انتهت الدراسة ( وعادت حليمة لعادتها القديمة) أطنان من الكتب المدرسية تمزق وترمى وتداس وكأنها تدفع الثمن غالياً جراء المنفعة التي قدمتها لأجيال المستقبل.. تلك الكتب دفعت الدولة المال الوفير من أجل إخراجها ومنحها للطلاب مجاناً ودون ثمن يذكر ومع ذلك نجد الوعي مفقوداً وتتكرر تلك المجزرة المأساوية سنوياً دون أن يكون لذلك التصرف دراسة من قبل وزارة المعارف تحد من تلك الظاهرة الأخذة بالازدياد كلما ازداد أبناؤنا عدداً في المدارس. ولعلي من الشاهدين عليها منذ زمن.
أتذكر أثناء تخرجي من الكفاءة المتوسطة أنني قمت بزيارة صديق لي أبارك له النجاح وقد أفزعني الدخان المتصاعد من منزله وبعد أن طمأنني على واقع الحال!! قال ان كل شيء طبيعي وتحت السيطرة والأمر لا يتعدى كونه تصفية حسابات ما بينه وبين تلك الكتب المسكينة التي أقام عليها الحد بحرقها ولكن أخذته بعد ذلك الشفقة والرحمة والدليل على ذلك أنه رمى في حضني قصاصة من ورق كتب فيها أبياتاً من الشعر يرثي بها تلك الكتب بطريقته الخاصة.
نقلت لكم هذه القصة لكي أدلل على أن التصرف غير الرشيد يجد في النفس نوعاً من أنواع التأنيب وصديقي أقر بفضل تلك الكتب عليه ومع ذلك فقد رماها لألسنة اللهب.. وهذا ما يحصل إلى وقتنا هذا حيث لم تتغير الأشياء كثيراً فمازالت الكتب تلقى نفس المصير ولكن بدون كلمة عزاء تقال وبدون تدخل توجيهي وتثقيفي فعال يضع حداً لتلك الظاهرة الملفتة للانتباه.