الشعر في ساحة الرسول صلى الله عليه وسلم بقلم الأديب شمس الدين درمش مجلة الأدب الإسلامي االإلكترونية العدد18

منذ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ما يمنع القوم الذين نصروا رسول الله بسلاحهم أن ينصروه بألسنتهم!؟)، فقال حسان بن ثابت: (أنا لها، وأخذ بطرف لسانه..)، وأيده الرسول عليه الصلاة والسلام، وشجعه بقوله: (اهجهم وروح القدس معك!)؛ منذ ذلك اليوم.. لم يتوقف تدفق الشعر الإسلامي في التعبير عن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، والدفاع عنه، وتفديته بالأنفس والأموال، والآباء والأمهات، وإظهار شمائله السامية، ومكانته العالية، والنور الذي جاء به رحمة للعالمين.
قال حسان رضي الله عنه:
فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم فداء
فصار حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة وكعب بن زهير.. وغيرهم -رضي الله عنهم- من شعراء العصر الأول القدوة لشعراء المسلمين في اقتفاء أثرهم، والسير على منوالهم في الذب عن مقام الرسول صلى الله عليه وسلم، والرد على كل من تسول له نفسه في النيل من مقامه الشريف بلسانه.
ونشأ مع الزمن أدب المدائح النبوية الذي برع فيه شعراء كثيرون، وأبدعوا جملة من القصائد التي سميت بالبردة، يتقدمهم البوصيري -رحمه الله، حتى جاء العصر الحديث، فنظم أحمد شوقي قصيدته نهج البردة.
ومنذ بدأت الحملة الإجرامية الحاقدة الجديدة في النيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالآيات الشيطانية، ثم بالرسوم الدانماركية الساخرة، ثم بالفيلم المسيء وغيرها؛ توالت ردات الفعل الغاضبة من المسلمين عامتهم وخاصتهم في التعبير عن نصرتهم لخاتم الأنبياء والمرسلين، الذي أرسله الله رحمة للعالمين، وكان للشعراء حضورهم الذي لا ينقطع في ساحة الذود عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقامت جهات عديدة في تنظيم مؤتمرات وندوات، ومسابقات في هذا المشهد أنتج شعرا كثيرا في موضوع الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والتعبير عن محبته، مثل مسابقة قناة المستقلة: لماذا نحبه؟ وقد صدرت قصائدها في ديوان خاص، وأصدر بعض الشعراء دواوين خاصة بهم بالعنوان نفسه: لماذا نحبه؟ مثل الشاعر أسامة كامل الخريبي، وديوان النصرة الذي صدر عن مركز سعود البابطين الخيري للتراث والثقافة بالرياض، وجمع137 تم اختيارها من أصل 500 قصيدة اجتمعت كلها على موضوع محبة سيد الخلق، عليه أفضل الصلاة والسلام، وتأمل سيرته الكريمة.
وكانت مجلة الأدب الإسلامي خصصت عددها (51) لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ونشرت فيها مقالات وقصائد عديدة. وكل هذا غيض من فيض، وقطرة من بحرة، إذا لا يمكننا الإحاطة بما قيل ويقال بمختلف لغات الشعوب الإسلامية من المغرب إلى إندونيسيا!.
وإذا كان أعداء الإسلام لن يكفوا عن محاولاتهم في إيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا)؛ فإن على محبي الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يتوانوا في الدفاع عنه بما أمكنهم الله سبحانه من لسان وسنان، وأنفس وأموال، سالكين في دفاعهم مسلك أصحاب رسول الله الأولين في الحرص والإخلاص على ألا يقعوا في الخطأ وهم يريدون الصواب، وألا يسيؤوا من حيث أرادوا الإحسان.
ونقدم عذرنا عن تقصيرنا، ونقول مع المحب أسامة كامل الخريبي:
يا سيدي يا رسول الله معذرة إذا كبا فيك تبياني وتعبيري!
وأختم ببيتين من قصيدته (فداك أبي وأمي):

فرضوان الإله عليك مهما تعاقب في الدنا قمر بشمس
وتسليم الإله عليك باق فداك أبي وقافيتي ونفسي.