أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فقد ذكر عدد من أهل العلم أثرا بلفظ (باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء)، وقد جعله بعضهم حديثا منسوبا للنبي صلى الله عليه وسلم، وجعله غيرهم أثرا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ولم أر من وقف على إسناد هذا الأثر، مع كثرة ذكره في كتب شروح الحديث وبعض من كتب حول مسائل الاختلاط.
وقد نص عدد من أهل العلم على أن هذا الأثر لاأصل له، وهذا يدل على عدم وقوفهم على سنده.
ولعلي أسوق بعض عبارات أهل العلم حول هذا الأثر، ثم أذكر سنده من الكتاب الذي وقفت عليه بحول الله.

ففي شرح النووي على مسلم (14/ 166): وقال القاضي عياض هذا خاص للنبي صلى الله عليه وسلم بخلاف غيره فقد أمرنا بالمباعدة من أنفاس الرجال والنساء.انتهى.
وهذا الكلام في إكمال المعلم للقاضي عياض(7/ 37).
وتتابع عدد من الشراح على نقل هذا الكلام، كالسيوطي في شرحه لمسلم، وشرحه للترمذي، وغيرهم.

وقد جزم ابن حزم بنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم ، حيث قال في طوق الحمامة، كما في مجموع رسائله(1/ 275): ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء ".انتهى.



وفي الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة للقاري (ص: 145):
حديث باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء غير ثابت
وإنما ذكره ابن الحاج في المدخل في صلاة العيدين
وذكره ابن جماعة في منسكه في طواف النساء من غير سند ولفظه ويروى عن النبي عليه الصلاة والسلام باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء.انتهى.

وفي كشف الخفاء ت هنداوي (1/ 319):
باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء.
قال القاري: غير ثابت وإنما ذكره ابن الحاج في المدخل في صلاة العيدين، وذكره ابن جماعة في منسكه في طواف النساء من غير سند، ولفظه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء، ذكره دليلًا لقولهم: لا تَدْنُ النساءُ من البيت في الطواف؛ مخافةَ اختلاطهن بالرجال إن كانوا.


وفي سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (13/ 643):
6296 - (باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء) .
لا أصل له.
وقد علقه ابن حزم في "طوق الحمامة" (ص 128) جازما بنسبته
إلى النبي صلى الله عليه وسلم! وكذلك فعل جمع من بعده؛ منهم ابن الحاج في "المدخل "
(1/245) ، وكذلك ذكره ابن جماعة في "منسكه " في طواف النساء من غير
سند، كما ذكر الشيخ ملا علي القارئ في "الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة"
(145/113) ، وقال:
"غير ثابت"! وقلده الشيخ إسماعيل العجلوني في "كشف الخفاء" (1/279) .
وليس بجيد؛ وذلك لأن هذه الجملة ليست صريحة في التعبير عن واقع هذا
الحديث، وأنه لا أصل له البتة في شيء من كتب السنة التي تروي الأحاديث
بالأسانيد، ولو كان بعضها موضوعة، وإنما يقال ذلك في حديث له إسناد غير.انتهى.

وفي المقول من ما ليس بمنقول (ص: 8) لوليد السعيدان:
ومن ذلك : قولهم " باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء " هو مع شهرته على ألسنة الوعاظ والخطباء إلا أنه لا يثبت وإنما ذكره بعض الفقهاء بلا سند ، والأحاديث التي تحذر من ذلك معروفة مشهورة وفي الصحيح غنى هذه الأقوال التي لا أصل لها ، والله أعلم .انتهى.

ولعلي أذكر الآن من أشار لسنده أو ذكره:
فقد أشار لبعض سنده عبدالملك بن حبيب في أدب النساء:
ففي أدب النساء لعبد الملك بن حبيب (ص: 244):
173- وعن أبي إسحاق الهمداني أن عمر بن الخطاب قال: ((باعدوا بين أنفاس النساء وأنفاس الرجال!.انتهى.

فهذا يدل على أن ابن حبيب وقف على سنده وذكره هكذا مختصرا.

وقد وقفت بحمد الله تعالى على سنده متصلا في كتاب أدب القاضي لابن القاص الطبري(ت 335) ، حيث قال (1/165) رقم(116) حدثنا أبو بكر بن أحمد القاضي، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرّب، عن عمر رضي الله عنه(1) قال (باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء).

(1)قال المحقق في الحاشية(في نسخة (ب) بزيادة رضي الله عنه. قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وللكلام على الأثر تتمات لعلي أضعها فيما بعد بإذن الله تعالى.