حليمة: اذا أخذت الزوجة أجراً عن عمل في البيت تصبح مثل الخادمة
فاطمة: زوجي يساعدني في البيت حسب مزاجه!
طرح شغل البيت في الآونة الأخيرة نقاشا حادا في المغرب، خاصة إذا كانت المرأة تعمل وتساهم في مصاريف الحياة اليومية. وفي اطار مناقشة قانون الأسرة أثار هذا الموضوع نقاشاً كبيرا بسبب إغفال المشرع لمجهود ربة البيت وعدم ادخاله في عقد الاتفاق بين الزوجين لاقتسام الثروة المكتسبة أثناء الحياة الزوجية، بهدف ضمان حقوق الزوجة في حالة الطلاق.
"سيدتي" استطلعت عددا من الآراء حول شغل البيت: هل يفترض أن يكون مسؤولية مشتركة وهل توافق الزوجة ان تأخذ اجراً عن عملها في بيتها؟ ولماذا تعد الأعباء المنزلية مشكلة حقيقية بين الأزواج؟
تختلف الأجوبة كثيراً عندما يدور النقاش حول إدراج شغل البيت ضمن عقد اتفاق الثروة بين الزوجين والضرر قد يقع أكثر على النساء غير العاملات في حالات الطلاق، إذ كثيرا ما تخرج المرأة من زواج قد يدوم سنوات عديدة دون أن يكون لها حظ في ممتلكات زوجها وربما تتعرض لحيف كبير بعد الطلاق.
عن هذا تقول: "ماجدة السباعي" (زوجة موظفة وأم لطفلين):
ـ لا يمكن أبدا إهمال مجهود المرأة في البيت، فالمشرع يجب أن يتنبه لهذا الأمر. وطبعا نحن نتحدث هنا بشكل عام، وفي حالة الخلاف بين الزوجين فالمرأة، سواء أكانت عاملة أو ربة بيت فهي في كلتا الحالتين تتحمل أعباء المنزل، وهو مجهود طوعي لكن على الرجال أن يغيروا نظرتهم لشغل البيت لأنه لا يقلل من رجولتهم، نحن اليوم أمام ثقافة جديدة تقوم على المشاركة في كل شيء.
عن هذه النظرة أجاب عمر الزاكي (أستاذ ومتزوج):
ـ الأعمال المنزلية هي اصلا مهمة المرأة، هذه العادة تربينا عليها، شخصياً أساعد زوجتي ما أمكن في بعض الأعمال، كما أنها لا يمكن أن تقوم ببعض المهام التي يقوم بها الرجل مثل التكلف بإصلاحات داخل البيت أو حمل أشياء ثقيلة كقارورة الغاز مثلا، فهذه الأشغال تدخل ضمن مهامي المنزلية، أما غسل الأواني والتنظيف فهي أمور تعود لها وللخادمة التي تساعدها في ذلك.
أخذ ورد
وتبقى ثقافة المشاركة في أشغال البيت صعبة الاستيعاب بالنسبة للرجل أو فيها أخذ ورد. لمياء بلحاج (أم لطفلين وموظفة) تتمنى أن تكون لزوجها ثقافة المشاركة والتعاون ليس على مستوى الأعمال البيتية فقط، بل أن يمتد ذلك للمشاركة في تربية الأطفال وأملها وعلى غرار الدول المتقدمة أن تخصص منحة مادية لربات البيوت اللواتي لا يحصلن على مدخول لمساعدتهن على إعالة أبنائهن كما تثير لمياء مسألة أخرى بالنسبة للمرأة العاملة أن تتوفر لها بعض التسهيلات لتستطيع التوفيق بين عملها ومسؤولياتها كزوجة وأم، وذلك بتوفير وقت مخصص لتتفرغ لبيتها.
أما مصممة الأزياء فاطمة عاشي فتقول ان مساعدة زوجها لها تخضع للمزاجية، فعندما تكون له رغبة يقدم لها بعض المساعدات في البيت، لكنها ترغب بأن يتم ذلك باستمرار حتى يخفف عنها بعض الثقل، ولا تلجأ لورقة الضغط في ذلك، بل تترك ذلك لمزاجه الخاص، وترغب أيضاً بأن يكون هناك قانون يخول للمرأة الحصول على أجر مقابل الأعمال البيتية التي تقوم بها، لكن تستبعد هذا بالنسبة لمجتمعاتنا التي لم تصل بعد إلى هذا المستوى من التفكير.
واستبعدت بعض الآراء التي حصلنا عليها ادخال نص على وجوب مساعدة الزوج في الأشغال البيتية، سواء في عقد الزواج أو العقد المصاحب كما أقرت الآن مدونة الأسرة الجديدة، وتقول فاطمة الحراثي (موظفة) إنها تراعي ظروف زوجها العملية لأنه يعمل من الصباح حتى التاسعة مساء ولا يتمكن من مساعدتها، وتضيف أنه ليس ضرورياً إثارة هذا الشرط في عقد الزواج أو في نص صريح، أما بخصوص الأجر فترى أن من واجب الدولة أن تخصص أجراً شهرياً لكل امرأة موظفة ومتزوجة ولها أبناء بحيث يتم تشجيعها على المكوث بالبيت والتفرغ لتربية أبنائها عوض الخادمات، وكذلك تمنح فرصة العمل للعازبات العاطلات. ونكون بذلك قد ساهمنا في محاربة البطالة.
