صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 30

الموضوع: بحث عن التربيه

  1. #1
    ~ [ عضو جديد ] ~
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المشاركات
    12

    بحث عن التربيه

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    صبحتو بالخيييييييييييير

    هنا أكثر من بحث عن التربية

    تجدونها من خلال الردود على الموضوع


    الإدارة


    (ترى انتم اللي عودتوني مالي شغل ) كل مابغيت بحث ماتقصرون معي الله يخليكم وتساعدوني
    عاد الحين ابي مساعدتكم ابي بحث عن التربيه تعريفها نظامها مراحلها الموسسات والمشرف عليها
    يعني بحث شامل الله يخليكم

  2. #2

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    هلا فيك خيتي سجم

    وحياك الله افا عليك بس الي تبغينه لا يردك غير ايدك تكتب على الكيبورد

    واكتبي الطلب الي تريدينه

    وإن شاء الله يكون طلبك موجود عندك في اقرب فرصة

    تمنياتي لك بدوام التوفيق
    [align=center][/align]

  3. #3

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    هلا بك اختي المشكلة ما حددتي نوع التربية الي تبغين

    لكن راح انزل موضوعات متنوعة في التربية واتمنى انها تكون هي المطلوب

    [align=justify]تعريف التربية :
    هي مجموعة العمليات التي بها يستطيع المجتمع أن ينقل معارفه وأهدافه المكتسبة ليحافظ على بقائه، وتعني في الوقت نفسه التجدد المستمر لهذا التراث وأيضا للأفراد الذين يحملونه. فهي عملية نمو وليست لها غاية إلا المزيد من النمو، إنها الحياة نفسها بنموها وتجددها.

    أنواع دراسات التربية :-
    1. تاريخ التربية : وغايته البحث في التربية في الماضي وتطورها عبر العصور.
    2. الدراسة النقدية النظرية للتربية : هي الدراسة التي يعتمد فيها الفكر على نفسه ليلقي نظرة نقدية على ما ظهر في تاريخ التربية وحولها من أراء ونظريات.
    3. الدراسة العلمية الموضوعية للتربية : حين يتخصص إنسان في حل مسائل التربية عن طريق استعمال الملاحظة المنظمة لمظاهر العمليات التربوية في الميدان أو في المختبر.
    4. التربية المقارنة دراسة التربية في العالم إحدى العالم العربي ومقارنتها مع بعضها البعض تقع في ميدان الدراسات التربوية المقارنة.
    5. فن التربية : وفي التربية والتعليم آراء كثيرة فيها مجال تطبيقي .

    التربية والتعليم :-
    من الأهمية بمكان التأكيد على ضرورة وأهمية أسبقية التربية على التعليم، والتأكيد على ضرورة انسجام التربية في الأسرة مع التربية ( التعليم ) في المدرسة، والتربية التي يقدمها المجتمع من خلال مؤسساته.

    صلة التربية بالعلوم الإنسانية :-
    إن التربية تستفيد من النظريات المختلفة التي جاءت بها العلوم الإنسانية والفلسفية والاجتماعية التي تفسر مختلف الظواهر النفسية والاجتماعية والعلاقات السلوكية الإنسانية المتعددة. ومن المعارف الإنسانية التي لها علاقة مباشرة مع التربية نخص بالذكر ما يلي –
    التربية والفلسفة : إن فلسفة التربية ما هي إلا تطبيق للفلسفة في مجال العمل التربوي وكانت التربية احد العلوم الداخلة تحت جناح الفلسفة.
    التربية وعلم النفس : لقد أدى تطبيق الطرق العلمية لعلم النفس على التربية إلى تكوين الطرق التربوية ذاتها.
    التربية وعلم الإنسان : التربية ما هي إلا العملية التي تؤمن للفرد القدرة والتلاؤم بين دوافعه الداخلية وظروفه الخارجية النابعة من بيئة ثقافية واجتماعية معينة.
    التربية وعلم الاجتماع : إن جميع الأسس الاجتماعية هي أسس مهمة في العملية التربوية ذلك أن التربية لا توجد في فراغ، وإنما في مجتمع له أسسه وعلاقاته الاقتصادية والثقافية والسياسية والتربوية.
    التربية وعلم الأحياء : إن التربية تبحث في معرفة قوانين الحياة العامة والنمو والتكيف وهي وثيقة الاتصال مع ما يدرسه علم الأحياء
    صلة التربية بالتاريخ : إن وجود البعد التاريخي يساعد العملية التربوية على فهم ما ورثته من الماضي وما أعدته للحاضر وكيف تخطط للانطلاق إلى المستقبل، وأيضا يساعدها على فهم المشكلات التربوية المختلفة في ضوء معالجة المشكلات التي مرت على البشرية في مراحل تطورها.

    أهداف التربية :-
    وتصنف هنا حسب صفاتها على ممر العصور :
    1. الهدف المحافظ : وهو الهدف الذي كان سائدا في المجتمعات البدائية، حيث كان الأهل يربون الناشئة على ما كان عليه الراشدون، وكان الأطفال يتعلمون ما إن ينتظر القيام به حين يصبحون راشدين.
    2. التربية كإعداد للمواطن الصالح : فقد كانت أهداف التربية في الدول السابقة هي إعداد الفرد لذاته وتنمية الصفات المطلوبة والمرغوبة.
    3. التربية كإعداد يحقق الأغراض الدينية : إن ارفع العلوم حتما هو معرفة الله وصفاته، ولكن العلوم لم تقيد بهذا الحد.
    4. النزعة الإنسانية في التربية : إن التربية الكاملة هي تلك التي تمن الرجل من أن يقوم بكل الواجبات الخاصة والعامة، وقت السلم وزمن الحرب بكل حذاقة واعتزاز.
    5. المعرفة وطريقة البحث كهدف أعلى للتربية : بدا توسع العلوم واضحا منذ مطلع القرن السابع عشر، وكان من نتائجه وقوف الفكر الإنساني أمام هذا الاتساع وقفة حائرة تتمثل في كيفية الاحاطة الكاملة بهذه المعارف، وإيجاد طريقة كوسيلة لازمة للوصول إلى المعرفة.
    6. الأهداف الأرستقراطية والديمقراطية في التربية : ولقد كانت أهداف كوندورسية بجملة عامة حين يقول ( إن هدف التربية هو إنماء الملكات الجسمية والفكرية والخلقية في كل جيل، مما يؤدي إلى المشاركة في التحسين التدريجي للجنس البشري )
    7. التربية كنمو فردي متناسق : لقد تركت الأهداف التربوية لروسو أثرا بالغا في الفكر التربوي المعاصر، وهي تشديدها على النمو الذاتي الداخلي للطفل نموا يحقق له وحدة شخصيته وتناسقها وانطلاقها وان اختلفت معه في التفاصيل.
    8. التربية كإعداد لحياة كاملة : فقد صدر عن الاتحاد الوطني التربوي 1918 / تحديد الأهداف التربية في إعداد الأفراد لحياة صحية سليمة، والقيام بالوظائف، وتكوين العضو الصالح في بيئته،وكسب العيش عن طريق مهنة مناسبة، والانتفاع بوقت الفراغ وبناء أخلاق صالحة.
    9. التربية كتحقيق لأهداف تحددها الدراسة العلمية : انتقد الأهداف التربوية السابقة عدد من المتخصصين المعاصرين في التربية بأنها على الرغم من جدارتها وصحتها محدودة بحدود التأملات الشخصية لهذا المربي أو ذلك الفيلسوف. ويؤثر استخدام الطرائق العلمية الحديثة في تحديد أهداف التربية.
    10. أهداف التربية التقدمية : لا بد من جعل حياة الطفل في المدرسة غنية زاخرة بالجديد والمتنوع، وبالمشاكل التي تشبه مشاكل الحياة العامة، ونجعل تربيته مبنية على طريقة حل المشكلات.
    11. أهداف التربية القومية : تتفق الدول المتعاقدة على أن يكون هدف التربية والتعليم فيها بناء جيل عربي واع مستنير يؤمن بالله وبالوطن العربي ويثق بنفسه وأمته ويستهدف المثل العليا في السلوك الفردي والاجتماعي ويتمسك بمبادئ الحق والخير، ويملك إرادة النضال المشترك وأسباب القوة والعمل الايجابي متسلحا بالعلم والخلق لتثبيت مكانة الأمة العربية المجيدة، وتامين حقها في الحرية والأمن والحياة الكريمة.[/align]
    [align=center][/align]

  4. #4
    ~ [ عضو جديد ] ~
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المشاركات
    12
    هلا وغلا اخوي والله ماتقصر وانا كلفت عليك
    الله يعطيك العافيه 00
    ابي بحث عن التربيه الاسلاميه لو تكرمت
    تربية الطفل 00 تربية المجتمع اي شي عن التربيه الاسلاميه وخصائصها
    والله يعطيك العافيه خيو


    اختك

    سجم

  5. #5

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    هلا بك اختي سجم

    ايه كذا يكون البحث اسهل ^_^

    وإن شاء الله يكون الموضوع بين يديك


    في اقرب فرصة

    تمنياتي لك بدوام التوفيق
    [align=center][/align]

