هذا اليوم قمت بقيادة السيارة خلال نزهة برية مع والدي والعائلة، لم يكن الأمر صعباً، ولم يخل من متعة كانت طبيعة المكان الممتد والبعيد عن المارة قد هيأت لي متسعاً من الوقت للقيادة التي استمرت أكثر من ثلاثين دقيقة، لم أتمكن من ايقاف السيارة بالشكل المناسب، فقد أصابتها انتفاضة اخافتني قبل ان تلفظ أنفاسها قريباً، خلال تلك الدقائق كنت أفكر في الأمر وكنت أتساءل حول هذه القضية وأجيب في الوقت ذاته.. أتذكر أنني قرأت لأحدهم يوماً ان نساء السابقين كن يقدن الجمال في سياق تبريري لنا وكنت قد تساءلت حينها عن المنطلقات والأهداف التي تدفع رجالاً للمطالبة باسمنا وبالحاح وفي هذه القضية خاصة، وكانت قصة تلك الأرملة البائسة ذات الأطفال المرضى لا زالت عالقة وقد تملكني شعور غاضب تجاه أولئك الذين حصروا قضيتنا في قيادة مركبة واغفلوا أموراً في حجم مشكلات الطلاق أو الترمل أو الظلم من الأقارب أو العضل أو التحجير أو حتى الحقوق المالية للمرأة وطبيعة التعامل معها.. وقد أعقب ذلك الشعور شيء من الريبة تجاه كل الناطقين غير الرسميين باسم المرأة حول تلك القضية بالذات.
اليوم وبعد سنوات عن تلك الحادثة أجدني أقف أمام الكثير من التناقضات ..قيادة السيارة ليس سيئاً في ذاته ولكن الذي يحيرني هو كيف!
أصبحنا نسمع كثيراً عن حوادث الاختطاف لفتاة مشت صدفة لوحدها ذات نهار!! لمسافة قصيرة على قدميها من البيت للدكان المجاور - ربما - فكيف بنا والأمر كذلك إذا اقتحمنا عالم الطرقات المتباعدة!
الفتيات في الأسواق من الصديقات يتنافسن في التخلي التدريجي عن الحجاب الساتر إلى الحجاب المزين ويدخلن عبر النت أو الهاتف في تجارب مخيفة وبائسة النهايات.. ونحن لم ننتقل بعد إلى خطوة القيادة فالفتاة منا لا تزال مهما نالت من تسهيلات فهي لا تزال قريبة الخطوة بعكس الشاب الذي تتيح له السيارة ان يبتعد أكثر ولكن بالرغم من كل ذلك فالأخطاء مستمرة.
حتى الرجال للأسف بكل أطيافهم وأعمارهم وألوانهم إلاّ القليل يتعاملون مع المرأة بسلوك الذئب والضحية لا بسلوك الراعي المشفق.
عندما شبه الشيخ الطنطاوي رحمه الله في مقال قديم له المرأة بالنعجة ثارت عليه ثائرة مدوية لم تنته إلاّ بعد ان أصبحت المرأة في مكانة لا تتمناها الكثير من النعاج خاصة في بعض المجتمعات التي قدمت تنازلات رخيصة غير مدفوعة الثمن مع أنه رحمه الله كان في حل منا لأن الأمر لا يعدو بلاغة بيانية .يضحكني ويبكيني ذلك الموقف الذي قامت فيه نسوة باحراق الحجاب تحدياً ووقوفاً في وجه المستعمر!! كما أخشى ان يصيبني بالمرض أمر بعض الفتيات اللاتي سينتقمن من الظلم وسينتصرن عليه فقط إذا تمكنَّ من قيادة مركبة.يردد الطيبون بابتهاج دراسة أوروبية تفيد ان المرأة السعودية هي أكثر نساء العالم دلالاً وترفاً من حيث طبيعة الحياة التي تنعم بها وهم بذلك يريدون منا ان ننعم بهذا القدر من الدلال وان نكف عن المطالبة بقيادة السيارة! وكأن الأمر كله قد اختزل في هذه الحقيقة المشوهة..
لم يقل لهم أحد إننا لم نسهر ليلهم بكثرة الحاحنا بقيادتها.. لم يقل لهم أحد أننا نريد منهم ان يتحملوا المسؤولية كاملة وألا يرموها على سائق أو بائع يوصل الطلبات مجاناً.
لم يقل لهم أحد إننا نريد منهم ان يقيموا فينا حق الله الذي أمروا به.. عطفاً.. وحناناً.. ومودة.. وبراً.. وصيانة.. وحزماً.. وقوامة.. وكرماً.. وتحملاً.. ومشاعر نبيلة صادقة.
ولهم علينا ان نحفظهم في أنفسنا وألا نشاركهم في ملء الطرقات وشغل المواقف وكثرة الحوادث ومعاناة الحر والوقوف الطويل أمام الورش والمحطات والتسوق من كل مكان وتعبئة اسطوانات الغاز وشراء خراف الأضحى وتوصيل الأولاد للمدارس ومراجعة أقسام الشرطة والمرور والمحاكم والمستشفيات.. و..
فإن لم يفعلوا فإننا سنصبر وسنتحمل ولكن وبكل تأكيد ليس كلنا من ستفعل ذلك بل وأرجو ان لا يأتي ذلك اليوم سيتمنون كثيراً العودة لما نحن عليه الآن.. كما أجزم ان غير الصابرات سيفجعن بما وصلن إليه وسيتمنين لو صبرن مثلنا..
إنني عبر رصد قريب لواقع الكثير من الفتيات ألمس خطراً كبيراً أرجعه كاملاً لتقصيركم أنتم معاشر الرجال في القيام بواجباتكم الضرورية فضلاً عن الثانوية.
في نهاية هذه السطور يبقى سؤال يتردد.. متى سأقود السيارة.. هل سأظل اتمتع بها أثناء النزه البرية بعيداً عن أعين الغرباء!
أم سيأتي اليوم الذي:
تلتزم كل النساء فيه بالحجاب الشرعي
يلتزم الرجال فيه بغض البصر وبكامل صفات الرجولة والمروءة
تتوسع الطرقات إلى الضعف :زعلان:
تصنع سيارات لا تتعطل ولا تحتاج لصيانة :واو:
تعفى النساء من كل المخالفات :11retcher
تمنح كل الأسر ميزانيات مضاعفة لشراء سيارات مضاعفة!
إلى ان يأتي ذلك اليوم الذي لن يأتي.. سأظل أقود سيارة أبي.. خلال نزهة برية.. ولنصف ساعة فقط!:مزون:
تعليق شخصي...
فقط لله در امثالها.... وسوف انتظر اجابات على سؤالها