أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الفرع الثاني :أحكام العبودية المتعلقة باللسان :

فلما كان الإنسان بين نجدين وطريقين في الحياة إما أن يكون عبدا لله أو عبدا لسواه ، فكذلك اللسان إما أن يكون في عبودية الله أو عبودية غيره ، فإذا لم يكن في الطاعة والتوحيد والإيمان كان في الشرك والكفر والعصيان ، وإن لم يحفظ الإنسان اللسان فهو سبب الهلكة والخسران .

فعن معاذ بن جبل أن رسول الله صصصقال (يا رسولَ اللَّهِ أخبِرني بعمَلٍ يُدخلُني الجنَّةَ ، ويباعدُني منَ النَّارِ ، قالَ: لقد سَألتَ عظيمًا ، وإنَّهُ ليسيرٌ على مَن يسَّرَهُ اللَّهُ عليهِ ، تعبدُ اللَّهَ لا تشرِكُ بِهِ شيئًا ، وتقيمُ الصَّلاةَ ، وتؤتي الزَّكاةَ ، وتصومُ رمضانَ ، وتحجَّ البيتَ ثمَّ قالَ: ألا أدلُّكَ على أبوابِ الخيرِ ؟ الصَّومُ جنَّةٌ ، والصَّدقةُ تطفئُ الخطيئةَ كما يطفئُ النَّارَ الماءُ ، وصلاةُ الرَّجلِ مِن جوفِ اللَّيلِ ، ثمَّ قرأَ ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ) حتَّى بلغَ ( جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) ثمَّ قالَ: ألا أخبرُكَ برأسِ الأمرِ ، وعمودِهِ ، وذروةِ سَنامِهِ ؟ الجِهادُ ثمَّ قالَ: ألا أخبرُكَ بملاكِ ذلِكَ كلِّهِ ؟ قلتُ: بلَى ، فأخذَ بلسانِهِ ، فقالَ: تَكُفُّ عليكَ هذا قلتُ: يا نبيَّ اللَّهِ وإنَّا لَمؤاخذونَ بما نتَكَلَّمُ بِهِ ؟ قالَ: ثَكِلتكَ أمُّكَ يا معاذُ وَهَل يُكِبُّ النَّاسَ على وجوهِهِم في النَّارِ ، إلَّا حصائدُ ألسنتِهِم)بن ماجة وصححه الألباني.

وعن سفيان بن عبدالله الثقفي أن رسول الله صصصقال (قلتُ يا رسولَ اللَّهِ حدِّثْني بأمرٍ أعتصِمُ بِهِ قالَ قُلْ ربِّيَ اللَّهُ ، ثمَّ استقِم قلتُ : يا رسولَ اللَّهِ ، ما أخوَفُ ما تخافُ عليَّ ؟ فأخذَ بلسانِ نفسِهِ ثمَّ قالَ : هذا)الترمذي وصححه الألباني.

واللسان له دور أساسي في بيان الخير والحق:

فله دور أساسي في بيان الخير والحق أو التمادي في الشر والباطل بالكتمان والتلبيس والتأويل والتحريف والكذب والتدليس كما قال تعالى عن اليهود (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)آل عمران78.

وقال أيضا(مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ)المائدة46.

واللسان ينضح بما في القلب فهو مغرفة القلب:

فإذا أردت أن تستدل على ما في القلوب فاستدل عليه بحركة اللسان ، فإنه يطلعك على ما في القلب ، شاء صاحبه أم أبى ، فاللسان مغرفة القلب فهو يغرف مما فيه فإن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا .

وكل كلام بن آدم عليه لا له إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذكر:

فعنه صصص (كلُّ كلامِ ابنِ آدمَ عليهِ لا لهُ إلَّا أمرًا بمعروفٍ ، أو نهيًا عن منكَرٍ أو ذِكرًا للهِ )حسنه الألباني.

إستقامة اللسان دليل على إستامة القلب :

وعن أنس بن مالك أن رسول الله صصصقال (لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، ولا يستقيم لسانه ولا يدخل الجنة حتى يأمن جاره بوائقه)حسنه الألباني.

بوائقه:شروره.

أكثر ما يدخل الناس النار الفم والفرج:

فعن أبي هريرة (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ قال : تقوى الله ، وحسن الخلق . قيل : ما أكثر ما يدخل الناس النار ؟ قال : الأجوفان : الفم والفرج )حسنه الألباني.

الكلمة تنال بها رضوان الله وقد تهوي بها في جهنم :

عن أبي هريرة أن رسول الله صصصقال (إنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من رضوانِ اللهِ ، لا يُلقي لها بالًا ، يرفعُ اللهُ بها درجاتٍ ، وإنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من سخطِ اللهِ ، لا يُلقي لها بالًا ، يهوي بها في جهنَّمَ)صحيح البخاري.

