جاء في
ترجمة يونس بن عبد الأعلى في إحدى حكاياته ( أن رجلا جاء إلى النحاس، فقال له: أسلفني ألف دينار إلى أجل ) قال النحاس: من يضمن لي المبلغ ؟
قال : الله تعالى .
فأعطاه ألف دينار ، فسافر بها الرجل يتجر ، فلما بلغ الأجل أراد الخروج إليه ،فحبسه عدم وجود رياح ، فعمل تابوتا ،وجعل فيه ألف دينار ، وأغلقه وسمره ، وألقاه في البحر ، فقال : اللهم هذا الذي ضمنته لي .
فخرج صاحب المال ينتظر قدوم الذي معه المال ، فرأى سوادا في البحر ، فقال : أيتوني بهذا .
فأتى بالتابوت ، فإذا فيه ألف دينار ) « وفيات الأعيان 7/252»
إن المرء وهو يقرأ هذه القصة يتملكه العجب من ثقة ذلك الرجل بالله تعالى ،
ويقينه بأن الله تعالى الذي جعله ضامنا للنحاس أنه سيرد المال إليه بخلق من خلقه ، هذه الثقة بالله واليقين بقدرته لا تستقر في القلب من يعظم غيره ،
أو يشرك معه أحدا في محبته ،
إنما تتربع على قلب قد طهره صاحبه مما سواه ، فأضاء النور في جنباته لطهارة المكان ،
يقول سهل بن عبدالله : « حرام على قلب يشم رائحة اليقين ،
وفيه سكون إلى غير الله تعالى ، وحرام على قلب أن يدخله النور وفيه شيء مما يكرهه الله تعالى وحده ،
إنها قلوب الرعيل الأول التي صفت لله تعالى وحده ،
ومثال ذلك ما رواه أبو نعيم في الدلائل عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : عرض لعلي رجلان في خصومة ، فجلس في أصل جدار فقال له رجل : الجدار يقع عليك ، فقال علي : امضي كفى بالله حارسا ، فقضى بينهما ، فقام ، ثم سقط الجدار » ( تاريخ الخلفاء ص 178 )
إنها ثقة بقدر الله تعالى ويقين بقدرته وقضائه ،
جعلت منهم جيلا فريدا لا يتكرر .