ســـــــــــــــؤال ..... :
منهجية التغيير هل تبدأ بتغيير الواقع الذي يظهر على سلوكيات وتصرف الأفراد والمؤسسات.؟
أم نحن بحاجة إلى تغيير الأفكار والرؤى والتي على ضوئها تتغير سلوكيات البشر ..؟
ولا شك أن الأمة تمر بأزمة...
فهل ترى أن التركيز على بيان سلبيات المجتمع في الخطب والدروس والمحاضرات مع إغفال الجوانب الإيجابية وعدم تبصير الناس بها يؤدي إلى إضعاف الهمم وإحباط العاملين في حقل الدعوة..؟
وما الطريق الأمثل في نظركم هل هو البدء بتغيير السلبيات والاهتمام بها أم نشر الخير وزيادة العناصر الإيجابية باعتبار ذلك كفيلا بطمس السلبيات دون التركيز عليها مباشرة.؟
الجواب :
ـ بلا شك ؛ أن فكرة التغيير هي من الإشكالات عند البعض . ذلك لأننا نتخيل أن مستقبل هذا الدين لن يتحقق إلا بصعود قوى عظمى تمثل الإسلام وهبوط قوى تعاند الإسلام كأمريكا مثلاً . وكأن مستقبل الإسلام لن يتحقق إلا بهذه الصورة , التي ربما تكون بعيدة , والتي تحتاج إلى أمد بعيد يحتاج إلى: صبر , ومجاهدة .
ـ كذلك الذي ينظر إلى حال العالم الإسلامي اليوم , وتفوق الغرب عليه من الناحية التقنية , وأنه أصبح هو الهدف للغرب ولا حليف أو نصير له - قد يصاب بحالة يأس , أو قنوط , أو إحباط .
عموما : علينا أن ندرك تماماً أن ثمة شروطاً وأسباباً , إذا عملنا بها حصلنا على المراد والله تعالى ( لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) ...
ـ كما يجب أن نضع في أنفسنا أن معطيات الواقع العالمي ليست كلها مسدودة , بحيث يستحيل الدخول إليها ؛ بل كل ما حولنا من واقع مليء بالمداخل والثغرات , التي يمكن توظيفها بشكل جيد وإيجابي لمصالح الأمة والدعوة إليها .
ـ إن القدرات الذاتية للأمة والدعوة هل الفيصل الحازم في أي تغيير أو تطوير أو تحسين .
وكما يقال :حناينك بعض الشر أهون من بعض ...
وإذا وضعنا في أنفسنا أننا قادرون على إنتاج أي شيء فهذا في حد ذاته جيد , فالقوى العظمى لا تهب فجأة , ولا تمشي إلى الواقع أو إلى المنصة بسرعة الصاروخ .
ـ وأعتقد أنه لابد من تغيير الأفكار والرؤى , دون مساس بثوابت الشريعة .
إذ من الخطأ أن نعتقد أن رؤيتنا هي الصواب , وإنها هي التي يجب أن تكون مشروعاً سرمدياً , نلاحق من خلالها الآخرين , وننظر من خلالها نظرة انتقائية إقصائية .
ـ ومع تغيير الأفكار والرؤى يتزامن معها تغيير السلوكيات والمعاملات على مستوى الفرد والمؤسسات .
وكما قلت ينبغي أن ننهي معاركنا الداخلية ، التي يظنها البعض نوعاً من البناء والمجاهدة , والتأصيل ثم نلتفت إلى مشكلاتنا الحقيقية .
دعونا نتفاءل قليلاً ونقول : إن طاقة الأمة في الاستعصاء والمقاومة لا بأس بها .
وقدرتها على تجاوز الأزمات الطارئة قائمة بحمد الله ؛ لكن مشكلتنا في الأزمات المقيمة المستقرة المنبعثة من داخل الأمة , والتي تحتاج معها إلى تغير الرؤى والأفكار والسلوكيات , وتحتاج - أيضاً - إلى ترك النظرة الفردية والرمزية وتحويل ذلك إلى مؤسسات أممية تعنى بالشمول والواقعية .
- والاعتدال في معالجة الواقع مهم ؛ فتناول السلبيات لا يجب أن يكون من حيث هي سلبيات ؛ بل للتأمل فيها: أسباباً وعلاجاً . فالواقع مليء بفرص تدعو للتفاؤل , ومعالجة الواقع بروح مرتفعة وعالية .
وكما قيل : وللهِ أوس قادمون وخزرج .
ومشروعنا هو مشروع الإسلام نفسه , ندعو إليه غضاً طرياً بلا إفراط ولا تفريط , منطلقاً من الواقع الذي نعيشه بإيجابياته وسلبياته , مستوعباً لكل شرائحه التي استوعبها في زمنه الأول , إيماناً أن الإسلام لكل زمان ومكان على وجه المعمورة .
( من منقولات ميمون .. الميمونة بإذن الله ) ....
يتبع ( 2 ) ....|1|