أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


احْفَظُوا أَعْرَاضَكُمْ يَا مُسْلِمُونَ 27/6/1433هـ
الْحَمْدُ للهِ الْوَاحِدِ الأَحَدِ , الذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوَاً أَحَدٌ , الْحَمْدُ للهِ الذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَقَدَّرَ فَهَدَى , وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الذِي خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى , وَقَالَ (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الذِي قَالَ (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ , الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ , وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً إِلَى يَوْمِ الدِّين .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ يَا عِبَادَ اللهِ وَقُومُوا بِمَا أَوْجَبَ اللهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْمَسْؤُولِيَّةِ تِجَاهَ نِسَائِكُمْ ! وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُحَاسَبُونَ عَلَى تَفْرِيطِكُمْ كَمَا أَنَّكُمْ مُثَابُونَ عَلَى إِحْسَانِكُمْ ! إِنَّ النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ وَقَدْ جَاءَتْ شَرِيعَتُنَا بِاحْتَرَامِ الْمَرْأَةِ وَتَقْدِيرِهَا , سَوَاءً كَانَتْ أُمَّاً أَوْ بِنْتَاً أَوْ أُخْتَاً أَوْ زَوْجَةً أَوْ غَيْرَهَا ! إِنَّ دِينَ الإِسْلامِ قَدْ أَعْلَى مِنْ شَأْنِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُعَدُّ مِنْ سَقَطِ الْمَتَاعِ , حَتَّى كَانَتْ تُقْتَلُ وَهِيَ حَيَّةٌ (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) ! إِنَّهَا كَانَتْ تُورَثُ كَمَا يُورَثُ الْمَالُ , فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا مَاتَ قَرِيبُهُ وَعِنْدَهُ زَوْجَةٌ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَمَنَعَهَا مِنَ التَّصَرُّفِ فِي نَفْسِهَا , بَلْ يَلِيهَا هُوَ إِمَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا أَوْ يَمْنَعَهَا مِنَ الزَّوَاجِ مِنْ غَيْرِهِ حَتَّى تَفْتَدِيَ نَفْسَهَا ,,, إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ ظُلْمِ الْجَاهِلِيَّةِ !ِ
أَمَّا الإسْلامُ : فَجَاءَ بِإِعْزَازِ الْمَرْأَةِ وَإِكْرَامِهَا وَجَعَلَ لَهَا حُقُوقَاً يَجِبُ أَنْ تُعْطَى إِيَّاهَا قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) , فَلَهَا حَقٌّ فِي الْمِيرَاثِ , وَلَهَا حَقٌّ فِي اخْتِيَارِ الزَّوْجِ , فَإِذَا خُطِبَتْ لا تُزَوَّجُ حَتَّى تَرْضَى , وَجَعَلَ اللهُ لَهَا الْمَهْرَ كَامِلاً فَقَالَ (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَة) بَلْ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِقْيَاسَ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الرِّجَالِ بِإِحْسَانِ أَحَدِهِمْ إِلَى أَهْلِهِ , وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ النِّسَاءُ , فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ النَّبىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِى) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِي
بَلْ نَهَتِ الشَّرِيعَةُ الرَّجُلَ أَنْ يُبْغِضَ زَوْجَتَهُ الْبُغْضَ التَّامَّ وَرَغَّبَتْهُ فِي الصَّبْرِ عَلَيْهَا , وَأُمِرَ أَنْ يَنْظُرَ فِيهَا مَا يُحَبِّبُهَا إِلَيْهِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقَاً رَضِىَ مِنْهَا آخَرَ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنَ حُقُوقِ الْمَرْأَةِ عَلَى الرَّجُلِ سَوَاءً كَانَ أَباً أَوْ أَخاً أَوْ زَوْجاً أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الأَقَارِبِ أَنْ يَحْفَظَ دِينَهَا وَيَحْفَظَ عِرْضَهَا ! فَيَحْفَظُ دِينَهَا مِنْ صَلاةٍ وَصَوْمٍ وَغَيْرِهِمَا , وَيَحْفَظُ عِرْضَهَا بِأَنْ يُبْعِدَهَا عَنِ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ مَا اسْتَطَاعَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً , فَإِنَّ خَيْرَ مَا لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَرَى الرِّجَالَ وَلا يَرَوْنَهَا !
إِنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ خَلَقَهَا اللهُ وَخَلَقَ لَهَا الرَّجُلَ وَجَعَلَ فِي كُلٍّ مِنْهِمَا مَيْلاً إِلَى الآخَرِ , مِنْ أَجْلِ اسْتِمْرَارِ الْحَيَاةِ بِالزَّوَاجِ وَإِنْجَابِ الأَوْلادِ , وَجَعَلَ لِذَلِكَ طَرِيقَاً حَلالاً هُوَ الزَّوَاجَ , وَحَرَّمَ الزِّنَا وَنَهَى عَنْ قُرْبَانِهِ فَقَالَ (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا)
أُمَّةَ الإِسْلامِ : إِنَّ الْمَرْأَةَ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ وَفَسَادُهَا خَرَابٌ لِلْمُجْتَمَعِ , وَإِيذَانٌ بِالْهَلاكِ لِلأُمَّةِ ! فَعَنْ أُسامةَ بْنِ زيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فَتْنَةً هِيَ أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ) وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ , فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ , فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِى إسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاء) رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ .
وَمِنْ حِكْمَةِ شَرِيعَتِنَا السَّمْحَةِ الغَرَّاءِ أَنْ أَبْعَدَتِ الْمَرْأَةَ مِنَ الرِّجَالِ لِئَلَّا يَقَعَ الْمَحْذَورُ وَيَنْزِلَ الْمَكْرُوهُ الْمَقْذُورُ , فَاللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَمَرَ كُلَّاً مِنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ بِغَضِّ بَصَرِهِ وَجَعَلَ ذَلِكَ سَبِيلاً لِحِفْظِ فَرْجِهِ مِنَ الزِّنَا فَقَالَ (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)
وَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرِيَّةَ صُفُوفِ الرِّجَالِ فِي الْبُعْدِ عَنِ النِّسَاءِ , وَخَيْرِيِّةَ صُفُوفِ النِّسَاءِ فِي الْبُعْدِ عَنِ الرِّجَالِ , فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَيْرُ صُفُوفِ اَلرِّجَالِ أَوَّلُهَا , وَشَرُّهَا آخِرُهَا , وَخَيْرُ صُفُوفِ اَلنِّسَاءِ آخِرُهَا , وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا) رَوَاهُ مُسْلِم ! وَمَا ذَلِكَ كُلُّهُ إِلَّا لِإبْعَادِ الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ والنِّسَاءِ من الرِّجَالِ , سَدَّاً لِطَرِيقِ الشَّيْطَانِ وَحِمَايَةً لِلأَعْرَاضِ مِنَ الانْتِهَاكِ !
أَيُّهَا الرِّجَالُ الأَخْيَارُ , وَالْمُسْلِمُونَ الأَبْرَارُ : وَإِنَّ مِمَّا يَحْزَنُ لَهُ الْقَلْبُ وَيَنْدَى لَهُ الْجَبِينُ أَنَّ كَثِيرَاً مِنَ النَّاسِ قَدْ وَقَعَ فِيمَا حَذَّرَ اللهُ مِنْهُ , وَجَاءَتِ الأَدِلَّةُ بِالإبْعَادِ عَنْهُ , سَواءً فِي أَهْلِهِ أَوْ فِي نَفْسِهِ !
فَمِنَ الرِّجَالِ مَنْ يُخَالِطُ النِّسَاءَ وَلا يَتَوَرَّعُ مِنَ الاقْتَرَابِ مِنْهُنَّ , بَلْ رُبَّمَا بَحَثَ عَنْ ذَلِكَ , وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ !
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ لا َيَهْتَمُّ بِعِرْضِهِ وَلا يَحْرِصُ عَلَى نِسَائِهِ وَيَتْرَكُ لَهُنَّ الْحَبْلَ عَلَى الْغَارِبِ إِمَّا بِمُخَالَطَةِ الرِّجَالِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ أَوْ يَضَعُهَا فِي أَمَاكِنَ تَكُونُ عُرْضَةً لِانْتِهَاكِ عِرْضِهَا وَلا يَرْعَاهَا وَلا يُحُوطُهَا بِالْمُتَابَعَةِ , إِمَّا بِحُجَّةِ الثِّقَةِ أَوْ بِحُجَّةِ أَنَّهَا فِي أَمَاكِنِ الْعَمِلِ التِي تَتَّصِلُ بِالرِّجَالِ ضَرُورَةً أَوْ فِي الأَسْوَاقِ التِي غَالِبُ أَهْلِهَا الرِّجَال !
فَأَيْنَ الْقِيَامُ بِالْمَسْؤُولِيِّةِ ؟ وَأَيْنَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الأَدْيَانِ وَالأَعْرَاضِ ؟ أَهَذِهِ ثِقَةٌ زَائِدَةٌ ؟ أَمْ هِيَ بَلادَةٌ خَائِبَةٌ ؟
هَلْ نَسِينَا كِتَابَ رَبِّنَا ؟ أَمْ غَفَلْنَا عَنْ الشَّيْطَانِ عَدُوِّنَا , الذِي جَعَلَ النِّسَاءَ حَبَائِلَ لَهُ يُصَادُ بِهِنَّ ضِعَافُ النُّفُوسِ وَالأَدْيَانِ ؟
أَمْ أَنَّهُ أَغْرَانَا أَهْلُ النِّفَاقِ وَأَذْنَابُ الْغَرْبِ مِمَّنْ يُرُيدُونَ جَرَّ الْمُجْتَمِعِ إِلَى الْهَاوِيَةِ عَنْ طَرِيقِ خَلْطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ ! إِنَّ هَؤُلاءِ صُنْعُ الْغَرْبِ وَمُتَلَّقِي أَفْكَارِهِمْ الْمُنْحَرِفَةِ وَحَضَارَتِهِمْ الزَّائِفَة !
إِنَّ هَؤُلاءِ قَدْ تَرَبَّوْا فِي أَحْضَانِ الْكُفَّارِ وَجَاؤُوا لِيَنْشُرُوا حُثَالَةَ أَفْكَارِهِمْ وَزِبَالَةَ حَضَارَتِهِمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ , وَأَعْظَمُ طَرِيقٍ يَسْلُكُونَهُ لِذَلِكَ هُوَ الْمَرْأَةُ ! فَأَيْنَ مَنْ يَعِي ذَلِكَ وَأَيْنَ مَنْ يَحْذَرُ الأَعْدَاءَ وَيَحْفَظُ الأَعْرَاضَ ؟
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ , وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى إِمَامِ الْمُتَّقِينَ وَخَاتَمِ الْمُرْسَلِينَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصْحَبْهِ وَالتَّابِعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ عِنْدَهُ غَفْلَةٌ أَوْ تَغَافُلٌ عَنِ الْخَطَرِ الذِي يُسَبِّبُهُ اتِّصَالُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ , وَرُبَّمَا اخْتَلَقَ الأَعْذَارَ وَجَادَلَ بِالْبَاطِلِ وَدَافَعَ عَنِ السُّوءِ بِلِسَانِهِ أَوْ بِقَلَمِهِ , وَرُبَّمَا قَالَ : إِنَّكُمْ تَتَّهِمُونَ الأَبْرِيَاءَ وَتُشَنِّعُونَ عَلَى الأَتْقِيَاءِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَدَعُوا النَّاسَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ الطَّاهِرَةِ يَخْتَلِطُونَ وَيَعِيشُونُ حَيَاتَهُمْ عَلَى طَبِيعَتِهَا !
