علاقة علم الاجتماع بالتربية البدنية والرياضة:-
على الرغم من التاريخ الطويل للإنسان ومعرفته بالحياة الاجتماعية منذ نشأته الأولي إلا أن عمر علم الاجتماع قد لا يتجاوز المائة عام، وهو كما يقول روبرت ميرتون R. Merton: أنه علم جديد جدًا لموضوع قديم جدًا.
لقد اعتمد العلماء علي ما تركته الحضارات القديمة عند المصريين والبابليين والصينيين والهنود واليونانيين والرومان، وتؤكد معظم الكتابات القديمة علي محاولات الإنسان لفهم حياة جماعته وضبطها وأن هذه المحاولات الأولى كانت في المجالات الدينية والسياسية.
يؤكد هيرودوت Herodot, أن مثالية المصريين مثلاً هي في تبرير التنظيم الاجتماعي تحت أطباق المفهوم الديني والحياة الأخرى ليست إلا امتدادًا للحياة الدنيا، وهو ما يفسر عنايتهم الكبرى بدفن الموتى محنطين مع كل ما يلزمهم في الحياة الآخرة.
ويشير بعض المؤرخين إلي أن التفكير والفلسفة الصينية الاجتماعية تمثل أقدم تفكير منظم عن المجتمع قبل عصر سقراط إلا أن المفكرين الصينيين بقوا متوقفين في نفعية ضيقة وأخلاقية قاسية لم تبذل أي اهتمام للنظر في الآلام البشرية وبخاصة منها آلام النساء.
وكما يقول بعضهم أن الفضل يرجع إلي فلاسفة اليونان في وضع أساس العقلانية الغربية، وإلي ظهور أول تفكير منظم فتح باب الأساليب العلمية في الموضوعات الاجتماعية، كالملاحظة والمقارنة والنقد ... وغيرها، ولم يمسوا ما له علاقة بالعادات والأساطير والخرافات بل ذهبوا يفتشون عن الحق الطبيعي في احترام الشخصية الإنسانية ودافعوا عن الفرد، كما اهتموا أخلاقيًا بالدفاع عن فكرة المساواة ومقارعة العبودية والوطنية الضيقة التي تمثلها المدن اليونانية.
ولكن في المقابل لا يمكننا أن ننسي ابن خلدون، وما له من الفضل في إعطاء التاريخ تعبيره الاجتماعي عندما تحدث عن أحوال الناس وعاداتهم وتقاليدهم وسبب استعلاء بعضهم علي بعض.
ويقول هارى بارنس Barnes H.، إن أهم ما يميز ابن خلدون، هو فصله بين ما سماه بالتاريخ القصصي المملوء بالخرافات والأوهام وبين التاريخ العلمي الذي يقوم علي تحري الحقائق، وفي تحليله لأثر البيئة الطبيعية علي المجتمع، ولم يساويه إلا بودان Bodan، ومنتسكيو Montasikuh.
وقد تحدث ابن خلدون، عن تأثير الهواء في ألوان البشر وأخلاقهم والكثير من أحوالهم، وعن الخصب والجوع وأثره في أبدان البشر وأخلاقهم، وعن البدو والحضر واختلاف نحلتهم من المعايش بقوله: والبدو أقرب إلي الخير والشجاعة من أهل الحضر، وهو السياق في علم اجتماع المدن وفي اختلاف أنواع الصناعات والحرف فيها، وفي الرزق والكسب ووجوه المعاش وأصنافه ومذاهبه.
ويقول سوروكين، وهو من أكبر علماء الاجتماع المعاصرين، إن ابن خلدون ناقش جميع المسائل التي ترد دائمًا في موضوعات علم الاجتماع العام وفروعه المختلفة، كما أنه في مجال التاريخ يعتبر مؤسس التاريخ العلمي.
ويوجد علاقة بين علم الاجتماع والعلوم الأخرى، ومن بين هذه العلوم التربية البدنية والرياضة.
علاقة علم الاجتماع بتاريخ التربية البدنية والرياضة:
إن تتبع التاريخ للأحداث الرياضية التي وقعت، هو في حد ذاته ترتيب وتضييق للسلوك عبر الزمن، وبينما يولي المؤرخون اهتماماتهم نحو دراسة الماضي ويتجنبون البحث عن اكتشاف الأسباب، باستثناء فلاسفة التاريخ، فإن علماء الاجتماع يهتمون بالبحث عن العلاقات المتبادلة بين الأحداث التي وقعت وأسبابها.
ويذهب علم الاجتماع بعيدًا في دراسة ما هو حقيقي بالنسبة لتاريخ عدد كبير من الشعوب، ولا يهتم بما هو حقيقي بالنسبة لشعب معين.
والمؤرخون لا يهتمون كثيرًا بالأحداث العادية التي تتخذ شكلاً نظاميًا كالملكية أو العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة كالعلاقة بين الرجل والمرأة مثلاً، بينما هي محور اهتمامات علم الاجتماع.