السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
شاب وتفاحة حلال!..
جاء شاب إلى النهر يملأ قربته ماءً فرأى تفاحة تجري على الماء، فلقفها وأكلها، ولكنه وقف فجأة يفكر: كيف أكل التفاحة ولم يعرف صاحبها ليستأذن منه، أخذ يعاتب ضميره على هذا التصرف الذي لا ينبغي صدوره من متدين ورع، يحاسب نفسه كيلا يتورط في غمط حقوق الناس قدر أنملة.. لذا فكر أن يمشي باتجاه معاكس لجريان الماء، لعله يصل إلى صاحب التفاحة، فيسترضيه على أكله لها.. مشى مسافة حتى وصل إلى مزرعة التفاح، فلقي صاحب المزرعة، وكان عليه سيماء الصالحين، فقال له: إن تفاحة كانت تجري على الماء في القناة فلقفتها وأكلتها، أرجوك أن ترضى عني!..
أجابه الرجل: كلا، لن أرضى عنك!..
قال: أعطيك ثمنها.
قال: لا أقبل.
وبعد الإصرار والإلحاح الشديدين وافق صاحب المزرعة أن يرضى عنه بشرط واحد!..
قال الشاب: فما هو الشرط؟..
أجاب الرجل: عندي ابنة عمياء، صماء، خرساء، مشلولة الأرجل، إذا وافقت أن تتزوجها أرضى عنك وإلا فلا!..
فلما رأى الشاب أنه لا سبيل إلى جلب رضاه إلا بموافقته على هذا الشرط الصعب، دعاه ورعه وإيمانه إلى الموافقة، ولعله حين رضوخه تلا في قلبه الآية(الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون)!..
وأخيراً قرأوا خطبة العقد، فدخل الشاب الورع غرفة الزفاف، ولكنه فوجئ بعروس ذات قامت ممشوقة، وهي في غاية الجمال، إنها مواصفات نقيضة للمواصفات التي ذكرها له أبوها (صاحب المزرعة)!..
فخرج مسرعاً (خشية حدوث خطأ في الزواج، فيتورط في مشكلة شرعية كبيرة) وإذا بالرجل ينتظره مبتسماً.. قال: خيراً إلى أين؟.. قال الشاب: إن البنت التي ذكرت لي وصفها ليست هذه العروس؟!..
أجابه الرجل: إنها هي، لأنها حينما وجدتك جاداً في جلب رضاي لأكلك تفاحة، خرجت عن حيازتي وسقطت على الماء جارية نحو مسافة، فعلمت أنك الشاب الذي كنت أنتظره منذ أمد لأزوجه ابنتي الصالحة هذه.
ولقد قلت لك: أنها عمياء خرساء، لأنها لم تنظر ولم تكلم رجلاً أجنبياً قط!..
وقلت: أنها مشلولة، فلأنها لم تخرج من المنزل وتدور في الطرق!..
وإنها صماء، فلأنها لا تسمع إلى غيبة أو غناء!..
ألست هذه الفتاة المؤمنة يستحقها شاب مثلك، يبحث عن حلال خالص، وهو مستعد من أجل الحلال أن يقبل بشرط صعب جداً في الزواج.
نعم، وكانت من ثمار هذا الزواج المبارك ولادة إنسان اشتُهر في ورعه وتقواه وقربه إلى الله، وحبه للنبي (ص) .
هكذا تصنع لقمة الحلال في الإنسان، وتوفقه للزواج الموفق.. وفيما بعد لما سئلت أم الشيخ: كيف أصبح ولدك بهذا المقام الرفيع؟.. أجابت: إني لم آكل في حياتي لقمة مشبوهة، وقبل إرضاع طفلي كنت دائماً أسبغ الوضوء، ولم أنظر إلى رجل أجنبي قط، وسعيت في تربية طفلي إلى أن أراعي النظافة والطهارة، وأن يصاحب الأولاد .
منقول