  6. #6

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=justify]مفهوم التربية الإسلامية وتعريفها.
    أولا: مفهوم التربية:
    1) عند علماء اللغة العربية:
    يجد الباحث في كتب اللغة العربية ومعاجمها أن للفظ التربية جذرين هما (ربا – يربو)و(ربّ – يربّ)، وأن المعاني المأخوذة منها للفظ التربية لا تخرج عن :" الزيادة والنمو، والنشأة والترعرع، والتغذية، والسياسة والتفوق، والتعليم، وإصلاح الشيء وحفظه ورعايته، وتكفل الصغير وحسن القيام على أموره حتى يدرك".(انظر : لسان العرب والقاموس المحيط وتاج العرس ومعجم مقاييس اللغة).
    ويلاحظ أن المعاني اللغوية تشمل الكثير من جوانب النمو عند الفرد، ولا تقتصر على الجانب العقلي فقط، وقد لا نجد مثل هذا الشمول في غير اللغة العربية.
    2) عند علماء التربية الغربيين:
    يختلف علماء التربية في تعريف " التربية" اختلافا واسعا، وذلك لاختلافهم في فلسفاتهم التربوية، ولتعقد العملية التربية ذاتها، ولا ختلافها من مجتمع لآخر، ولتطورها عبر القرون وتغير مدلولها.
    يرى البعض أن التربية هي " عملية تنشئة الطفل في جميع مراحل حياته، حتى يستطيع الاعتماد على نفسه، والاستغناء عن الآخرين (انظر محب الدين أبو صالح، مقداد يالجن، عبد الرحمن النحلاوي: دراسات في التربية الإسلامية).
    ويرى آخرون أنها تعني" جميع الوسائل والطرق التي تسهم في إكساب الطفل ثقافة مجتمعه، أو مجموعة العادات التي تكون لدى الطفل أنماط سلوكه العقلي والاجتماعي والنفسي والخلقي (2- أنظر المرجع السابق)، ويرى غيرهم أنها تعني " العملية التي تسهم في تنمية جوانب الفرد كلها أو إحداها"، أو خدمة الفرد والمجتمع(أنظر المرجع السابق)، ويؤكد آخرون أن " التربية عملية شاملة واسعة، فيعرفونها بألفاظ قليلة، ذات مدلولات واسعة عريضة(أنظر المرجع السابق).
    ومن أهم التعريفات للفظ التربية عند علماء التربية ما يلي:
    أ – تعريف ( أميل دور كهايم): " التربية هي العمل الذي يمارسه أجيال الراشدين على أجيال لم يتم نضجها بعد للحياة الاجتماعية(أنظر انجيلا ميديسي: التربية الحديثة، محمد أحمد سليمان : سلسلة الألف كتاب).
    ب – تعريف (كارل مانهايم): " التربية هي إحدى وسائل تشكيل السلوك الإنساني، كي يتلاءم مع الأنماط السائدة للتنظيم الاجتماعي(أنظر الشعبة العربية للتربية والعلوم الثقافية- معجم العلوم الاجتماعية).
    ج- تعريف (هربارت سبتر): التربية هي " الإعداد للحياة العامة".(أنظر عمر محمد الشيباني: تطور النظريات والأفكار التربوية)
    د- تعريف (جون ديوي): التربية هي " الحياة وليست الإعداد للحياة(انظر المرجع السابق)، بل هي الحياة، وهي عملية النمو، وعملية التعلم، وعملية بناء وتجديد مستمرين للخبرة وأنها عملية اجتماعية (أنظر المرجع السابق).
    هـ_ يقول آخرون: التربية هي " عملية تكيف وتكييف".(أنظر فاخر عاقل: معالم التربية).
    3) عند العلماء المسلمين:
    نجد تعريفات متعددة للفظ" التربية" عند بعض العلماء المسلمين في ثنايا كتبهم المتعلقة بالتفسير أو الأخلاق، أو التصوف أو التهذيب وغيرها، ومن هذه التعريفات ما يلي:
    一- تعريف (الراغب الأصفهاني):" التربية، إنشاء الشيء حالا فحالا إلى حد التمام"(أنظر الراغب الأصفهاني: المفردات في غريب القرآن).
    二- تعريف (البيضاوي):" التربية هي تبليغ الشي إلى كماله شيئا فشيئا" (انظر البيضاوي: أنوار التنزيل، وأسرار التأويل).
    ج – تعريف (ابن سينا): " التربية عادة، وأعني بالعادة فعل الشي الواحد مرارا كثيرا، وزمانا طويلا في أوقات متقاربة".(أنظر ابن سينا: الأخلاق).
    د- تعريف (محمد عبد الله دراز):" التربية هي تعهد الشيء ورعايته بالزيادة والتنمية، والتقوية، والأخذ به في طريق النضج والكمال الذي تؤهله له طبيعته، والتربية الإنسانية هي التي تتناول قوى الإنسان، وملكاته جميعها.( انظر محمد عبد الله دراز: كلمات في مبادئ علم الأخلاق).
    نلحظ من العرض السابق لتعريفات" التربية" أن المعاني لدى العلماء المسلمين تلتقي مع بعض ما ذهب إليه علماء التربية الغربيين، وأن التربية هي عملية تنشئة ونمو وتعويد وإكساب خبرات وبناء سلوك، وأن التربية في الدراسات التربوية مقصورة على التفاعل بين طرفين من البشر، أحدهما كبير والآخر صغير، وأنها عملية مقصودة لتحقيق هدف معين، أو أهداف محددة تتعلق بسلوك الإنسان، وأن هذه الأهداف تختلف من مجتمع لآخر حسب عقيدته أو فلسفته وحسب رقيه أوتدنيه في سلم الحضارة، ولذا فالتربية تتم لأفراد معينين في مجتمع معين.
    ثانيا: مفهوم التربية الاسلامية
    1- لم يكن مصطلح التربية الإسلامية" مستعملا لدى المسلمين قديما، وذلك لأن المجتمعات الإسلامية القديمة لم تكن تعرف من الأنظمة التربوية سوى التربية في ظلال القرآن الكريم والسنة النبوية، ولذا كانت جميع كتابات العلماء المسلمين المتعلقة بالتربية والتعليم أو التأديب والتهذيب، تعتمد على نصوص القرآن والسنة وما يستنبط منهما.
    2- ويلحظ أن مصطلح التربية الإسلامية" قد بدأ استعماله بعض الباحثين ليشيروا به إلى ما كان لدى المسلمين من مؤسسات تربوية، وبعض ممارسات وتوجيهات تتعلق بالتربية والتعليم، وكأن مفهوم التربية الاسلامية لديهم يعني" تاريخ التربية عند المسلمين" أو ما كان لدى المسلمين من مؤسسات تربوية ومناهج وطرق تدريس.
    3- واستعمل مصطلح " التربية الإسلامية" آخرون بمفهوم " تاريخ الفكر التربوي عند المسلمين" حيث بحثوا تحت ذلك المصطلح الفكر التربوي الذي كان يسود المجتمعات الإسلامية، وربطوه ببعض العلماء المهتمين بذلك أمثال(ابن سحنون، والقابس، والغزالي، وابن سينا، وابن خلدون)
    4- ووجد مصطلح " التربية الإسلامية" في بعض الدول الإسلامية ليدل على اسم مقرر دراسي يتضمن بعض السور القرآنية، والأحاديث النبوية، والسيرة والتوجيهات الخلقية وبعض أحكام العقائد والعبادات وبعض ما يتعلق بأنظمة الاسلام الاجتماعية.
    5- ولكن بعض الباحثين المحدثين من رجال الفكر الاسلامي، ومن المهتمين بقضية التربية والتعليم في العالم الإسلامي استعملوا مصطلح" التربية الاسلامية" بمفهوم يختلف عن المفاهيم السابقة، وأصبح يعني لديهم:
    النظام التربوي الذي جاء به الإسلام ليكون أداة التغيير الثقافي والاجتماعي في جميع المجتمعات البشرية، وأداة صياغة الإنسان وتوجيهه ورعاية جوانب نموه بما ينسجم مع فطرته" ، أو أنها: التربية الشاملة القائمة في كل جانب منها على الإسلام، والمنبثقة أساسا من حدود الإسلام، ومفاهيمه".
    تحليل عناصر هذا المفهوم
    إن التربية الإسلامية نظام تربوي متكامل، يقوم كل جانب فيه على تعاليم الإسلام ومفاهيمه ومبادئه ومقاصده، ولذا فهي تختلف عن جميع الأنظمة التربوية من حيث مصادرها وأهدافها، وبعض أسسها ومبادئها ومؤسساتها وأساليبها، وخصائصها. وهي التي بدأت بتربية رسول الله عليه السلام صحابته الكرام وإعدادهم، وتنشئتهم ورعاية نموهم، وتفتيح استعدادتهم، وتوجيه قدراتهم وتنظيم طاقاتهم حتى أصبحوا خير الأجيال عبر التاريخ الإنساني.
    والتربية الإسلامية هي العملية التربوية التي سار عليها المسلمون بعد نبيهم عليه السلام في تنشئة أجيالهم واعدادهم حتى أصبحوا بها رجال الإسلام والإيمان والفكر والعلم، والتهذيب والخلق، وسادة العالم وخير أمة عرفتها البشرية.
    والتربية الإسلامية هي النظام التربوي الذي فرض الله على المسلمين أن يربوا أولادهم، ويوجهوا أهاليهم، ويرعوهم في ضوئه دون غيره من الأنظمة التربوية الكافرة الملحدة، أو العلمانية اللا دينية، أو الدينية المنحرفة، وهي النظام التربوي الذي افترض الله على القائمين على شؤون التربية والتعليم ومؤسساته المباشرة وغير المباشرة- أن يعملوا على تحقيق أهدافه من خلال تلك المؤسسات وأنظمتها وممارستها.
    مما سبق يوضح أن مفهوم " التربية الاسلامية" في الدراسات و البحوث التربوية لم يعد يعني" تاريخ التربية، أو الفكر التربوي عند المسلمين" أو اسم مقرر دراسي" وإنما هو النظام التربوي المنبثق من نصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية، والهادف لتنشئة المسلم وتوجيهه، ورعاية جوانب نموه، لبناء سلوكه وإعداده لحياتي الدنيا والآخرة، والذي افترض الله على المربين آباء ومسؤولين أن يأخذوا به وحده دون غيره من الأنظمة التربوية.
    ثالثاً: تعريف التربية الاسلامية:
    توصل بعض الباحثين في ضوء المفهوم السابق للتربية الإسلامية إلى وضع تعريفات علمية محددة للتربية الإسلامية، ومنها ما يلي:
    1) التربية الإسلامية " تنشئة، وتكوين إنسان مسلم متكامل من جميع نواحيه المختلفة من الناحية الصحية والعقلية والروحية والاعتقادية والأخلاقية والإبداعية، وذلك في ضوء المبادئ العامة التي جاء بها الإسلام، وفي ضوء أساليب وطرق التربية التي بينها"(أنظر محب الدين ابو صالح). ويقول صاحب هذا التعريف: " هي بتعريف أبسط: تنشئة المسلم وإعداده إعدادا كاملا للحياة الدنيا والآخرة".
    2) التربية الإسلامية هي: " تلك المفاهيم التي يرتبط بعضها ببعض في إطار فكري واحد، يستند إلى المبادئ والقيم التي أتى بها الإسلام، والتي ترسم عددا من الإجراءات والطرائق العلمية، يؤدي تنفيذها إلى أن يسلك سالكها سلوكا يتفق وعقيدة الإسلام".(انظر سعيد إسماعيل علي_ أصول التربية الإسلامية).
    3) وأرى أن التعريف الذي توصلت إليه للتربية الإسلامية قد يكون أكثر شمولا واتساعا، وأنها" مجموعة التصرفات العملية والقولية، المأخوذة من نصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية، أو الاجتهاد في ضوئها، والتي يمارسها إنسان بإرادته مع إنسان آخر، بهدف مساعدته في اكتمال جوانب نموه، وتفتيح استعدادته، وتوجيه قدراته، وتنظيم طاقاته، ليتمكن من ممارسة النشاطات، وتحقيق الغايات التي يحددها الإسلام، وقد يؤكد هذا التعريف أن التربية الإسلامية عملية :
    أ – مرتبطة بنصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية، والاجتهاد في ضوئها.
    ب – طرفاها من البشر، قد يكونان كبيرين، أو أحداهما كبير والآخر صغير وهذا الأغلب.
    ج – مقصوده، تقوم على إرادة واعية، وموجهة، وهذا لا يمنع أن تحدث أحيانا من خلال مواقف مربية غير مقصوده.
    د- شاملة تتناول جميع جوانب النمو في الفرد- العقلي والجسمي والنفسي، والاجتماعي، والصحي، والروحي، والخلقي وجميع جوانب قدراته وطاقاته.
    هـ – مستمرة مع الإنسان في جميع مراحل نموه، منذ تكوينه حتى وفاته.
    و- هادفة لتمكين الإنسان من القيام بالأنشطة والممارسات المحققة لغايات الإسلام وأهدافه في بناء الفرد والمجتمع والحضارة.[/align]
    [align=center][/align]

