الله لا يغيّر علينا!
أحمد عبد الرحمن العرفج
قال حكيم عابر في زمان غابر: (لا يعرف وطنه من لا يعرف إلا وطنه)!?من هنا لا تتعجب عندما تكتشف صورة الوطن من خلال أسئلة الآخرين وأنت خارج الوطن!?وما زال القلم يتذكر الإحراج الذي حاصره عندما تعرض صاحبه لسيل من الأسئلة في فصل دراسي في مدينة كاردف البريطانية، حيث كان الحديث يدور حول مظاهر المتعة في بلد كل طالب!?جاء الدور على صاحب السطور ليجيب عن الأسئلة، وكانت أسئلة بسيطة تدور حول مظاهر «عيد رأس السنة»، فقال المجيب بأنه «ليس من عاداتنا الاحتفال بهذا اليوم»، ثم سُئل عن «عيد الميلاد» فأجاب بأنه أمر «يتنافى مع تربيتنا»، بعدها حلّ الاستفهام الثالث عن مكانة «عيد الحب»، فقال المجيب بأنه «ممنوع» لأنه دخيل علينا!?سُئل المتحدث عن صالات السينما وأفضل الأفلام، فصُدم المستمعون بأنها كانت موجودة قبل ثلاثين سنة، أما الآن فقد طالتها يد التغيير لتطوى من صفحة العيان وتسكن سجل النسيان!?عندها باغته أحد زملائه بسؤال عن «الفن ومكانة الغناء في سلّم المجتمع»، فذُهل الحضور عندما جاء الجواب بأن الغناء والطرب مما يتصادم مع «الالتزام الشرعي» لذا فهما محرمان!?آخر الأسئلة كان عن أجمل الروايات ومضمونها، فكان الجواب بأنها «ممنوعة من الدخول» لذا تصادر من قبل الرقابة، «ولا مانع من قراءتها» في الخارج، وبهذا تنتهي مشكلة الروايات!?حاول الحضور تغيير الموضوع إلى أمر آخر فيه أخذ ورد، موجهاً سؤاله للطالب المسكين قائلاً: أثناء قيادة السيارة أيهما أقلّ حوادث في وطنك، المرأة بأنوثتها؟ أم الرجل برجولته؟ وهنا قطع الجواب دابر السائل، بأن «المرأة لا تقود أصلاً»!?عندها سأل أحد المتندرين قائلاً: بماذا تفرحون؟ وكيف تتمتعون بأوقاتكم؟?فأجاب الطالب أن من شبّ على شيءٍ شاب عليه، وأن قومه لم يعتادوا على مثل هذه «البدع الحضارية الحديثة» ولا يحبون الإشتراك في المُتع والوسائل الإنسانية العالمية للفرح، بعد أن أبدلهم الله -جلّ وعزّ- بلهو بريء ومتع نظيفة مثل: «تحميص البن وأكل المندي وسباق مزايين الأبل وعلوم الرجاجيل، وبرامج مثل مضارب البادية ومجلس سواليف في قناة المجد وتحريك المسبحة ذات اليمين وذات الشمال»، ?وللعلم فإن المسبحة انطلقت بدايتها على يد المسبحين لله بكرة وعشياً، ثم تحول استخدامها إلى شرط من شروط البيع والشراء في حراج السيارات، قبل أن ينتهي بها المطاف لتكون أداة تعبث بها أصابع اليد، لإشغال الأصابع عن «العبث بالأنف»، فالحمد له من قبل والحمد له من بعد».. عندها استيقظ طالب كان يغطّ في سبات عميق قائلاً: «ما أسعدكم»!?
المـصـدر صـحـيـفـة (المـديـنـة المـنـورة )