في ندوة عن الانحرافات السلوكية نظمها مركز النهضة للخدمات الاجتماعية، تكلم المشاركون عن ظاهرة التحرش الجنسي، وأنها مشكلة موجودة في المجتمع ، وأثبتوا ذلك بالأحصائيات.
وانطلاقاً من اهمية معالجة هذه المشكلة كتبت مقالاً في جريدة الرياض بعنوان:
كيف نحمي أبنائنا من التحرش الجنسي؟
حمد بن عبدالله القميزي - الخرج
نشرت جريدة «الرياض» في عددها (13799) الصادر يوم الأربعاء الموافق 7/3/1427ه تغطية لندوة الانحرافات السلوكية التي نظمها مركز النهضة للخدمات الاجتماعية، وكانت المحاور الرئيسة للندوة هي: وسائل التحرش الجنسي والأنظمة والتشريعات وهروب الفتيات، وقد تناول د. عبدالله اليوسف مشكلة التحرش الجنسي ودعم كلامه باحصائيات تدل على وجود هذه المشكلة السلوكية في مجتمعنا، حيث احتلال الإيذاء الجنسي المرتبة الرابعة بين عدد من المشكلات التي تعرض لها الأبناء وبعد قراءة متأنية لهذه التغطية شعر كاتب المقال بأهمية معالجة هذه المشكلة التي بدأت تظهر في المجتمع قبل أن تستفحل ويصعب علاجها، وبناء على هذا أشارك في هذا العلاج بتقديم عدد من الحلول التي يمكن أن تساعد الآباء في حماية الأبناء من التحرش الجنسي وتقي المجتمع من آثارها السلبية، وهي كما يلي:
٭ غرس الوازع الديني ومراقبة الله تعالى في نفوس الأبناء: لأن هذا الوازع وهذه المراقبة يحببان إليهم فعل الخيرات وترك المنكرات، وكذلك فإن تطبيق تعاليم الدين الإسلامي والتربية الصالحة يحميان الأبناء بإذن الله تعالى من الأخطار وشرور الإنس والجان، فمثلاً: تربية الأبناء وتعويدهم على قراءة أذكار الصباح والمساء والنوم وشرح بعض مدلولاتها وفوائدها لهم، وكذلك مثل: تعليم الأبناء أداب الاستئذان، بحيث لا يسمح للأخوة والأولاد بالدخول إلى غرف أخواتهم الفتيات دون إذن مسبق، وكذلك العكس عدم دخول الفتيات إلى غرف إخوانهن إلا بإذن مسبق، وتعليمهم بأن هناك أوقات استئذان صورتها لنا سورة النور {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم} (النور: 58).
٭ التربية الجادة: بأن يربي الآباء الأولاد على العزة والرجولة والجرأة والثقة بالنفس، وعدم الرضا بالظلم والاعتداء، وكذلك تربيتهم على عدم الميوعة والتشبه بصفات الفتيات، وتربية البنات على الحياء والحشمة، وعدم ارتداء الملابس الفاضحة والتكسر في الكلام والتي تدعو ضعاف النفوس أحياناً إلى التفكير في التحرش بهم أو الاقتراب منهم وأيذائهم.
٭ التوعية السليمة: وتشمل توعية الأبناء منذ الصغر بشتى الطرق والوسائل المتاحة والممكنة، بعيداً عن الابتذال في الصراحة، وأن تكون هذه التوعية حسب عمر الابن، فتكون بشكل مبسط جداً مع الصغار وبتوضيح أكثر مع الكبار، وكذلك تشمل إجابة السلوكيات الخاطئة، وتوعيتهم بالفرق بين اللمسة الطبيعية المؤدبة واللمسة السيئة وغير المؤدبة، وعندما يصلون إلى سن المراهق يوضح لهم السلوكيات الشاذة والمنحرفة ونبين لهم مدى حرمتها مدعمين ما نقول بآيات وأحاديث وقصص عن عواقب هذه الأفعال.
٭ المراقبة الواعية: لابد من مراقبة الأبناء ومتابعتهم وتفقد أحوالهم والسؤال عنهم وعن سلوكياتهم خارج المنزل وفي المدرسة، وعن من يصاحبون، وأن يشعر الأبناء بأن آباءهم حريصون عليهم وعلى تفقد أحوالهم، وكذلك تحذيرهم من مصاحبة ذوي السلوكيات الغريبة والمريبة، وتحذيرهم كذلك من الذهاب إلى الأماكن المهجورة أو التي يكثر فيها المنحرفون كي لا يجد هؤلاء فرصتهم للتحرش بهم أو للاعتداء عليه.
