[align=right]
المناسبة المقترحة الأولى :
التعرق، والتمتمة و الدموع، العلامات البارزة الآن عليه، ولكن كان يتخلل ذلك بعض الرعشات التي تبدأ من الركبة صعودا، لم يعد يقوى على الحراك، اتكأ على نهاية السرير، ركع على ركبتيه، هز رأسه، وهاهو يقترب من السرير أكثر واضعا ركبتيه على موكيت الغرفة، سيبكي الآن، لو كان هناك من يشاهده الآن، لتركه وحده مشفقا، لأن هذا هو الحل الأنسب الوحيد الذي من الممكن أن يحافظ على كرامته، كان يشعر برغبة في أن تبكي معه، كان يرغب في تصوير هذا المشهد على شرَفِها.
يشتهي الصراخ، ولكنه لن يفعل ذلك، فقط لأنه لم يتعود أو لم يستسغ تصرفاً كهذا، كان يشعر برغبة ملحة في الصراخ:
(كم أنت مؤلم يا حبي اللعين)
ربما لن تكون العبارة كهذه، بل ربما تكون هكذا:
(الله يلعنك يا حبي.)
بعد فترة من الوقت، لا يعلم مدتها إلا الله، استيقظ وتوجه حتى النافذة المفتوحة، غسل البلل وجهه، شعر بأن على زاوية الشارع من يراقبه.. كان هذا فتى في مقتبل العمر، قد رفع رأسه بالصدفة بحثا عن حركة في هذه النوافذ المتراصّة، شعر أن الفتى يرقبه بوجل، ثم يتابعه بعد ذلك باهتمام، شعر هو بلحظة ارتعاش، وكأن طيفا أبيض خرج من الوجه المتلألئ لرفيق الليل، تحت أنوار الشارع الصفراء، وكأن القمر اختص هذه الليلة بسطوع ملائكي فريد، ليتوصل إلى مغازلة هذا العابر الوحيد، لكنه انصرف مختطفا منه أحد أطياف حبيبته الساكنة وسط روحه، وفي لحظة من السكون، كان الرجلان يتابعان ذلك الطيف الجميل وهو يعلو للسماء.
ابتعد الفتى، وأضطر هو بعد انتظار قصير، إلى أن يعود.
عاد إلى أرضية الغرفة الباردة، ليتذكر المرة التي كذب فيها على ريم، وأسمعها عبر جواله تلك الخاطرة التي أخبرها أنها كتبت لها، بعد أن غابت عنه فترة:
النص :
تذوب أوراق الزهور على كفيّ لتسقط فوق خطواتي، عندما تتعرقين
جنون يكتسحني الآن، يكاد يجتثني من أصولي، ليزرعني هناك تحت شرفتك
أريد أن أنمو من جديد
أريد أن أرقص على صرخاتك، أتموج، تدمع عيناي
نبضات قلبي الآن تتسارع، ستتحول لجسد الرجل الذي يريد أن يعانقك ويقبلك ويختنق بشهقاتك
يا إلهي! كم هي تلك الصور التي تعريني من على سريري وتجعلني أحلق عاليا، فوق أحد السحابات الضائعة في خصلات شعرك الغجري
يسمعني المحيط من حولي عندما أكرر تلك الكلمات بداخلي، تنعكس على كل أطرافي، يختلط الحلم بالحقيقة، أترنح فتنكسر كل القوانين، لأعود ذلك الجد الذي خلفني منذ ألف عام.
أريدك، أعشقك.
سأرسم في الهواء لوحات أجسدك فيها من خلال تلك اللحظات الصاخبة، تارة عندما تستيقظين، وتارة عندما تجلسين تمشطي شعرك، وتارة عندما تضعين الروج النحاسي
لكم أحسد تلك الحقيبة الجلدية السوداء ذات العروق البارزة، واليد الذهبية الطويلة التي ترتطم بفخذك عندما تسيرين، فتترنح وتصاب بعد ذلك بالشلل.
جميع الأشياء على طاولتك عددتها، تخيلتها، وانعقدت بيننا علاقات حميمة.
مرة تدخل عباءتك غرفتي، ومرة أخرى أتحول أنا لقميصك السكري المقلّم.
للمجون والطمع والخيالات المتعبة، أبعادٌ جديدة تكتسي بالمخمل وتتعطر بروائح زاويتك المفضلة.
أفترش الأرض تلك اللحظة
دعيني هنا، أكررها الآن
دعيني هنا
أصرخ!
دعوني هنا.
----------
الرياض 2004
[/align]