أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى رفع من وقف تحت أمره ونهيه إلى أوج الكمال, ووصل من انقطع إليه بصلة فاخرة فى الحال والمآل , والصلاة والسلام على نبينا محمد المرسل بصحيح الأقوال والأفعال , الذى بلغ حسنُ حديثه مبلغ الإعجاز والكمال , وعلى آله المدرجين فى سلسلة هديه التى لاانفصام لها ولا انفصال , وعلى أصحابه الذين بذلوا نفوسهم وأموالهم فى مرضاته تعالى , من غير ضعف ولا اعتلال , وعلى التابعين لهم السالكين طريقهم بلا قلب , لا اضطراب , بل ساروا باعتدال .
أما بعد : فقد هيأ الله تبارك وتعالى لنا سلف صدق حفظوا لنا جميع ما نحتاج إليه من الاخبار في تفسير كتاب ربنا عزوجل، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وآثار اصحابه، وقضايا القضاة، وفتاوى الفقهاء واللغة وآدابها والشعر، والتاريخ، وغير ذلك.
والتزموا وألزموا من بعدهم سوق تلك الاخبار بالاسانيد.
وتتبعوا احوال الرواة التى تساعد على نقد اخبارهم وحفظوها لنا في جملة ما حفظوا.
وتفقدوا احوال الرواة وقضوا على كل راو بما يستحقه، فميزوا من يجب الاحتجاج بخبره ولو انفر، ومن لا يجب الاحتجاج به الا إذا اعتضد، ومن لا يحتج به ولكن يستشهد، ومن يعتمد عليه في حال دون اخرى، وما دون ذلك من متساهل ومغفل وكذاب.
وعمدوا إلى الاخبار فانتقدوها وفحصوها وخلصوا لنا منها ما ضمنوه كتب الصحيح، وتفقدوا الاخبار التى ظاهرها الصحة وقد عرفوا بسعة هلمهم ودقة فهمهم ما يدفعها عن الصحة فشرحوا عللها وبينوا خللها وضمنوها كتب العلل، وحاولوا مع ذلك اماتة الاخبار الكاذبة فلم ينقل افاضلهم منها الا ما احتاجوا إلى ذكره للدلالة على كذب رواية أو وهنه، ومن تسامح من متأخريهم فروى كل ما سمع فقد بين ذلك ووكل الناس إلى النقد الذى قد مهدت قواعده ونصبت معالمه.
فبحق قال المستشرق المحقق مر جليوت (ليفتخر المسلمون ما شاءوا بعلم حديثهم) .
ولذالك سلك العلماء مسالك فى الكشف عن حال الراوى ومروياته ، حتى يتبين للناس حاله من حيث القبول أو الرد , وهذه المسالك تنطوى على الأصول الآتية :

أولا : التعريف بالراوى من حيث ذكر اسمه وكنيته ولقبه وماشتهر به من الكتى إن كان له ذالك.

ثانيا : مولده , وتحقيق مكان ولادته إن وجد فى ذالك خلاف .

ثالثا : شيوخه الذين أخذ عنهم .

رابعا : تلاميذه الذين تلقوا عنه الرواية .

خامسا : مروياته التى رواهاعن شيوخه .

سادسا : ذكر كلام العلماء فيه جرحا وتعديلا .

سابعا : ثم أخيرا ذكر وفاته ، تارخها ومكانها .

وفى هذا البحث اللطيف سناحول بإذن الله أن نذكر تطبيقات لهذه المسالك التى سار عليها العلماء فى كشف حال الراوى ومرويّاته , على راوية من روات الحديث فى عصر التابعين و هو ( أسماء بن الحكم ) الكوفى . والله المستعان عليه التكلان والمعال !!!


اسمه ونسبه : أسماء بن الحكم الفزاري وقيل السلمي أبو حسان الكوفي .
مولده : لم أقف على تاريخ ولادته , لكن الحافظ ابن الحجر ذكره فى الطبقة الوسطى من التابعين

شيوخه الذين أخذ عنهم : روى عن على بن أبى طالب ( د ت س ق )
قال البُخارِيّ : أسماء بْن الحكم الفزاري سمع عليا.
قال ابن سعد فى الطبقات : أَسْمَاءُ بْنُ الْحَكَمِ الْفَزَارِيُّ رَوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ .
بعد تتبع مروياته يتبين أن هذا الراوى لم من المكثرين فى رواية الحديث ، لذالك قال بعضهم لم يروى إلا عن على بن طالب رضى الله عنه .
قال ابن سعد : أَسْمَاءُ بْنُ الْحَكَمِ الْفَزَارِيُّ رَوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , وَكَانَ قَلِيلَ الْحَدِيثِ .
قال البخارى : لم يرو عنه إلا هذا الحديث –أى حديث الاستخلاف – وحديث آخر لم يتابع عليه .