٭ منح الحب للأبناء: ينبغي أن يمنح الآباء أبناءهم الحب والحنان اللازمين للاستقرار النفسي والعاطفي، وأن يحاطوا بأجواء التعاون والاطمئنان وإتاحة الفرصة لهم للافصاح عما يعانونه من مشكلات، فإذا أعطي الأبناء هذا الحب فإنهم عند تعرضهم لأي نوع من التحرش سيبادرون إلى الحديث عن أي جديد في حياتهم. وهذا الحب يساعد على نشأتهم نشأة صحيحة تعمر قلوبهم بالمحبة ويشيع في نفوسهم الصفاء.
٭ التشجيع: أن يقوم الآباء بتشجيع الأبناء على الالتزام بتعاليم دينهم وأخلاق مجتمعهم معنوياً ومادياً وذلك بوضع جوائز لمن يلتزم بتلك الأخلاق الراقية وحسن التصرف والسلوك، فالتشجيع المعنوي والمادي يؤكد ويعزز القيم والمشاعر الصحية التي يومن بها الإنسان ويدفعه إلى المزيد منها، ويؤكد علماء النفس على الآباء بأن يمنحوا الكثير من المدح وهم يحسنون - أي الأبناء - من سلوكهم.
٭ العمالة في المنزل: ينبغي على الآباء أن يغرسوا في من يعمل معهم في البيت - الخادمة أو السائق - مراقبة الله، وأن يشعروهم بخوفهم على أبنائهم من أي أذى. وأنهم إذا اكتشفوا أن أحداً أساء إلى أبنائهم فإنهم سيلحقون به أقصى العقوبات، أما إن كانوا غير مسلمين فليحرص الآباء على مراقبتهم وسؤال الأبناء دائماً عن سلوكياتهم معهم، ومما يؤكد عليه هنا عدم ترك الأطفال ينامون في غرفة الخادمة أو هي تنام معهم أو يخلون بهم لفترات طويلة، وكم سمعنا من قصص عن تلك العمالة وما مارسوه من سلوكيات شاذة مع أبناء الأسر التي يعملون فيها.
٭ وسائل الإعلام: ينبغي على وسائل الإعلام العربية عموماً والمحلية على وجه الخصوص أن تستشعر الدور الكبير المنوط بها من أجل حماية أبناء المجتمع من الانحرافات السلوكية، وأن تقدم كذلك البرامج الهادفة والمفيدة والتي تربي أبناءنا على السلوكات الإيجابية، وأن تبتعد عن تقديم البرامج التي تساعد على الانحرافات السلوكية أو تقلل من شأنها وخطورتها.
٭ الجهات ذات العلاقة بتعديل الانحرافات السلوكية: بحيث تقوم هذه الجهات بافتتاح مراكز مختلفة لتوعية الأبناء ورعايتهم وتوجيه نشاطاتهم بالشكل الصحيح، وذلك لحمايتهم من ممارسة السلوكيات المنحرفة والمختلفة، ومن تلك الجهات وزارة التربية التعليم التي أخذت على عاتقها توجيه الناشئة وتربيتهم على القيام والأخلاق الإسلامية، ومما يساعد على ذلك أن تؤكد الوزارة على العاملين في مدارسها من إداريين ومرشدين طلابيين ومعلمين على ضرورة متابعة سلوكيات الطلاب داخل المدرسة وتوجيههم إلى السلوكيات الحسنة وتحذيرهم من السلوكيات المنحرف بالأساليب التربوية الجديدة والمؤثرة، ومن ذلك التوسع في افتتاح المراكز الاستشارية الأسرية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والتي تفتح الأبواب للأسئلة والاستفسارات المتعلقة بالمشكلات الأسرية وغيرها، وتفعيل خطب الجمعة والمحاضرات والندوات الدينية والتربوية والثقافية لعلاج هذه الانحرافات السلوكية. اخيراً: تبقى تربية الأبناء وحمايتهم من الانحرافات السلوكية مسؤولية جسيمة على الآباء والأمهات، ففي الحديث: (الرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤوله عنهم)، وليست المسؤولية فقط تربية أبدان وحمل عصا وإصدار أوامر ونواه، فلنتق الله في هذه الفطر السليمة، والأنفس الزكية، وقد ولانا الله مسؤوليتها، ولنتذكر دائماً وأبداً أننا مسؤولون عنهم.
وكلي أمل في اطلاع أعضاء المنتدى الرائع والفاعلين على هذا المقال، وإبداء رأيهم على صفحات هذا المنتدى.
وتقبلوا خالص تحياتي
أخوكم
حمد القميزي