  7. #7

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=justify]مصادر التربية الاسلامية
    أشرنا في موضوع " مفهوم التربية الإسلامية" إلى أن مما تختلف به التربية الإسلامية عن غيرها من الأنظمة التربوية في مصادرها التي تقوم عليها، والمحددة بالقرآن الكريم، والسنة النبوية، والاجتهاد والبحث العلمي في ضوئهما ومقاصدهما، وهذا ما سنبحثه هنا- إن شاء الله- .
    أولا: القرآن الكريم المصدر الأول للتربية الإسلامية:
    يجمع العلماء المسلمون أن القرآن الكريم هو المصدر التشريعي الأول لجميع الأنظمة التي ينبغي أن تطبق في المجتمع الإسلامي، ومنها النظام التربوي الذي يعتبر أداة التطبيع الاجتماعي والتغيير الثقافي، وصياغة الإنسان المسلم وإعداده وتنشئته، ولذا كان طبيعيا أن يكون القرآن الكريم هو المصدر الأول للتربية الإسلامية، تستمد منه أساسياتها، وأهدافها، ومبادئها، وقيمها، ووسائلها، وأساليبها، وبعض ما يتصل بالأنماط السلوكية المكونة لمضمونها، فتصبغ التربية بصبغة القرآن وتتأثر ببعض خصائصة، وتسير في ضوء نصوصه ومقاصده.
    لقد تنبه لهذا القضية المسلمون القدامى الذين كتبوا في قضايا التربية والتعليم، أو التهذيب والتأديب، أو التصوف والسلوك، ولذا كانوا يعتمدون نصوص القرآن الكريم في كل قضية تربوية أو تعليمية أو سلوكية يريدون عرضها، أو تأكيدها، أو التوجيه اليها، أو بيان أهميتها في حياة الفرد أو المجتمع(انظر القابسي : الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين، وأحكام المعلمين والمتعلمين، وكتاب التربية في الإسلام لأحمد فؤاد الأهواني).
    ويؤكد الباحثون المحدثون في التربية الإسلامية أن القرآن الكريم هو كتاب تربية وتهذيب، وينبغي اعتباره المصدر الأول للتربية الإسلامية، يقول فاضل الجمالي:" القرآن الكريم هو كنز عظيم من كنوز الثقافة الإسلامية، ولا سيما الروحية منها، وهو أول ما يكون كتاب تربية وتهذيب على وجه العموم، وكتاب تربية اجتماعية وأخلاقية وروحية على وجه الخصوص" (أنظر محمد فاضل الجمالي : تربية الإنسان الجديد).
    1) أدلة اعتبار القرآن الكريم مصدرا للتربية الإسلامية
    إننا إذا أردنا أن نستدل بكل آية في القرآن تتعلق بقضية من قضايا التربية والتعليم، أو بجانب من جوانبه لوجدنا أنفسنا مضطرين لإيراد الكثير من آيات القرأن الكريم لأنها تتعلق- نصا أو استنباطا- بقضية من قضايا التربية، أو ببناء جانب من جوانب سلوك الإنسان- إكسابا أو إلغاء أو تعديلا- سواء في تعامله مع ربه، أو مع نفسه، أو مع غيره، أو مع مفردات الكون الذي يعيش فيه، ولصعوبة ما سبق ولضيق الوقت سنكتفي بعرض موجز مركز للأفكار التي تدل عليها آيات القرآن الكريم وما يتعلق بالتربية الإسلامية، ومن ذلك :
    1 – نجد آيات كثيرة تتعلق بتحديد التصورات والمفاهيم للقضايا الأساسية- أو ما يسمى بالفلسلفة التربوية، التي يقوم عليها الإطار النظري للتربية الإسلامية، وهي قضايا (الألوهية- العبودية- الإنسان- الكون- الحياة) (انظر سورة الرعد:16، الأنعام:102، مريم:93، المؤمنون:12، الحج: 5و17، الجاثية: 13، العنكبوت:64.)
    2 – نجد آيات كثيرة تتعلق بتحديد أبعاد الإطار النظري للتربية الإسلامية وجوانبه، وهي الآيات التي تقدم الإجابات عن التساؤلات الأساسية المحددة للإطار النظري أو نظام تربوي. وهذه التساؤلات هي :
    أ – من نعلّم : بمعنى :
    ما أصل الإنسان ؟ وكيف وجد ؟ وما طبيعته؟ وما جوانبه؟ وما مدى قابليته للتعلم؟.(أنظر سورة الحجر:28-29، المعارج:19-22، النمل:78.
    ب – لماذا نعلم: بمعنى:
    ما الغايات والأغراض، والأهداف والمقاصد التي نسعى إلى تحقيقها من عملية التربية والتعليم؟(انظر سورة الذاريات 56-57،طه:14، الجمعة :3.
    ج – من أين نعلم وماذا : بمعنى:
    ما مصادر التعليم والمعرفة التي منها نستخرج المعلومات والحقائق والمبادئ والمفاهيم والميول والاتجاهات والقيم ومناهج التفكير وألوان التذوق التي تكون المادة التعليمية للمتعلم.(انظر سورة النجم2-4، العنكبوت:20، يوسف:109، فصلت:53.
    د- كيف نعلم ؟ بمعنى :
    ما الطرق والوسائل والإجراءات التي ينبغي أن تسلك أو يستعان بها في عملية التربية والتعليم؟ والمبادئ والقوانين التي ينبغي أن تقوم عليها تلك الطرق والإجراءات؟(انظر سورة الكهف:45، الأحزاب:12، الأعراف:176.
    هـ- أين نعلم؟ بمعنى:
    ما المؤسسات التربوية والتعليمية التي ينبغي أن تتولى عملية التربية والتعليم؟ وما شروط بنائها وأسسه ومبادئه؟.(انظر سورة لقمان 13، التحريم:6.
    و- متى نعلم؟ بمعنى :
    هل ترتبط عملية التعليم بسن معينة؟ وهل هي موقوفة على الصغار دون الكبار؟ وهل تقف عند سن معينة؟ أم أنها مستمرة مدى الحياة؟.(انظر: سورة يوسف 76، الاسراء: 85، طه: 114.
    3 – نجد آيات كثيرة تتعلق بعملية التربية والتعليم- التي ينبغي أن تتم في ضوء الإطار النظري للتربية الإسلامية- وهي التي تدعو إلى وجوب وجود عملية التربية والتعليم في البيت، والمسجد والمجتمع، وتبين أهمية ذلك في حياة الجماعة والفرد، وسعادته في الدنيا والآخرة، وتوضح مكانة المتعلم عند الله ودرجته، وعدم استوائه مع الجاهل وتحدد مجالات عملية التربية والتعليم وآفاقها وجوانبها، وما يتعلق بمضمونها؟(انظر سورة التحريم:16، البقرة:114، التوبة:18، الجن : 18، التوبة :122، الزمر:9.
    ولا بد من الإشارة أخيرا إلى أن الأفكار والمفاهيم والتصورات وإجابات الأسئلة السابقة تؤخذ من آيات القرآن الكريم نصا أو استنباطا وفهما.
    ثانيا : السنة النبوية: المصدر الثاني للتربيةالاسلامية:
    أ) تعريف السنة النبوية ووظائفها:
    توجد للسنة النبوية تعاريف كثيرة، وهي في اصطلاح المحديثن"كل ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو صفة خلقية أو خلقية، أو سيرة، سواء أكان ذلك قبل البعثة كتحنثه في غار حراء، أم بعدها (انظر محمد عجاج خطيب: السنة قبل التدوين).
    ويحدد علماء أصول الفقه وظائف السنة فيما يلي:
    1 – تأكيد ما جاء في القرآن الكريم: لذا نجد في السنة النصوص الكثيرة التي تؤكد بعض الأفكار والمبادئ والتصورات المتعلقة بأساسيات التربية الإسلامية أو إطارها النظري، أو عملية التربية والتعليم والتي أشرنا إليها في المصدر الأول للتربية الإسلامية.
    2 – بيان وتوضيح ما جاء في القرآن الكريم: لذا نجد في السنة نصوصا تفسر وتوضح الكثير مما جاء في القرآن الكريم من أحكام ومبادئ وحقائق ومعلومات لها صلة بالتربية والتعليم.
    3 – تشريع قضايا جديدة لها أصل في القرآن الكريم: فنجد مثلا السنة النبوية تربي المسلمين على اعتقاد حرمة الجمع بين الزوجة وعمتها أو خالتها، مع أن القرآن الكريم قد تعرض للمحرمات من النساء ولم يذكر ما أشارت إليه السنة في قول رسول الله عليه السلام:( لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها). ( انظرالصنعاني: سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام).
    4 – تشريع قضايا جديدة لا أصل لها في القرآن الكريم: نحو تربية السنة النبوية للرجال المسلمين أن يحرموا على أنفسهم لبس الذهب والحرير بقوله عليه السلام: ( أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها) (انظر الصنعاني: سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام).، علما أن القرآن الكريم لم يتعرض لتحريم أي شيء من الألبسة، أو بعض أنواع الزينة.
    ويجمع العلماء المسلمون على أن السنة النبوية هي المصدر التشريعي الثاني بعد القرآن الكريم لجميع الأنظمة التي ينبغي أن تحكم المجتمع المسلم، والتي فيها النظام التربوي، ولذا كان طبيعيا بل واجبا أن تعتبر السنة النبوية هي المصدر الثاني للتربية الإسلامية.
    ب – أدلة اعتبار السنة النبوية مصدرا للتربية الإسلامية:
    1 – يربي القرآن الكريم المسلمين على وجوب طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم استقلالا، ووجوب الالتزام بالسنة النبوية والأخذ بها في جميع جوانب الحياة ونظمها، والتي منها النظام التربوي الإسلامي، قال تعالى: ( ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) سورة الحشر: آية 7.
    2 – إعلان القرآن الكريم أن وظيفة رسول الله صلى الله عليه وسلم تربية الناس وتعليمهم، قال تعالى: ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) سورة الجمعة:آية2.
    3 – تأكيد رسول الله عليه السلام أنه معلم، ووصف الصحابة له بذلك: قال عليه السلام:( أن الله لم يبعثني معنتا، ولا متعنتا، ولكن بعثي معلما ميسرا). (انظر أحمد بن حنبل: مسند الإمام أحمد بن حنبل).
    4 –تأكيد السنة وشرحها ما جاء في القرآن الكريم مما له صلة بأساسيات التربية الإسلامية: تناولت السنة النبوية من خلال وظائفها- التي سبق ذكرها- تأكيد وشرح وبيان الكثير من آيات القرآن المتعلقة بتحديد بعض المفاهيم والتصورات الأساسية- الألوهية العبودية، الإنسان، الكون، الحياة- التي تقوم عليها التربية الإسلامية، أو المتعلقة بتحديد أبعاد جوانب الإطار النظري للتربية الإسلامية- من نعلم؟ لماذا نعلم؟
    5 – تأكيد السنة النبوية الأسس والأساليب والمبادئ التربوية التي تعرضت لها آيات القرآن الكريم، أو شرحها وتفسيرها، أو الزيادة عليها مما أقره الوحي، وطبقه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثناء تدريسه وتعليمه صحابته رضوان الله عليهم.
    6 - تأكيد السنة لما ينبغي أن تكون عليه الأنماط السلوكية لجوانب النمو في الفرد التي وردت في آيات القرآن الكريم، أو شرحها، وتفسيرها، أو الزيادة عليها.
    ولا شك أن أكثر نصوص السنة النبوية تتعلق بهذا الجانب، حيث تمثل السنة النبوية الجانب التطبيقي للتربيةالإسلامية التي نظمت أنماط سلوك الفرد في أثناء تعامله مع خالقه، ومع نفسه، والآخرين، وبقية الكائنات والموجودات.
    7 – تأكيد السنة لما ينبغي أن يكون عليه سلوك المجتمع المسلم في رعايته لأفراده وناشئته، وفي تعامله مع غير المسلمين أفرادا ومجتمعات في أيام السلم والحرب من خلال بناء جميع مؤسساته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتعبدية والترويحية والتعليمية على مبادئ الإسلام ومفاهيمه، واعتبارها من مؤسسات التربية الإسلامية.
    ثالثا: الاجتهاد والبحث العلمي في ضوء القرآن والسنة من مصادر التربية الإسلامية:
    أ ) مفهوم الاجتهاد:
    يعرف الأصوليون الاجتهاد بأنه " بذل الجهد والطاقة للوصول إلى حكم شرعي". وباعتبار" التربية الإسلامية" مشتقة من الإسلام ومقاصده فهي تنتمي إلى الأحكام الشرعية أيضا، ومجال الاجتهاد فيها واسع وعريض.
    ومفهوم الاجتهاد في مجال التربية والتعليم يعني بذل العلماء المسلمين جهدهم وطاقتهم وقدراتهم في فهم نصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية المتعلقة بالمفاهيم أو التصورات أو القضايا المتعلقة بأساسيات التربية الإسلامية، وأبعاد جوانب النظام التربوي، لاستنباط هذا النظام بأسسه وأبعاده وجوانبه.
    ويقصد بالبحث العلمي، الدراسات العلمية، أو التجارب العملية، أو التطبيقات الميدانية، مما له صلة بالعملية التربوية التعليمية، ويسهم في تحقيق أهدافها المرجوة منها، أو يسهم في رفع مستوى الأداء التعليمي والتعلمي ويعتبر" البحث العلمي" من الاجتهاد في ضوء " المصالح المرسلة" أحد مصادر التشريع الاسلامي.
    وطبيعي أن الأحكام والنتائج التربوية التي يتوصل إليها العلماء من خلال الاجتهاد والبحث العلمي لا تعتمد في التربية الإسلامية إذا كانت مخالفة لنصوص القرآن الكريم أو السنة النبوية، أو معارضة لمقاصد الشريعة وأغراضها، ولذا لا يجوز باسم البحث العلمي قبول الأنظمة التربوية الوافدة إلى المجتمع الإسلامي والمخالفة للقرآن الكريم والسنة والنبوية ومقاصد الشريعة.
    2 ) دور الاجتهاد والبحث العلمي في إثراء التربية الإسلامية:
    أ – كان لانتباه العلماء المسلمين إلى الاجتهاد والبحث العلمي في مجال التربية والتعليم، وقيامهم بذلك، الأثر الكبير في تنمية التربية الإسلامية، وإثرائها، فألفوا كتبا في بعض قضايا التربية والتعليم وأحكامه، ومبادئه، وأسسه ومؤسساته، وأساليبه، كان لها الأثر في تطبيق التربية الإسلامية، وظهور أسماء العلماء الكبار الذين أسهموا في ذلك نحو(ابن سحنون، وابن جماعة، وابن خلدون)، وغيرهم كثير من الذين لم تبرز أسماؤهم بعد – في مثل هذا المجال- مثل: (النووي، وابن الجوزي، وابن تيمية، وابن قيم الجوزية).
    ب – يلحظ أن مجال الاجتهاد والبحث العلمي في ميدان التربية الإسلامية يكون قليلا في أساسيات التربية الإسلامية وأبعاد جوانب نظامها التربوي، ويكون واسعا وعريضا في إبراز المفاهيم التربوية، والمبادئ الخاصة، أو التوجيهات المتعلقة ببعض جوانب العملية التربوية، أو التنظيمات الإدارية لمؤسسات التعليم، او مناهج التدريس، وطرقه، ومهاراته، وغيرها مما يعتبر قابلا للنمو والتغيير والتبديل تبعا لنمو المجتمع المسلم وحاجاته، ونتائج البحوث والدراسات العلمية وتحقيق مصالح المسلمين.
    ج – انعكست حركة الاجتهاد في مجال التربية والتعليم في المجتمع فكان لها الأثر الكبير في بروز دور التربية الإسلامية في المجتمع الإسلامي حتى:" ما أن بزغ القرن الثاني للهجرة إلى حيز الوجود، حتى كان ثمة جهاز تربوي متغلغل في كل ناحية من نواحي المجتمع الإسلامي، ابتداء من الكتاتيب التي تعلم الأطفال والصبيان إلى المدارس العليا التي تقوم بتعليم الكبار.(انظر فتحية عمر رفاعي الحلواني: دراسة ناقدة لأساليب التربية المعاصرة في ضوء الإسلام).
    وتناولت مجالات الاجتهاد التربوي جوانب تربوية متعددة، منها:
    1 – مناقشة بعض القضايا والآراء والمبادئ التربوية، ومن ذلك البحث في :
    وجوب تعليم الآباء للأبناء، والبدء بتعليم القرآن، ومدى جواز أخذ الأجرة على التعليم، وهل يعلم الطفل شيئا آخر مع القرآن؟ آداب المعلمين والمتعلمين، العقاب والثواب، تعليم المرأة، مبادئ التعليم ومؤسساته، وأساليبه، ومناهجه، التربية الخلقية، والروحية والاجتماعية والجسمية والصحية.(انظر:أ- القابسي مرجع سابق، ب – ابن سحنون: مرجع سابق).
    2 – التوسع في إقامة المؤسسات التربوية الإسلامية وتنوعها:
    نمت مؤسسات التربية الإسلامية وتنوعت تبعا لنمو المجتمع الإسلامي وتنوع حاجاته، فظهرت إلى جانب الأسرة والمساجد والكتاتيب، المدارس وبيوت العلماء، وقصور الخلفاء، ودور الكتب، والحكمة، والخانقاه والأربطة، والزوايا، والبيمارستانات، وكان الطلاب يتوزعون عليها حسب أعمارهم، ودرجاتهم العلمية، ومكانتهم ووظائفهم، وأدوارهم الاجتماعية.
    3 – ظهور المكتبات العلمية:
    كان من آثار نمو الحركة العلمية في المجتمع الإسلامي، إقامة المكتبات العامة ليستعين بها الطلاب والباحثون والعلماء، فوجدت المكتبات العامة التي أقامتها الدولة في المساجد، والمدارس، والمكتبات الخاصة التي أقامها العلماء والأدباء مثل مكتبة الفتح بن خاقان ومكتبة عماد الدين الأصفهاني ومكتبة جمال الدين القفيطي.(انظر محمد عطية الأبراشي: التربية الإسلامية وفلاسفتها).
    4 – التنوع في المواد الدراسية وتأسيس العلوم التي انبثقت من القرآن والسنة:
    كانت مواد الدراسة في بدء ظهور التربية الإسلامية مرتبطة بالقرآن والسنة، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب والفرائض، وبعد فترة من الزمن ونتيجة للاجتهاد والبحث العلمي ونمو حركة الترجمة والنقل والتأليف ظهرت علوم جديدة، وأصبحت موادّ دراسية معتمدة، ودرسها أبناء المسلمين وبرزوا فيها، وتفوقوا على بعض مؤسسيها، ومن هذه المواد الدراسية: علوم الفلك والجغرافية، والمنطق، والنحو، والهندسة، والجبر، والطبيعة، والتاريخ والكيمياء والطب، وكان قد سبق وجود هذه المواد الدراسية، مواد تتعلق بالعلوم الإسلامية نحو : التفسير، والقراءات والفقه، وأصوله، والعقائد، واللغة العربية وآدابها والنحو.
    5 – اختلاف مناهج التدريس:
    اختلفت مناهج التدريس في أطرف العالم الاسلامي، تبعا لاجتهادات المعلمين والقائمين على المؤسسات التعليمية ، وقد عرض ابن خلدون في مقدمته هذا الاختلاف تحت عنوان " في تعليم الولدان واختلاف مذاهب الأمصار الإسلامية في طرقه"، وكان خلاصة ما ذكره:" أن جميع الأقطار تبدأ بتعليم القرآن، غير أن أهل المغرب يقتصرون عليه، ويخلط القرآن بالحديث والخط، ويهتم أهل الأندلس مع القرآن بعلوم العربية والخط، ويخلط أهل المشرق أيضا في التعليم، فيضيفون إلى القرآن بعض العلوم، ولا يهتمون بالخط في الكتاتيب".(أنظر أحمد فؤاد الأهواني: مرجع سابق).
    ووصف القاضي أبو بكر بن العربي منهج التعليم في المشرق، فيقول: وللقوم في التعليم سيرة بديعة، وهي أن الصغير منهم إذا عقل بعثوه إلى المكتب، فإذا عبر المكتب أخذوه يتعلم الخط والحساب والعربية، فإذا حذقه كله، أو حذق ما قدر له، خرج إلى المقرئ فلقنه كتاب الله، فحفظ منه كل يوم ربع حزب أو نصفه، أو حزباً، حتى إذا حفظ القرآن خرج إلى ما شاء الله من تعليم أو تركه).(انظر: المرجع السابق).
    6 – نحو طرق التدريس وتعددها:
    وجدت عدة طرق تدريس لدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها: " القراءة، فالإلقاء والشرح، والأسئلة والأجوبة، وبظهور مواد دراسية جديدة، ولطبيعة بعضها الخاصة، ومن خلال حركة الاجتهاد التربوي، والبحث العلمي، نمت طرق التدريس لدى المسلمين وتعددت، فوجدت طرق: المناظرة، والمحاضرة، والإملاء، والتجريب في العلوم التجريبية التطبيقية، نحو الطب، والصيدلة، والهندسة، والميكانيكا.. [/align]
    [align=center][/align]

  8. #8

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    وهذا تصلح كمقدمة في البحث

    [align=justify]الحمد لله رب العالمين ، ولي الصالحين ، وخالق الناس أجمعين ، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين ، سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله ، وعلى آله وصحبه أجمعين . وبعد :
    فتُعد التربية الإسلامية أحد فروع علم التربية الذي يُعنى بتربية وإعداد الإنسان في مختلف جوانب حياته من منظور الدين الإسلامي الحنيف . وعلى الرغم من شيوع مصطلح " التربية الإسلامية " في عصرنا الحاضر ؛ إلا أنه لم يكن مُستخدماً وشائعاً في كتابات سلفنا الصالح ، ولم يكن معروفاً في تُراثهم العلمي الكبير ؛ وإن كانت قد وردت الإشارة إليه عند بعض المهتمين بهذا المجال من الفقهاء والعُلماء و المفكرين . وفيما يلي محاولةٌ لتسليط الضوء على بعض المرادفات التي استُخدمت - قديماً - للدلالة على مصطلح " التربية الإسلامية " ، وبيانٌ لمعناه ، ومفهومه ، وتعريفه .[/align]



    لكن هنا في هذا المقدمة بس يتكلم عن التعريف وانتي تقدرين تزيدين عليه العناصر الرئيسية التي تطلعينهم في البحث
    [align=center][/align]

  9. #9

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=justify]مرادفات مصطلح التربية في تراثنا الإسلامي :
    لم يرد مصطلح " التربية الإسلامية " بهذا اللفظ في القرآن الكريم ، ولا في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه ورد بألفاظ أُخرى تدل في معناها على ذلك . كما أن هذا المصطلح لم يُستعمل في تراثنا الإسلامي لاسيما القديم منه ؛ وإنما أشار إليه بعض من كتب في المجال التربوي بألفاظٍ أو مصطلحاتٍ أخرى قد تؤدي المعنى المقصود ؛ أو تكون قريبةً منه . وقد أشار إلى ذلك ( محمد منير مرسي ، 1421هـ ، ص 48 ) بقوله :
    " تعتبر كلمة التربية بمفهومها الاصطلاحي من الكلمات الحديثة التي ظهرت في السنوات الأخيرة مرتبطةً بحركة التجديد التربوي في البلاد العربية في الربع الثاني من القرن العشرين ؛ ولذلك لا نجد لها استخداماً في المصادر العربية القديمة ".

