بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أُتابع معكم سلسلة دروس الصلاة من [ مكروهات الصلاة ] والتي توقفنا فيها عند : [ الدرس الخامس ]
[align=right]من مكروهات الصلاة أيضاً ..[/align]
أن يخص جبهته بما يسجد عليه ، لأن هذا من شعار الرافضة ـ أي من علاماتهم ـ التي يتميزون بها ، فإنهم يأخذون قطعة من طين من أرض مشهد الحسين يتبركون بها ، ويسجدون عليها ، فيكره أن يخص جبهته بنحو ذلكـ لما فيه من التشبه بأهل الباطل .
أن يمسح وهو في الصلاة أثر سجوده ، والراجح في هذا أنه مكروه ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : ( أن من الجفاء أن يكثر الرجل مسح جبهته قبل الفراغ من صلاته ) رواه ابن ماجه .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( أربع من الجفاء ، وذكر منها : أن يمسح الرجل جبهته قبل أن ينصرف ) رواه ابن أبي شيبة .
ولأنه من العبث إلا عند الحاجة ، ولذلكـ قال الإمام مالكـ رحمه الله في المدونة : [ إذا كثر التراب في جبهته فلا بأس أن يمسح ذلكـ ] ، وأما بعد الصلاة فأنه لا يكره .
الاستناد أثناء القيام في الصلاة بلا حاجة ، والاستناد لا يخلو من أحوال :
1 ـ إذا كان الاستناد لحاجة كمرض وكبر ونحو ذلكـ ، فهذا لا بأس به ، لحديث أم قيس بنت محصن : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسن وحمل اللحم اتخذ عموداً في مصلاه يعتمد عليه ) رواه أبو داوود .
2 ـ أن يكون الاعتماد لغير حاجة بحيث لو أُزيل المُعتمد عليه من عمود ونحوه لم يسقط المعتمد ، فهذا حكمه مكروه .
3 ـ أن يكون الاعتماد لغير حاجة بحيث لو أُزيل المُعتمد عليه من عمود ونحوه يسقط المعتمد عليه ، فهذا حكمه أنه تبطل صلاته ، لأن الفقهاء قالوا لا يجوز الاعتماد على شيء اعتماداً قوياً بحيث يسقط لو أُزيل .
الذكر في الصلاة إذا وجد سببه ، كما لو عطس فقال : الحمد لله ، أو جاءه خبر يسره فقال : الحمد لله ، أو حصلت له مصيبة فاسترجع ، وإنما عدّو ذلكـ من المكروهات قالوا خروجاً من الخلاف ، لأن هناكـ من العلماء من يقول ببطلان الصلاة لو فعل ذلكـ .
والراجح في ذلكـ : أن المصلي يقول كل ذكر وجد سببه في الصلاة ، كما هو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال في الاختيارات : [ ويُستحب أن يُجيب المؤذن ـ أي وهو في الصلاة ـ ويقول مثل ما يقول ، ولو في الصلاة ، وكذلكـ يقول في الصلاة كل ذكر ودعاء وجد سببه في الصلاة ] ، وبهذا قال ابن حزم كما في المحلى .
وبناءً على هذا إذا عطس فإنه يحمد الله كما صح ذلكـ في قصة معاوية بن أبي الحكم رضي الله عنه : ( أنه دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فعطس رجل من القوم فقال : الحمد لله . فقال له معاوية : يرحمكـ الله ، فرمى الناس معاوية بأبصارهم منكرين عليه ما قال ، فقال : واثكل أمياه ، فجعلوا يضربون أفخاذهم يسكتونه فسكت ، فلما انصرف من الصلاة دعاه النبي صلى الله عليه وسلم قال معاوية : بأبي هو وأمي والله ما كهرني ولا نهرني وإنما قال : إن هذه الصلاة لا يصح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ) رواه ابن أبي شيبة .
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على العاطس الذي حمد الله .
وإذا حصلت له مصيبة فلا بأس أن يسترجع ونحو ذلكـ ، لكن إن كان الذكر طويلاً ، فإنه لا يجيب على الصحيح .
وبناءً على هذا ، الراجح أن المصلي لا يتابع المؤذن في أثناء الصلاة ، لطول هذا الذكر ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن في الصلاة لشغلاً ) رواه البخاري ومسلم .
ولأنه لو تابع المؤذن وهو في الصلاة لأدى ذلكـ إلى خروج الصلاة عن مقصودها .
الصلاة بحضرة طعام يشتهيه ، لأن ذلكـ يمنع من الخشوع في الصلاة ، لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا صلاة بحضرة طعام ، ولا وهو يدافعه الأخبثان ) رواه مسلم .
وبناءً على هذا فالراجح هو قول الجمهور أن الصلاة بحضرة طعام يشتهيه أن ذلكـ مكروه ، لأن النفي هنا في قوله : ( لا صلاة ... ) ليس نفياً للصحة ، وإنما نفياً للكمال ، بدليل ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل طعاماً فدعي إلى صلاة وكانت الذراع في يده يجتز منها فطرح السكين ) رواه البخاري .
فالقاعدة : [ أن كل ما أشغل الإنسان عن حضور قلبه في الصلاة وتعلقت به نفسه إن كان مطلوباً ، أو قلقت منه إن كان مكروهاً فإنه يتخلص منه بقدر الإمكان ] .
إذا كان يدافعه الأخبثان ، والمقصود بهما البول والغائط ، وعلى هذا يكره أن يصلي وهو حاقن ( وهو محتبس البول ) ، أو حاقب ( وهو محتبس الغائط ) ، أو حازق ( وهو محتبس الريح ) ، والكراهة مذهب الجمهور وهو الراجح ، بدليل حديث عائشة السابق .
قال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموعة الفتاوى : [ صلاته بالتيمم بلا احتقان أفضل من صلاته بالوضوء بالاحتقان ، فإن الصلاة بالاحتقان مكروهة منهي عنها ، وفي صحتها رواياتان ، وأما صلاته بالتيمم صحيحة لا كراهة فيها بالاتفاق ] .
للمشاركة في الدرس
ـ قيد العلماء كراهة الصلاة بحضرة طعام يشتهيه بثلاثة قيود . فما هي ؟
ـ ما هي الحكمة في كراهة صلاة الحاقن ؟
ـ لو أن إنساناً حاقناً إذا قضى حاجته لم يكن عنده ماء يتوضأ به ، فهل يقال له اقض حاجتكـ وتيمم للصلاة ، أو صلِّ وأنت مدافع الأخبثين ؟
ـ إذا كان قضاءه لحاجته يؤدي ذلكـ إلى فوات الجماعة فهل يقضي حاجته أم يصلي مع الجماعة وهو حاقن ؟
ـ لو ضاق الوقت بحيث لو قضى الإنسان حاجته أدى ذلكـ إلى خروج الوقت ، فهل يصلي وهو حاقن لإدراكـ الوقت أم يتخفف حتى لو أدى ذلكـ إلى خروج الوقت ؟
ـ إذا كان حاقناً يدافع الأخبثين فهل يقضي حاجته ولو فاته فضيلة أول وقت الصلاة أم يصلي وهو حاقن لإدراكـ فضيلة أول الوقت ـ أي أول وقت الصلاة ـ ؟
[align=right]* القول الراجح مع الدليل لكتاب الصلاة من شرح منار السبيل / للشيخ خالد الصقعبي .[/align]