أزواج متفهمون
في حين تعتبر سعاد العلام أن شباب هذه الأيام متفهم، حيث ان الأزواج يساعدون زوجاتهم في بعض الأعمال السهلة والحال ذاته بالنسبة لزوجها، لكن المسألة التي تستنكرها هي أن ربات البيوت مهضومات الحقوق، حيث إنه يوثق لها في بطاقة التعريف "بدون مهنة" وهذا خطأ بنظرها لأن كل المسؤوليات التي تتحملها في البيت تعد في حد ذاتها عملا منتجا، لذا يجب ان تعطى المرأة الملازمة للبيت أجرا من الدولة.
لكن تستبعد حليمة لحرش ذلك لأنها تعرف بأن هناك أناساً يعملون ولا يحصلون على أجور فما بالك بربة البيت؟ وتشير إلى أن زوجها يساعدها في إعداد وجبات الغداء لا أقل ولا أكثر. ومن جهتها تعبر نادية قيدا عن رأيها بخصوص الأعمال البيتية وتقول بأنها تعفي زوجها من شغل البيت لأن عملها يسمح لها بذلك في حين أن ظروف عمله شاقة ومضنية، وتعتبر أن أخذ المرأة أجرا من زوجها عن الأعمال البيتية أمر مهين لأنها بذلك ستبقى مثل الخادمة وهذا ينقص من كرامتها، في حين إذا منحت لها الدولة أجرا فالأمر يختلف ويصبح تقديراً لتعبها في تربية الأجيال.
شراكة وتعاون
وتفصح الصحافية أمينة كميلي عن وجهة نظرها في تقاسم الأشغال البيتية وترجع ذلك بالأساس إلى مدى إدراك المعنى الحقيقي للمؤسسة الزوجية التي تبنى أساساً على مفهومي الشراكة والتعاون ويمليهما الإحساس بالآخر الذي لا يحتاج للغة، وبالتالي يجب تغيير الذهنيات واعتبار أن مشاركة الرجل المرأة في الأعمال المنزلية لا ينقص من كرامته وتعتبر أن كل ما سبق أساسه التربية والتنشئة الأولى وسط الأسرة، أما عن حالتها هي فتقول:
المسألة غير مطروحة لدي لأني أنا وزوجي نعيش عند حماتي، وهي التي تقوم بكل الأمور البيتية نظرا لظروف مهنتنا الصعبة، لذا لا أستطيع أن أدلي بدلوي هنا لأنني بعيدة عن الموقف وعندما نستقل ببيت لوحدنا سأدرك موقفه من ذلك.
ونفس الرأي تقريبا تتبناه ربة البيت ثريا (أم لثلاثة أطفال) التي تعتبر شغل البيت أمراً طوعياً جداً ولا يتطلب تعويضا سوى المودة والرحمة التي هي كنز الحياة الزوجية، لكنها تثير الموضوع قائلة:
ربة البيت تتعب كثيرا في تربية أبنائها والسهر على طلباتهم ولا أنفي أن زوجي يساعدني ما أمكن في شغل البيت لأنه شخص منظم ويحب الترتيب كثيرا داخل البيت وأنا مسؤولة عن كل شيء، لكن مع مصاريف الحياة ومتاعبها المادية تمنعني عزتي وتفهمي للظروف أن أطلب منه كل يوم مصروفي الخاص، لذا أتمنى أن تلتفت الدولة لهذا الأمر وتجازي ربة البيت على عملها الذي لا يعوضه أحد لأنها مسؤولة عن رعاية أبناء سيكبرون غداً لخدمة بلدهم.
نائبة في البرلمان المغربي:
لا بد من المحافظة على كرامة المرأة
نزهة الصقلي (رئيسة فريق برلماني) تقول: حزب التحالف الاشتراكي هو صاحب مشروع اعتبار الاعمال المنزلية في اطار المساهمة في تراكم الثروة، بعدها جاء التعديل الحكومي الذي يقر أن كل الأعباء التي يتحملها احد من الزوجين في تنمية ثروات الأسرة تحتسب المجهودات والأعباء التي يقوم بها الزوجان معا وهي صيغة يكتنفها نوع من الغموض، لكن الصيغة الحالية لا تنفي مجهود المرأة ويمكن القول ان هذه الصيغة تفتح مجالا واسعاً ربما يكون إيجابياً أيضاً. ونحن لم نطالب بأجر لربة البيت، بل الاعتراف بهذا العمل كمساهمة في تنمية الثروة الزوجية، لأن المساهمة المعنوية لا ثمن لها والخطاب الملكي ركز على دور المرأة في هذا المجال، ويبقى الأمر بيد القضاء الذي عليه أن يأخذ مجهود المرأة في الأعمال البيتية بعين الاعتبار وكل ما نخشاه كفعاليات نسائية هو أن يتم تقدير مجهود المرأة في البيت مثل مجهود خادمة، لذا فنحن أمام معركة أخرى، ويجب أن نكون حذرات ويقظات حتى نحافظ على كرامة المرأة والأسرة بشكل عام.
وتقول أمينة لمريني (رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب):
القانون حسم هذا النقاش ولم ينص على هذه الأعمال كمجهود يدخل ضمن ثروة الزوجين، والمدونة خرجت لحيز الوجود وكانت هناك مقاومة قوية لهذا التعديل بهدف ألا يربط عمل المرأة بالأدوار التقليدية. وأظن أن إصلاح المدونة على العموم فيه تقدم مهم لمطالب النساء وسنواصل المطالبة باعتبار المجهود المنزلي مجهوداً لا يستهان به، ويمكن فتح نقاش آخر حتى على مستوى أجر ربة البيت وهذا سيتطلب منا سنوات أخرى من العمل المتواصل.
منقول
تحياتي
نور