقع الطامة الكبرى ، باكتشاف ان كلا منهم هو نسخة من برامكة (العراق)، الذين زرعوا الفساد في الدولة العباسية من اعلى مواقعها : مركز الخلافة ، بعد ان لعبوا دور الطيبين الكرماء والمخلصين ! وكوهين، هل تذكرونه ؟ نعم كلكم يعرفه ويعرف انه لم يندس الا بعد ان لبس ثوبا معينا . وهل تعرفون كيم فيليبي ، الذي كان مسؤولا عن قسم مكافحة التجسس في المخابرات البريطانية، لكنه كان في الواقع جاسوسا سوفيتيا لعدة عقود ! او روبرت اوبنهايمر، الذي كان مدير( مشروع مانهاتن ) في امريكا، وهو مشروع صنع اول قنبلة ذرية في العالم ، ولم يتبوء هذا المركز الامني الاول الا لانه كان مخلصا اشد الاخلاص لامريكا ، لذلك روعت بريطانيا وامريكا حينما اكتشفتا انهما كانا جاسوسين سوفيتيين ! وفي الحالتين كان على من اراد ان يكسب ثقة الوسط الذي عمل فيه ان يمثل دور الوطني الذي لاشك فيه ابدا، والذي يزايد على من لا يمكن المزايدة عليه. الم يشارك الفرس في الثورة العباسية ضد الامويين، وكانوا من فرسانها فصار ذلك بطاقة مرورهم الى قمة الدولة الجديدة ؟ الم يصنع اوبنهايمر لامريكا اول قنبلة ذرية في العالم ؟ الم يكشف فيليبي جواسيس سوفييت ، وانقذ بريطانيا من شرورهم ؟
لقد كان، ومازال، خداع العدو يتطلب اول ما يتطلب اختراقه ، ولذلك فان اعظم واخطر الاعمال الاستخبارية هي التي تحدث انقلابا في الاوضاع ومن داخلها . ان اعظم واخطر مثال معاصر هو ان الاتحاد السوفيتي لم يهزم في حرب ، بل هزم بفضل ايصال جاسوس غربي الى قمة الحزب الشيوعي السوفيتي هو ميخائيل غورباتشوف ، وقبلها امسك بيديه جهاز المخابرات السوفيتية ، فماذا بقي من قوة الاتحاد السوفيتي وغورباتشوف امسك المخابرات ثم امانة الحزب العامة ورئاسة الدولة، بفضل تمثيله البالغ الذكاء لدور الشيوعي المخلص والذكي والكفوء ؟!
وبفضل هذا الذكاء الاستخباري لم يكتشف العباسيون مقدار تأمر البرامكة الا بعد ان الحقوا بالدولة العباسية دمارا لا يمكن اصلاحه ، ولم تكتشف بريطانيا وامريكا كيم فيليبي واوبنهايمر، الا بعد ان سلم الاول كل اسرار بريطانيا للسوفييت ، وسلم الثاني اسرار القنبلة الذرية للسوفييت ايضا ، والتي كانت اهم سلاح عمل اوبنهايمر لصنعه للاميركان من اجل ان يزود به السوفييت! كما كانت اخطر سر حفظه بصدق، كي يخدع امريكا ومخابراتها ودهاتها ، حتى لو تطلب ذلك تقديم قنبلة ذرية لها وهي عدوة مركز ولاءه : الاتحاد السوفيتي! فتحمل ان يصبح جاسوسا وضحى بحياته من اجل ذلك ! ولم تكتشف شعوب الاتحاد السوفيتي غورباتشوف، كجاسوس ، الا بعد ان رأت نجوم الظهر واصبحت اهم سلعة تصدرها روسيا، وغيرها من دول الاتحاد السوفيتي الذي صار (السابق)، هي النساء لضمان الحصول على اللقمة، في امبراطورية كانت توفر الاكل والطب وكل شيئ مجانا لمواطنيها ولملايين الناس في البلدان الاخرى !
أستنتساخ القفى من الوجه !
