أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم

تغريدات اليوم الأول
قال الشيخ علي حفظه الله:

"السلام عليكم ورحمة الله .. بعد قليل سأبدأ بالحديث عن شيخنا العلامة بكر أبوزيد على هذا الوسم، وسأقدم بين يدي ذلك عدة أمور ..
من المؤكد أنني لن أستطيع استيفاء الحديث عنه بالتفصيل في هذه العجالة، وفي مساحة تويتر الضيقة، ولا الإجابة عن جميع ماورد من أسئلة
ومن المؤكد أنني لم ولن أزعم أنني أعرف الناس بشيخنا بكر أبوزيد ، ولكني كنت من أقرب الناس إليه في الفترة التي عرفته فيها وحتى مماته رحمه الله
لن أتكلم هنا إلا بما عرفته بنفسي أو تأكدت منه بخبر الثقة، وما لم أسنده إلى أحد فهو من خبري ومعرفتي، وذلك تجنبا للتكرار الممل .
سيختلط حديثي عن شيخنا بكر أبو زيد بشيء من الحديث عن النفس؛ لأني أعتبره حديث الذكريات، وهو أمر طبيعي في مقام كهذا، فلا عتْبَ ولا ملام..!!
لن أتحدث عن المعلومات التي يجدها القارئ بسهولة بمجرد البحث عن ترجمة شيخنا بكر أبوزيد . إلا إن اقتضى المقام ذلك..
أبدأ بسؤال تكرر كثيرا.. وهو : كيف تعرفت على الشيخ بكر أبوزيد ؟ فالجواب هو بسبب ١٠ ورقات أرسلتها إليه فيها تعقب لكتابه النظائر..
وكان ذلك سنة ١٤١٦ وهذه صورة الورقة الأخيرة من تلك التعقبات

أرسلت تلك الورقات مع الصديق د. يحي الثمالي وكانت صلته بالشيخ بكر أبوزيد قوية وجيدة، فأخبري في اليوم التالي أن الشيخ يريد مقابلتي.وكانت أول زيارة، وكنت متوجسا منها؛ لما اشتهر من شدة شيخنا بكر أبوزيد ، لكن جرى ما ليس في الحسبان، حيث استقبلني الأحضان متبسّطا ضاحكا شاكرا ..
لن أطيل كثيرا في وصف أول مجلس مع الشيخ وإن كان له في النفس وقع.. لكنه كبر في نظري فوق ما هو لتقبّله النقد بصدر رحب من طالب مغمور .
لكني اكتشفت بعد ذلك أن كثيرا من معارف الشيخ بكر أبوزيد الخلّص إنما توثّقت صلاتهم به بسبب نقد أو تعقب أرسلوه له، صح ذلك عندي عن ثلاثة غيري!
في السنة نفسها 1416 طبع كتاب تقريب التهذيب تحقيق أبي الأشبال، وتقديم الشيخ بكر أبوزيد ،فكتبت عليه تعقبات عدة وسلمتها له، وذكرتُ له أن طبعة الشام بتحقيق عوامة أفضل، فلم يغضب، بل طلب تحرير التعقبات وإرسالها للمحقق، ثم أخبرني لاحقا بغضب المحقق،وما زاد شيخنا بكر أبوزيد على التبسّم.
كل هذه اللقاءات كانت في مدينة الطائف في الصيف وقتَ مكث اللجنة الدائمة هناك لنحو ثلاثة أشهر من كل عام، فتوثّقت الصلة من ذلك الحين.
أذن لي شيخنا بكر أبوزيد بالمجيء إليه كل يوم بعد العصر، وكان مجلسه دائما في غرفة مفتوحة الجدران في فناء المنزل، فأبقى إلى قبيل المغرب ..
لم يكن في غرفته تلك إلا سجاد كبير قديم، ووسائد عدة، وكتبه وأوراقه التي لم أدخل عليه يوما إلا وهي بين يديه يقرأ ويقيد ويؤلف.
أكثر ما يحرص عليه شيخنا بكر أبوزيد من شاب مثلي لا زال في وقت الطلب هو سؤاله عن جديد الكتب وعن المكتبات ما نزل فيها من جديد،وتزويده بما يطلب.
يصدق على شيخنا بكر أبوزيد ما قاله الذهبي في حق شيخ الإسلام (ما رأيته إلا في بطن كتاب) وهكذا أقولها فحديثه وسميره وهجّيراه في العلم والكتب..
كثيرا ما كان شيخنا بكر أبوزيد يصنع الشاي بنفسه، ويسكبه بنفسه، حتى وإن كان لديه بعض الضيوف.. يتمنّع من تسليمي برّاد الشاي إلا بمشقة وعنت..!
من أبرز صفات شيخنا بكر أبوزيد البساطة وعدم التكلف في معيشته ولبسه وأكله وشربه، يستقبل الناس في تلك الغرفة المتواضعة، يتبسط في حديثه لضيفه..
وقد صرّح لي مرارا أنه يكره التكلف وزيادة الرزانة وتكلفها في المجالسة وإن كان عالما، وقد سمى لي اثنين وقال: هما أرزن مَن رأيت..!
شيخنا بكر أبوزيد عصامي النشأة من ابتداء الطلب حتى تسنّمه أعلى المناصب، لم يعرف إلا الجد والاجتهاد، وقد قال لي مرة: لا أعرف أن لي صبوة قط..!
أبرز من أخذ عنهم شيخنا بكر أبوزيد وتلمذ عليهم وتأثر بهم وانتفع بعلومه وسمعته يذكرهم مرارا الإمامان (محمد الأمين الشنقيطي- عبدالعزيز بن باز)
ثأثر شيخنا بكر أبوزيد في كتابته وأسلوبه بعالمين جليلين مغاربيين هما (محمد البشير الإبراهيمي- محمد الخضر حسين) كما صرح لي أكثر من مرة..
عكف شيخنا بكر أبوزيد على تراث إمامين جليلين محققين مجتهدين فنخله نخلا واستوعبه قراءة ودرسا هما (شيخ الإسلام ابن تيمية- وتلميذه ابن القيم) .
صرّح لي مرة أنه من شغفه وحبه لكتاب (مجموع الفتاوى 35مجلد) يراه في مكتبته كأنه مجلد واحد ، وأنه يتمنى لو كان في 100 مجلد..!
وقال لي: إنه قرأ آثار البشير الإبراهيمي (5مج)عدة مرات أظنها ثلاث، ولما طبعت كتب الخضر حسين طبعة جديدة طلب مني شراء كل كتبه..
وأنه قرأ (مجموع الفتاوى) مرتين على الأقل، وقرأ كتب ابن القيم كامله، وكرر بعضها مرارا، وقرأ (الأعلام للزركلي) خمس مرات جردا..
وأخبرني الأستاذ الجغرافي القدير عبد الله الشايع أن شيخنا بكر أبوزيد أخبره أنه قرأ (معجم البلدان) لياقوت الحموي ثلاث مرات...!

الصور المصغرة للصور المرفقة