قال عمر بن عبد العزيز : ( إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما )
المؤمن يخشى أن تنفلت الأيام من يديه خاوية من العمل والإنتاج فلا يؤخر عمل اليوم إلى الغد،
لأن للغد عمله الذي يزحمه، فلا يتسع لعمل غيره من الأيام. وهو كذلك حريص على أن يكون يومه خير من أمسه وغده خير من يومه وأن يطيل حياته ـ بعد موته ـ بطول أعماله ، ويمد عمره بامتداد الجميل من آثاره ، انه يحرص أن يخلف وراءه علما نافعا ، أو عملا طيبا أو مشروعا مثمرا ، أو صدقة جارية أو ذرية صالحة ، وعلى قدر ما يمتد ويبقى الأثر الذي يخلفه وعلى قدر ما ينتفع الناس به تكون مثوبته عند الله .
هذه الروح التي جعلت رجلا كأبي الدرداء يغرس شجرة الجوز وهو في الشوط الأخير من رحلة الحياة فيقول له بعض الناس : أتغرس هذه الجوزة وأنت شيخ كبير ، وهي لا تثمر إلا بعد كذا وكذا من السنين ؟ فيقول له أبو الدرداء : وماذا علي أن يكون لي ثوابها ولغيري ثمرتها .