تلاميذه الذين عنه :
قال المزي في تهذيب الكمال : روى عنه على بن ربيعة الوالبى ( د ت س ق)
وقال الذهبى فى الميزان : وقد تفرد به عثمان بن المغيرة، عن علي بن ربيعة عنه.
وقال البخارى : سَمِعَ عَلِيًّا، رَوى عَنْهُ علي بْن ربيعة ، ولم يُروَ عَنْ أسماء بْن الحَكَم، إلا هذا الواحد، وحديث آخر ولم يُتابع عليه .
بعد تتبع أقوال العلما تبين لى أن هذ الراوى لم يكن كثير الحديث , لذالك بعضهم يقولون إنه لم يرو عنه إلا على بن ربيعة .




مروياته التى رواهاعن شيوخه :

نظرا لكون هذا الراوى قليل الحديث لم يرو عنه إلا حديثا واحدا وهو حديث الاستخلاف عن على رضى الله عنه .
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنا مُسَدَّد، حَدَّثَنا أَبُو عَوَانة عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيِّ وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ، حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنا سُفيان، عَن مِسْعَر عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ الْحَكَمِ الْفَزَارِيِّ عَنْ عَلِيٍّ كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِمَا شَاءَ أَنْ يَنْفَعَنِي حَتَّى، حَدَّثني أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَكَانَ إِذَا، حَدَّثني عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ اسْتَحْلَفْتُهُ فَإِذَا حَلَفَ لِي صَدَّقْتُهُ وَإِنَّهُ، حَدَّثني أَبُو بَكْرٍ وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ أَنَّهُ قَال: مَا مِنْ عَبد يُذْنِبُ ذَنْبًا ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي رَكْعَتِينِ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِذَلِكَ الذَّنْبِ إِلا غَفَرَ اللَّهُ له . أخرجه أحمد 1 / 2 و9 و10، والمروزي في "مسند أبي بكر"رقم (9) و (10) والطيالسي 2 / 78، والتِّرْمِذِيّ (406) في الصلاة، و3009 في التفسير، وابن جرير في جامع البيان (7853) و (7854) من طرق عن عثمان بن المغيرة الثقفي، عن علي بن ربيعة، عن أسماء بن الحكم الفزاري، عن علي رضي الله عنه. وهذا سند قوي، وحسنه التِّرْمِذِيّ، وابن عدي، وصححه ابن حبان (2454) ، وَقَال الحافظ في "التهذيب"في ترجمة أسماء: إسناده جيد.
وأورده السيوطي في الدر المنثور، 2 / 77 وزاد نسبته لابن أَبي شَيْبَة وعبد بن حميد والدارقطني
والبزار وغيرهم (ش) .

وقد استنكر البخارى عليه هذا الحديث فقال : ولم يُروَ عَنْ أسماء بْن الحَكَم، إلا هذا الواحد، وحديث آخر ولم يُتابع عليه.
وقد روى أصحابُ النبيِّ صَلى اللَّهُ عَلَيه وسَلم، بعضُهم، عَنْ بعضٍ، فلم يُحَلِّف بعضُهم بعضا ، وَقَالَ بعضُ الفزاريين: إِن أسماء السلَميّ لَيْسَ بفزاري .
وهذا الكلام من الإمام البخارى فيه نظر ، فقد استدرك عليه الحافظ المزى فى تهذيب الكمال بقوله : ما ذكره البخاري رحمه الله لا يقدح في صحة هذا الحديث، ولا يوجب ضعفه، أما كونه لم يتابع عليه، فليس شرطا في صحة كل حديث صحيح أن يكون لراوية متابع عليه، وفي الصحيح عدة أحاديث لا تعرف إلا من وجه واحد، نحو حديث: "الأعمال بالنية"، الذي أجمع أهل العلم على صحته وتلقيه بالقبول وغير ذلك. وأما ما أنكره من الاستحلاف، فليس فيه أن كل واحد من الصحابة كان يستحلف من حدثه عَن النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، بل فيه أن عليا رضي الله عنه كان يفعل ذلك، وليس ذلك بمنكر أن يحتاط في حديث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، كما فعل عُمَر رضي الله عنه في سؤاله البينة بعض من كان يروي له شيئا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسَلَّمَ، كما هو مشهور عنه ، والاستحلاف أيسر من سؤال البينة، وقد روي الاستحلاف عَن غيره أيضا. على أن هذا الحديث (له) متابع، رواه عَبد الله بْن نافع الصائغ، عَن سُلَيْمان بْن يزيد الكعبي عَن المقبري، عَن أبي هُرَيْرة، عَن علي، ورواه حجاج ابن نصير، عَن المعارك بْن عباد، عَن عَبد الله بْن سَعِيد بْن أَبي سَعِيد المقبري، عَن جده، عَن علي. ورواه داود بْن مهران الدباغ، عَن عُمَر بْن يزيد عَن أبي إسحاق، عَن عَبْد خير، عَن علي، ولم يذكروا قصة الاستحلاف، والله أعلم .

