لا ندري.. وربما لا أحد يدري حتى الآن سبب ازدياد جيوش المتسولين التي ملأت مساجدنا وهم من جنسيات أجنبية.. وربما أكثرهم من دولة عربية نعرفهم من خلال لهجتهم الواضحة.. وإن كانوا يتسترون خلف ثياب وملابس سعودية.. ويحاولون تقمص الشخصية السعودية.. ملبساً وحديثاً وحركات وتصرفات.
** هذه الجيوش.. غزت المساجد بعد انقطاع عدة سنوات.. وبعد أن كدنا نودع عادة الشحاذة في المساجد.. تلك العادة السيئة التي نسيناها لسنوات.. هي اليوم تعود بشكل أسوأ وأشنع وأكثر.
** بعد الصلاة.. وعندما يهم المسلمون بالذكر والتسبيح والاستغفار.. تفاجأ بأحدهم يصرخ بأعلى صوته بعد التسليم مباشرة.. ويتحدث بصوت عال يفسد على المصلين لحظات من أجمل اللحظات.. يذكرون الله فيها.. وأحياناً.. يصرخ ثانٍ أو ربما ثالث في زوايا أخرى من المسجد.. فيهجر الناس الدعاء والذكر والتسبيح.. لأنهم حيل بينهم وبينه بهذه الأصوات التي تفسد كل خشوع.
** ومسألة تحويل المساجد إلى أماكن للشحاذة والتسول وسؤال الناس أموالاً.. والشكوى بحوائج دنيوية وعرض مسائل لا علاقة لها بالعبادة.. أقول.. هذه المسألة متروكة لعلمائنا الأجلاء.. الذين نترك لهم الأمور الشرعية والفتيا فيما يجوز وما لا يجوز.
** هل الشحاذة في المساجد جائزة؟
** هل نُشجِّع هؤلاء على الشحاذة في المساجد بتقديم مبالغ لهم؟
** وإذا كانت المساجد لا تجوز لمثل هذا العمل (الشحاذة) مثلها مثل نشدان المفقود.. أو الإعلان عن أمور دنيوية بحتة.. مضافاً إلى ذلك (الشحاذة) تتم في كل فرض صلاة تقريباً.. ولا تكاد تخلو من أي صلاة من شحاذ أو أكثر.
يصرخ أمام المصلين فور التسليم.. ليحكي على الحاضرين قصة حادث مروري وتبعاته أو مشكلة أخرى مماثلة.. أو تطورات مرض أو أي حكاية أخرى تفسد على المصلين لحظات من أجمل اللحظات.. بل تكاد تختفي لحظات التسبيح والتهليل وذكر الله بعد الصلاة بفعل هؤلاء الشحاذين الذين ملأوا مساجدنا وجعلوها لهذا الغرض.
** لست ضد تقديم الصدقات أبداً..
** ولست ضد مساعدة المحتاج.. ولا أقول.. إنهم محتاجون أو غير محتاجين.. فهذه أمور لا أتحدث عنها هنا.. لكن أتحدث عن بعض المسائل ومنها:
** أولاً: ما حكم الشحاذة في المساجد؟
** وما حكم إسكات الناس وهم يسبحون ويهللون ويذكرون الله من أجل أن تقول: ساعدوني.. فأنا فقير ومحتاج واتركوا التسبيح لتسمعوا مسألتي.. وليت المسألة مرة في الأسبوع أو في اليوم.. بل كل فرض تقريباً.
** لماذا لا تصدر جهات الفتوى.. فتوى شرعية تبيَّن الحكم الشرعي في مسألة (الشحاذة) في المساجد؟ وهل هي مباحة؟ وهل يجوز إلجام المسبحين المهللين الذاكرين الله.. كل فرض لتقول.. ساعدوني؟
وكان بوسعك أن تجلس خلف باب المسجد فور انتهاء الصلاة والناس ستساعدك بدون كل تلك اللجاجة وبدون إسكات المصلين.
** وإذا كان يمكن التساهل فيها لو أنها مرة في الشهر أو في الأسبوع.. فما حكم انتشارها بهذا الحجم.. شحاذ أو أكثر كل صلاة.. حتى ترك الناس التسبيح والتهليل وذكر الله.. ليستمعوا لأصوات الشحاذين وحكاياهم وقصصهم ومشاكلهم؟
** الثاني.. ما دور وزارة الشؤون الاجتماعية في هذا الصدد؟
** هل القضية ليست من اختصاصهم؟
** لماذا تركت الحبل على الغارب؟
** لماذا أسراب الشحاذين تسرح وتمرح وهم من دول أخرى لسنا مسؤولين عنهم؟
** ما دور وزارة الشؤون الاجتماعية.. وما رأيها؟
** الثالث.. لو أصدرت الجهات المسؤولة عن الفتيا.. فتوى بمنع الشحاذة في المساجد.. لماذا لا تعمم على الأئمة والمؤذنين لمنع وإيقاف هؤلاء.. لعل المسلمين تسبِّح وتهلل وتذكر الله.. وتستريح من صياح وصراخ هؤلاء الذين امتهنوا الشحاذة والصراخ في المساجد.. وكأن المساجد أعدَّت للشحاذة.. وكأن الناس جاءت للمسجد لتسمع هذه الشكاوى.
** الرابع.. المطلوب.. هو التنسيق بين وزارة الشؤون الاجتماعية والجهات الأمنية ووزارة الشؤون الإسلامية.. وجهات الفتيا.. لحل هذه المعضلة الكبيرة.. التي أفسدت على المسلمين.. الكثير من الأمور.
منقول من جريدة الجزيرة---للكاتب عبدالرحمن السماري