** الرمايـــة**
تؤكد السيرة النبوية اهتمام النبي بهذه الرياضة وكان يختار لقيادة سرايا المجاهدين أمهر الرماة، وقد أكدت اللجنة الأولمبية الدولية بعد قرون أهمية هذه الرياضة فأدخلتها ضمن برنامج مسابقاتها لأول مرة في الدورة الأولمبية الخامسة عام 1904.
عن سلمة بن الأكوع قال: " مرّ النبي على نفر من أسلم ينتضلون (أي يتسابقون في الرمي)، فقال: ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً وأنا مع بني فلان، قال: فأمسك أحد الطرفين بأيديهم. فقال : مالكم لا ترمون، قالوا كيف نرمي وأنت معهم؟ فقال النبي : ارموا وأنا معكم كلكم " رواه البخاري.
وعن عقبة بن عامر الجهني أن النبي قال: " إن الله عز وجل ليدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر في الجنة: صانعه يحتسب في عمله الخير، والرامي ومنبله، وارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إليَّ من أن تركبوا، كل لهو باطل، وليس من اللهو إلا ثلاث: تأديب الرجل فرسه وملاعبته أهله ورميه بقوسه ونبله " وفي رواية " وكل ما يلهو به المسلم باطل إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته أهله فإنهن من الحق " .
وعن عقبة بن عامر أيضاً أن النبي تلا قوله تعالى: ] وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة [ ثم قال: ] ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي [ رواه مسلم.
وعن سعد بن أبي وقاص أن النبي قال: " عليكم بالرمي فإنه خير لعبكم " .
وعن عقبة بن عامر أن النبي قال: " من علم الرمي ثم تركه فليس منا "وفي رواية " فقد عصى " رواه مسلم وفي رواية " من ترك الرمي بعد ما علمه رغبة منه فإنها نعمة كفرها أو جحدها ".
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي قال: " علموا أبناءكم السباحة والرماية " .
إن كثرة ما ورد من أحاديث نبوية حول الرمي تدل على اهتمام النبي بهذه الرياضة وضرورة إتقانها .
ومن عظيم أهميتها في نظر الشارع أن النبي نهى عن هجرها بعد تعلمها وعنف من فعل ذلك. ولعل الصيد والقنص من أهم أشكال ممارستها في حياة الشباب . ولقد كان صحابة رسول الله يجرون المسابقات فيما بينهم في لعبة الرمي، ولقد اشتهر منهم كثيرون كان في طليعتهم حمزة عم النبي وعدي بن حاتم وغيرهم.
ومن أهمية الرمي في التربية الإسلامية أن جعل تعلمه عبادة يثاب عليها صاحبها ويدخل بها الجنة ، وحتى صانع السهم له حظه الكبير من الثواب.
ويعتبر علم الصحة أن الرماية رياضة نافعة تنبه أعضاء البدن وتوطد الاعتماد على النفس، وأنها تقوي الإرادة وتورث الشجاعة، وهي تتطلب توافقاً دقيقاً بين عمل المجموعات العضلية والجهاز العصبي المركزي في عملية التوفيق بين زمن هذه الحركات، وهذا يحصل بالمران وكثرة التدريب، مما يفهمنا سبب حرص النبي r ودعوته أصحابه للتدريب المستمر على رياضة الرمي.
وإذا كان الشرع الحنيف قد رغب في ممارسة الرمي، فإنه في الوقت ذاته قد منع ممارسته على حيوانات حية تتخذ هدفاً للتدريب لقول النبي : " لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً " رواه مسلم. ولا يخفى ما في هذا الهدي النبوي العظيم من رفق بالحيوان قبل أن ينادي به أدعياءه في الغرب بأكثر من عشرة قرون.
ألا ما أعظم هذا الدين وأروعه في تنظيم حياة الإنسان، ونهيه له أن يبددها فيما لا طائل وراءه، فالوقت ثمين لأنه هو الحياة. وحتى فيما يخصصه المسلم من وقته في لهو مباح أو تسلية مشروعة، فيجب أن تكون فيما ينعكس عليه خيراً سواء في قوته، أو من أجل قوة الأمة وكرامتها ومنعتها. وإن حديث: " لا لهو إلا في ثلاث: تأديب الرجل فرسه وملاعبته أهله ورميه بقوسه "، ووصف النبي بأنهن من الحق، تعبير رائع لوصف اللهو الذي ينعكس إيجابياً في حياة المسلم فيما يجلب له القوة ويحقق العفة للرجل والمرأة على حد سواء .
تقبلوا تحياتي /ابوخليفه