أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


شرطه في الصحيح:

قال ابن طاهر في شروط الأئمة: اعلم أن البخاري ومسلماً ومن ذكرنا بعدهم، لم ينقل عن واحد منهم أنه قال: شرطتُ أن أخرج في كتابي ما يكون على الشرط الفلاني، وإنما يعرف ذلك من سبر كتبهم، فيعلم بذلك شرطُ كل رجلٍ منهم. واعلم أن شرط البخاري ومسلم أن يُخرجا الحديث المُتفق على ثقة نقلته إلى الصحابي المشهور، من غير اختلاف بين الثقات الأثبات، ويكون إسناده متصلاً غير مقطوع، فإن كان للصحابي راويان فصاعداً فحسن، وإن يكن له إلا راوٍ واحد إذا صح الطريقُ إلى الراوي أخرجاه، إلا أن مسلماً أخرج أحاديث أقوامٍ ترك البخاري حديثهم، لشبهةٍ وقعت في نفسه، أخرج مسلم أحاديثهم بإزالة الشبهة، مثل حماد بن سلمة، وسهيل بن أبي صالح، وداود بن أبي هند، وأبي الزبير، والعلاء بن عبد الرحمن، وغيرهم.

قال العراقي في شرح التبصرة والتذكرة: وليس ما قاله بجيد, لأن النسائي ضعَّف جماعة أخرج لهم الشيخان أو أحدهما.

قال السيوطي في التدريب: وأجيب: بأنَهما أخرجا من أجمع على ثقته إلى حين تصنيفهما, ولا يقدح في ذلك تضعيف النسائي بعد وجود الكتابين. وقال شيخ الإسلام: تضعيف النسائي إن كان باجتهاده, أو نقله عن معاصر, فالجواب ذلك, وإن نقله عن متقدِّم فلا. قال: ويمكن أن يجاب بأن ما قاله ابن طاهر هو الأصل الذي بنيا عليه أمرهما, وقد يخرجان عنه لمرجح يقوم مقامه.

وقال الحاكم في «علوم الحديث»: وصف الحديث الصحيح أن يرويه الصحابي المشهور بالرِّواية عن النَّبي r وله راويان ثقتان, ثم يرويه من أتباع التابعين الحافظ المتقن المشهور بالرواية, وله رواة ثقات.

وقال في «المدخل»: الدرجة الأولى من الصحيح اختيار البخاري ومسلم, وهو أن يروي الحديث عن رسول الله r صحابي زائل عنه اسم الجهالة, بأن يروي عنه تابعيان عدلان, ثم يروي عنه التابعي المشهور بالرِّواية عن الصحابة, وله راويان ثقتان, ثم يرويه عنه من أتباع التابعين حافظ متقن, وله رواة من الطبقة الرابعة, ثم يكون شيخ البخاري أو مسلم حافظاً مشهورًا بالعدالة في روايته, ثم يتداوله أهل الحديث بالقبول إلى وقتنا, كالشهادة على الشهادة.

فعمَّم في «علوم الحديث» شرط الصحيح من حيث هو, وخصص ذلك في «المدخل» بشرط الشيخين، وقد نقض عليه الحازمي ما ادعى أنه شرط الشيخين بما في الصحيح من الغرائب التي تفرد بها بعض الرواة.

وأجيب بأنه إنما أراد أن كل راو في الكتابين يشترط أن يكون له راويان, لا أنه يشترط أن يتفقا في رواية ذلك الحديث بعينه. قال أبو علي الغساني, ونقله عياض عنه: ليس المراد أن يكون كل خبر روياه يجتمع فيه راويان عن صحابيه, ثم عن تابعيه, فمن بعده, فإن ذلك يعز وجوده, وإنما المراد أن هذا الصَّحابي, وهذا التابعي قد روى عنه رجلان, خرج بهما عن حد الجهالة.

قال شيخ الإسلام: وكأن الحازمي فهم ذلك من قول الحاكم كالشهادة على الشهادة, لأن الشهادة يشترط فيها التعدد.

وأجيب: باحتمال أن يريد بالتشبيه بعض الوجوه لا كلها, كالاتصال, واللِّقاء, وغيرهما.