    أما الألفاظ والمصطلحات التي كانت تُستخدم في كتابات السلف للدلالة على معنى التربية ؛ فمنها ما يلي :
    1) مصطلح التنشئة : ويُقصد بها تربية ورعاية الإنسان منذ الصغر ؛ ولذلك يُقال : نشأ فلان وترعرع . قال الشاعر العربي :
    وينشأُ ناشئ الفتيان فينا *** على ما كانَ عَودهُ أبـوهُ
    وممن استخدم هذا المصطلح العالِم عبد الرحمن بن خلدون (المتوفى سنة 808هـ) في مقدمته الشهيرة .

    2) مصطلح الإصلاح : ويعني التغيير إلى الأفضل ، وهو ضد الإفساد ، ويُقصد به العناية بالشيء والقيام عليه وإصلاح اعوجاجه ؛ وقد ذكر ذلك (خالد حامد الحازمي ، 1420هـ ، ص 23 ) بقوله :
    " والإصلاح يقتضي التعديل ، والتحسين ، ولكن لا يلزم أن يحصل منه النماء والزيادة ، فهو إذاً يؤدي جزءًا من مدلول التربية ".

    3) مصطلح التأديب أو الأدب : ويُقصد به التحلي بالمحامد من الصفات والطباع والأخلاق ؛ والابتعاد عن القبائح ، ويتضمن التأديب معنى الإصلاح والنماء . وهو ما يُشير إليه ( علي إدريس ، 1405هـ ، ص 13 ) بقوله :
    " عند قدماء العرب كانت كلمة ( تأديب ) هي المستعملة والمتداولة أكثر من كلمة تربية ، وكان المدلول الأول لكلمة ( أدب ) في تلك البيئة العربية يُطلق على الكرم والضيافة ، فكان يُقال :فلانٌ أَدَبَ القومَ إذا دعاهم إلى طعام…وهكذا كان مدلول كلمة ( تأديب ) منصرفاً بالدرجة الأولى إلى الجانب السلوكي من حيث علاقة الإنسان مع غيره ".
    وهنا نلاحظ أن مصطلح الأدب أو التأديب وثيق الصلة بمصطلح التربية حيث يمكن أن تُشتق منه تسمية المعارف آداباً ؛ وتسمية التعليم تأديباً ، وتسميةُ المربي أو المعلم مؤدباً . وقد أشار إلى هذا المعنى ( أحمد شلبي ، 1978م ، ص 58 ) في معرض حديثه عن التعليم في القصور ؛ فأورد نقلاً عن ( رسالة المعلمين ) للجاحظ قوله :
    "والمعلم هنا ( أي في القصور ) لا يُسمى معلم صبيان أو معلم كُتاب ، وإنما يُطلق عليه لفظ "مؤدِّب " وقد اشتق اسم المؤدب من الأدب ، والأدب إما خُلقٌ وإما رواية ، وقد أطلقوا كلمة مؤدب على معلمي أولاد الملوك إذ كانوا يتولون الناحيتين جميعًا ".

    و مصطلح الأدب أو التأديب مصطلحٌ شائعٌ ورد في بعض أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي منها :
    * ما روي عن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" لأن يؤدب الرجل ولده خيرٌ من أن يتصدق بصاع" ( الترمذي ، د.ت ، ج 4 ، رقم الحديث 1951 ، ص 337 ) .
    * وما روي عن أيوب بن موسى عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ما نحل والدٌ ولده أفضل من أدبٍ حسن" ( الترمذي ، د.ت ، ج 4 ، الحديث رقم 1952 ، ص 337 ) .
    * وما روي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أكرموا أولادكم ، وأحسنوا أدبهم" ( ابن ماجة ، د.ت ، ج 2، الحديث رقم 3671، ص 1211 ) .
    وهنا نلاحظ من معاني هذه الأحاديث أن لفظ الأدب يدل على معنى كلمة تربية الأبناء وتنشئتهم على التحلي بمحاسن الأخلاق ، وجميل الطباع .
    كما أن هذا المصطلح قد شاع استعماله عند كثيرٌ من العلماء والفقهاء والمفكرين المسلمين القدامى ومنهم : الماوردي ( المتوفى سنة 450هـ) في كتابه ( أدب الدنيا والدين ) ، و محمد بن سحنون التنوخي ( المتوفى سنة 256هـ) في رسالته (آداب المعلمين والمتعلمين ) ، والخطيب البغدادي ( المتوفى سنة 463هـ) في كتابه ( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ).

    4) مصطلح التهذيب : ويُقصد به تهذيب النفس البشرية وتنقيتها ، وتسويتها بالتربية على فضائل الأعمال ومحاسن الأقوال . جاء عند ( الفيروزآبادي ، 1415هـ ، ص 132 ):
    "رجُلٌ مُهَذَّبٌ : مُطَهَّرُ الأَخْلاقِ" .
    كما جاء في ( المعجم الوجيز ، 1400هـ، ص 647 ) :" وهَذَّبَ الصَّبيَّ رَبَّاه تربيةً صالحةً خالصةً من الشوائب " . وقد استعمل هذا المصطلح ابن مسكويه ( المتوفى سنة 421هـ) في كتابه ( تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق )، كما استخدمه الجاحظ ( المتوفى سنة 255هـ) في رسالته ( تهذيب الأخلاق ).

    5) مصطلح التطهير : ويُقصد به تنـزيه النفس عن الأدناس والدنايا ؛ وهي كل قولٍ أو فعلٍ قبيح . وحيث إن للتطهير معنيين أحدهما حسيٌ ماديٌ والأخر معنوي ؛ فإن المقصود به هنا المعنى المعنوي الذي يُقصد به تطهير سلوك الإنسان من كل فعلٍ أو قولٍ مشين .

    6) مصطلح التزكية : ويأتي بمعنى التطهير ، ولعل المقصود بذلك تنمية وتطهير النفس البشرية بعامةٍ من كل ما لا يليق بها من الصفات السيئة ، والخصال القبيحة ، ظاهرةً كانت أو باطنة . قال تعالى : ]كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون[ ( سورة البقرة : الآية 151) . وقد جاء في تفسير ( عبد الرحمن بن ناصر السعدي ، 1417هـ ، ص 57 ) أن المقصود بقوله تعالى : "ويُزكيكم" في هذه الآية : " أي يُطهر أخلاقكم ونفوسكم ، بتربيتها على الأخلاق الجميلة ، وتنـزيهها عن الأخلاق الرذيلة ".
    وقال تعالى :] قد أفلح من زكَّاها [ ( سورة الشمس : الآية 9 ) . وقد جاء في بيان معنى هذه الآية عند ( ابن كثير ، 1414هـ ، ص 547 ) قوله : " وطهرها من الأخلاق الدنيئة والرذائل ". ومعنى هذا أن تزكية النفس تعني تربيتها على الفضائل وتطهيرها من الرذائل .
    وهنا تجدر الإشارة إلى أن مصطلح ( التزكية ) يُعد أكثر المصطلحات قرباً في معناه لمصطلح " التربية الإسلامية " لاسيما وأنه قد ورد في بعض آيات القرآن الكريم دالاً على معنى التربية ؛ ولكونه يدل على محاسبة النفس و العناية بها ، والعمل على الارتقاء بجميع جوانبها ( الروحية ، والجسمية ، والعقلية ) إلى أعلى المراتب وأرفع الدرجات . وهو ما يؤكده ( محمد الغزالي ، 1400هـ ، ص 1) بقوله :
    "..والتزكية ، وهي أقرب الكلمات وأدلها على معنى التربية ؛ بل تكاد التزكية والتربية تترادفان في إصلاح النفس ، وتهذيب الطباع ، وشد الإنسان إلى أعلى كلما حاولت المُثبطات والهواجس أن تُسِفَّ به وتعوجّ ".

    7) مصطلح التعليم : وهو مصطلح شائع ورد ذكره في بعض آيات القرآن الكريم مثل قوله تعالى : ]هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويُزكيهم ويُعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبين [ ( سورة الجمعة : الآية 2) .
    كما ورد هذا المصطلح في بعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "خيركم من تعلم القرآن وعلمه " ( البخاري ، 1407هـ ، ج 4 ، الحديث رقم 4739 ، ص 1919 ) .
    وممن استخدم هذا المصطلح العالم برهان الدين الزرنوجي ( المتوفى سنة 620هـ تقريباً ) في كتابه القيّم ( تعليم المتعلم طريق التعلم ) ، والإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت ( المتوفى سنة 150هـ ) في رسالته ( العلم والمتعلم ) . وهنا تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن مصطلح ( التعليم ) شائع وكثير الاستعمال في كتابات علماء السلف ؛ إلا أن استخدامه كان محصوراً - في الغالب - للدلالة على تنمية الجانب المعرفي المتمثل في طلب العلم .

    8) مصطلح السياسة : و يُقصد بها القيادة ، وحُسن تدبير الأمور في مختلف شئون الحياة . وتأتي بمعنى القدرة على التعامل ، أو الترويض . وقد استخدم العالم ابن الجزار القيرواني ( المتوفى سنة 369هـ) مصطلح السياسة بمعنى التربية في كتابه ( سياسة الصبيان وتدبيرهم ) ، كما استخدمه الشيخ الرئيس ابن سينا ( المتوفى سنة 428هـ) في كتابه ( السياسة ) .

    9) مصطلح النصح والإرشاد : ويعني بذل النصح للآخرين ودلالتهم على الخير وإرشادهم إليه ؛ وممن استخدم هذا المصطلح أبو الفرج بن الجوزي ( المتوفى سنة 597هـ) في رسالته ( لفتة الكبد إلى نصيحة الولد ) ، والإمام أبو حامد الغزالي ( المتوفى سنة 505هـ) في رسالته ( أيها الولد ) ، والحارث المحاسبي ( المتوفى سنة 243هـ) في رسالته ( رسالة المُسترشدين ) .

    10) مصطلح الأخلاق : وهو مصطلح يُقصد به إصلاح الأخلاق وتقويم ما انحرف من السلوك . وعلى الرغم من أن هذا المصطلح يهتم في الواقع بجانبٍ من جوانب التربية ؛ إلا أنه قد يُستخدم للدلالة على التربية بعامةً . وممن استخدم هذا المصطلح أبو بكر الآجُري ( المتوفى سنة 360هـ) في كتابه ( أخلاق العلماء ) .
    وهنا يجدر بنا أن نُشير إلى أن معظم الكتاباتٍ في التربية الإسلامية عند سلفنا كان مرتبطاً بمرحلة الطفولة عند الإنسان ، وهو ما يؤكده ( فتحي علي يونس وآخرون ، 1999م ، ص 42 ) بقولهم :
    " إن لفظ التربية في الكتابات الإسلامية يرتبط أولاً بمرحلة الطفولة ، بينما لفظ التربية في الحقل التربوي يرتبط بجميع مراحل العمر التي يمر بها الإنسان ".
    يضاف إلى ذلك ما يُلاحظ من اهتمام وعناية تلك الكتابات التُراثية - غالباً -بالجانب الأخلاقي عند الإنسان ، وهو ما يتضح في كثرة كتاباتهم عن الأدب والتأديب والأخلاق ونحو ذلك .
    من ذلك كله يمكن القول : إن معنى كلمة التربية يدور ويتركز في العناية التامة ، والرعاية الكاملة لمختلف جوانب شخصية الإنسان في مختلف مراحل حياته ؛ وفي كل شأنٍ من شئونها . وهو ما يُشير إليه (خالد حامد الحازمي ،1420هـ ، ص 18) بقوله :
    "من هذه التعريفات اللغوية يتضح أن التربية تدور حول الإصلاح ، والقيام بأمر المتربي ، وتعهده ، ورعايته بما يُنميه . وأن المفهوم التربوي مرتبط بجميع تلك المعاني ".
    والخلاصة : أن المرادفات التي استخدمها السلف الصالح للدلالة على معنى التربية تدور حول تنمية ، وتنشئة ، ورعاية النفس البشرية وسياستها ، والعمل على إصلاحها ، وتهذيبها ، وتأديبها ، وتزكيتها ، والحرص على تعليمها ، ونصحها وإرشادها ؛حتى يتحقق التكيف المطلوب ، والتفاعل الإيجابي لجميع جوانبها المختلفة ؛ مع ما حولها ، ومن حولها من كائناتٍ ومكونات .[/align]
    [align=center][/align]

  10. #10

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=justify]معنى التربية في اللغة والاصطلاح :
    يعود أصل كلمة التربية في اللغة إلى الفعل ( رَبَـا ) أي زاد ونما ، وهو ما يدل عليه قوله تعالى :] وترى الأرض هامدةً فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوجٍ بهيج [ ( سورة الحج : الآية 5 ) .
    كما أن كلمة تربية مصدر للفعل ( ربَّى ) أي نشَّأَ و نَمَّى ، وقد ورد هذا المعنى في قوله تعالى :] وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً [ ( سورة الإسراء :الآية 24).
    وفي قوله عز وجل :] ألم نُربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين[ ( سورة الشعراء : الآية 18 ) .
    وهذا يعني أن كلمة التربية لا تخرج في معناها اللغوي عن دائرة النمو و الزيادة والتنشئة . وفي ذلك يقول الشاعر العربي القديم :
    فمن يَكُ سائلاً عني فإني **** بمكةَ منـزِلي وبها رَبيتُ
    ولأن المعاجم اللغوية تُرجع الكلمة إلى حروفها الأصلية لإلقاء الضوء على مفهومها ؛ فإن كلمة " تربية " التي تتكون من خمسة حروف تعود في أصلها إلى حرفين أصليين هما الراء والباء ( رب ) ، ولهذين الحرفين عند اجتماعهما العديد من المعاني التي أشار إليها ( محمد خير عرقسوسي ، 1419هـ ، ص ص 18 - 19) بقوله :
    " وهكذا نجد أن ( الراء و الباء ) يجتمعان على معنى السمو والإصلاح ، وتقوية الجوهر ، مع فروق طفيفة في تدرج هذا المعنى حيث يُستعمل للأمور المادية ( ربا يربو ) تعبيراً عن زيادةٍ ماديةٍ في جسم الأشياء ، بينما يُستعمل للإنسان والحيوان ( ربَّى يُربي ) مثل خَفَّي يُخفي ، بمعنى ترعرع في بيئة معينة ؛ ويستعمل للأمور المعنوية ( ربأ يربأ ) لتكريم النفس عن الدنايا ، ويُستعمل للرُقي بالجوهر : ربَّ يَرُبُ على وزن مدَّ يمُدُّ ، حتى نصل إلى ( الرَّب ) وهو خالق كل شيءٍ وراعيه ومصلحه ؛ فهو التربية الكاملة ".
    وانطلاقاً من ذلك فقد كانت تعريفات سلفنا الصالح للتربية متقاربةً ومتشابهةً إلى حدٍ ما لأنها اعتمدت في ذلك على المعنى اللغوي للكلمة ؛ فقد عرَّفها ( ناصر الدين البيضاوي ، د . ت ، ص 3 ) بقوله :
    " الرب في الأصل مصدر بمعنى التربية .وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً ".
    و يُعرَّفها الشيخ الرئيس ابن سينا ؛ كما أورد ذلك ( مقداد يالجن ، 1406هـ ، ص 22 ) بقوله :
    "التربية هي العادة ، وأعني بالعادة فعل الشيء الواحد مراراً كثيرةً ، وزماناً طويلاً في أوقاتٍ مُتقاربة " . كما أنه أورد تعريفاً آخر يرى فيه أن التربية " إبلاغ الذات إلى كمالها الذي خُلقت له " .
    في حين يُعرِّفها ( الراغب الأصفهاني ، 1412هـ ، ص 336 ) بقوله:
    " الرب في الأصل التربيَةُ ، وهو إنشاءُ الشيءِ حالاً فحالاً إلى حَدِّ التمام ، يُقالُ رَبَّهُ ، ورَبَّاهُ ، و رَبَّبَهُ . وقيل : ( لأنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ ). ..ولا يُقالُ الرَّبُّ مُطْلَقاً إلا لله تعالى .. وبالإضافة يُقالُ له ولغَيْـرِهِ ".

