ظنون لها فنون ، ووساوس أقرب إلى الجنون ، تنهمر كالسيل عندما لايجدون رداً ، ويجدون صدا ، فكل إناء بما فيه ينضح ، فهذا ينفح وذاك يلفح ، لايلتمسون الأعذار ، ولا يتركون الإهذار ، فتهوي بهم ظنونهم الى هوة الظلام ، وتقذف بهم وساوسهم الى مجمع الذنوب والآثام ، لأنهم ماعرفوا ( واجتنبوا كثيراً من الظن ) وما فهموا ( إن بعض الظن إثم ) رحم الله يحيى بن معاذ ، عندما قال كلامه الأخاذ : ( ألقِ سوء الظن على نفسك ، وحسن الظن على الناس ، لتكون من الأول في سلامه ، ومن الأخر في زياده ) أنتهى كلامه .
يلوم وما أدري علام يلومني *** كما لامني في الحي قرط بن معبدِ
فياأيها الناس : قيدوا ظنونكم وحطموها ، واضرموا لوساوسكم وأحرقوها ، فالنفس بالسوء أماره ، لاتراها أبداً كالجمّاره ، فقد قال تعالى: (إن النفس لأمارة بالسوء ) فخالف أمرها ، وجانب خمرها ، تكن أسعد السعداء ، وأصفى الأصفياء ، وأنبل النبلاء ، وأحكم الحكماء ، وأعظم العظماء ، وأشرف الشرفاء ...
دعها كما شاءها الرحمن جاريةً *** الله يحفظها والله يرعاهــــــا
بدرالعضياني