بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه إجابات الدرس السادس
ـ قيد العلماء كراهة الصلاة بحضرة طعام يشتهيه بثلاثة قيود . فما هي ؟
القيود هي :
1 ـ أن يكون الطعام حاضراً ، فإذا لم يكن الطعام حاضراً ولكنه جائع فإنه لا يتخلف عن الجماعة .
2 ـ أن تتوق نفسه إليه ـ أي أن يشتهيه ـ وعدم تناوله يشغله في صلاته ، وبناءً على هذا لو كان شبعاناً لا يهتم به ، فليصلِ ولا كراهة في حقه .
3 ـ أن يكون قادراً على تناوله شرعاً وحساً .
فالشرعي : كالصائم فيصلي ولا ينتظر ، لأنه ممنوع منه شرعاً ، ولا تكره صلاته .
والحسي : كالطعام الحار ، فيصلي ولا ينتظر ، لأنه ممنوع منه ولا تكره صلاته .
ـ ما هي الحكمة في كراهة صلاة الحاقن ؟
الحكمة في ذلكـ لأمرين :
1 ـ نقصان الخشوع ، لأن المدافع لهذه الأشياء لا يمكن أن يحضر قلبه لما هو فيه من الصلاة ، لأنه منشغل بمدافعة هذا الخبث .
2 ـ لأن في هذا ضرراً بدنياً عليه ، فإن حبس البول المستعد للخروج ضرراً على المثانة .
ـ لو أن إنساناً حاقناً إذا قضى حاجته لم يكن عنده ماء يتوضأ به ، فهل يقال له اقض حاجتكـ وتيمم للصلاة ، أو صلِّ وأنت مدافع الأخبثين ؟
يُقال له اقضِ حاجتكـ وتيمم ولا تصلِ وأنتِ تدافع الأخبثين ، وذلكـ لأن الصلاة بالتيمم لا تُكره بالإجماع ، والصلاة مع الأخبثين مكروهة منهي عنها ، بل أن بعض العلماء قال بحرمة ذلكـ ، وقد تقدم كلام شيخ الإسلام حيث قال : [ صلاة بالتيمم بلا احتقان أفضل ... إلخ ] .
ـ إذا كان قضاءه لحاجته يؤدي ذلكـ إلى فوات الجماعة فهل يقضي حاجته أم يصلي مع الجماعة وهو حاقن ؟
يقال هنا بأنه يقضي حاجته ولو فاتته الجماعة .
وقد سُئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن ذلكـ فقال : [ يقضي حاجته ويتوضأ ولو فاتته الجماعة ، لأن هذا عذر ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا صلاة بحضرة طعام ، ولا وهو يدافعه الأخبثان ) رواه مسلم .
ـ لو ضاق الوقت بحيث لو قضى الإنسان حاجته أدى ذلكـ إلى خروج الوقت ، فهل يصلي وهو حاقن لإدراكـ الوقت أم يتخفف حتى لو أدى ذلكـ إلى خروج الوقت ؟
يقال الأمر لا يخلو من حالتين :
1 ـ إذا كانت الصلاة تجمع مع التي بعدها فإنه يقضي حاجته وينوي الجمع ، لأن الجمع في حال الحضر لا بأس به عند الحاجة ، ولا يقيد ذلكـ بالمرض أو المطر أو الريح الشديدة ونحو ذلكـ ، بل هو مشروع عند الحاجة إليه ومن ذلكـ عند الإحتقان ، أما في السفر فالأمر في ذلكـ ظاهر .
2 ـ إذا كانت الصلاة لا تجمع مع التي بعدها فالمسألة على خلاف ، والراجح أنه يقضي حاجته ويصلي حتى ولو خرج الوقت ، لأن القول بهذا أقرب إلى قواعد الشرع والتي بنيت على اليسر والسماحة ، وهذا بلا شكـ من اليسر ، والإنسان إذا كان يدافع الأخبثين يخشى على نفسه الضرر مع انشغاله عن الصلاة ، وهذا في المدافعة القريبة التي تشغل القلب عن الخشوع في الصلاة ، أما إذا كانت مدافعة خفيفة بحيث لا تشغله ولا تضره فهذا الظاهر أنه يصلي محافظة على الوقت . وأما إذا كانت المدافعة شديدة بحيث لا يدركـ ما يقول في صلاته ، ويكاد يتقطع من شدة الحصر فهذا لا شكـ أنه يقضي حاجته ثم يصلي وينبغي ألا يكون في هذا خلاف .
ـ إذا كان حاقناً يدافع الأخبثين فهل يقضي حاجته ولو فاته فضيلة أول وقت الصلاة أم يصلي وهو حاقن لإدراكـ فضيلة أول الوقت ـ أي أول وقت الصلاة ـ ؟
الراجح في ذلكـ أنه يقضي حاجته ولو أدى ذلكـ إلى فوات فضيلة أول الوقت للقاعدة الشرعية وهي : [ أن مراعاة الفضل المتعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة من الفضل المتعلق بزمان أو مكان العبادة ] ، ففي هذه المسألة عندنا إدراكـ فضيلة أول الوقت ، وفضيلة الصلاة بطمأنينة وخشوع ، فأيهما يُقدم ؟
يُقدم هنا فضيلة الصلاة بطمأنينة وخشوع ، لأن هذا الأمر متعلق بذات العبادة فهو يُقدم على ما تعلق بزمان العبادة وهو إدراكـ فضيلة أول الوقت ، وعلى هذا يقال بأنه يقضي حاجته ويتخفف حتى ولو أدى ذلكـ إلى فوات فضيلة أول الوقت .
مثال المكان : الرمل في الطواف وهو الإسراع في المشي مع مقاربة الخُطى ، وهذا إنما يكون في الأشواط الثلاثة الأولى في طواف القدوم ، فلو كان الإنسان إذا قرب من الكعبة لا يستطيع أن يرمل لشدة الزحام ، ومعلوم أن القرب من الكعبة أثناء الطواف سنة ، وإذا بعد استطاع أن يرمل ، فهل نقول هنا أنه يقرب من الكعبة ولو فاته الرمل أم يبتعد ويرمل ؟
الراجح هنا أن الأفضل له أن يبتعد ويرمل ، لأن مراعاة الفضل المتعلق بذات العبادة وهو الرمل هنا أولى بالمراعاة من الفضل المتعلق بمكان العبادة ، وهو القرب من الكعبة .
[align=right]* القول الراجح مع الدليل لكتاب الصلاة من شرح منار السبيل / للشيخ خالد الصقعبي .[/align]