أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الفصل السادس: التدبر في القرآن وفهمه

المبحث الأول : المقصود بالتدبر وحكمه


دعانا الله لتدبر كتابه وتأمل معانيه وأسراره ، فقال تعالى(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ) ص:29.

فما المقصود بتدبر القرآن؟

هو التفكُّر والتـأمل في آيــات القرآن من أجل فهمه ، وإدراك معانيــــه ، وحكمه ، والمراد منه.
والقرآن ميسرا للتلاوة وميسرا للحفظ وميسرا للفهم والتدبر، قال تعالى (ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر ) القمر 17 .

فيجب علي المسلم تدبر القرآن وتفهمه ، بقراءته على تمهل وتفهم ، فإن القرآن كتاب هداية ، وكيف يهتدي به من لا يفهمه ، وإن أشكل عليه شيء رجع لتفسيره ، وليجمع همته عند القراءة حتى يستحضر ذلك بقلبه ، ويتأمل ما فيه من آيات التهديد والوعيد ، والرجاء والرحمة ، وأحوال الماضين ، وغير ذلك ، قال تعالى(أَفَلا يَتَدَبَّرونَ القُرءانَ أَم عَلى قُلوبٍ أَقفالُها)محمد24.

المبحث الثاني :الرسول صلى الله عليه وسلم يتدبر القرآن:

عن حذيفة رضي الله عنه قال( صلَّيتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذاتَ ليلةٍ . فافتتح البقرةَ . فقلتُ : يركع عند المائةِ . ثم مضى . فقلتُ : يصلي بها في ركعةٍ . فمضى . فقلتُ : يركع بها . ثم افتتح النساءَ فقرأها . ثم افتتح آلَ عمرانَ فقرأها . يقرأ مُترسِّلًا . إذا مرَّ بآيةٍ فيها تسبيحٌ سبَّحَ . وإذا مرَّ بسؤالٍ سأل . وإذا مرَّ بتعوُّذٍ تعوَّذَ . ثم ركع فجعل يقول " سبحانَ ربيَ العظيمِ " فكان ركوعُه نحوًا من قيامِه . ثم قال " سمع اللهُ لمن حمدَه " ثم قام طويلًا . قريبًا مما ركع . ثم سجد فقال " سبحان ربيَ الأعلى فكان سجودُه قريبًا من قيامِه))صحيح مسلم .

وهذه صفة صلاة النبي صلي الله عليه وسلم في صلا ة القيام ففي الحديث أنه قرأ في ركعة واحدة البقرة وآل عمران والنساء ولم يكن يقرأ قراءة سريعة بل يقرأ مترسل أي على مهل وإذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بآية فيه تعوذ تعوذ ، ثم ركع فكان وقت ركوعه متقاربا من وقت قراءته ، وعندما قال سمع الله لمن حمده فكان وقت قيامه قريبا من وقت ركوعه ، ثم سجد فكان وقت سجوده قريبا من وقت قيامه ، فهل نحن نقتدي بالنبي ونصلى هكذا؟

فصلاة كهذه يكون فيها القلب حاضرا والتدبر واقعا والجوارح خاشعة .

وعن ابن مسعود رضي الله عنه : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ((اقْرَأْ عَلَيَّ ). قلتُ : يا رسولَ اللهِ ، أقرَأُ عليكَ وعليكَ أُنزِلَ ؟ قال : نعم . فقرأتُ سورةَ النساءِ ، حتى أتيتُ إلى هذه الآية : فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدً . قال : (حسبُكَ الآن) . فالتفتُ إليهِ فإذا عيناه تذْرِفان )صحيح البخاري.

المبحث الثالث :أسباب انصراف الناس عن تدبر القرآن

1) إعتقاد صعوبة الفهم :

إن مما يصرف كثيرًا من المسلمين عن تدبُّر القرآن والتفكُّر فيه وتذكُّر ما فيه من المعاني العظيمة ؛ اعتقادهم صعوبة فهم القرآن وهذا خطأ في مفهوم تدبُّر القرآن ، وانصراف عن الغاية التي من أجلها أُنزل ، فالقرآن كتاب تربية وتعليم ، وكتاب هداية وبصائر لكل الناس ، كتاب هدى ورحمة وبشرى للمؤمنين ، كتابٌ قد يسَّر الله تعالى فهمه وتدبره ، كما قال تعالى (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)القمر: 17.

والقرآن نزل بالعربية ولغته سهلة ميسرة للفهم للجميع ، قال تعالى(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)يوسف2.

إن القرآن معظمه واضح ، وبيِّن وظاهر لكل الناس ، يدرك معناه الصغير والكبير، والعالم والأمي كما قال ابن عباس (التفسير على أربعة أوجه : وجه تعرفه العرب من كلامها ، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء ، وتفسير لا يعلمه إلا الله ) ومعظم القرآن من القسمين الأولين.

2) مكـائـــد الشيـطـان :

ومن مكايد الشيطان لصرف الناس عن تدبُّر القرآن والاهتداء به تنفيره عباد الله من تدبر القرآن ، لعلمه أن الهدى واقع عند التدبر، فيقول هذه مخاطرة ، حتى يقول الإنسان أنا لا أتكلم في القرآن تورعا ، و المخاطرة تكون في أن تتكلم في القرآن بغير علم وليس في تدبُّره ، ولقد أمرنا الله تعالى بتدبر القرآن ، فقال عزَّ وجلَّ (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)محمد: 24.

فلا تجعله يحوَّل بينك وبين فهم وتدبُّر كلام الله تبارك وتعالى ، وإذا أشكل عليك معنى آية بادر وسارع إلى كتب التفسير للبحث عن معناها والمراد بها .

لكن لا تُغْلِق عقلك فتقرأ دون تدبُّر أو تترك القراءة بالكلية!

المبحث الرابع : كيف السبيل إلى تدبر القرآن؟

الكثيرٌ من الناس تعلم القراءة هذّاً بسرعة ، هذا يصعب عليه أن يتدبر ، لكن عليه أن يعود نفسه على التدبر، والتدبر يكون بقراءة القرآن على الوجه المأمور به ، يعني يرتل القرآن ولا يسرع ، ومع ذلك يكون بيده قلم يدون الألفاظ والآيات التي تشكل عليه ، ولا يفهمها ، فيراجع فيها كتب التفاسير الموثوقة حتى تنحل لديه هذا الإشكالات ، ثم بعد ذلك يقرأ القرآن بدون إشكالات ، ويتدبر، وفي كل مرة يعرض فيها القرآن يتكشف له من العلوم ما لم يكن عنده من قبل ، والهدى كله في تدبر القرآن.
ومن التفاسير السهلة والميسورة لكل مسلم أيسر التفاسير للشيخ أبي بكر الجزائري فهو يجمع بين التيسير وعدم التطويل وسهولة العبارة وحسن التنظيم وهو على منهج أهل السنة والجماعة.


من كتاب القرآن العظيم فضائل وأحكام

حمل الكتاب مرفق بالأسفل


<div style="padding:6px"> الملفات المرفقة
: القرآن العظيم فضائ وأحكام.pdf&rlm;
: 905.0 كيلوبايت
: <font face="Tahoma"><b> pdf