تؤكد اللوائح الرياضية العالمية وأنظمة الرياضة في جميع الدول على منع استعمال المنشطات، لذا فبعد أن ثبت لدى القيادة الرياضية في المملكة العربية السعودية تورط بعض المنتمين لرياضة رفع الأثقال في جلب المنشطات المحظورة رياضيا وتوزيعها على عدد من الرياضيين داخل السعودية أصدر نائب الرئيس العام لرعاية الشباب نائب رئيس اللجنة الأولمبية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد بن عبدالعزيز عدداً من القرارات الحكيمة والحازمة التي تدل على حرص قيادتنا الرياضية على نقاء الوسط الرياضي في هذا البلد من كل ما يشوبه من ملوثات صحية وأخلاقية، ومما اشتملت عليه تلك القرارات ما يلي:
* حل مجلس إدارة الاتحاد العربي السعودي لرفع الأثقال وبناء الأجسام وعدم ترشيح كافة أعضائه لأي اتحاد أو لجنة رياضية مستقبلاً وعدم شمولهم بأي عفو قد يصدر.
* إسقاط عضوية أحد المتورطين من إدارة نادي الترجي إضافة إلى إسقاط عضويته من مجلس إدارة الاتحاد، ومنعه من دخول الأندية والمنشآت الرياضية لثبوت تورطه في جلب المنشطات الرياضية من خارج السعودية.
* شطب مدرب المنتخب ونادي الترجي وإبلاغ المنظمة الدولية لمكافحة المنشطات والاتحاد الدولي لرفع الأثقال بذلك، وعدم شموله بأي عفو يصدر لثبوت تورطه في توزيع المنشطات الرياضية على اللاعبين، ومنعه من دخول الأندية والمنشآت الرياضية.
* شطب عدد من اللاعبين مدى الحياة وعدم شمولهم بأي عفو يصدر لثبوت تورطهم بتسليم وتوزيع المنشطات لأطراف أخرى.
* أكدت القرارات تفعيل دور اللجنة الوطنية لمكافحة المنشطات ودعمها للقيام بأدوارها المنشودة في تلك المكافحة.
* تأكيد نائب الرئيس العام حرص الرئاسة العامة لرعاية الشباب على تطبيق اللوائح والتعليمات التي تحمي الشباب والرياضيين من كافة المحاولات الدخيلة التي تحاول المساس بأمنهم ووطنهم وتضر بصحتهم، وكذلك تنفيذاً لتعليمات المنظمة الدولية لمكافحة المنشطات التي تتمتع السعودية بعضويتها والتي تنص على التشدد بتطبيق العقوبات في مثل هذه الحالات.
* تأكيد سموه الكريم على كافة الرياضيين السعوديين بالابتعاد عن المنشطات، مشيداً بالدور الذي تقوم به كافة الأجهزة الفنية والإدارية والطبية سواء بالأندية أو المنتخبات السعودية التي تحرص على توعية الرياضيين بأضرار المنشطات والعواقب التي تسفر عنها بتدمير الرياضيين صحياً وأخلاقياً.
لماذا هذه القرارات؟
تُعرف المنشطات بأنها مواد مصنعة يستخدمها اللاعب بهدف الارتفاع بمستواه البدني والرياضي، يستخدمها عن طريق الحقن أو عن طريق الفم، ويتناولها اللاعب قبل المسابقة الرياضية أو أثناءها، ويترتب عليها أضرار صحية خطيرة.
وتعتبر هذه المنشطات العدو الأول للرياضة والرياضيين والخطر الداهم الذي يهدد أخلاقيات الرياضة عالمياً، وقد وصل عدد تلك المنشطات المحظورة إلى ما يزيد على (320) منشطا، وللأسف الشديد فإن عدداً من اللاعبين لا يعرفون خطر تعاطي هذه المنشطات لأنهم يبحثون عن المجد الرياضي الزائف بأسرع وقت، فمنها منشطات جسيمة تؤدي إلى تغيرات مرضية في الكبد وضمور في الخصيتين كما تؤثر سلبا في عملية تكوين الحيوانات المنوية وفي النهاية إلى العقم، أما منشطات الجهاز العصبي فتؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وعدم انتظام ضربات القلب والصداع المزمن، وهناك أدوية إدرار البول التي يتناولها اللاعبون لإنقاص وزنهم ولإخفاء المنشطات من أجسامهم وهي تؤدي إلى خلل في أملاح الدم وخمول وضعف عام وارتفاع في نسبة السكر، يضاف إلى ذلك تناول بعض لاعبي كرة القدم لدواء (الكرياتين) الذي يؤدي إلى الفشل الكلوي ومتاعب في الكبد.
ومما يزيد من خطورة هذه المنشطات أن أضرارها تظهر على اللاعبين أكثر بعد اعتزالهم فتؤدي إلى عدم التحكم في تصرفاتهم وتؤدي إلى الوفاة فجأة أحياناً أو الانتحار مثلما حدث مع أحد أبطال السويد في رمي الجلة، ولاعب آخر حاول قتل زوجته بشفرة حلاقة، ومنهم من أصيب بسرطان الكبد. وقد كشفت دراسة حديثة أجراها علماء أستراليون أن المنشطات المحظورة التي يستخدمها بعض الرياضيين لتحسين أدائهم تلحق أضراراً خطيرة بجهاز المناعة في جسم الإنسان مما يجعله عرضة لأي مرض. هذا إضافة إلى وقوع متعاطيها في الإدمان عليها وما يصاحبه من اكتئاب نفسي وأرق وهلوسة وفقدان الشهية للطعام وإسهال وغثيان إلى غير ذلك من الأضرار الصحية والنفسية والأخلاقية. وبعد.. هل عرفنا لماذا هذه القرارات؟
القرارات.. دروس وفوائد
بعد الاطلاع على مضمون تلك القرارات الحكيمة الحازمة في قضية تعتبر من أهم القضايا الخطيرة في مجال الرياضة، والتي طالت عقوباتها شخصيات رياضية، يمكن أن نستلهم الدروس والفوائد التالية:
* حرص القيادة الرياضية في هذا البلد على تطبيق تعاليم ديننا الإسلامي ومحاربة كل ما يضر بالرياضة والرياضيين صحيا وأخلاقياً.
* هناك أنظمة وقوانين وتعليمات صادرة من مقام الرئاسة العامة لرعاية الشباب وكل من يتجاوزها أو يخل بها يعرض نفسه للعقوبات الرادعة.
* تلقى على كل مسؤول في الرئاسة العامة لرعاية الشباب وفي الاتحادات والأندية الرياضية مسؤولية التوعية بأضرار تلك المنشطات وتحذير اللاعبين من الوقوع فيها.
* أن يدرك الرياضيون واللاعبون السعوديون أن كل من يدعوهم إلى تعاطي تلك المنشطات هو عدو لهم لا يريد لهم إلا دمار أخلاقهم ومستقبلهم الرياضي.
* انطلاقا من هذه القرارات أنبه اللاعبين كما نبهت في مقالات سابقة - رسائل تربوية رياضية - إلى الوقوع فيما حرم الله كالتدخين وما يتبعه من تعاط للمخدرات والمسكرات التي تدمر الرياضيين صحياً وأخلاقياً.
أخيراً: من لا يشكر الناس لا يشكر الله، فشكراً لقيادتنا الرياضية على تلك القرارات وإلى مزيد من الحكمة والحزم لما فيه صالح الرياضة والرياضيين في مملكتنا الغالية، وبُعداً أيها الرياضيون عن كل ما يدمر صحتكم وأخلاقكم.
حمد بن عبدالله القميزي
[email protected]