ومن ذلك ما رواه جندب بن عبدالله أن رسول الله صصصقال (أنَّ رجلًا قال : واللهِ ! لا يغفِرُ اللهُ لفلانٍ . وإنَّ اللهَ تعالَى قال : من ذا الَّذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفرَ لفلانٍ . فإنِّي قد غفرتُ لفلانٍ? وأحبطتُ عملَك . أو كما قال)صحيح مسلم.

فهذه الكلمة (واللهِ ! لا يغفِرُ اللهُ لفلانٍ) أحبطت عمل ذلك الرجل.

وعن أبي هريرة أن رسول اللهصصصقال (كان رجلانِ في بني إسرائيلَ مُتؤاخِيَينِ، فكان أحدُهما يذنب ، والآخرُ مجتهدٌ في العبادة ، فكان لا يزال المجتهدُ يرى الآخرَ على الذنبِ فيقول : أَقصِرْ . فوجده يومًا على ذنبٍ فقال له : أقصِر . فقال : خلِّني وربي أبعثتَ عليَّ رقيبًا ؟ فقال : واللهِ ! لا يغفر اللهُ لك – أو لا يدخلُك اللهُ الجنةَ ! – فقبض أرواحَهما ، فاجتمعا عند ربِّ العالمين ، فقال لهذا المجتهدِ : كنتَ بي عالما ، أو كنتَ على ما في يدي قادرًا ؟ وقال للمذنب : اذهبْ فادخلِ الجنةَ برحمتي ، وقال للآخرِ : اذهبوا به إلى النارِ)أبي داود وصححه الألباني.

فهذه الكلمة (واللهِ ! لا يغفر اللهُ لك )كانت سببا في دخوله النار.

الكلام إن لم يكن في خير فالسكوت أحسن :

عن أبي هريرة أن رسول الله صصصقال (من كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فليقُلْ خيرًا أو ليصمُتْ ، ومن كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فلا يُؤذِ جارَه ، ومن كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فليُكرِمْ ضيفَه)صحيح البخاري.

اللسان له المكانة الأولى في تبليغ الدعوة وإقامة الحجة:

قال تعالى(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)إبراهيم 4.

فاللسان هو الوسيلة الأولى لإخراج ما في القلب من قول وعمل ، والكتابة وسيلة من وسائل البيان ويحاسب عليها الإنسان.

وسوف نتناول أحكام العبودية المتعلقة باللسان فيما يلي :

1) أولا :واجبات اللسان :

1- النطق بالشهادتين:
الشهادتان ركن من أركان الإسلام وهو أول واجبات اللسان ، ومن قال لا إلا إلا الله عصم دمه وماله إلا بحقه ، فعن جابر بن عبد الله ان رسول اللهصصصقال (أُمِرْتُ أن أقاتلَ الناسَ ، حتى يقولوا : لا إله إلا اللهُ . فإذا قالوا : لا إله إلا اللهُ عَصَمُوا مِنِّى دماءَهم وأموالَهم إلا بحَقِّها . وحسابُهُم على اللهِ ...)صحيح مسلم.

والشهادتان من لم يتكلم بهما مع القدرة فهو كافر بإتفاق المسلمين .

ولا يدخل العبد في الإسلام إلا بهما ولا يخرج منه إلا بمناقضتهما ، إما بجحود لما دلتا عليه ، أو بإستكبار عما استلزماه ، ولهذا لم يدعوا الرسول إلى شيء قبلهما ولم يقبل الله من أحد شيئا دونهما فالبشهادة الأولى يعرف المعبود وما يجب له ، وبالثانية يعرف كيف يعبده وبأي طريق يصل إليه .

2- تلاوة ما يلزم من القرآن وهو ما تتوقف صحة الصلاة عليه.

3- التلفظ بالأذكار الواجبة في الصلاة:

كالتسبيح في الركوع والسجود وقول ربنا ولك الحمد والتشهد والتكبير.

4- رد السلام.

5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

6- تعليم الجاهل.

7- إرشاد الضال.

8- أداء الشهادة المتعينة.

9- صدق الحديث.

2) ثانيا :مستحبات اللسان:

1- تلاوة القرآن.

2- الدعاء.

3- دوام الذكر.

4- المذاكرة في العلم النافع.

3) محرمات اللسان:

محرمات اللسان هي النطق بكل ما يبغضه الله ورسوله ومن ذلك :

1- النطق بالبدع المخالفة للقرآن والسنة والدعاية لها .

2- القذف .

3- السب.

4- الكذب.

5- شهادة الزور.

6- القول على الله بلا علم.

4) مكروهات اللسان:

مكروهات اللسان هي التكلم بما تركه خير من الكلام به مع عدم العقوبه عليه.

من كتاب السراج المنير في شرح العقيدة الإسلامية

لتحميل الكتاب على الرابط التالي
خزانة الكتب والأبحاث في الملتقى بالمرفقات

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=318807