    أما المعنى الاصطلاحي لكلمة التربية فعلى الرغم من كونه يعتمد كثيراً على المعنى اللغوي ؛ إلا أنه يختلف من عصرٍ إلى عصر ، ومن مكانٍ إلى آخر ، وما ذلك إلا لأن العملية التربوية كثيراً ما تتأثر بالعوامل والتغيرات الزمانية والمكانية والاجتماعية التي تؤثر بصورةٍ مباشرة أو غير مباشرة على شخصية الإنسان في مختلف جوانبها على اعتبار أن كل نشاط ، أو مجهود ، أو عمل يقوم به الإنسان يؤثر بطبيعة الحال في تكوينه ؛ أو طباعه ، أو تعامله ، أو تكيفه مع البيئة التي يعيش فيها ويتفاعل مع من فيها وما فيها ؛ إما سلباً أو إيجاباً .

    لذلك كله فإن للتربية معاني اصطلاحية كثيرة ومتنوعة يُشير إليها ( عبد الرحمن بن حجر الغامدي ، 1418هـ ، ص 3 ) بقوله :
    "يرى كثيرٌ من رجال التربية والتعليم أن مصطلح " التربية " لا يخضع لتعريفٍ محدد ، بسبب تعقد العملية التربوية من جانب ، وتأثرها بالعادات ، والتقاليد ، والقيم ، والأديان ، والأعراف ، والأهداف من جانبٍ آخر . بالإضافة إلى أنها عملية متطورة متغيرة بتغير الزمان والمكان ، ويمكن القول بأن التربية تدخل في عداد المسائل الحية لأنها تتسم بخاصية النمو".
    وعلى الرغم من ذلك إلا أنه يمكن القول : إن المعنى الاصطلاحي للتربية - عموماً - لا يخرج عن كونها تنمية الجوانب المُختلفة لشخصية الإنسان ، عن طريق التعليم ، والتدريب ، والتثقيف ، والتهذيب ، والممارسة ؛ لغرض إعداد الإنسان الصالح لعمارة الأرض وتحقيق معنى الاستخلاف فيها . [/align]
    [align=center][/align]

  11. #11

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=justify]مفهوم التربية الإسلامية وتعريفها :
    لا شك في أن هناك فرقاً بين المفهوم والتعريف ؛ فالمفهوم كما جاء في ( المعجم الوجيز ، 1400هـ ، ص 483 ) : " مجموع الصفات والخصائص الموضحة لمعنى كلِّي " . أما التعريف فيُقصد به كما أشار إلى ذلك ( المعجم الوجيز ، 1400هـ ، ص 415 ) : " تحديد الشيء بذكر خواصه المُميزة " . ومعنى هذا أن المفهوم يكون شاملاً ، وواسعاً ، ومعتمداً على ما يتم استيعابه عن طريق العقل . أما التعريف فهو توصيفٌ لشيءٍ مُحدد ودقيق ومتفق عليه إلى حدٍ ما . وعلى الرغم من كثرة الكتابات حول مفهوم التربية وتعريفها عند المهتمين في الميدان التربوي ؛ إلا أن هناك تداخلاً فيما بين المصطلحين عند كثيرٍ من الكُتاب والباحثين ، فهناك من يتحدث عن المفهوم ثم لا يلبث أن ينتقل مباشرةً إلى التعريف في تداخل لا يمكن معه الفصل بينهما ، والعكس صحيح . وفيما يلي محاولةٌ لبيان وتوضيح المقصود من مصطلح مفهوم " التربية الإسلامية " كعمليةٍ شاملةٍ ونظامٍ متكاملٍ ، ثم تحديدٍ دقيقٍ لتعريفها كمصطلحٍ علميٍ مستقل .

    أولاً / مفهوم التربية الإسلامية :
    هناك اختلافٌ بين المهتمين بالقضايا التربوية حول مفهوم التربية حيث تتعدد الآراء ووجهات النظر في هذا الشأن ؛ نظراً لتعدد الأطراف المُشاركة في العملية التربوية ، واختلاف الزوايا التي يُنظر من خلالها لهذه العملية ؛ إضافةً إلى اختلاف الاتجاهات ، والآراء ، والثقافات ، والفلسفات ، واختلاف ظروف الزمان ، والمكان ، والجوانب التي يتم معالجتها ، ونحو ذلك من العوامل الأخرى .
    ومع أن هذا الاختلاف في تحديد مفهوم التربية يُعد أمراً مقبولاً - نسبيًّا - عند أصحاب الفلسفات والنظريات والأفكار التربوية البشرية ؛ إلا أنه ينبغي ألاَّ يكون كذلك في ميدان التربية الإسلامية . وهو ما ألمح إليه ( مقداد يالجن ، 1406هـ ، ص 23) بقوله :
    " إذا نظرنا إلى الدراسات التربوية المعاصرة وجدنا مفهوم التربية الإسلامية لم يكن موضع الاتفاق بين الدارسين بعد . ويمكن إجمال أغلب المفاهيم في النقاط التالية :
    1) أنه منهج مقررات المواد الإسلامية في المدارس .
    2) أنه تاريخ التعليم ، أو تاريخ المؤسسات التعليمية ، أو تاريخ أعلام الفكر التربوي والتعليمي في العالم الإسلامي .
    3) أنه تعليم العلوم الإسلامية .
    4) أنه نظام تربوي مستقل ؛ ومنبثق من التوجيهات والتعاليم الإسلامية الأصيلة ، ويختلف عن النظم التربوية الأخرى شرقيةً كانت أو غربية ".
    ومن المؤكد أن معظم هذه المفاهيم قد حصرت " التربية الإسلامية " في نطاقٍ ضيقٍ لا يتفق مع ما ينبغي أن يكون عليه هذا المفهوم من شموليةٍ واتساع لكل ما يهم الإنسان في حياته وبعد مماته ؛ فهو مفهومٌ ينظر إلى الإنسان نظرةً شموليةً لكل جوانب شخصيته وأبعادها المختلفة . وهو مفهومٌ يُعنى بجميع مراحل النمو عند الإنسان ، وهو مفهومٌ يوازن بين مطالب الفرد وحاجات المجتمع ، ويهتم بجميع الأفراد والفئات ، ويوائم بين الماضي والحاضر . إضافةً إلى أنه يُشير إلى نظامٍ تربوي مُستقلٍ ومتكاملٍ ، يمتاز بأصوله الثابتة ، ومناهجه الأصيلة ، وأهدافه الواضحة ، وغاياته السامية ، ومؤسساته المختلفة ، وأساليبه المتنوعة...إلخ . التي تُميزه عن غيره ، وتوسع دائرته ليُصبح منهجاً كاملاً وشاملاً لجميع مجالات الحياة .
    والخلاصة أن مفهوم التربية الإسلامية يتضح في كونها أحد فروع علم التربية الذي يتميز في مصادره الشرعية ( المتمثلة في القرآن الكريم ، والسُّنة النبوية المطهرة ، وتُراث السلف الصالح ) ؛ و غاياته ( الدينية الدنيوية ) ، ويقوم على نظامٍ تربوي مُستقل و مُتكامل ، ويعتمد اعتماداً كبيراً على فقه الواقع ، ولابد له من متخصصين يجمعون بين علوم الشريعة وعلوم التربية ؛ حتى تتم معالجة القضايا التربوية المختلفة من خلاله معالجةً إسلاميةً صحيحةً ومناسبةً لظروف الزمان والمكان .

    ثانياً / تعريف التربية الإسلامية :
    انطلاقاً من الاختلاف - الذي سبقت الإشارة إليه - بين المهتمين في المجال التربوي حول مفهوم التربية فإن هناك اختلافاً مشابهاً في تحديد تعريف " التربية الإسلامية " كمصطلحٍ علمي حيث إن معظم من كتب في هذا الميدان من سلفنا الصالح لم يحرصوا على إيراد تعريفٍ محددٍ لهذا المصطلح بقدر اهتمامهم وحرصهم على معالجة الموضوعات والقضايا التربوية المختلفة . ولذلك فإن تعريفات الباحثين المعاصرين الذين اهتموا بالكتابة والبحث في ميدان التربية الإسلامية جاءت مختلفةً رغم اتفاقهم في الإطار العام لها ؛ إلا أنهم لم يصلوا إلى صيغةٍ واحدةٍ يتفقون عليها جميعاً لتعريفٍ محددٍ وواضحٍ لهذا المصطلح ، ولعل ذلك راجعٌ إلى اختلاف مشاربهم ، وتباين تخصصاتهم ، وتعدد وجهات نظرهم التفصيلية . وهو ما يُمكن أن نلحظه في عرضنا التالي لبعض التعريفات التي اجتهد فيها أصحابها ، فقد عرَّفها ( مقداد يالجن ، 1409هـ ، ص 20 ) بأنها :
    " إعداد المسلم إعداداً كاملاً من جميع النواحي في جميع مراحل نموه للحياة الدنيا والآخرة في ضؤ المبادئ والقيم وطرق التربية التي جاء بها الإسلام ".
    وعرَّفها ( زغلول راغب النجار ، 1416هـ ، ص 85 ) بأنها :" النظام التربوي القائم على الإسلام بمعناه الشامل ".
    أما ( عبد الرحمن النقيب ، 1417هـ ، ص 17 ) فيرى أن المقصود بالتربية الإسلامية : " ذلك النظام التربوي والتعليمي الذي يستهدف إيجاد إنسان القرآن والسُنة أخلاقاً وسلوكاً مهما كانت حرفته أو مهنته " .
    في حين يرى ( عبد الرحمن النحلاوي ، 1403هـ ، ص 21 ) أن " التربية الإسلامية هي التنظيم النفسي والاجتماعي الذي يؤدي إلى اعتناق الإسلام وتطبيقه كُلياً في حياة الفرد والجماعة " .

    وهنا يمكن القول بأن التعريفات السابقة تؤكد جميعاً على أن التربية الإسلامية نظامٌ تربويٌ شاملٌ يهتم بإعداد الإنسان الصالح إعداداً متكاملاً دينياً و دُنيوياً في ضوء مصادر الشريعة الإسلامية الرئيسة .[/align]
    [align=center][/align]

  12. #12

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=justify]علاقة التربية بالدولة والقانون

    من تعريف التربية وتحديد أهدافها استطعنا أن ندرك خطورة المسؤولية التي تقع على عاتقها، وبعد الغور الذي تنفذ اليه من أوساط الامة، ومدى الاثر الذي تحدثه في نوعية الفرد والجماعة.
    واذا كانت مسؤولية التربية هي اعداد الانسان الصالح، فان مسؤولية القانون والدولة هي الحفاظ على صلاح هذا الانسان وحماية خيره وطمأنينته، وتحقيق سلامة الحياة وتنظيم علاقة الافراد والجماعات بعضها مع بعض على أسس تلك المصالح والقيم والمبادي الاساسية في حياة الانسان. واذن فالتربية هي العملية الاولى التي تقدم النموذج الصالح للحياة. والقانون والدولة هما الاداة والقوة الالزامية التي تتحمل مسؤولية الحفاظ على هذا النموذج وحمايته; وبقدر ماتكون التربية ناجحة في مسؤوليتها فان القانون والسلطة يكونان ناجحين في بلوغ أهدافهما وتحقيق غاياتهما. فالتربية الاسلامية هي التي تسهل مهمة القانون الاسلامي، وتجعل منه حقيقة مرعبة ومحترمة في نفوس الافراد، ومعترفاً بها لدى الجماعة قابلة للتطبيق والالتزام. والتربية هي التي تمكن السلطة الاسلامية من تنفيذ سياستها وبرامجها الاصلاحية والتنموية. ولكي يتمكن القانون من تنظيم الجماعة البشرية وتنسيق شؤون الحياة، يجب أن يتوفر التناسق والاتفاق بينه وبين التربية من حيث الاساس والمنطلق. أي من حيث القيم والمبادي والاسس الفكرية التي تتبناها التربية ويعمل القانون على حفظها ومراعاتها، لانه في مثل هذه الحال يستقبل كيانات مستعدة لان تدخل في دائرة نشاطه وتلتزم بروحه. لثبوت هذه المبادي سلفاً في أعماقها حتى صارت جزءاً من حياتها، ومنطلقاً لتفكيرها وسلوكها، فالافراد في هذه الحال لايعانون مشقة ولايجدون حرجاً ولا صراعاً نفسياً حال الالتزام بالقانون والانصياع له، فقد صار بالنسبة لهم الضابط والمنظم المتوافق مع دوافعهم وأهدافهم. أما الدولة (فهي الكيان السياسي الاكبر والظل المعنوي لشخصية الامة وارادة مجموعها) وهي الجهة التي تملك حق التصرّف في الافراد وتطبيق القانون استناداً الى طبيعة مسؤوليتها ومبرر وجودها لخدمة مجموع الامة وحماية مبادي الحق والعدل والخير.
    وبما أن للدولة سلطة تمثل قوة قاهرة فوق الافراد، وتسعى لتطبيق القانون، فان للافراد والجماعات مواقف منها وآراء فيها. فمتى ما ربي الافراد والجماعات على أساس من مبادي الدولة السليمة، وقيمها ومفاهيمها الحقة في الحياة، كان الافراد ينظرون اليها نظرة الراعي لمصالحهم والممثل لارائهم والمندمج مع ذواتهم في حالة استقامة سلوكها وشرعية تصرفها، فيعترف الافراد لها بالمركز القيادي، ويمنحونها ثقتهم، ويقرّون لها ذاتياً بالولاية وحق التصرف، وبالعكس عندما تنحرف عن هذه المبادي وتتخذ لها مساراً شاذاً عن المبادي والقيم الاسلامية، فانها تقابل بالمقاومة والتصدي وتجابه بالمحاسبة والمراقبة. فتصنع التربية الاسلامية في هذه الحال من مجموع الامة قوة حارسة لمبادئها واداة فعالة لممارسة نقد الدولة ومراقبتها... أما اذا انحرف خط التربية عن خط الدولة الاسلامية والقانون الاسلامي فان التمرد والصراع وعدم الاحترام سيحل حتماً في سلوك الافراد ومواقف الجماعة، ولعل هذا هو السبب الاعمق فيما نشاهده اليوم من قلق سياسي يعم الشعوب مع حكوماتها، كما أن سوء تصرف التربية وعدم دقتها هو الذي يخلق الافراط والتفريط في المهادنة والاقرار بالامر الواقع من فساد الدولة وانحرافها، أو التمرد وعدم الانصياع للسلطة الشرعية وارباك مسيرتها والذي يصطلح عليه سياسياً باليمينية واليسارية، فان الدراسات النفسية تقدم لنا حقيقة يجب أن لاننساها في هذا المجال، وهي أن نوعية المعاملة وطبيعة التربية التي عاشها الافراد في طفولتهم لها الاثر الكبير على مواقفهم من الدولة وعلاقتهم بها وبالقانون، فمثلاً الاغراق في الحبّ والوداعة والدلال والميوعة ينتج في الغالب التفكير المهادن والسلوك الخانع، وبعكس ذلك فان الطفل الذي يعيش في ظل القسوة والعنف والتشرد وعدم الاهتمام والعناية، فانه ينشأ عنيفاً متمرداً معارضاً يقلق بال السلطة، ويهدد أمن المجتمع، ويتجرأ على هيبة القانون وسلطته حتى ولو كان الحق قائماً والعدل باسطاً جناحيه.
    وقد بدت نتائج هذا التناقض وعدم الانسجام والافراط والتفريط واضحة في المجتمعات الحديثة، وخصوصاً في أوربا وأميركا، حيث تعاني هذه الدول الان من التشرد والتمرد والعصابات وجرائم الاحداث والعجز عن السيطرة عليها، بسبب ماتبنته المدارس الطبيعية والنفعية من سياسة تربوية تجاهلت معها وجود القيم والمبادي والاهداف الثابتة للتربية السليمة، فسرى هذا الداء إلى الاسرة، فانحرفت التربية العائلية، وتعطلت مسؤولية الوالدين وأسلم الطفل للفوضى والانحراف السلوكي في المدرسة والبيت، فتشكلت شخصيته واشتد قوامه على هذا السلوك، فشب متمرداً على القانون، مستهيناً بكل القيم، يعاني القانون والمجتمع المتاعب من ضبطه والسيطرة عليه. فكثر الاجرام،وانتشر جنوح المراهقين،وازدادت مشاكل المجتمع، وتعقدت مأساة الانسان.
    أما التربية الاسلامية فانها تنظر باهتمام بالغ للتوفيق بين القانون والدولة والتربية، فالرسالة الاسلامية تعتمد أولاً على تربية الفرد واعداده إعداداً فكرياً وروحياً وسلوكياً على أسس مبادئها وقيمها، بشكل يجعل من هذه التربية أرضية صالحة، وتربة خصبة لنمو القانون فيها. فالفرد المسلم يُربى وينمو وهو يمارس الحياة الاسلامية في الاسرة والمدرسة والمجتمع، فيشب وهو يشعر أن القانون هو مبادئه التي يؤمن بها، ورسالته المقدسة التي يجب أن يحترمها. والدولة التي تقوم على أساس هذه المبادي، وتحمي هذا القانون، هي القوة التي تمثل ارادته، وتحمي أهدافه، فيجب عليه أن يحترم القانون، ويتعاون مع الدولة. وهو يشعر أنه مسؤول أمام الله عن ذلك، وأمامه عقاب وثواب إلهي على فعله ومواقفه، لانه رُبي على العقيدة الاسلامية، ودُرّب على السلوك والاخلاق الاسلامية، حتى صار انساناً ناضجاً يشارك في بناء الحياة، وهو يعرف أن عقيدته تملي عليه واجباً مقدساً تجاه الدولة والقانون (ياأيها الذين آمنوا اطيعوا الرسول وأولي الامر منكم). (النساء/59)
    وكما يدرك هذه المسؤولية تجاه الدولة فانه يدرك أيضاً أنه مسؤول عن اصلاح الدولة إذا انحرفت، وعدم اطاعتها اذا اصرت على الانحراف والاستهانة بعقيدة الامة وحقوقها.
    فانّه يقرأ في كتاب الله: (ولاتركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار).
    ويقرأ المنهج النبوي في التعامل مع السلطة: (لاطاعة لمخلوق في معصية الله) والى جانب كل هذا يدرك أن أمامه طريقاً مستقيماً واحداً يوصله الى الخير والسعادة وهو الاسلام الذي فهمه وآمن به عن وعي وقناعة (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولاتتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) وهو يدعو الله في عبادته وصلاته أن يوفق الى الالتزام والتمسك بهذا القانون الذي تستوعبه الشريعة الاسلامية، وتحميه الدولة القائمة على أساس تلك الشريعة; فيناجي ربه فيقول في صلاته: (اهدنا الصراط المستقيم* صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين).
    [/align]
    [align=center][/align]