من مشكلات البداوة ، في تفكير قسم من المفكرين والمثقفين العرب، هي انهم يرون وجه الصورة ولا يحاولون رؤية قفاها، وحتى حينما يضعون عيونهم على القفا لا يرون منه مايجب ان يرى ، بل يحملقون في تفاصيل قفى امراة جميلة تدوخ الشباب، تتخذ احيانا صورة بندقية توجه الى العدو دون ان نفهم دور العدو التحريضي السري في توجيه البندقية اليه ، فيضيع البصر وتختل البصيرة ! او انه حين ينظر الى قفى الصورة لا يرى الا اياها وهي مقلوبة او مستنسخة من الوجه! فكيف يمكن روية المخفي في القفى، من خناجرصفوية وقوارير سموم توراتية ، اذا استنسخناه من الوجه الطيب والمريح ، وضيعنا ممر خيبر ونسينا من ساهم في اغتيال المقاومة الفلسطينية في جنوب لبنان و( تل الزعتر) ؟ وكيف يكون حال( شيخ) ، يريد ان يعود الى (جنة) حسن الصباح ، وهو يرى قفى حكومة مجانية خيوطها بيد الحوزة الصفوية، ويمكن ان تأتيه على طبق من مطاعم مكدونالد ؟
الا يلجأ هذا (الشيخ ) التوراتي، حتى في رتلة لسانه بحرف الراء، الملصوق بصمغ صفوي في جنوب لبنان ، لتعاطي فياجرا سياسية من صنع جده الاصلي حسن الصباح ، في محاولة سرية، للتغلب على محن الزمن ، وهي تزيح النقاب عن وجهه الحقيقي وتسقط اصباغ التقية عنه ، والتي ، اي فياجرا حسن الصباح ، تجعل هذا ( الشيخ ) يرى بعينه اليسرى محمد باقر الحكيم (شهيدا) يقيم له الفاتحة ، مع انه عميل ساهم في احتلال العراق وتدميره ، وخدم امريكا ودخل العراق بعد الغزو مختبأ بحذاء جندي امريكي ، ويشتم بعينه اليمنى ، بالفاظ سوقية منحطة صدام حسين، وهو يقاتل طاغوت العصر امريكا ! ثم تتصاعد نشوة فياجرا حسن الصباح في راسه فيتهم البعثيين ، شجعان عصر الاستخذاء ، بانهم وراء كارثتنا في جسر الائمة ؟ بربكم هل يوجد غير حشاش صفوي من يجرأ على اتهام ضباط الحرس الجمهوري ، وهم قرة عين العراق التي تقاتل لتحريره من الاحتلال الامريكي، بانهم المسؤولون عن كارثة جسر الائمة ؟
وحسن الصباح هذا، لمن لا يعرفه ، هو احد المراجع الفارسية العظام للبرمكي حسن نصر الله وجده البايولوجي، وكان، في زمانه ، اعظم من مارس غسل الدماغ الجماعي ، واستغله لتنظيم ، ما قد يعد اول حملة شاملة للاغتيالات بواسطة عمليات انتحارية هزت الدولة العباسية ، وادت الى تصفية الكثير من الشخصيات ! فذاع صيته وصار مرهوب الجانب حتى من قبل الحكام ! وكان تكتيك الصباح هذا يقوم على خلق (الروبوت الحي) ، اي الانسان المطيع له حتى الموت ، عبر تنويم من يريده انتحاريا ، بشراب الجنة ، وهو حشيشة تزرع في بلاد فارس، ثم ينقل الى منطقة جبلية باهرة الجمال ، وهناك يستيقظ ليجد نفسه محاطا باجمل نساء بلاد فارس ، وبخضرة طاغية تتسابق فيها الاطيار، ويتردد فيها هسيس الاشجار، وبين يديه يستقر كأس خمر معتق ، ويأتيه صوت انثى فارسية كافرة الجمال ليقول له : اهلا بك في الجنة ! فيتسائل : هل انا حقا في الجنة ؟ وتجيبه الفارسية الكافرة الجمال : نعم لقد ادخلك اياها حسن الصباح ! وعندها تصب يد الفارسية ، الكافرة الجمال، في فمه المفتوح ، دهشا وانسحارا ، شراب الجنة مجددا ، فيفقد وعيه وينقل الى المكان الذي كان فيه .
وحينما يفتح عينيه يرى بؤسه مجددا ، ويكون اول ما يفعله هو اطلاق صرخة مدوية : اريد العودة الى الجنة ! ولكي يعود الى الجنة يقدم حريته وحياته ، لمن يستطيع ذلك ، بشراب الجنة ، وهو حسن الصباح !
ولذلك كان هؤلاء ينفذون كل امر للصباح ، وكان يطلب من بعضهم القفز من قمة الجبل الشاهقة، ويقول له ستذهب الى الجنة اذا فعلت ذلك، وستلتقي الفارسية الكافرة الجمال، فلا يملك ذلك الروبوت نفسه، فيتسابق مع الريح الصرصار، ليقذف نفسه من قمة الجبل، وهو يهتف مبتسما وفرحا :( الجنة ... الجنة ... الجنة )، حتى يصل الارض فتتحطم عظامه ! هكذا كان حسن الصباح يصنع القاتل المحترف، الذي لايخشى الموت بل يسعى اليه لانه يوصله للجنة ، وهناك سيقابل الفارسية الكافرة الجمال وذات الغنج والدلال ! هل يذكركم هذا الفصل من التاريخ بشيئ ؟ نعم انه يذكرنا باكثر من شيئ ومنها مفاتيح جنة خميني ! هل هي الصدفة التي ربطت بين الفارسي حسن الصباح وحفيده خميني، وجعلت من دخول الجنة قرارا بيدهما ؟ وهل عرفتم سر الاستعداد للموت لدى النخبة الصفوية المعدة لمحاربة العرب ؟ وماذا عن الحفيد البايولوجي لحسن الصباح ، والذي اطلق عليه ابوه اسم حسن نصر الله البرمكي تيمنا بالجد ؟ تذكروا تاريخه وستعرفون سره غير المقدس .