قال صلى الله عليه وسلم : } صنائع المعروف تقي مصارع السوء
والآفات والهلكات ، وأهل المعروف في الدنيا ، هم أهل المعروف في الآخرة {
]رواه الحاكم عن أنس ، وصححه الألباني في صحيح الجامع [
فكم من بلية غائبة في رحم الغيب أجهضها معروف بذلته ، أو همّّ فرّجته
أو حاجة قضيتها ، أو محنة أزحتها ..
قال أحد السلف : } صانع المعروف لا يقع ، وإن وقع وجد متكئا {
ورسولنا عليه الصلاة والسلام يقول : } أحب الناس إلى الله أنفعهم
وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه
كربة ، أو تقضي عنه دينا ، أو تطرد عنه جوعا ، ولأن أمشي مع أخي
المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا ، ومن كف
غضبه ستر الله عورته ، ومن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ
الله قلبه رضا يوم القيامة ، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجة حتى يثبتها له
أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام {
]رواه الطبراني ، وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة[
وعن جابر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
} ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أكل منه له صدقة ، وما سرق منه
له صدقة ، وما أكل السبع منه فهو له صدقة ، وما أكلت الطير فهو له صدقة
ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة{ [ رواه مسلم ]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
}لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق
كانت تؤذي الناس{ [ رواه مسلم ]
وهذا هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقسم فيقول : } والذي وسع
سمعه الأصوات .. ما من أحد أودع قلبا سرورا إلا خلق الله تعالى
من ذلك السرور لطفا ، فإذا نزلت به نائبة ، جرى إليها كالماء في انحداره
حتى تطردها عنه ، كما تطرد غريبة الإبل {
فإذا ابتليت بمرض وأعياك علاجه ، وتحير فيه الأطباء ، وأصابك اليأس
وزحف الخوف نحو قلبك .. فتذكر هذا الدواء الناجح ، وجربه كما جربه
هذا العالم المبارك ، والزاهد التقي : " عبد الله بن المبارك " سأله رجل فقال
يا أبا عبد الرحمن ، قرحة خرجت في ركبتي من سبع سنين ، وقد عالجتها
بأنواع العلاج ، وسألت الأطباء ، فلم أنتفع به ...
قال : اذهب ، فانظر موضعا يحتاج الناس فيه إلى الماء ، فاحفر هناك
فإنني أرجو أن ينبع هناك عين ، ويمسك عنك الدم ، ففعل الرجل فبرأ ..
** قصـة عجيبـة **
هذه قصة عجيبة وردت في كتاب البر والصلة للإمام ابن الجوزي ، فتأمل
ما رواه الإمام : عن عكرمة رحمه الله قال :
إن ملكا ممن سبق ، قال لأهل مملكته : إن تصدق أحد بشيء لأقطعن يديه !
فجاء رجل إلى امرأة ، فقال : تصدقي علي ، قالت : كيف أتصدق عليك
والملك يقطع يدي كل من يتصدق ..
قال : أسألك بوجه الله ، لما تصدقت عليّ ، فتصدقت عليه برغيفين ، فعلم
بذلك الملك ، فأرسل إليها فقطع يديها .. ثم إن الملك قال لأمه : دليني
على امرأة جميلة أتزوجها ؟ قالت : هاهنا امرأة ما رأيت مثلها قط ، ولكن
بها عيب شديد ، إنها قطعاء اليد .. فأرسل إليها ، فلما نظر إليها أعجبته ،
فقال : أتريدين أن أتزوجك ؟ قالت : نعم .. فتزوجها ، ودخل بها ، فحسدها
ضرائر لها ، فخرج الملك يقاتل عدوا ، فكتب ضرائرها إليه أنها فاجرة
وقد ولدت غلاما ، فكتب الملك إلى أمه : خذي هذا الغلام ، فاحمليه على عنقها
واضربيها ، واخرجيها من الدار إلى الصحراء ، وبينما هي تمشي والصبي
على عنقها ن إذ مرت بنهر ، فنزلت لتشرب ، فبدر الصبي عن رقبتها
فوقع في الماء فغرق .. فجلست تبكي ..
وبينما هي كذلك .. مرّ بها رجلان ، فقالا لها : ما يبكيك ؟
قالت : ابني كان على عاتقي ، فسقط في الماء فغرق ..
فقالا لها : أتحبين أن نخرجه لك ؟ قالت : إي والله ..
قال : فدعوا الله عز وجل ، فخرج ابنها إليها ، ثم قالا : أتحبين
أن نرد يديك إليك ؟
قالت : نعم ، فدعوا الله ، فاستوت يداها ..
فقالا لها : أتدرين من نحن ؟
قالت : لا .. قالا : نحن رغيفاك اللذان تصدقت بهما !