  13. #13

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    وهذا موضوع حلو بالحيل عن التربية الإسلامية في نصائح لقمان


    [align=center]التربية الاسلامية السليمة من خلال نصائح لقمان لابنه:

    نصائح غالية دونها القرآن العظيم وتُتلى الى ماشاء الله تعالى, تلك التي أوصى بها لقمان الحكيم ابنه في هاته الآيات الكريمات:"واذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لاتشرك بالله, ان الشرك لظلم عظيم.ووصينا الانسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك الي المصير, وان جاهداك على أن تشرك بي ماليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب الي ثم الي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون. يابني انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أوفي السماوات أو في الارض يأت بها الله , ان الله لطيف خبير. يابني أقم الصلاة وامر بالمعروف وانه عن المنكر, واصبرعلى ماأصابك,ان ذلك من عزم الامور ولاتصعر خدك للناس ولاتمش في الارض مرحا , ان الله لايحب كل مختال فخور, واقصد في مشيك واغضض من صوتك, ان أنكرالاصوات لصوت الحمير".من سورة لقمان..الايات.
    إن هاته الايات الكريمات من سورة لقمان تنضَحْن بمعاني سامية جليلة, وبدروس في التربية الاسلامية غاية في الرقي والسمو والتحضركأنها ُزْبدة مايسمونه اليوم بلغة العصر:علم التربية الحديثة والبيداغوجيا ..
    ان من أهم أهداف التربية :تعريف الفرد بخالقه وبناء العلاقة بينهما على أساس ربانية الخالق وعبودية المخلوق واعداد الفرد للحياة الاخرة, وكذلك تطوير وتهذيب سلوك الفرد وتنمية أفكاره وتوجيهه لحمل الرسالة الاسلامية الى العالم, وغرس الايمان بوحدة الانسانية والمساواة بين البشر والتفاضل لايكون الا بالتقوى, كما تسعى التربية الاسلامية السليمة الى تحقيق النمو المتكامل المتوازن للطفل في جميع جوانب شخصيته..وهذا غيض من فيض جاء في مجمل وصايا العبد الحكيم لقمان لابنه وهو يعظه في القرآن الكريم..ولقد جاء في الاخبار والروايات الكثير من لآلئ المعاني التي سطرها التاريخ وهي تخرج كالدرر النفيسة من في لقمان الى أذني ابنه وقبلهما الىعقله وقلبه..ومن بين هاته المعاني السامية والراقية في الاخلاق والسلوك الناضج القويم ماقاله :
    *"يابني إذا جلست لذي سلطان فليكن بينك وبينه مقعد رجل, فلعله يأتيه من هو آثرعنده منك فينحيك فيكون نقصا عليك".
    *"يابني ان أردت أن تواخي رجلا, فأغضبه فان أنصفك في غضبه والا فدعه."
    *يابني لاتضحك من غيرعجب ولاتمشي في غيرأدب ولاتسأل عما لايعنيك."..
    وعن خالد الربيعي أن لقمان كان عبدا حبشيا قال له مولاه:إذبح لنا هذه الشاة, فذبحها وقال له:أخرج أطيب مضغتين فيها,فأخرج لقمان لسانها وقلبها..ثم مكث ماشاء الله ثم قال له يوما: اذبح لنا هذه الشاة, فذبحها.. وقال له مولاه:أخرج أخبث مضغتين فيها فأخرج اللسان والقلب مرة أخرى..قال له مولاه: أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فيها فأخرجت القلب واللسان, ثم أمرتك باخراج أخبث مافي الشاة فأخرجت القلب واللسان..كيف ذلك..فأجابه لقمان:"انه ليس أطيب منهما اذا طابا, وليس أخبث منهما اذا خبثا"...
    وهنا بالذات يظهرتركيزلقمان المربي الفاضل على مضغتين في جسد الفرد هما: القلب واللسان ..فلو حفظهما المرء من السوء ومن الآثام والمعاصي لفازفوزا عظيما, ولكنهما أحيانا كثيرة يكونان مجلبة لكثيرمن الفضائح والزلات والعصيان ,لالشيء سوى لأنهما لايخضعان لمراقبة المسلم وخشيته من الله تعالى في حله وترحاله..
    ولنعد الى الايات الكريمات في سورة لقمان حيث يعظ ابنه بعدة وصايا ونصائح نفيسة ولنستخرج منها هاته العبر والفوائد الجليلة.. لكن قبل ذلك,هناك ملاحظات أساسية لابد من إبدائها والمرتبطة بالشكل الذي قدم بها لقمان نصائحه الغالية لابنه منها:
    -مبدأ الحوار بين الأب والابن بطريقة سلسة دون اثارة مشكلة عدم التواصل بين جيل الاباء مع جيل الأبناء, وهي القضية التي تعاني منها كثير من الاسر في واقعنا اليوم..لقمان كان يخاطب ابنه بأسلوب كله حوار راقي وحضاري, فالاب يسدي النصائح والمواعظ والابن ينصت أحسن الانصات,وتمر الامور في هدوء وروية بين الطرفين..
    -وسيلة الاقناع بحيث أن لقمان الحكيم كان يورد الامر أو النهي ويُتبعه بالشرح والتبرير..مثلا يعظ ابنه بأن لايصعر خده للناس وبأن لايتكبر, فيفسر له للتو بأن ذلك السلوك يكرهه الله تعالى بالقول :"ان الله لايحب كل مختال فخور". ولما أمره باللين بأن لايرفع من صوته وأن يقصد فيه, أردف ذلك بالقول:" ان أنكر الاصوات لصوت الحمير"..
    -بدء الخطاب بالرفق والاسلوب الذي كله رقة وعذوبة: "يابني"..وهي لفظة تصغير لكلمة "ابني" من أجل التحبب والتقرب بغية ايصال الخطاب بطريقة سليمة وكاملة ولفت الانتباه للمُخاطَب..
    -الرد على التساؤلات المحرجة للطفل مهما كانت حتى لوجاءت في موضوع الجنس, وذلك بالجواب اللطيف والذكي دون قمع الطفل السائل او ابداء تيرم من سؤاله أو ضجرمن الحاحه في السؤال..
    -تقديم البديل: حين قال لقمان لابنه بأن لايمشي في الارض مرحا أتى له بالبديل وهوأن يقصد في مشيه..وهكذا دواليك تتاسس التربية الاسلامية السليمة للابناء..
    أما البناءات التي تضمنتها كلمات لقمان الى ابنه فتتشكل ركائزها على مايلي:
    1*بناء العقيدة الصحيحة للطفل المسلم:
    + التوحيد: وهو الأمرالذي بدأ به لقمان كلامه لابنه لأنه أساس كل كلام بعده..فالتوحيد حق الله على العباد. قال الله تعالى :" وماخلقت الجن والانس الا ليعبدون" الذاريات56.وقال أيضا:"ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" النمل36.وقال: "واعبدوا الله ولاتشركوا به شيئا"...وفضل التوحيد كبير, ففي حديث عتبان الله تعالى حرم على النار من قال لااله الا الله ليس باللسان فقط وانمايلزم ترك الشرك باللسان وبالقلب وبجميع الجوارح..وعن انس بن مالك رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"قال الله تعالى ياابن آدم لو آتيتني بقُراب الارض خطايا ثم لقيتني لاتشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة"..وهكذا من حقق التوحيد دخل الجنة بغيرحساب.لهذا نجد لقمان الحكيم يحذر ابنه من الشرك ويبرره بكونه أعظم الظلم..واستهل نصائحه بهذا التحذير لعلمه أن الاصل هو التوحيد..
    + طاعة الوالدين: قرنها الله تعالى في كثيرمن الآيات القرآنية بطاعة الله تعالى:"وقضى ربك ألا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا". بل ان من طاعة الله تعالى طاعة الوالدين الا أن يدعوا الى الشرك به..وحتى في هذه الحالة الاستثنائية يجب مصاحبتهما ومعاشرتهما بالمعروف مع عدم طاعتهما في مايدعوان اليه. كما أمرالله عزوجل العبد بالشكرله وبوالديه بشكل مترابط اذ قال:" ووصينا الانسان بوالديه أن اشكر لي ولوالديك الي المصير"..فلولا الوالدان لما كان لنا أثرولاوجود في هذه الدنيا,ومن ثَم فهما السبب المباشر لحياتنا, لكن ينبغي التذكر دوما أن الله تعالى هوالسبب في وجود كل الخلائق..
    +مراقبة الانسان لله تعالى: أضاف لقمان عظة غالية من عظاته لابنه جواباعلى سؤال سابق كما جاء في الروايات التي تناولت حياة لقمان, فقد سأله ابنه يوما قد يكون محرجا للأب الذي لايحسن الاجابة ولايملك الدراية بفنون القول في اطار من اللين والرفق..لم يتضايق لقمان ولم ينهرابنه ولم يأمره بالصمت أو ينعته بالغباء او الجهل حين سأله عندما رأى البحر متلاطم الأمواج هل بامكان الله تعالى أن يعلم تواجد حبة اذا ألقيت في أعماق بحر كهذا, فأجابه بأن الله تبارك وتعالى يعلم أقل من الحبة فقال له مقدما لفظة التحبب لابنه:"يابني" انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله.ان الله لطيف خبير".
    وهكذا فقد أورد لقمان أمثلة غير البحرالذي ذكره له ابنه, فأعطى له المثال بالصخرة وبالسماوات وبالأراضين..ففي هذا الفضاء الواسع اللامنتهي, يعلم سبحانه مثقال حبة من خردل ,فانظرإلى صغرهذه الحبة حتى في الصخرة الصماء أو في الليلة الظلماء يعلم كل أمر مَهما حقر شأنه أو عظم..يقول ابن حجر"إن أعظم زاجر عم الذنوب هو خوف الله تعالى وخشية انتقامه وسطوته وحذر عقابه وغضبه وبطشه".إن قوام التربية الإسلامية ان يشعر الانسان منذ أن يكون طفلا صغيرا بأن الله قريب منه يسمعه ويراه ويحصي سيئاته وحسناته. يقول الله عز وجل" وهو الله في السماوات وفي الأرض يعبم سركم وجهركم ويعبم ماتكسبون"آية3 الانعام, وقوله في سورة الحديد " وهومعكم أين ماكنتم والله بماتعملون بصير"...ومما يعمق مراقبة الله تعالى في نفس الإنسان المداومة على صلوات الفرض. لهذا انتقل لقمان مباشرة إلى وصية ولده بالصلاة بعد أن وعظه بمراقبة الله تبارك وتعالى..
    +إقامة الصلاة: لاشك أن الصلاة تحمي المسلم من الفواحش والمنكرلقول الله تعالى في سورة العنكبوت "إن الصلاة تنهىعن الفحشاء والمنكر" ..والأمربالصلاة هو أمر بإقامة الصلة بالله حتى تطهر نفس الإنسان ويغلق على الشيطان منافذه الكثيرة, والعجيب أن الوضوء الذي يسبق الصلاة هو أيضا طهارة للمرء المسلم من الذنوب التي تخرج مع آخر قطرة ماء..وفضلا على ذلك, الصلاة تمده بالطاقة الروحية التي تزين الشعور بالطمأنينة والأمن النفسي وهدوء البال وراحة العقل, ولقد أدرك ذلك أحد الأطباء الغربيين وهو ديل كارينجي في كتابه"دع القلق وابدأ الحياة"
    بالقول" إن الصلاة هي أهم أداة عرفت إلى الآن لبث الطمأنينة في النفوس وبث الهدوء في الاعصاب".
    2*بناء العبادات:
    +الأمربالمعروف والنهي عن المنكر: أمرلقمان ابنه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكرلأنه يعلم حق اليقين أنها رسالة عظيمة حاملُ لوائها ينفع نفسه وينفع الأمة الإسلامية جمعاء,إذ ان المعروف الذي يحث عليه الاسلام هو الأمر النافع للمجتمع بجلبه الخيرله وتحقيق التعاون بين أفراده, أما المنكرفهو كل أمريؤدي إلى الخصومات والاعتداء على حرمات الإنسان في ماله وعرضه وماله ونفسه..ولقمان في وعظه ابنه بأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر, يكون ضمنيا قد نهاه على أن لايكون حياديا كما هو شأن الكثيرين من الناس اليوم, فموقف الحياد في معركة الحق مع الباطل في واقعنا هو موقف سلبي يهدم المجتمع أكثر مما يبنيه, فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لاتكونوا إمَعة تقولون إنْ أحسن الناس أحسنا,وإن ظلموا ظلمنا,ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن لاتسيئوا".وهذا هوخلق المؤمنين والمؤمنات ومن سمات المجتمع المسلم.قال الله تعالى:" والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.." من سورة التوبة.
    + الصبرعلىالمصيبة: إنه خُلق كريم نصح به لقمان ابنه وعَبْره يجب على كل أب أن يوصي به أبناءه, فبفضل الصبر تُبنى شخصية الفرد المسلم وتُصقَل توجهاته في الحياة وتُزرع فيه دعائم القوة والصلابة , أما الجزع والتخاذل أمام أدنى مشكلة أو مصيبة فإنها من علامات ضعف الشخصية ووهنها..والصبرفوق كل هذا وذاك يثيب عنه الله تعالى خاصة إذا احتسب المؤمن الأجر عند الله تعالى عند تلقيه أول مرة للمصيبة..
    3*بناء الاخلاق: هو بناء شيده لقمان في الآيات الكريمات المذكورة أعلاه على أساس دعامتين اثنتين هما:
    + النهي عن التكبر: بقوله تعالى "ولاتُصَعرخدك للناس ولاتمش في الارض مرحا"..وتصعيرالخد للناس هو كناية عن التبرم وإدارة الوجه عنهم وعدم الاقبال عليهم بمؤانستهم والأُلفة معهم, بل التعالي عنهم للإحساس بالغروروالتكبرالمشينين وزكى لقمان نصيحته الاولى بالقول: "ولاتمش في الأرض مرحا", ليبرر بعد ذلك قوله كأسلوب للإقناع
    بأن الله تعالى لايحب كل مختال فخور,ومادام الله يكره هذه الخصال فالأجدى أن يبتعد عنها الفرد المسلم..
    + الإقتصاد في الاُموركلها: يقول لقمان لابنه واعظا إياه بأن يقصد في مشيه ويغض من صوته..ودائما في أسلوب راقي في الاقناع, يضيف لقمان:" إن أنكرالأصوات لصوت الحمير" حتى تعاف النفس هذا الصوت وتهرب منه فيتحرى الانسان عدم الرفع من الصوت بدون حاجة..والمعنى الضيق للاقتصاد في المشي والغض من الصوت هو عدم المشي ببطء قاتل ولا السرعة المفرطة, وأيضا عدم الرفع من الصوت يشكل يؤذي السامعين ولاخفضه بطريقة لاتُسمع الآخرين, بل اللازم هو أن يكون المشي بين السرعة والهرولة والصوت بين المنخفض والعالي, لكن المعنى العام والشامل هو سلامة نهج الاقتصاد دون إفراط ولاتفريط في أمورالحياة كلها حتى في جزئياتها من قَبيل المشي والصوت..وهذه دعوة عجيبة منذ زمان بعيد هو زمان لقمان إلى سلك الاقتصاد الوسط بمعناه العلمي الحديث الحالي.وقد أثبتت التجارب العلمية أن هذا النوع من السلوك الاقتصادي هو الأأمن والأسلم في اقتصادات اليوم...