وَمَا ذَلِكَ كُلُّهُ إِلَّا مِنْ أَجْلِ جَرِّ الْمُجْتَمَعِ إِلَى الْهَاوِيَةِ وَنَشْرِ الرَذِيلَةِ , وَيَصْدُقُ عَلَى هَؤُلاءِ قَوْلُ اللهِ تَبَارَكَ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : تَعَالَوْا نَنْظُرْ إِلَى أَطْهَرِ مُجْتَمَعٍ وَأَشْرَفِ جِيلٍ مِنْ أَجْيَالِ هَذِهِ الأُمَّةِ , وَهُمْ صَحَابَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَيْفَ رَبَّاهُمُ الْقُرْآن ! قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) فَهَذَا خِطَابٌ مُوَجَّهٌ إِلَى الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَمْ خَيْرِ قُرُونِ هَذِهِ الأُمَّةِ وَخَيْرِ النَّاسِ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ , يَأْمُرُهُمْ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا تَكَلَّمُوا مَعَ أَطْهَرِ زَوْجَاتِ الْعَالَمِينَ , زَوْجَاتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَسَأَلُوهُنَّ مُبَاشَرَةً وَجْهَاً لِوَجْهٍ بَلْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ !
فَهَلْ بَعْدَ هَذَا يَأْتِي مَنْ يُجَادِلُ وَيُدَافِعُ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَزُجَّ بِنِسَائِنَا فِي أَوْسَاطِ الرِّجَالِ ؟ أَوْ يَزْعُمُ أَنَّ فَصْلَ النِّسَاءِ عَنِ الرِّجَالِ تُهْمَةٌ لَهُمْ ؟ فَهَلْ هَذَا إِلَّا مَنْ نَحَرَ الْعَفَافَ وَدَفَنَ الْفَضِيلَةَ وَنَشَرَ الرَّذِيلَةَ ؟؟؟
بَلْ تَأَمَّلُوا هَذِهِ الآيَةَ فِي خِطَابٍ إِلَهِيٍّ مُوَجَّهٍ إِلَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ حَيْثُ قَالَ (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ , وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا)
أَيُّهَا الرِّجَالُ : اتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ وَقُومُوا بِمَا أَوْجَبَ عَلَيْكُمْ وَحَافِظُوا عَلَى نِسَائِكُمْ وَاحْفَظُوا أَعْرَاضَكُمْ , وَصُونُوا أَنْتُمْ أَنْفَسَكُمْ , وَابْتَعِدُوا عَنْ مَوَاطِنِ الرَّذِيلَةِ وَابْحَثُوا عَنِ الْفَضِيلَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَكُمْ وَأَنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ , فَاحْفَظْ نَفْسَكَ يَحْفَظِ اللهُ لَكَ أَهْلَكَ , قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ , احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تِجَاهَكَ)
اللَّهُمَّ احْفَظْنَا فِي أَدْيَانِنَا وَأَبْدَانِنَا وَأَعْرَاضِنَا وَدُنْيَانَا وَآخِرَتِنَا !
عِبَادَ اللهُ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَمَرَنَا بِذَلِكَ اللهُ فَقَالَ (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّد , اللَّهُمَ ارْزُقْنَا مَحَبَّتَهُ وَاتِّبَاعَهُ ظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً , اللَّهُمَّ احْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ وَأَدْخِلْنَا فِي شَفَاعَتِهِ وَأَسْقِنَا مِنْ حَوْضِهِ واجْمَعْنَا بِهِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَوَالِدِينَا وَأَهَالِينَا وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ !
اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَلا وَالوَبَا وَالرِّبَا وَالزِّنَا وَالزَلازِلَ وَالْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ , وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينْ .

<div style="padding:6px"> الملفات المرفقة
: احْفَظُوا أَعْرَاضَكُمْ يَا مُسْلِمُونَ.pdf&rlm;
: 242.9 كيلوبايت
: <font face="Tahoma"><b> pdf