المأساة على العيون
الإدمان على المخدرات أحد مساوئ هذا العصر وسماته المعبرة عن واقعه المرير المتمثل بما يعاني منه الشباب من قلق وانحسار أخلاقي 00وعلى الرغم من أن مجتمعنا العربي المسلم يملك السبل الكفيلة لحماية أفراده من الانزلاق نحو الحضيض00الا آن بعض الشباب ممن أوهمتهم شعارات الغرب شذوا عن القاعدة الصحيحة مكونين لأنفسهم إمبراطوريه زائفة تحفها النزوات 00الشيطانيه من جميع الجوانب 00ديدنهم في ذالك كل ما هو غريب وجديد00فكان مصيرهم الضياع والفشل , ولعل ابتعادهم عن ارض الواقع والتحليق في عوالم الوهم أسوء ما في الأمر ذالك لأنهم ثروة بشرية متى فقدت تأرجح الأمل المعقود على إنتاجهم الفكري والبدني في المستقبل0
وتزايد الاهتمام في السنوات الاخيره بمشكلة الإدمان يعكس قلق الرأي العام العالمي والمشتغلين والمهتمين بالصحة النفسية للفرد والمجتمع 00ذالك الانعكاس ما هو إلا وليد تلك الزيادة الملحوظة في معدلات المفرطين في تناول تلك السموم00خصوصا وأنها لم تقتصر على المواد الكحولية والحشيش المعروفين 00بل إنها تعددت حتى أصبح من الصعب جدا حصرها والأدهى أن العقاقير الطبية وسوء استعمالها اخرج إلى السطح فئات من الشباب اكتسبت جميع صفات (مدمن) ناهيك عن أولئك يستنشقون المواد الهيدروكربونيه التي تدخل في مركبات الاصماغ والبنزين والأصباغ بالاضافه إلى مستعملين السموم البيضاء من (كوكائين) و (هيروئين) 00وكما قلنا بادئ ذي بدء أن الفطرة الاسلاميه الصحيحة تملك السبيل لحماية أفرادها من الانزلاق نحو كل ما هو مضر وغير نافع إلا أن تنصل البعض من الشباب وإصرارهم على الخطيئة والدخول في تجارب الغير ساهم في إضعاف شخصياتهم المثالية وجعلهم يستسلمون لأهوائهم الذاتية ضاربين بعرض الحائط كل نصيحة تسدى اليهم0
والمأساة التي يواجهها مجتمعنا اليوم ماساه بصمتها على عيون الكثير من الشباب الذين لفظوا قدراتهم قبل أن يلفظهم الكبر 00والماساة أن صح التعبير مازالت تكبر كلما كبر العقل البشري وأوغل في المعرفة والعلم00فهي مأساة حضاريه امتدت لتعبث بأخلاقياتنا وعاداتنا وتقاليدنا المتوارثة منذ الأزل 00 في القدم كان (الحي) رمزا للطهارة والشرف فولوج (إنسان ثمل) إلى داخله كفيل باهتزازه من أقصاه إلى أدناه بل أن أهالينا كانوا يلقون الرعب في قلوبنا بمجرد تفكيرنا بذالك المرعب (السكران) مما يجعلنا نسارع بالفرار من كل إنسان يتأرجح في مشيته00نعم أن تلك البكارة فقدت طهارتها وأنجبت جيلا يؤمن بكل ما هو جديد وسريع الايقاع00فمنهم من كان الإسلام وجاء وحفظا00ومنهم من خذلته الظروف المحيطة حوله وأسلمته إلى الهروب المستمر من الواقع0
يقول (ادلر) تدور المأساة الانسانيه في ثلاث لحظات 00في كل فرد تكمن (إرادة القوه) إلا أنها تكون مصحوبة (بمركب نقص) أن هذا النزاع يدفعه إلى الهروب من تجربة الواقع خشية أن لا يتمكن من التغلب عليه فيترك الشخص (مسافة) بينه وبين (المجتمع) وقول ادلر لايتجاوز الإنسان السوي00فكيف بالإنسان (المدمن) وكم هي المسافة المتروكة ما بينه ومابين المجتمع 00
أن فقدان الرقابة الاسريه وانشغال أولياء الأمور عن أبنائهم أسهم في خلق تلك المأساة فالطفرة الهابطة على مجتمعنا أوجدت طبقه أحبت المال أكثر من حب فلذات اكبادها00 كما أن بعض الآباء تخلى عن تربية أبنائه التربية الاسلاميه الصالحة وأصبح يحاكي الغرب كما يحاكي الغراب الحمامه00 فضاع وضيع00والمسببات أكثر من أن تعد وتحصى وفي هذه العجالة لا يسعني التمدد أكثر فالموضوع أصعب من أن يكتب ويطرح 00واركز على أن ما يهمنا هو الاعتراف بان فئة المدمنين موجودة لدينا يكاد يشتكي منها معظم البيوت00 والمشكلة لا تنحصر في فئة دون فئة أخرى فالخطر يطوق جميع الطبقات الغني والفقير 00والحل أن لا نتوارى بهم خلف الجدران مخافة الفضيحة فهم مرضى قبل أن يكونوا أصحاء ومكانهم الطبيعي العيادات النفسية المتخصصة في علاج (المدمنين) 00وواجبنا نحن تجاه المجتمع أن نصحح ما أفسده الدهر لنبني جيلا طاهرا يعتز به وطننا وامتنا0
رد مع اقتباس