    [/align]
    [align=center][/align]

  14. #14

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=justify]نظرات في التربية بالأهداف


    إن في الإسلام منهجاً تربوياً فريداً، يـقـوم على دعائم وأسس من شأنها إن هي لُمست وجُلِّيت وأُبرزت أن تكوِّن نظرية تربوية إسـلامية متكاملة الأهداف، واضحة الخطوات، متناسقة المراحل، مضمونة الثمرات ـ بإذن الله ـ.
    إن النظرات الجزئية للمنهج الإسلامي التربوي مفيدة ولا شك؛ بيد أنها تعجز عن تكوين وصياغة تلك النظرية؛ لأن ذلك فقط هو من شـأن النظرات الشاملة العميقة المتكئة على دعائم قرآنية، وأسس نبويّة، وتطبيقات صحيحة يـجــب أن تـنـداح دائرتـهــا لتشمل النظريات والتطبيقات المعاصرة المفيدة في علوم التربية والنفس والاجتماع ونحوها.
    إن عملية تحديد دعائم وأسس النظرية التربوية الإسلامية ضرورة حتمية لصياغة النظرية وتـكـويـنـهـا، وهي في الوقت ذاته صعبة وشاقة؛ لذا فهي تستحق من أرباب العلم والفكر والإبداع: إجـالـة نظر في النصوص، وتأملاً وتفكراً في التطبيقات، كيما يتضح السبيل لصياغة النظرية التربــويــة المنشودة، وبلورة تفصيلاتها وإجراءاتها، وتجلية أهدافها وغاياتها.
    إن منظومة الدعائم والأسس التربوية تنتظم عدداً كبيراً، لعل من أبرزها وأوضحها ما يلي:
    1- تحقيق التوحيد في النفس الإنسانية.
    2- الأهداف التربوية: تحديداً وربطاً وتذكيراً.
    3- الترغيب والترهيب.
    4- مراعاة مقتضيات الفطرة الإنسانية.
    5- الشمول والتكامل.
    وفي هذا الموضوع سيكون التركيز على أساس ودعامة الأهداف مبيناً كيفية استخدام المنهج الإسلامي وتفعيله لهذا الأساس، ليكون توطئة وتمهيداً للحديث عن التربية بالأهداف.
    معنى الهدف:
    يدور المعنى اللغوي والاصطلاحي للهدف على معنى واحد مفاده: الغاية التي يُسعى إلى الوصول إليها وإلى تحقيقها، والغرض الذي يُراد إدراكه ونيله (1).
    كل له غرض يسعى ليدركه والحر يجعل إدراك العلا غرضاً
    المنهج الإسلامي والأهداف:
    إن الـمـتـأمــل للمنهج الإسلامي ليدرك بجلاء دون أن تلحقه صعوبة أو تعتريه مشقة قدر العناية التي أولاها ذلك المنهج لقضية الأهداف، وكيف أن الإسلام يتكئ بكامل ثقله على أهداف محــــــددة؛ تبني بمجموعها الهدف الأسمى والغرض الأوحد الذي جاء الإسلام لتحقيقه: وهو تحقيق العبودية الحقة لله ـ تعالى ـ، ويُتوصل بذلك إلى تحقيقه ونيله، قال ـ تعالى ـ: ((وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإنسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ)) [الذاريات: 56].
    بعد تأمل للكيفـيــة التي انتهجها المنهج الإسلامي فيما يتعلق بالأهداف، تمكنت من لمس الخطوات التي نفذهــــــا هذا المنهج لتفعيل دور الأهـداف والإفادة منها، وهـي متمثلة ـ بحسب اجتهادي ـ فيما يلي:
    أولاً: تحديد الأهداف بدءاً؛ وذلك بكل دقة ووضوح:
    نقرأ في القرآن الكريم أنه خـاطــب رسـولنا الأمين-صلى الله عليه وسلم- ـ في أول آياتـه نزولاً(2) ـ بأن يقوم عازماً، وينـهـــــض راشداً، ويسير ثابتاً واثقاً صابراً، مزيلاً اللحاف والـدثــــــار ليحقق أهدافاً شاملة عظيمة:((يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ(3) وَثِيَابَكَ فَطـَـهِّـــرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ)) [المدثر:1-6]، ثم توالت بعد ذلك آي القرآن العظيم لتبين هذه الأهداف وتفسرها وتكملها وتفضلها، فهدف العلم محـدد بقـوله ـ تعالى ـ: ((اقْــراً بِاسْمِ رَبِّكَ الَذِي خَلَقَ)) [العلق:1]، وهدف التحلي بجميل الخلق وعاطر المعاملة وحـســـــن السلوك بقوله ـ تعالى ـ: ((وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) [القلــم:4]، وقـوله ـ تعالى ـ: ((فَبِمَـــــا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاً غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفـِــرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ)) [آل عمران:159]، وهـــــدف التماس الحكمة في الدعوة بقوله ـ تعالى ـ ((ادْعُ إلَـى سَـبـِـيـلِ رَبِّـــكَ بِـالْـحِـكْـمَـــةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) [النحل:125].
    وهـــــــدف الـثـبـات بقوله ـ تعالى ـ: ((وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَاًتِيَكَ اليَقِينُ)) [الحجر: 99]
    وهدف الانتماء للدين وأهله بقوله ـ تعالى ـ: ((اللَّهُ وَلِيُّ الَذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كـَـفَـــــرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) [البقرة:257]، وقوله ـ تعالى ـ: ((لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) [الأنعام:127]، وغير ذلك من الأهداف التي ناسب تقريرها في المجتمع المكي الـــذي كان يمر بظروف بداياته، ويتطلب التركيز على قضايا محددة.
    ولقد أكد القرآن الكريم على أكثر الأهداف حتى بعد انتقال الجماعة المؤمنة من طور التأسيس العقدي والإيماني (مكة) إلى عهد البناء الشامل المتكامل (المدينة)؛ لأنها أهداف متناسقة متكاملة، بيد أنه قرر أهدافاً أخرى، تستطيع الجماعة المؤمنة من خلالها أن تقيم البناء الإسلامي الحضاري الشامل، فمن ذلك ما قرره القرآن بقوله ـ تعالى ـ: ((وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إذَا رَجَعُوا إلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ))[التوبة: 122] لقد دفع القرآن الكريم الأفواج المؤمنة لاقتحام مجالات الجهاد المتعددة وطرق أبوابه المتنوعة.
    ثانياً: ربط الحياة بهذه الأهداف:
    رَبَطَ الإسلامُ حياة المسلمين بأهدافه السامية التي حددها في البداية بكل جلاء ووضوح عبر قوالب متعددة ووسائل متنوعة، لعل من أكثرها وضوحاً القالب المشكّل بـ ((وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإنسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ))، ((قُلْ إنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ لله162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ)) [الأنعام: 162، 163]، فهل ثمة جزء من حياة الإنسان بقي دون أن يربط بالعبودية لله ـ تعالى ـ؟! لا وحاشا.
    ثالثاً: التذكير بالأهداف:
    إن المنهج الإسلامي رباني يتعامل مع الإنسان، مدركاً طبعه وجبلّته، ومراعياً نقصه وضعفه؛ لذا فمن غير المستغرب أن تكثر النصوص التي تذكِّر الإنسان ـ الذي يغفل ويذهل وينسى بحكم طبيعته ـ بالأهداف التي يجب أن يحققها، بل إنه يمكن تقرير أن نصوص الشرع جميعها تذكر بالأهداف ولكنها مختلفة في طبيعة التدكيـر وقـوتـه وقالبه، إن قـول الله ـ تعالى ـ: ((إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) [الفاتحة: 5] من أقوى النصوص تذكيراً وأكثرها ترداداً.
    ولعل مما يجدر ذكره وتقريره أن الخطوات الثلاث سالفة الذكر لا تخص المنهج الإسلامي التربوي فحسب، بل هي صبغة اصطبغ الإسلام بها بأكمله؛ لذا فإنه يمكن الإفادة منها عند دراسة وتأصيل المناهج السياسية والاقتصادية والإدارية والنفسية والاجتماعية ونحوها.
    وبعد هذا الاستعراض المجمل للكيفية التي انتهجها الإسلام ـ وذلك حسب فهمي ـ تجاه الأهداف، يمكنني أن أتناول موضوع التربية بالأهداف: مصطلحها ومنطلقاتها ومراحلها(3) وذلك عبر النقاط التالية:
    تعريف التربية بالأهداف:
    يمكن تعريف التربية بالأهداف بأنها (عملية إكساب المتربين سلوكاً جديداً، أو ترسيخ سلوك معين من خلال تحديد الأهداف عبر المربين والمتربين معاً والتي يجب تحقيقها مع تحديد الوسائل الكفيلة بتحقيقها).
    منطلقات التربية بالأهداف:
    تقوم هذه التربية على أسس، منها ما يلي:
    1- ضرورة تحديد الأهداف الواجب تحقيقها في البداية بشكل واضح ودقيق.
    2- ضرورة مشاركة المتربين في عملية تحديد الأهداف أو بعضها، وذلك بحسب استطاعتهم، وقدراتهم العلمية والفكرية والنفسية والعمرية؛ طلباً لتحقيق الأهداف التالية:
    أ - شعور المتربين بتحقق ذواتهم، وذلك لاستشارتهم وأخذ آرائهم.
    ب - شعورهم بالارتياح النفسي التام؛ لأنهم يعملون على تحقيق أهداف ساهموا هم في تحديدها.
    ج - التوفيق بين أهداف المربين والمتربين (في حالة وجود تعارض).
    3- تحديد الوسائل التي تحقق الأهداف المنشودة من خلالها.
    خطوات التربية بالأهداف:
    ثمة خطوات في ضوء التربية بالأهداف، يجب على المؤسسات التربوية (كوزارات المعارف والتربية والتعليم) أن تقوم بها:
    أولاً: تحديد الأهداف الواجب تحقيقها في البداية بكل دقة ووضوح: وتحت هذه الخطوة يجب مراعاة الأمور التالية:
    أ - وصفت الأهداف المحددة المنشودة بالواجبة التحقيق، وهذا يعني عدم ترك المربي ليحقق من الأهداف ما تميل إليها نفسه، أو تتفق معها طبيعته وجبلته، أو أن تحقيق تلك الأهداف سهل المنال، أو أنها مما يتقنه ويقدر عليه!! إن الأمانة التربوية تقتضي تحديد الأهداف التربوية الواجبة التحقيق ليتم تحقيقها في الواقع التربوي، ولهذا ندرك أن ممارسات بعض المربين السلبية مخالفة للأمانة التربوية.. إنهم أولئك الذين لا يحققون إلا الأهداف التي تتفق مع قدراتهم وطبيعتهم وميولهم ورغباتهم.. إن بعضهم مغرم بالكمال، متشدق به، متكلف لأحواله، متلبس بزيه، إنه ليس ثمة نقص يعتريه، ولا عيب يكتنفه!! لذلك فقد استحالت ممارساتهم التربوية إلى (استنساخ تربوي)!! وبعضهم لا يريد ذلك، ولكنهم يتجهون إلى الأهداف التي يتمنون تحقيقها بمقتضى الجبلّة والفطرة، وبهذا نعرف قدر وصية أحد السلف لابنه وأهميتها؛ إذ هو يقول له: (يا بني تعلم العلم كله؛ فإن الإنسان عدو ما جهل، ولا أريدك أن تكون عدواً لشيء من العلم)، إن الإحاطة والإلمام بفنون العلم والثقافة في الوقت الحاضر من الصعوبة بحيث لا مفر من أن يستفيد بعضنا من بعض، فكلنا يكمل الآخر.
    ب - ثمة اعتبارات علمية يجب مراعاتها عند تحديد الأهداف التربوية:
    1- تحديد الأهداف بدقة ووضوح بحيث تفهم من الجميع فهماً واحداً، ولتوضيح المقصود نفترض أن من ضمن الأهداف المحددة: حفظ ما تيسر من القرآن.
    إن هذا الهدف عام وفضفاض، وقابل لتفسيرات متعددة.
    2- تناسق الأهداف وتكاملها وعدم تعارضها.
    3- واقعية الأهداف، وذلك بإمكانية تحقيقها، وهي باعتبارين:
    أ - باعتبار كل هدف على حدة؛ وذلك بكونه ممكن التحقق.
    ب - باعتبار الأهداف مجتمعة؛ وذلك بكونها ممكنة التحقق في وقت واحد.
    4- صياغة الأهداف بشكل قابل للقياس طلباً لتحديد نسبة النجاح في تحقيقها وذلك بربطها بأمر أو أكثر من الأمور التالية:
    أ - الـزمـن: مثل: حفـظ كتاب الله ـ تعالى ـ في فترة لا تتجاوز السنتين.
    ب - الكمية: مثل: حفظ وجه واحد من القرآن يومياً.
    5- ترتيب الأهداف بحسب أهميتها.
    6- أن تكون الأهداف من نوع واحد، فإما أن تكون رئيسة (استراتيجية) أو مرحلية (تكتيكية أو فرعية)، ولا يصح الجمع بينها؛ لأن الرئيسة تشمل المرحلية (مثل هدف: تعبيد الأفراد لله ـ تعالى ـ (رئيس) وهدف: تربية الأفراد على أعمال القلوب (فرعي) أليست التربية من التعبيد لله؟) ومن البدهي وجوب كون الأهداف التربوية مشروعة وشاملة.
    ج - لتسهيل عملية تحديد الأهداف وعملية تحقيقها، يمكن أن تقسم إلى أقسام:
    فمن حيث النوع: يمكن تقسيمها إلى: أهداف رئيسة، وأهداف مرحلية.
    ومن حيث الزمن: يمكن تقسيمها إلى: أهداف طويلة أو متوسطة أو قصيرة الأجل.
    ثانياً: تحديد الوسائل الكفيلة بتحقيق الأهداف المنشودة بأعلى كفاءة ممكنة؛ وعند تحديد مثل تلك الوسائل يجب مراعاة الأمور التالية:
    1- أن تحقق الوسائل (البرامج العملية) الأهداف المحددة بأعلى كفاءة ممكنة.
    2- أن تكون الوسائل مرنة، بحيث يمكن تعديلها عند الحاجة.
    3- أن تتضمن البرامج العملية كيفية مواجهة العقبات المستقبلية (إن وجدت).
    4- الاستفادة من العلوم الحديثة النافعة، كعلوم التربية والنفس والاجتماع والفسيولوجيا والإدارة والاقتصاد وغيرها.
    بالإضافة إلى الاعتبارات العلمية الثلاثة الأولى المذكورة آنفاً (الخاصة بالأهداف).
    ثالثاً: يجب تحديد نسبة النجاح في تحقيق كل هدف عقب فترة محددة طلباً لتشجيع وزيادة الإيجابيات والنجاحات، والتماساً لعلاج الأخطاء والسلبيات وتلافيها، وهذه الخطوة تظهر بجلاء أهمية كون الأهداف قابلة للقياس (الاعتبار العلمي الخاص بالأهداف رقم 4).
    رابعاً: التذكير بالأهداف الواجب تحقيقها على فترات دورية، لئلا يُنسى بعضها!!
    إن شركة (ماتسوشيتا) وهي شركة يابانية استطاعت أن تحقق نجاحات كبيرة لتصبح من كبريات الشركات العالمية، تؤكد على هذه الخطوة، وتعرف أهميتها وثمرتها، وذلك بأنها تطلب من مديريها وعمّالها أن يرددوا أهداف الشركة صباح كل يوم(4).
    خامساً: مراجعة الأهداف المنشودة والوسائل المحددة عقب فترة زمنية مـعـيـنـة؛ وذلــك لإجـــراء الـتـعـديـلات اللازمة لمقتضيات شرعية أو واقعية، وتجدر الإشارة هنا إلى أهمية التجديد في البرامج العملية طرداً لسآمة المربين ودفعاً لملل المتربين!!.
    الخلل التربوي:
    يجمع المربون على وجود خلل واضح في المنتجات التربوية ناتجٍ من وجـود تصدع بيِّن في البنية التحتية للتربية، بيد أنهم يختلفون كثيراً في أســبـاب الظاهــرة وعلاجهـا، وفـي رأيي ـ المتواضع ـ أن للظاهرة أسباباً متعددة يمكن إرجاعـهــــا إلى سـبـب واحد هو غياب الأهداف التربوية الواضحة التي يجب على المربي تحقيقها.
    فكيف ـ والحالة كهذه ـ يحقق المربي نجاحاً مثمراً وهو لا يدري فـي حالات كثيرة ما هي المواصفات التي يجب التقيد بها؟!!
    إن بعض المربين قد يغفل عن بعض الأهداف لمدة قد تصل إلى سنوات؟! فماذا عن المُنتَج..؟ قطعاً إنه معيب!! وهنا يأتي دور المؤسسة التربوية في صياغة وتحديد الأهداف التربوية، ومطالبة المربين بـتـحـقـيـقـهـــا، وذلـك لـئــلا يُـلـجـأ المربي لأن يجتهد.. فيخطئ ويغفل وينسى!(5).
    المعادلة التربوية الفعالة:
    إن خلاصة القول يمكن قراءتها في أحرف هذه المعادلة:
    قصد ونية خالصة نقية <---
    أهداف ووسائل شرعية علمية <---
    صنع أجيال فتية للمجد بانية.
    الهوامش :
    (1) المنجد في اللغة والأعلام، مادة هدف، ص 858.
    (2) ثبت في صحيح البخاري عن جابر أنه كان يقول: (أول شيء نزل من القرآن ((يا أيها المدثر))، والجمهور بأنها ((اقرأ باسم ربك الذي خلق))، والمهم أنها من أول الآي نزولاً.
    (3) استندت كثيراً من فلسفة المدرسة الإداريــــة الحديثة0(الإدارة بالأهداف)، ولمزيد من المعلومات عن هذه المدرسة يمكنك مراجعة كتاب: (الإدارة بالأهداف ـ النظرية والتطبيقية) د. علي عبد الوهاب.
    (4) لم أقصد أن السبب الوحيد في نجاح الشركة هو ترديد الأهداف، وإنما قصدت أنه من ضمن الأسباب الرئيسية في ذلك. ولـمـزيـد مــن المعلومات عن هذه الشركة وفلسفتها، انظر كتاب: (فن الإدارة اليابانية) باسكال وآخر، ترجمة حسن ياسين.
    (5) إن عـمـلـيـة تـحـديـد الأهــداف صعبة وهي مناطة بالمؤسسة التربوية، ولا مناص من الاجتهاد في حالة تقصيرها، ويمكن الاستفادة من بعض الكتب في هذا الموضوع مثل:أهداف التربية الإسلامية، محمد الحريري، وأهداف التربية الإسلامية وغايتها، د. مقداد يالجن.[/align]
    [align=center][/align]