ذكر كلام العلماء فيه جرحا وتعديلا :
قال المزي في تهذيب الكمال :
( د ت س ق ) : أسماء بن الحكم الفزارى ، و قيل : السلمى ، أبو حسان الكوفى .
روى عن على بن أبى طالب ( د ت س ق ) : " كنت إذا سمعت من النبى صلى الله عليه وسلم حديث نفعنى الله بما شاء أن ينفعنى ، و إذا حدثنى أحد من أصحابه استحلفته . . . الحديث " . اهـ
وقال العجلى : كوفى تابعى ثقة .
قال البخارى : لم يرو عنه إلا هذا الحديث و حديث آخر و لم يتابع عليه ، و قد روى أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم بعضهم عن بعض ، و لم يحلف بعضهم بعضا .

قال الحافظ فى التهذيب : قال الحافظ في تهذيب التهذيب 1 / 268 :
و المتابعات التى ذكرها لا تشد هذاالحديث شيئا لأنها ضعيفة جدا ، و لعل البخارى إنما أراد بعدم المتابعة فى الاستحلاف أو الحديث الآخر الذى أشار إليه .
و قال البزار : أسماء مجهول .
و قال موسى بن هارون : ليس بمجهول لأنه روى عنه على بن ربيعة و الركين بن الربيع ، و على بن ربيعة قد سمع من على فلولا أن أسماء بن الحكم عنده مرضيا ما أدخله بينه و بينه فى هذا الحديث ، و هذا الحديث جيد الاسناد .
و تبع العقيلى البخارى فى إنكار الاستحلاف فقال : قد سمع على من عمر فلم يستحلفه .
قلت : و جاءت عنه رواية عن المقداد و أخرى عن عمار و رواية عن فاطمة الزهراء رضى الله عنهم و ليس فى شىء من طرقه أنه استحلفهم .

و قال ابن حبان فى " الثقات " : يخطىء .
و أخرج له هذا الحديث فى " صحيحه " ، و هذا عجيب لأنه إذا حكم بأنه يخطىء و جزم البخارى بأنه لم يرو غير حديثين ، يخرج من كلاهما أن أحد الحديثين خطأ و يلزم من تصحيحه أحدهما انحصار الخطأ فى الثانى .
و قد ذكر العقيلى أن الحديث الثانى تفرد به عثمان بن المغيرة عن على بن ربيعة عن أسماء و قال : إن عثمان منكر الحديث .
و ذكره ابن الجارود فى " الضعفاء " .
و ذكر يعقوب بن شيبة أن شعبة رواه عن على بن ربيعة فقال : عن أسماء أو ابن أسماء . و ذكر أن الشك فيه من شعبة ، و أما البزار فرواه من طريق شعبة و قال فيه : عن أسماء أو أبى أسماء . و قال : لا يعلم شك فيه غير شعبة .
وقال ابن عدى : هو حديث حسن .
و قال مسلم فى " الكنى " : أبو حسان أسماء بن خارجة الفزارى سمع عليا روى عنه على بن ربيعة ـ كذا قال ـ .
و قد فرق البخارى بين أسماء بن الحكم الفزارى و بين أسماء بن خارجة ، و هو الصواب . اهـ .
لكن الراجح من ذالك أن هذا الراوى صدوق كما يقول الحافظ ابن حجر , وقال الذهبى : ثقة .

ذكر وفاته إن وجد :
لم أقف على ذالك

هذا والله أعلم بالصواب , إليه المرجع والمآب .