  15. #15

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=justify]التربية الإسلامية والعناية بالموهوبين

    ليس هناك من شكٍ في أن التربية الإسلامية قد اعتنت بالمواهب الإنسانية التي غرسها الله تعالى في النفس البشرية ، وحرصت على تنميتها والاهتمام الإيجابي بصاحبها ، ودعت إلى حُسن توجيهها والإفادة الكاملة منها بصورةٍ تُحقق النفع والفائدة المرجوة سواءً كان ذلك على المستوى الفردي أو الجماعي .

    ويأتي اهتمام التربية الإسلامية بهذا الجانب في شخصية الإنسان انطلاقاً من إدراكها أن الثروة البشريــة تُمثل الثروة الحقيقية لأي مجتمع من المجتمعات ، وأن من يوصفون بالمتفوقين والموهوبين في أي مجتمع إنما هم بمثابة القلب النابض والعقل المُفكر له ، نظرا لأهميتهم البالغة ، وأثرهم الفاعل والإيجابي في مواجهة مختلف التحديات في أي زمانٍ ومكان .
    من هنا فإن على المهتمين بشؤون التربية والتعليم أن يزيدوا من اهتمامهم بالطلاب الموهوبين في مختلف المجالات العلمية ، وأن يحرصوا على اكتشاف المتفوقين والموهوبين ومن لديهم قدرة على التفكير الابتكاري ؛ لغرض رعايتهم و العناية بهم وحُسن توجيههم ، وصقل مواهبهم وأفكارهم والعمل الجاد على تعرف جوانب التميز لديهم ، ومن ثم العمل على تحديد أفضل الوسائل الممكنة لاستثمار تفوقهم ، وتسخيره لما فيه الصالح العام لاسيما وأنهم بما وهبهم الله من تفوق عقلي وقدرات خاصة على الفهم والتطبيق والتوجيه والقيادة والإبداع قادرون – بإذن الله تعالى - على إحداث التقدم المنشود ، وقيادة مسيرة التنمية والتطور الحضاري ، والتصدي لمختلف المعوقات والتحديات المعاصرة ، و الإسهام الفاعل في حل المشكلات المختلفة للمسيرة التنموية الشاملة . وليس هذا فحسب فإن هؤلاء الموهوبين يُعدون – بإذن الله تعالى- أمل المستقبل ورجاله المنتظرين لقيادة البلاد في مختلف المجالات العلمية والتقنية والإنتاجية و الخدمية والمعرفية .
    وحيث إن مؤسساتنا التعليمية والتربوية – ولله الحمد والمنة - تزخر بالكثير من الموهوبين والمتميزين من أبناء المجتمع في مختلف الميادين والمجالات العلمية والمعرفية فإن تربيتنا الإسلامية تفرض علينا جميعاً مزيداً من الاهتمام بأفراد هذه الفئة والعناية بهم وبمواهبهم المختلفة ، وهذا أمرٌ لا يمكن تحقيقه إلا بالتعاون بين مختلف عناصر العملية التربوية الرئيسة والتي يمكن الإشارة إلى بعض أدوارها فيما يلي :

    أولاً / دور المعلم المسلم في رعاية الموهوبين من الطلاب :
    تنطلق أهمية دور المعلم في العناية بالطلاب الموهوبين على اعتبار أنه الركيزة الأساسية في العملية التعليمية والتربوية . وعليه الاعتماد – بعد الله سبحانه وتعالى – في تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية ، لاسيما وأن على عاتقه مسئولية عظيمة في تربية النشء ، و توجيههم التوجيه الإسلامي الصحيح ، والعمل الجاد على تنمية مواهبهم، وكشف استعداداتهم ، والإفادة من جوانب تميزهم ، إلى غير ذلك من المسئوليات التي لا يمكن أن تتحقق دون توافر المعلم المسلم المبدع الذي يدرك أهمية الإبداع ، ويحرص على تنمية التفكير الإبداعي عند الطلاب ، وربطه في كل شأنٍ من شؤونه ، وكل جزئيةٍ من جزئياته بما جاء في المصادر الخالدة للتربية الإسلامية المُتمثلة في كتاب الله العظيم وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم .
    كما أن دور المعلم المسلم يمكن أن يتضح من خلال إيجاد المواقف التعليمية التي تستثير الإبداع عند الطلاب في الفصل الدراسي ، وتشجيعهم على ممارسته بمختلف الطرائق والأساليب الممكنة ، والحرص على توجيههم بطريقةٍ إيجابية وفاعلة .

    ثانياً / دور المدرسة في رعاية الموهوبين والعناية بهم :
    يمكن الإشارة إلى دور المدرسة كمؤسسةٍ اجتماعيةٍ تربويةٍ في رعاية الموهوبين والعناية بهم و المشاركة الفاعلة والإيجابية في هذا الشأن من خلال تقديمها للمواد الدراسية وما يتبعها من نشاطات فصليةٍ أو غير فصلية بصورةٍ حديثةٍ و شائقةٍ و جذابةٍ ، والعمل على التخلص من النمط التقليدي الذي يُركِّز دائماً على أسلوب تلقين المعرفة للطلاب بصورةٍ يكون الطلاب معها سلبيين وغير متفاعلين .
    كما يمكن للمدرسة أن تعمل على وضع خطة شاملة لرعاية الطلاب الموهوبين ، وتوفير الجوّ التربوي الملائم لنمو المواهب المختلفة ، والعمل على توفير ما أمكن من الأدوات والتجهيزات اللازمة لممارسة مختلف الأنشطة التي يمكن من خلالها التعرف على المواهب وتنميتها وتطويرها . كما أن من مهام المدرسة الحرص على تدريب بعض المعلمين على كيفية التعامل مع الطلاب الموهوبين ، وتوجيه المعلمين إلى استخدام طرائق وأساليب تعليمية فاعله وإيجابية لهذا الشأن ، والاتصال بأولياء الأمور وتعريفهم بمواهب أبنائهم ليتحقق التكامل بين دور الأسرة ودور المدرسة في رعايتهم .

    ثالثاً / دور المجتمع في رعاية الموهوبين والعناية بهم :
    ويتمثل هذا الدور في أهمية الاهتمام الجماعي لمختلف القطاعات والمؤسسات الاجتماعية الأخرى في المجتمع بهذه الفئة من أبنائه عن طريق المشاركة الفاعلة ، والإسهام الجاد في توفير مختلف الظروف المدرسية والبيئية الداعمة للإبداع والمُبدعين ؛ والمُساعدة على تنميته وتطويره ، والحرص على تحقيق الفوائد والأهداف المرجوة منه . فالأسرة والمسجد ووسائل الإعلام وأماكن العمل والنوادي وغيرها من المؤسسات الاجتماعية مطالبة بالإسهام في العناية بالموهوبين ورعايتهم سواءً كان ذلك بطريقٍ مباشرٍ أو غير مباشر .ولن يُعدموا طريقةً أو وسيلةً لتحقيق ذلك متى ما تضافرت الجهود وصلُحت النيات . [/align]
    [align=center][/align]

صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. كشف متابعه الطلاب في حصه التربيه البدنيه
    بواسطة ريف العين في المنتدى طرائق التدريس في التربية الرياضية وتكنولوجيا التعليم
    مشاركات: 42
    آخر مشاركة: 02-01-2015, 06:18 PM
  2. وسائل التربيه بالــــ ( حب )
    بواسطة ينابيع الأمل في المنتدى منتدى الأناقه والمكياج
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 21-07-2008, 09:02 AM
  3. الفزعه يامعلمات التربيه الفنيه
    بواسطة انوسه في المنتدى التربيه الفنية
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 20-10-2006, 04:01 PM
  4. التربيه بالحب .. lamma
    بواسطة lamma في المنتدى منتدى الأخبار
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 09-09-2005, 04:10 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •